أكد مستشارون، مكلفون بالزبائن و مسيرون تجاريون بالبنوك ، أن وتيرة الادخار، تراجعت بشكل محسوس على مستوى البنوك، و قد لجأ زبائن إلى سحب نسبة معتبرة من أموالهم المدخرة، لاعتبارات تتعلق في مجملها، بتضرر أنشطتهم المهنية، فيما لجأت فئة أخرى، خاصة المستفيدة من قروض لشراء سيارات، إلى بيع مركباتها، لتسديد الأقساط المتبقية، و ادخار القيمة المتبقية، و أجمع المختصون في ندوة النصر، المنظمة على هامش يوم دراسي احتضنته المدرسة العليا للمالية و المحاسبة بسيدي مبروك بقسنطينة، أن وتيرة الادخار تراجعت بنسبة 40بالمئة مقارنة بالسنوات الفارطة.
ندوة / أسماء بوقرن
* منيرة بوساحة مستشارة زبائن رئيسية في بنك السلام
غلاء السيارات دفع زبائن إلى بيعها لادخار الهامش الربحي
قالت السيدة منيرة بوساحة، و هي مستشارة زبائن رئيسية في بنك السلام بقسنطينة، أن الادخار بهذا البنك، تأثر بتداعيات الأزمة الوبائية، حيث تراجع بنسبة فاقت 40 بالمئة، نتيجة سحب الزبائن، الذين تضرر نشاطهم، أو أحيلوا على البطالة، مدخراتهم و استعانوا حتى بمدخرات أبنائهم.
محدثتنا أوضحت بأنه و منذ بداية الأزمة الوبائية، التي تسببت في توقف عديد الأنشطة التجارية و غيرها، وجد عدد معتبر من المدخرين أنفسهم في أزمة، خاصة التجار، أصحاب الوكالات التجارية، مؤسسات البناء و عمال الأجرة اليومية، فلم يتمكنوا من الالتزام بنظام الاكتناز المعتاد، و بدل أن يقوموا بصب أقساط أخرى، لجأوا إلى سحب الأرباح، و حتى مبالغ معتبرة من القيمة المكتنزة، لسد حاجياتهم، مؤكدة بأن الفئة الأكثر سحبا لمدخراتها، هي العمال الذين يتقاضون أجورهم بعد كل يوم عمل،و عمال مؤسسات البناء، إلى جانب أصحاب المطاعم و التجار الصغار البسطاء.
في المقابل هناك فئة قليلة، كما أردفت، لجأت إلى استثمار أموالها، و تتعلق خصوصا، بالمستفيدين من قروض بنكية لاقتناء سيارة بالتقسيط، فقد استغلوا فرصة غلاء السيارات و باعوا مركباتهم، لتسديد الأقساط المتبقية للبنك و استثمار القيمة المالية المتبقية في حساب الادخار و الاستفادة بالتالي من الأرباح، خاصة في ظل تأثر نشاط البعض منهم بالوضع الوبائي، لكن منذ شهر ماي،
كما أضافت المتحدثة، و مع بداية رفع الحجر و فتح المجال الجوي و عودة المعاملات التجارية إلى مجاريها، عادت وتيرة الاكتناز، و أصبح الزبائن يمتلكون وعيا أكثر بأهميته، بعد المعاناة التي تجرع مرارتها الكثيرون، نتيجة توقف البعض منهم عن العمل، و هناك فئة قامت بفتح حساب للادخار، لاستثمار أموالها و الاستفادة من أرباح تتراوح بين 40 إلى 91 بالمئة، بعد أن أدركت مدى أهميته، في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي مرت بها.
و قالت السيدة منيرة، بأن الخدمات التي يتيحها بنك السلام لحاملي بطاقات الادخار، ساهمت في استقطاب الراغبين في الادخار، و هي «هديتي و عمرتي و استثماري»، و تتعلق خدمة «هديتي» بالفئة الراغبة في اقتناء هدية لشخص معين، حيث يتيح البنك خدمة فتح دفتر توفير باسم الشخص المستفيد من الهدية، و تبدأ قيمة القسط الذي يدفعه من 20 ألف دينار، أما بخصوص خدمة «عمرتي» فتبدأ قيمة القسط الذي يتم دفعه عند فتح الدفتر، من 50 ألف دينار، حيث يتم كل ثلاثة أشهر، إجراء قرعة للمشاركين فيها، و الرابح يحصل على عمرة و يسدد البنك تكلفتها كاملة، ثم يسددها المستفيد فيما بعد بالتقسيط، و تتجدد القرعة كل ثلاثة أشهر.
* ليندة زتشي مسيرة تجارية مكلفة بالمبيعات ببنك التنمية المحلية
وضع إستراتيجية استثنائية لإعادة بعث الفكر الادخاري
أفادت السيدة ليندة زتشي، مسيرة تجارية مكلفة بالمبيعات في بنك التنمية المحلية، بأن تراجع الفكر الادخاري، لا يتعلق بتقهقر الوضع المادي فحسب، و إنما هناك اعتبارات أخرى، كالخوف من الإصابة بفيروس كورونا، الذي دفع الزبائن إلى سحب الأموال، لتجنب التنقل و الاحتكاك، موضحة بأن البنك وضع إستراتيجية استثنائية في الجائحة، للحفاظ على الزبون و خدمته.
و أشارت المتحدثة بأن هناك زبائن مدخرين، تضرروا كثيرا، خاصة أصحاب العيادات الخاصة و الوكالات التجارية و الشركات الذين استفادوا من قروض و عجزوا عن تسديد الأقساط، نظرا لتأثر نشاطهم، و كذا المستفيدين من قروض لاقتناء بيت و غيره، حيث قام البنك بالتخلي عن الإجراءات المعمول بها في الوضع العادي، مثل إرسال الاعذارات و غيرها، و قدم تسهيلات كتمديد آجال التسديد، و إعادة ضبط رزنامة زمنية تتيح لهم التسديد بأريحية، مفيدة بأن هناك زبائن تقدموا للبنك، و أعربوا عن أسفهم لعدم قدرتهم على التسديد، ليقدم البنك لهم عدة حلول، من بينها تقسيم القسط الشهري على مرحلتين.
و نوهت في سياق آخر، بأنه و بعد تحسن الوضع الوبائي، اتجهت فئة كبيرة للادخار أكثر، لوعيها بدوره في الأزمات و للاستفادة من الخدمات الاستثنائية، خاصة المتعلقة بالبطاقة البنكية، التي سهلت كل التعاملات المادية و قلصت من التعامل بالصكوك و خففت عبء التنقلات، لتسديد الاشتراكات و الفواتير، و الدفع و الشراء عن بعد.
و أصبح الكثيرون يعتمدون على البطاقة البنكية، بدل الأموال، لكونها تمكن من سحب الأموال من أي موزع مالي، سواء عمومي أو خاص، ما ساهم في تقليص ظاهرة سحب مبالغ كبيرة من حسابات الادخار، التي سجلت في بداية الأزمة، و أدى إلى التعامل بعقلانية أكثر.
* سهام عقون مكلفة بالزبائن في البنك الوطني الجزائري
سحب كبير للأموال مقابل تراجع لافت لعمليات الادخار
لاحظت السيدة سهام عقون، مكلفة بالزبائن بالبنك الوطني الجزائري وكالة الدقسي، تراجع الفكر الادخاري في البنوك، و أصبح المواطنون يفضلون الاحتفاظ بأموالهم نقدا، خوفا من تأزم الوضع الوبائي، و بالتالي تدهور الوضع الاقتصادي، و نقص السيولة، و غيرها من المشاكل الاقتصادية، الناجمة عن انتشار الوباء.
في بداية الجائحة، سجل البنك سحبا كبيرا للأموال، نتيجة تأثر فئة عمالية واسعة، خاصة التجار، و العاملين عند الخواص، الذين فقدوا مناصبهم، و أصبحوا يعانون من شبح البطالة، و هناك من تقلصت رواتبهم إلى النصف، و لجأوا إلى دفاتر التوفير الخاصة بأبنائهم.
في المقابل تم تسجيل تراجع لافت لعمليات الادخار، نتيجة الخوف من الوضع الاقتصادي، خاصة في ظل الحديث آنذاك عن مشكل نقص السيولة، و مشكل الطوابير الذي كان مسجلا، بسبب تطبيق إجراءات الوقاية، حيث فضل زبائن ادخار الأموال خارج البنك، لكن البنك لجأ إلى إنشاء بطاقة بنكية « إبارن» بين البنوك، و يتم استعمالها على المستوى الوطني، للسحب من أي بنك، و ذلك لتسهيل عمليات السحب لكل فئات الادخار، كما لا تحدد قيمة مالية محددة للسحب، و يمكن سحب حتى 10 ملايين سنتيم، و هي عملية ساهمت، حسبها، في إعادة بعث عمليات الادخار على مستوى البنك الوطني الجزائري.
و أضافت بأنها لاحظت بأن الذين لجأوا إلى غلق حساباتهم، لم يفعلوا ذلك بسبب تأثر وضعهم المادي، ما عدا الأشخاص الذين فارقوا الحياة أو غيروا الولاية.
و تلجأ، كما قالت، إلى إقناع الزبون إذا لمست لديه رغبة لغلق دفتر الادخار، بترك قيمة مالية رمزية، أي حوالي 5 آلاف دينار، و تذكره بالامتيازات التي يستفيد منها، كخفض سعر الفائدة في حال الاستفادة من قرض، موضحة في هذا الخصوص، بأن أي شخص له دفتر ادخار في البنك، تجاوز 3 أشهر، يحصل على سعر فائدة مخفض.