أمر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون بمواجهة المضاربة التي تطال السلع الاستهلاكية، لا سيما المدعمة منها، وذلك خلال اجتماع خاص حول التحكم في السوق ومواجهة المضاربة، تطرق إلى التذبذب المسجل في توزيع بعض المواد الاستهلاكية، وكذا تشخيص الخلل ليُعطي الرئيس على إثرها تعليمات للتصدي لهذه السلوكات ومجابهتها بكل صرامة.
ترأس رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أمس، اجتماعا خاصا حول التحكم في السوق ومواجهة المضاربة، حسب ما أورده بيان لرئاسة الجمهورية. و جاء فيه : "ترأس، اليوم، رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، اجتماعا خاصا حول التحكم في السوق ومواجهة المضاربة".
و تطرق الاجتماع --يضيف البيان-- إلى "الوضع الحالي للسوق وتذبذب توزيع بعض المواد الاستهلاكية وكذا تشخيص الخلل، ليعطي السيد الرئيس على إثرها تعليمات للتصدي لهذه السلوكات ومجابهتها بكل صرامة". و قد حضر الاجتماع، الوزير الأول، وزراء الداخلية، العدل، المالية، الصناعة، الفلاحة، التجارة والنقل ومسؤولو كل الأجهزة الأمنية".
وتعد التعليمات التي أصدرها الرئيس بخصوص ظاهرة المضاربة وتأكيده على ضرورة مواجهة المتلاعبين بقوت الجزائريين، الثانية من نوعها بعد الأوامر التي قدمها خلال اجتماع مجلس الوزراء الاستثنائي المنعقد الأحد، حيث أمر الحكومة بالحفاظ على وفرة واستقرار المواد الغذائية لا سيما المدعمة منها، والتصدي لكل أشكال المضاربة، مع تأكيده على إيلاء الأهمية القصوى لتحسين الوضع الاجتماعي للمواطن، بالدرجة الأولى.
وجاء الاجتماع عقب الإعلان عن تدابير جديدة لمواجهة المضاربة التي طالت السلع الاستهلاكية وأحدثت ندرة في الأسواق تسببت في ارتفاع الأسعار، وتمثلت في تشديد الرقابة على المضاربين، حيث طلبت نيابة الجمهورية لدى محكمة سيدي أمحمد بالجزائر العاصمة من نيابات الجمهورية المحلية إيفاءها بالقضايا المتعلقة بالمضاربة في السلع والرفع غير المبرر للأسعار، لمعالجتها على مستوى قسم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
وسبق لوزير العدل حافظ الأختام، عبد الرشيد طبي، أن كشف عن تحويل القضايا المتعلقة بالمضاربة إلى قسم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، موضحا أن ما يحدث في السوق يعد جريمة كاملة الأركان، وتابع قائلا: "لم نكن نريد الوصول إلى هذه المعالجة الصارمة، غير أن ما يحدث من أفعال تخريبية خطيرة جداً تضرر منها المواطن، دفعنا إلى هذا الإجراء"، واتهم جماعات منظمة أقلقها مسار رفع القدرة الشرائية للمواطن وتقليص فاتورة الاستيراد، على العمل على تقويض هذه السياسة".
وتحدث وزير العدل، عبد الرشيد طبي، عن عصابات منظمة تقف وراء المضاربة التي تشهدها الأسواق الجزائرية، وقال وزير العدل، إن هناك لعبة قذرة تخوضها جماعات منظمة من خلال المضاربة بالمواد الغذائية الأساسية والأدوية، وشدد على أنه ثبت للجميع وبما لا يدع مجالاً للشك أن هذه الأفعال المندرجة في إطار المضاربة أصبحت جرائم منظمة ترتكبها جماعات تسعى إلى زعزعة استقرار المجتمع ومؤسسات الدولة من خلال زرع اليأس في نفوس المواطنين عبر ضرب قدرتهم الشرائية بصورة مباشرة، لافتاً إلى أن المضاربة انتقلت حالياً إلى مرحلة أخرى تتعدى رفع الأسعار، وهو ما يؤكده وجود قرائن ودلائل تدفع إلى الاعتقاد أنها أضحت أفعالاً منظمة تهدف إلى ضرب استقرار الدولة.
وكشف الوزير عن ضبط شبكات تنشط في مجال المضاربة لها ارتباط بأفعال تهريب تتم عبر الحدود الغربية والشرقية، مستغرباً توفر مواد مدعمة ومحمية بأطر قانونية منظمة في دول مجاورة، وحتى في فرنسا، في حين هي مفقودة داخل الجزائر.
وتسببت المضاربة التي طالت السلع الاستهلاكية في حدوث ندرة طالت بعض المنتوجات والدواء وبعض السلع كما سجل ارتفاع في الأسعار ألحق ضرراً بالقدرة الشرائية وأثر على المستوى المعيشي، ودفع الحكومة على لسان الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان، إلى تقديم الاعتذار للمواطنين في سابقة هي الأولى من نوعها.
وقال الوزير الأول خلال عرضه بيان السياسة العامة لحكومته أمام نواب البرلمان وهو يغالب دموعه، "أقدم اعتذاري لكل رب أو ربة بيت وجدوا صعوبة في الحصول على بعض المواد واسعة الاستهلاك، وأعدهم بأن الدولة ستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه اللعب بقوت الجزائريين وخلق جو من البلبلة، ومن أجل الدفع إلى فتح الباب على مصراعيه للعودة إلى الاستيراد الوحشي السابق واستنزاف مقدرات الشعب والأمة". وأشار إلى أن القدرة الشرائية للمواطن البسيط ضمن أولويات الدولة.
وطلبت نيابة الجمهورية لدى محكمة سيدي أمحمد، الخميس الماضي، من نيابات الجمهورية المحلية إحالة مجموع القضايا المتعلقة بالمضاربة في السلع والرفع غير المبرر للأسعار، لمعالجتها على مستوى قسم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة عبر الوطن، بصفتها "وقائع ذات خطورة ارتكبت خلال نفس الفترة الزمنية بمناطق مختلفة عبر الوطن، ووجود قرائن قوية على طابعها التخريبي والماس بالاقتصاد الوطني، وكذا الظروف التي ارتكبت فيها تلك الأفعال من جماعات إجرامية منظمة عابرة للحدود".
وأكدت الهيئة القضائية، في بيان لها، أنها سجلت "تنامي ظاهرة المضاربة غير المشروعة في السلع، خاصة بعض المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع والرفع غير المبرر للأسعار، بصورة تمس القدرة الشرائية للمواطن، رغم المجهودات المستمرة التي تقوم بها الدولة لتوفير هذه المواد، وهي أفعال إجرامية تعتبر ضربا للاقتصاد الوطني، وإجراما منظما متعمدا يقتضي التصدي له بسلطان القانون وصرامته". وشددت الهيئة على أن "النيابة ستقدم التماسات بتسليط عقوبات مشددة ضد كل الأشخاص المتورطين، وفقا للقانون".
وقد شرع قسم مكافحة الإرهاب، لدى محكمة سيدي أمحمد، فعليا في معالجة قضايا المضاربة، حيث مثل 23 شخصا متورطا في قضايا متعلقة بالمضاربة غير المشروعة في المواد الغذائية الأساسية الواسعة الاستهلاك يوم الاثنين أمام نيابة المحكمة. وأفاد بيان لوكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي أمحمد، أنه عملا بأحكام المادة 11 فقرة 3 من قانون الإجراءات الجزائية، يعلم وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي أمحمد قسم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة عبر الوطن الرأي العام أنه في إطار محاربة ظاهرة المضاربة غير المشروعة في المواد الغذائية الأساسية الواسعة الاستهلاك تم تقديم الاثنين الموافق لـ10 أكتوبر 2022 أمام نيابة سيدي أمحمد قسم مكافحة الإرهاب 23 متورطا في 5 قضايا ذات الصلة.
وأوضح البيان أن قضايا المضاربة واردة من ولايات بومرداس و تبسة، سوق اهراس، الجلفة وورقلة، حيث تمت متابعتهم عن طريق إجراءات التحقيق القضائي بجنايتي المضاربة غير المشروعة المرتكبة من قبل جماعة إجرامية منظمة والتهريب على درجة من الخطورة تهدد الاقتصاد الوطني طبقا لنصوص المواد 13 و15 من قانون المضاربة غير المشروعة و15 من قانون مكافحة التهريب مع التماس إصدار أوامر إيداع ضدهم. وأصدر قاضي التحقيق بعد سماعه للمتهمين أوامر إيداع في حق 18 منهم مع وضع 4 متهمين تحت نظام الرقابة القضائية وترك شخص واحد في حالة الإفراج.
وواضح من خلال القطاعات المعنية باجتماع أمس حرص السلطات العليا في البلاد على التنسيق بين مختلف المتدخلين في السوق إلى جانب الهيئات الأمنية ومصالح الرقابة، بغرض توفير السلع وردع عمليات المضاربة التي أضرت بالمستهلك والاقتصاد الوطني.
ع سمير