أجمع متدخلون في اليوم البرلماني المنظم أمس حول موضوع "من أجل استراتيجية وطنية لضمان الأمن الغذائي المستدام" على أن تحقيق الأمن الغذائي يتطلب مقاربة شاملة وتضافر لجهود كافة القطاعات و المجتمع برمته وحشد جميع الطاقات الوطنية، و إدماج كل الإمكانيات الوطنية المتاحة، واعتماد العلم والتكنولوجيا المتطورة في المجال الزراعي.
و في مداخلة له فضل الوزير الأسبق للفلاحة الشريف عماري استعمال مصطلح "تعزيز الأمن الغذائي" وقال إن المعادلة التي يجب تحقيقها هي " كيف ننتج أكثر وأفضل وبموارد أقل وبشكل مستدام". وأوضح أن موضوع الغذاء اليوم بات مرتبطا بـ "السيادة الغذائية" أي إعطاء بعد سياسي للأمن الغذائي، وهو مفهوم شامل تطور بعد الأزمات الأربع التي عرفها العالم في العقود الماضية. وقال بأن الجزائر أولت منذ الاستقلال أهمية بالغة لموضوع الأمن الغذائي، حيث أسست في 12 جويلية 1962 الديوان الوطني للحبوب، مضيفا بأنه وحسب تقارير المنظمة العالمية للتغذية و الرزاعة "فاو" كانت الجزائر رائدة في اتخاذ التدابير الاستباقية للتصدي للصدمات الغذائية، وهو ما يظهر من خلال لجوئها إلى تنويع مصادر الواردات لتجنب تبعات هذه الأزمات. وبالنسبة للمتحدث فإن التحديات اليوم تتمثل في تراجع الأراضي الصالحة للزراعة مقارنة بنمو عدد السكان (7000 متر مربع للفرد الواحد في 1962 مقابل 2000 متر مربع للفرد الواحد اليوم)، وأيضا تراجع المساحات المسقية، وهو ما يتطلب حسب تعبيره إحداث "ثورة في المجال الزراعي" باستخدام جميع الموارد، وحشد جميع الطاقات الوطنية والاعتماد على الذكاء الجزائري واستعمال العلم.
من جانبه اقترح الدكتور فريد بن يحيى وضع منظومة فلاحية جديدة تعتمد على العلم والرقمنة واستغلال خارطة الأقمار الصناعية لمعرفة كل الأراضي الصالحة للفلاحة، وتحليل التربة، واعتماد استراتيجية للبذور واستعمال التكنولوجيات الجديدة والعلم لتطوير قطاع الفلاحة، وكشف بأن 10 ملايين هكتار من أجود الأراضي الفلاحية موجودة في الجزائر، من أصل 40 مليون هكتار في العالم.
أما المهندس محمد لخضر بوحفص فقد توقف عند أهمية استغلال الأراضي الصحراوية في دعم الإنتاج الفلاحي الوطني وبالتالي دعم الأمن الغذائي الوطني، مركزا على ضرورة إيلاء الأهمية لخصوصية التربة في المناطق الصحراوية وخصوصية هذه الأقاليم.
وتوج اليوم البرلماني بجملة من التوصيات منها، ضرورة اعتماد مقاربة شاملة لكل محاور الأمن الغذائي بإدماج كل الإمكانيات الوطنية المتاحة وتنسيق وتشبيك السياسات الداخلية، وهو ما يفرض توسيع نطاق تناول الأمن الغذائي ورفعه من النقاش القطاعي إلى مصف القضايا الوطنية. ضرورة إعداد استراتيجية وطنية للأمن الغذائي بإشراك كافة الفاعلين والمتدخلين في القطاع الفلاحي وإنتاج الغذاء، وتشجيع الاستثمار في الفلاحة الصحراوية وتحيين المنظومة التشريعية الناظمة للقطاع، ورقمنة القطاع الفلاحي لتوفير المعلومة والإحصائيات، ووضع أنظمة رصد ومتابعة دورية لكل متغيرات الأمن الغذائي.
الإسراع في إصدار النصوص القانونية المتعلقة ببنك البذور ودعمه بكافة الوسائل، استعمال تقنية وتكنولوجيا النانو للنهوض بالتنمية الزارعية، إعادة بعث وتشجيع وتدعيم الفلاحة العائلية، ومن بين التوصيات أيضا الفصل في قرار اللجوء إلى المياه الجوفية في الصحراء، واعتماد الزارعة التعاقدية، وتشجيع الاستثمار في مجال صناعة الأدوية الفلاحية، وإعادة النظر في الدعم الفلاحي.
إلياس -ب