تحيي الأسرة الإعلامية الوطنية اليوم على غرار مثيلاتها في العالم اليوم العالمي لحرية الصحافة، المصادف للثالث مايو من كل سنة، لتقف على مختلف الإنجازات التي حققها القطاع على أكثر من صعيد و تتطلع إلى سد النقائص التي يعاني منها.
ويأتي الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة هذه السنة في ظرف خاص، ذلك أن السلطات العمومية قد شرعت منذ شهور في إعادة تنظيم وتجديد الإطار القانوني المنظم لمهنة الصحافة يما يتماشى والتطورات الاجتماعية والاقتصادية التي تعرفها البلاد والمجتمع، والتحولات المتسارعة التي تطرأ على العالم، وعلى تكنولوجيات الإعلام والاتصال.
و في هذا المقام لا ينبغي المرور على ذكرى الثالث ماي دون الحديث عن القانون العضوي المتعلق بالإعلام الذي صادق عليه أعضاء غرفتي البرلمان قبل أسابيع قليلة والذي جاء ليعدل قانون 2012 بما يضمن تكييفه مع الأحكام الدستورية التي جاء بها دستور 2020 في مجال حرية الصحافة والإعلام، وأيضا التزامات رئيس الجمهورية في هذا المجال.
وقد جاء هذا القانون العضوي ليوازن بين "الحرية والمسؤولية" في مجال الصحافة، وهو يندرج في سياق تحيين المنظومة القانونية والتشريعية لقطاع الاتصال، وفق نظرة تجديدية تضمن هذا التوازن.
وقد أكدت الوصاية خلال إعداده وتقديمه بأن النص الجديد يحرص على ضمان الممارسة الحرة لنشاط الإعلام في ظل احترام ضوابط قانونية تتطابق مع أحكام الدستور والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الجزائر، وتم إعداده بعد مشاورات وجلسات عدة مع مهنيي الصحافة، وكذا القطاعات الوزارية وبعض الهيئات، حيث تم الأخذ بعين الاعتبار الانشغالات والاقتراحات المنبثقة عن هذه اللقاءات.
ومن شأن هذا القانون العضوي للإعلام ، بعد دخوله حيز التطبيق - أن يخلق بيئة جديدة في مجال ممارسة الصحافة في بلادنا، بالشكل الذي يدفع نحو احترافية أكبر والتزاما أوسع بأخلاقيات و آداب المهنة وضبط واضح خاصة بما ينص على ذلك في مجال إنشاء سلطات الضبط والمجلس الأعلى للإعلام.
و سيفتح دخول القانون العضوي للإعلام حيز الممارسة الباب في القريب لمراجعة قوانين أخرى تنظم مهنة الصحافة، على غرار القانون المتعلق بتنظيم الصحافة الإلكترونية، وذلك المتعلق بالسمعي البصري، وهما اليوم على مستوى اللجنة المختصة بالغرفة السفلى للبرلمان، في انتظار مشاريع أخرى مستقبلا.
كما لا يجب المرور أيضا على هذه المناسبة دون ذكر تلك الندوات التكوينية الجهوية التي أشرفت على تنظيمها وزارة الاتصال في مختلف جهات الوطن حول "الاتصال المؤسساتي" والتي جمعت المهنيين و المكلفين بالاتصال في مختلف مؤسسات الدولة، والخبراء والأساتذة في هذا المجال.
وهي الندوات التي كان لها صدى ايجابيا لدى المهنيين من مختلف القطاعات كونها ساهمت في توضيح الرؤى حول طبيعة ودور و أهمية الاتصال المؤسساتي ليس فقط في إيصال المعلومة للمتلقي، ولكن أيضا في المساهمة في تكريس و خلق ديمقراطية تشاركية تضمن الحماية لجميع أفراد المجتمع.
إن الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة يفرض على الجميع اليوم الالتفات ولو قليلا للظروف الدولية والإقليمية التي يمر بها العالم، و التمعن قليلا في نوعية الحروب الحديثة ، خاصة منها ما يسمى بحروب الجيل الرابع، التي تكون فيها التكنولوجيات المتطورة للإعلام والاتصال هي سيدة الموقف دون منازع.
فمثل هذه الحروب التي لا تعترف بالحدود ولا بالهويات ولا بالخصوصيات المجتمعية، تفرض منطقها على الجميع دون استئذان ، وهو ما يدعو إلى ضرورة خلق منظومة إعلامية وطنية قادرة مضمونا، و شكلا، وتقنيا، على مواجهة هذا التدفق العالي من المعلومات بما تحويه من أخبار مغلوطة وتلاعبات وانحرافات، و أن تمتلك أدوات الفرز و التدقيق.
إلياس -ب