• حجاج للنصر: كنا نمشي فوق الجثث و الجزائريون ساهموا في انتشال الضحايا
النصر تنقل شهادات حجاج عائدين من البقاع المقدسة
“كنا نسير فوق الجثث والجزائريون ساعدوا في انتشال القتلى والجرحى”
اختلفت روايات حجاج جزائريين عايشوا حادثة منى بين متحدث عن سوء تسيير للشعائر وبين محمل للمسؤولية لحجاج من جنسيات غير عربية، حيث أكدت شهادات جمعناها فجر أمس بمطار محمد بوضياف أن الحج هذا الموسم كان بمثابة الكابوس وأنهم عاشوا الجحيم في واقعة التدافع التي اختلفت الروايات بشأنها، ومنهم من وصف هذا الموسم بالاستثنائي بسبب ما عرفه من فوضى ومظاهر تدافع في أكثر من محطة متحدثين عن حالة من عدم الاحترام والتداخل بين من أنهوا الرجم ومن قدموا من مزدلفة .
العائدون والمقدر عددهم ب266 حاجا نزلوا فجر أول أمس بمطار قسنطينة وعلامات التعب بادية على وجوه معظمهم و استقبلوا من ذويهم استقبالا غير عاد بسبب تخوفات من إصابتهم بالأذى مع تسجيل تأخر في الرحلة التي كانت مبرمجة على العاشرة ليلا لكن الطائرة لم تصل قبل الواحدة فجرا.
الجزائريون ساعدوا في نقل الجرحى وانتشال الجثث
قال الحاج محمد من مدينة العلمة بسطيف أن حادثة التدافع التي راح ضحيتها أزيد من 700 حاج أول أيام عيد الأضحى، كانت بالقرب من خيم الجزائريين، وبالضبط قرب المخيم 94، حيث أوضح أن أعدادا كبيرة من الحجاج كانت في طريقها إلى رمي الجمرات، حيث كان الالتقاء بالقرب من مخيمات الحجاج الجزائريين بمنى، ليقع بعدها الازدحام، أين تعالت أصوات الحجاج بعد أن ضاقت بهم المساحة ولم يتمكنوا من التحرك، ليضيف: “كان العشرات منهم يطلبون النجدة، كما أن تواصل قدوم الحجاج زاد من الوضع سوء”.
كما أكد محدثنا أنه وبحكم قرب مخيمات الحجاج الجزائريين من موقع الحادثة، فإنهم كانوا أول من هب لمساعدة الحجاج الجرحى، وانتشال جثث الموتى، حيث قال في هذا الخصوص: “لقد تدخل المئات من الحجاج الجزائريين لمد يد المساعدة، وقد قمنا بإكرام بعض الموتى وانتشالهم من فوق بعضهم وتغطيتهم بما كان لدينا من أغطية”.
أما فيما يخص التنظيم، فقد أكد محدثنا أن تدخل أعوان الدفاع المدني خلال الحادثة لم يكن سريعا، بدليل أن الحجاج أنفسهم هم من قاموا بعمليات الإنقاذ الأولى، علاوة على نقل الجرحى نحو المستشفيات، في وقت كان الأجدر أن يتم نشرهم في كافة الأماكن للتكفل بالحجاج.
عدم استيعاب التوجيهات كان سببا في الكارثة
أوضح الحاج مسعود من مدينة أم البواقي، أن موسم الحج شهد الكثير من الأحداث، لولا أنها لم تكن بنفس حجم حادثة التدافع بمنى، حيث كشف أن الإشكال كان مع المسلمين من غير العرب، وتحديدا في العجم الذين لا يفهمون اللغة العربية والتوجيهات التي يقدمها رجال الأمن السعوديين، وهو ما كان سببا رئيسا في حدة التدافع، حيث لم تجد توجيهات المنظمين آذانا صاغية لمنع الحادثة.
وأضاف محدثنا: “لقد شاهدت جمعا كبيرا من الحجاج من غير العرب قادمين من مزدلفة نحو منطقة الرجم التي وقع فيها التدافع، لقد كانوا محملين بأمتعة وأكياس بلاستيكية كبيرة، وكانوا يتسابقون للوصول إلى منى، دون أن ينتبهوا لإشارات التوجيه، لتتوالى بعدها أمواج من الحجاج التي تلت بعضها البعض ولم يكن من السهل منع الحادثة بعدها”.
وكشف الحاج مسعود أن الحظ كان سببا في نجاة الكثير من الجزائريين، كونهم اختاروا التوجه إلى المخيمات أولا قبل رمي الجمرات، حيث قال: “لقد فضلنا التوجه نحو منى للاستراحة قليلا وتفادي الضغط، إذ وبتوفيق من الله تمكننا من تجنب الحادثة، وإلا لكنا من الموتى، ولكانت حصيلة المتوفين من الجزائريين أثقل”.
“حوادث التدافع تكررت هذا الموسم”
صرح الحاج مصطفى ، وهو في بداية العقد الرابع من العمر والمنحدر من مدينة العلمة بسطيف، أنه واحد من الناجين رفقة الكثير من الحجاج الجزائريين من حادثة التدافع بمنى، كونه كان مع فوج كبير وسط التدافع، لولا تمكنهم من الفرار بعد تدخل أعوان الأمن السعوديين، والذين كان لهم الفضل في تجنيبهم الكارثة.
وواصل مصطفى: “كل ما يقال عن سوء التنظيم لا أساس له من الصحة، لقد حججت من قبل وأعرف كيف تسير الأمور، السلطات السعودية قدمت كل ما لديها لحسن تأديتنا للمناسك، غير أن سبب الحوادث التي تقع في الحج والتي من بينها حادثة التدافع بمنى هم الحجاج من غير العرب، لقد عانينا منهم، فحتى في الأحوال العادية تجدهم يتدافعون دون دراية بالعواقب، حقيقة التفاهم معهم كان صعبا للغاية”. كما نفى محدثنا ما روج عن كون الحادثة وقعت بعد مرور موكب لأحد الأمراء قائلا: “لم يكن هناك أي موكب لا ملك ولا أمير، لقد شاهدت الحادثة بعيني وكنت جزء منها”.زيادة على هذا فقد أكد محدثنا أن حادثة التدافع بمنى لم تكن حادثة التدافع الوحيدة، فقد شهد مثلها أكثر من مرة داخل الحرم المكي: “أتذكر عدة مرات لما نكون جالسين داخل الحرم المكي، لنتفاجأ بتفرق الحجاج نحو اتجاهات مختلفة وسط صياح للنسوة، وكأن شيئا وقع، قبل أن يتوقف كل شيء، لم نفهم ما كان يقع، إذ كان هذا الموسم بأحداثه المتوالية موسما استثنائيا”.
دخل الحاج لوصيف من ولاية أم البواقي في الستين من العمر بجسمه النحيف ، قاعة مراقبة جواز السفر و كانت أثار التعب بادية عليه كما لاحظنا كدمات زرقاء تحت عينيه تدل على أنه كان ضحية ما حدث في موسم الحج، اقتربنا منه وسألناه عما عايشه من أحداث، فاسترسل بحماس قائلا: الحمد لله أنني نجوت من الموت بعد أن رأيتها أمامي ولم أكن أتوقع أن أرى وطني وعائلتي مرة أخرى بعد حادثة سقوط الرافعة، “لقد كان يوم جمعة غزير الأمطار ورياح عاتية اقتلعت كل شيء ،النوافذ الأبواب، كل شيء كان يتحرك و يهتز بقوة، السماء كانت محمرة وملبدة بالغيوم، الجميع كان يجري و يريد أن يحتمي من الأمطار الغزيرة وأثناء دخولي إلى الحرم في صلاة العصر، سقطت الرافعة فجأة لم أدر ما حدث بالضبط “، مضيفا “الأمور كانت مفاجئة ولم أستفق إلا وأنا في المستشفى الذي مكثت فيه 6 أيام تحت العناية المركزة أعالج من الكدمات التي تلقيتها في جميع أنحاء جسمي والتي شفيت من بعضها” .وروي لنا حاج آخر من ولاية قسنطينة ما شاهده في حادثة التدافع بمنى أثناء أداء مناسك رمي الجمرات، حيث ذكر بأن الحجاج ذوي البشرة السوداء والجسم القوي، هم من كانوا سببا في تلك الأحداث المرعبة، بعد أن حاولوا الوصول إلى مكان الرجم عبر مدخل يخرج منه الحجيج، مستغلين في ذلك قوتهم ليتبعهم آلاف الحجاج الآخرين، إلا أنهم لم يتمكنوا واصطدموا بالذين أكملوا أداء النسك، وحدث ما حدث من رفس وإغماءات وسط الحجاج بسبب ضيق التنفس،مبرزا بأن المشاهد كانت مؤلمة ومرعبة للغاية، بحيث أن الجميع كان يمشي فوق المئات من الجثث المترامية بحثا عن النجاة بنفسه، ليعرج قائلا “الحمد لله أن عدنا سالمين ونسأل الله أن يرحم جميع الموتى”.
وأرجع الحاج محمد من ولاية خنشلة، أسباب حادثة التدافع إلى “سوء التقدير والتسيير “، حيث ذكر بأن ثلاث دفعات من الحجاج التقوا في مكان واحد بالقرب من مقر البعثة الجزائرية في المخيم رقم 94 ، حيث التقى الوافدون من جبل عرفة و الحجاج الذين اتموا عملية الرجم، بالإضافة إلى الآلاف من الوافدين مما أسماه بالرصيف الثالث في مكان واحد وحدث تدافع كبير سقط على إثره الآلاف من الحجيج صرعى، ونتج عنها فوضى وصراخ كبيرين، مضيفا بأنه ولحسن الحظ غالبية الحجاج الجزائريين كانوا قد فضلوا أداء مناسك الطواف بدل الركون إلى الراحة بالمخيم، بعد ادائهم لمناسك رمي الجمرات ونزلوا إلى مكة وقت الحادثة، وإلا “لكانت النتائج وخيمة كون أغلبية المتوفين سقطوا بالقرب من مخيم البعثة الجزائرية”.وأشار حاج آخر من ولاية باتنة، بأن التدافع كان سببه التقاء حجاج كانوا قادمين من مزدلفة من أجل الرجم وعشرات الآلاف كانوا قد أتموا العملية في مكان ضيق ما أدى إلى التصادم وحصول الكارثة، مشيرا إلى أنه شاهد بعينه تلك المناظر ونجا منها بأعجوبة.و ذكر حاج من ولاية باتنة بأن ظروف البعثة كانت جيدة في جميع المجالات سواء من حيث التغطية الصحية أو المبيت أو الإطعام مقارنة بما كان يحدث في السنوات الماضية، في حين يؤكد حجاج آخرون، بأن الظروف لم تتغير كثيرا لاسيما الذين تنقلوا عبر وكالات سياحية واصفين التكفل بالحجيج بالمتواضع وغير الملائم.
تسجيل : عبد الله بوذبابة - لقمان قوادري
حسب بيان جديد لوزارة الشؤون الخارجية
61 حاجا جزائريا لم يلتحقوا بمقرات إيوائهم منذ حادث التدافع بمنى
أكدت وزارة الشؤون الخارجية، أمس الأربعاء، أن واحدا و ستين (61) حاجا جزائريا لم يلتحقوا بعد بمقرات إيوائهم منذ حادث التدافع الذي وقع الخميس الفارط بمشعر منى قرب مكة المكرمة.
و أشارت الوزارة في بيان لها، إلى “حصيلة مؤقتة تفيد بأن 61 حاجا لم يلتحقوا بعد بمقرات إيوائهم” مذكرة بأن الحصيلة التي نشرت أول أمس الثلاثاء، و التي تشير إلى وفاة 11 حاجا جزائريا تم تحديد هويتهم وإصابة 7 آخرين “لم يطرأ عليها أي تغيير”.
و أضاف البيان، أنه سيتم إعلام عائلات الضحايا عبر القنوات المخصصة لهذا الغرض، و قد تم إعداد هذه الحصيلة عقب الإجتماع الذي عقد بمكة مع القنصل العام للجزائر بجدة، والذي ضمّ مختلف مسؤولي البعثة الجزائرية. كما لفت البيان إلى أن “خلية الأزمة التابعة لوزارة الشؤون الخارجية و بالتنسيق مع خلية الأزمة التابعة لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف “ تتابع تطور وضع حجاجنا في البقاع المقدسة”، وهي في اتصال دائم مع القنصل العام للجزائر بجدة الذي يقوم بالتنسيق مع جميع فرق البعثة الجزائرية “.
و خلص البيان إلى أن القنصل العام وجميع فرق البعثة الجزائرية “تظل مجندة لإحصاء و تحديد هوية الضحايا الجزائريين بالتنسيق مع السلطات السعودية».
ق و