يلقي رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، اليوم، بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، خطابا هو الأول من نوعه منذ اعتلائه كرسي قصر المرادية نهاية العام 2019، في إطار مشاركته في أشغال الجمعية العامة الأممية، ينتظر أن يتحدث عن تصورات الجزائر تجاه العديد من الملفات والقضايا المطروحة إقليميا ودوليا. وتجديد القناعة الراسخة في حق الشعوب في الحرية والأمن، ودعم الجزائر للقضايا العادلة على رأسها القضية الفلسطينية و قضية الصحراء الغربية في إطار احترام القرارات واللوائح الأممية.
يجتمع أكثر من 150 رئيس دولة وحكومة، بالإضافة إلى مئات الوزراء والدبلوماسيين وممثلي المنظمات غير الحكومية في مدينة نيويورك لحضور الدورة الـ78 للجمعية العامة التي تبدأ أشغالها اليوم، وأفاد موقع الأمم المتحدة بأن القمة ستبحث «إعادة بناء الثقة وإحياء التضامن العالمي عبر تسريع العمل بشأن خطة عام 2030، وأهداف التنمية المستدامة الخاصة بها نحو السلام والازدهار والتقدم والاستدامة للجميع».
ومن المنتظر أن يلقي رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، كلمته اليوم، يتطرق خلالها إلى عديد الملفات التي تتصدر اهتمام الجزائر، على غرار مسائل العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة، والوضع في الساحل الأفريقي وجنوب الصحراء، والقضية الصحراوية، والحلول التي تراها الجزائر مناسبة لإنهاء الأزمات المنتشرة في عديد الدول، مع التأكيد على وفاء الجزائر الدائم لقناعاتها الراسخة و مبادئها الثابتة في حق الشعوب في الحرية والأمن.
كما ستركز الجزائر على الأولويات ذات الطابع الإقليمي وهي الأولويات التي تفرضها الأوضاع المتأزمة في فضاءات انتمائنا الإفريقية والعربية ،التي أضحت عرضةً لجميع أنواع التهديدات وموطناً للعديد من الأزمات وبؤر التوتر التي استعصى حلّها مع تعقُّد حيثياتها وتشعب أطرافها بفعل التدخلات الخارجية. وتؤكد الجزائر على ضرورة تشجيع الحلول السلمية المستدامة للأزمات التي تحرم الدول الصديقة من نعمة الأمن والاستقرار في كل من ليبيا ومالي والسودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية إفريقيا الوسطى والصومال واليمن وسوريا.
كما تولى الجزائر باعتبارها عضواً هاماً في لجنة العشرة التابعة للاتحاد الإفريقي والمعنية بإصلاح مجلس الأمن، هذا الموضوع كل ما يستحقه من أهمية في إطار عضويتها بمجلس الأمن، لا سيما في جوانبه المتعلقة بتحسين طرق وأساليب عمل المجلس بغية إضفاء المزيد من الشفافية والديمقراطية والتشاركية على أشغاله.
وفي مجال السلم و الأمن الدولي، تتبنى الجزائر موقفا واضحا لصالح التعددية وحل النزاعات بالوسائل السلمية والدبلوماسية ودون تدخل للقوى الخارجية، كما أثبتت أن قراءتها للأزمات السياسية والأمنية هي الأكثر حكمة والأقل ضررا. وفي هذه الحالة، يجدر التذكير بالتحذيرات بخصوص ليبيا أو سوريا أو حتى النيجر مؤخرا عندما اقترح الرئيس تبون خارطة طريق تتضمن ست نقاط لتسوية الأزمة في هذا البلد المجاور وتجنب تدخل عسكري خارجي سيكون له بالتأكيد نتائج وخيمة على منطقة الساحل.
القضاء على الفقر يتصدر التحديات الدولية
وكان رئيس الجمهورية، قد شارك، أمس، في افتتاح أشغال الأسبوع الرفيع المستوى للدورة العادية ال78للجمعية العامة للأمم المتحدة, وهي أعلى المنابر العالمية. ويتعلق الأمر باجتماع جد منتظر في ظرف دولي تميزه عديد الأزمات بدءا من انعكاسات جائحة كوفيد-19 على الاقتصاد العالمي وتفاقم النزاعات على خلفية الاستقطاب العالمي مرورا بأزمة المناخ إضافة إلى زيادة أوجه عدم المساواة من حيث نوعية معيشة السكان بين البلدان المتطورة وباقي بلدان المعمورة.
واعتمد قادة العالم المجتمعون بمقر الأمم المتحدة، إعلانا سياسيا أكدوا فيه أن القضاء على الفقر بكل أشكاله- بما فيه الفقر المدقع- هو أكبر تحد دولي ومطلب لا غنى عنه لتحقيق التنمية المستدامة. وتم اعتماد الإعلان السياسي في الجلسة الافتتاحية لقمة أهـداف التنمية المستدامة التي تعد محورا للأسبوع السنوي رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة. حيث أكد القادة في الإعلان التزامهم بالتطبيق الفعال لأجندة التنمية المستدامة وجميع أهدافها السبعة عشر التي اتفقوا قبل 8 سنوات على تحقيقها بحلول عام 2030.
وتشكل مسائل ترقية حقوق الإنسان والقانون الدولي وتعزيز نمو اقتصادي مدعم وتنمية مستدامة والحفاظ على السلم والأمن الدولي ومكافحة الإرهاب والتنمية في إفريقيا إضافة إلى مسائل تنظيم المؤسسات المالية وإصلاحها, من بين المهام الصعبة المنوطة بمنظمة عالمية أضحت فعالياتها موضوع آراء متضاربة منذ بضع سنوات, وفق المحللين والمتابعين للشأن الأممي.
الجزائر عنصر أساسي في الأمم المتحدة
وبالنظر للتحديات التي يعيشها العالم والأزمات المتعددة، تعتبر الجزائر من خلال رئيس الجمهورية، صوت حكمة يجدر الإنصات له بكل اهتمام ودون أفكار مسبقة لما تقدمه من خلال مقترحاته الناضجة ونشاطاتها الدبلوماسية المعترف بها، من رؤية حيادية وموضوعية لأي عملية اتخاذ قرار فعالة. حيث تعد الجزائر من الأصوات المهمة ضمن حركة بلدان عدم الانحياز وكذا على صعيد القارة الإفريقية وبلدان الجنوب، فضلا عن تمسكها بشدة بسيادة الدول وبالحقوق المشروعة للشعوب.
وقد احتلت الجزائر سنة 2022 من خلال احترامها للقرارات وتمسكها القوي بتطبيقها, المرتبة الأولى على المستوى الإفريقي والعربي في مجال تحقيق أهداف التنمية المستدامة ال17، وهي أهداف يتعين على الحكومات التحرك بسرعة لإنقاذها خلال هذه القمة. كما تعتبر الجزائر محورا أساسيا في الحرب ضد الإرهاب العابر للحدود والجريمة المنظمة. فهي بذلك, الصوت القوي الذي يذكر العالم بأنه في القرن ال21 لا يزال الشعبان الفلسطيني والصحراوي يعانيان ومن ويلات الاستعمار، وهو شر كان يعتقد أنه ولى في القرن الماضي.
وبخصوص إصلاح المؤسسات الدولية, فإن الجزائر من بين البلدان التي دعت منذ سبعينيات القرن الماضي إلى أخذ مسألة الإنصاف الدولي في الحسبان وطالبت بأن تكون لبلدان الجنوب مكانة أكثر أهمية في هذه المنظمات العالمية وأن يتم الإصغاء لأصواتها بشكل أفضل. وعليه, و من خلال مواقفها الثابتة و المدروسة, تثبت الجزائر أنها ومنذ أكثر من 60 سنة عنصرا أساسيا في الأمم المتحدة, اذ يجب على هذه المؤسسة الدولية أن تنصت لها باهتمام إذا أرادت الحفاظ على دورها كضامن للاستقرار العالمي.
ع سمير