دعا خبراء ومختصون أول أمس إلى ضرورة تعزيز مفهوم «القيادة الدفاعية»، لدى مختلف السائقين في الجزائر من أجل الحد من حوادث المرور التي تتسبب في ما معدله 4 آلاف وفاة سنويا ، وما يترتب عنها من خسائر اقتصادية، مشددين على ضرورة اللجوء إلى البحوث العلمية ، وإشراك مختصين في الدراسات السلوكية، من أجل تحقيق السلامة المرورية.
وفي يوم دراسي نظمه المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بالمدرسة العليا للضمان الاجتماعي بالجزائر العاصمة، بهدف تعزيز مقاربة ‘’ القيادة الدفاعية’’، أكد المشاركون على ضرورة إشراك مختلف الأخصائيين، سيما المختصين في الدراسات السلوكية، لوضع التدابير المناسبة التي تراعي خصائص المجتمع الجزائري والسائق من أجل تعزيز القيادة الصحية والوقائية.
وفي هذا الصدد أبرز رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ، سيدي محمد بوشناق خلادي، أن ظاهرة حوادث المرور باتت تخلف آثارا اقتصادية، اجتماعية وبيئية كبيرة، ما يستدعي الاستعانة بمختصين في تحليل الدراسات السلوكية، معتبرا أن التدابير العقابية والتقنية وتعزيز المراقبة عبر الطرقات لم تعد كافية.
ودعا في هذا الإطار، إلى إشراك مختصين قصد المساهمة في اقتراح حلول لهذه الظاهرة بعد تحليلها وفهم الجوانب المرتبطة بالسلوك البشري ومناقشة التدابير الواجب اتخاذها، إلى جانب تعزيز مفهوم القيادة الدفاعية .
من جانبه، أبرز المختص في اقتصاد النقل بمدرسة الدراسات العليا التجارية، بالقليعة ولاية تيبازة، البروفيسور فارس بوباكور، في مداخلته، أن حوادث المرور تكلف الدولة خسائر بقيمة 100 مليار دينار سنويا، مرجعا أسباب ارتفاعها ، إلى تزايد عدد السكان وعدد المركبات، مسجلا بأنه على الرغم من ذلك فإن عدد الوفيات والإصابات بقي مستقرا منذ سنوات الثمانينات وإلى غاية اليوم ، ما يعكس – حسبه - التحكم النسبي في هذه الظاهرة، من خلال مختلف الإجراءات والتدابير التي اتخذتها السلطات خصوصا بالنسبة للطرق السريعة والازدواجية.
أما نائب مدير حركة المرور عبر الطرق بوزارة النقل، حسيبة قواسمية، فأبرزت ، أهمية اعتماد «القيادة الدفاعية» كإستراتيجية للسياقة الآمنة ، مشددة على ضرورة التركيز على التوعية والتكوين في هذا المجال .
وقال الدكتور أمحمد كواش، الخبير الدولي في السلامة المرورية، بأن أسس ‘’ القيادة الدفاعية ‘’ ترتبط بعدد من العناصر كاليقظة وتوقع جميع المواقف المتضاربة والمحتملة التي تنشأ أثناء حركة المرور وتقييم المخاطر والتخفيف منها من خلال تبني سلوك يتماشى مع المواقف المختلفة التي يواجهها.
وبعد أن أسهب في الحديث عن مختلف فئات السائقين الأكثر تسببا في حوادث المرور، كالسائق العدواني والسائق العنيف والسائق المشتت الذهن والسائق المرتبك والسائق المتردد، شدد كواش في هذا السياق على ضرورة إخضاع السائقين وخاصة المحترفين منهم إلى فحوصات طبية معمقة، سيما الفحص النفسي والفحص الدماغي لمعرفة بعض الأمراض النفسية و العصبية التي يحتمل أن يتعرض لها سائقو المسافات الطويلة بأنواعهم سواء سائقي الحافلات أو سائقي الوزن الثقيل.
ودعا البروفيسور سعد الدين بوطبال المتخصص في علم النفس الاجتماعي للنقل بجامعة خميس مليانة، ، إلى ضرورة تأسيس فرق بحثية في إطار تكامل معرفي بين مختلف التخصصات ذات الصلة ووفق رؤيا « نفسو- اجتماعية أرغونومية»، للبحث عن حلول ناجعة لضمان السلامة المرورية.
وقال ‹› وإذا أردنا التقدم في بناء السلامة المرورية يجب علينا أن نلجأ إلى إنجاز البحوث القائمة على الأسس العلمية وفق مقاربة متعددة التخصصات وإلا سنبقى في مرحلة الوصف فيما تتفاقم الحوادث من سنة إلى أخرى».
وبعد أن أسهب في تعريف ‹› القيادة الدفاعية››، أبرز المتدخل ضرورة إشراك المختص النفسي الاجتماعي الأرغونومي، في تصميم مختلف المنشآت المرتبطة بالبيئة المرورية كالطرق والأرصفة والمنشآت الفنية، ودراسة مدى سلامتها.
كما دعا إلى مراجعة برامج التكوين في مدارس السياقة من أجل تنمية السياقة الدفاعية باستعمال وسائل تكوينية حديثة، مؤكدا على أهمية استعمال الذكاء الاصطناعي كمساعد افتراضي لتجسيد السلامة المرورية في أرض الواقع.
ع.أسابع