أحيت أسرة الصحافة أمس، اليوم الوطني للصحافة، المصادف للثاني والعشرين من شهر أكتوبر من كل سنة، وهي تتطلع إلى كسب المزيد من الأدوات المادية والتقنية لمواكبة التطور الذي يعرفه الإعلام العالمي في هذا المجال، والالتزام في نفس الوقت بالمهنية والاحترافية.
و في كل عام عند هذا اليوم تقف الصحافة الوطنية لتنظر إلى الطريق من الجهتين، جهة ما تحقق لحد الآن من مكاسب و أشواط قطعت على درب المهنية والاحترافية والتطور التقني والفني، وجهة ما ينتظر تحقيقه في هذه المجالات وأخرى في المستقبل. والواقع أن الإعلام الوطني قطع أشواطا كبيرة و لا يستهان بها في سبيل تقديم خدمة عمومية ونقل المعلومات والأخبار للمواطن بكل احترافية بعيدا عن التضليل والتزييف، كما حققت الصحافة الوطنية في السنوات الأخيرة تقدما كبيرا أيضا في مجال استعمال أحدث تكنولوجيات الإعلام والاتصال المعمول بها عالميا، في ظل مرافقة السلطات الوصية لها في هذا المجال واستعدادها تقديم المزيد من الدعم.
لكن كسب رهان تكنولوجيات الإعلام والاتصال الحديثة يبقى متواصلا، ويبقى هدفا لكل وسائل الإعلام الوطنية عمومية وخاصة، ذلك أن هذا المجال يعرف تطورات رهيبة و بوتيرة متسارعة في كل دول العالم اليوم، وهو ما يتطلب المزيد من الجهد والصبر و الإنفاق المادي أيضا.
لقد ركزت وسائل الإعلام الوطنية بمختلف أشكالها في السنوات الأخيرة الكثير من جهدها ومالها من أجل تعميم الرقمنة، و إطلاق مواقع إلكترونية تفاعلية لها بالتقنيات الحديثة المعمول بها في كل الدول، وأنفقت الكثير من الأموال على اقتناء أحدث وسائل وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، وكان هذا الملف على رأس اهتمامات الوصاية في السنوات الأخيرة.
إن مواكبة الخطوات الكبيرة التي قامت بها الدولة في عديد المجالات، و الإنجازات التي حققتها على المستويين الداخلي و الخارجين في مجالات الدبلوماسية، و إعادة النظر في التشريعات المختلفة، و ما قامت بها من خطوات جريئة في مجال تحسين مناخ الأعمال، وتعزيز الحقوق والحريات و المشاريع المهيكلة الكبرى وغيرها، يتطلب من وسائل الإعلام الوطنية السعي نحو المزيد من التطور في المجال التقني من أجل ضمان ترويج أحسن وفعال لكل الجهود التي تبذلها الدولة في هذه المجالات. كما أن التوترات الإقليمية والدولية الراهنة و الاضطرابات التي يعرفها محيطنا القريب وكل العالم، وما يصاحب ذلك من حروب سيبرانية وتكنولوجية عالية المستوى، يفرض هو الآخر على وسائل الإعلام الوطنية أن تكون في مستوى الحدث وأن تصل إلى أعلى المراتب في مجال التحكم في التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال، من أجل مجابهة أفضل لكل المضامين التي تستهدف الجزائر ومؤسساتها.
و في جانب آخر على الإعلام الوطني مواصلة التقيد بآداب وأخلاقيات المهنة، و العمل من أجل خلق مضمون إعلامي وطني حقيقي يخدم المصلحة الوطنية قبل كل شيء، و يحافظ على مؤسسات الدولة، مضمون يدافع عن خيارات الجزائر داخليا وخارجيا، و يكون بإمكانه الفرز بين التضليل والكذب والتهويل وبين الأخبار الصحيحة التي لا تضر بالبلاد.
ولقد أثبتت العديد من الأحداث الكبرى أن الإعلام الوطني،" وطني بامتياز" عندما يتعلق الأمر بالمصلحة العامة للجزائر وشعبها، وخير دليل على ذلك ما تعرضت له البلاد في السنوات الأخيرة من كوارث طبيعية مثل الحرائق والفيضانات وغيرها، عندما وقف الإعلام وقفة جادة مع الصالح العام.
كما يظل الإعلام الجزائري أيضا ملتزما بالدفاع عن القضايا العادلة للشعوب في العالم، وخير دليل على ذلك وقوفه اليوم بكل وضوح وقوة مع أشقائنا في فلسطين المحتلة الذين يتعرضون لأسوأ أنواع الإبادة والتقتيل في التاريخ، ووقوفه المستميت أيضا مع حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.
وتنتظر الأسرة الإعلامية من الوصاية استكمال النصوص المنظمة و المؤطرة لقطاع الإعلام في أقرب وقت ممكن، وتنصيب سلطات الضبط كما هو منصوص عليه في القانون العضوي للإعلام، وقد جعل وزير الاتصال ذلك من أولى أولوياته.
إلياس -ب
