* الجزائر أطلقت ورشة كبيرة للإصلاحات الاقتصادية
* إطلاق برنامج طموح لتعزيز المكتسبات الاجتماعية وتلبية حاجيات المواطنين
أكد رئيس الجمهورية السيد، عبد المجيد تبون، أن السياسة الاجتماعية للدولة ستتعزز بمكتسبات إضافية بداية سنة 2024 تتمثل في تجسيد التدابير المتعلقة بتثمين الأجور وتقليص الأعباء الضريبية، فضلا عن تعزيز المنظومة القانونية من خلال مُراجعة القانون التجاري وقانون التأمينات، وكذا إعداد مشروع قانونٍ جديدٍ للشراكةِ بين القطاعين العام والخاص.
وأبرز رئيس الجمهورية السيد، عبد المجيد تبون، في كلمة له أمس خلال الملتقى الدولي المنظم من طرف وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة بالتنسيق مع صندوق الأمم المتحدة للسكان بالجزائر بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال تحت عنوان» مكتسبات اجتماعية برهانات اقتصادية»، قرأها نيابة عنه الوزير الأول، نذير العرباوي، أهم الانجازات والمكتسبات التي حققتها الجزائر في المجال الاجتماعي في السنوات الأخيرة، وآثارها الاقتصادية والمادية على تحسين الحياة اليومية للمواطن، واستعرض أهم الإصلاحات القانونية والتشريعية التي قامت بها الحكومة في العديد من المجالات.
وقال الرئيس تبون في هذا المقام أن البلاد واجهت في مسار بناء الجزائر الجديدة رهانات متعددة في غاية الصعوبة والتعقيد، والتي خاضتها بِإِرادةٍ قويةٍ مُخلِصَة لاستِدراكِ ترَاكُمَات الأوضاعِ الاقتصادية والاجتماعية الصَّعبة ولِبِنَاء اقتصادٍ ناجعٍ وتَنَافُسِي مع العملِ على الارتِقَاء بالحياةِ الاجتماعية إلى أعلَى المراتِب استجابةً لتطلُعاتِ الشَّعبِ الجزائري.
ولتجسيد هذا الهدف أطلقت الجزائر- يضيف الرئيس- ورشةً كُبرَى للإصلاحاتِ الاقتصادية من أجل تَنْوِيعِ الاقتصاد الوطني وتَحريرِ رُوح المبادرة وتحسينِ مُناخِ الأعمال والاستثمار، والتي تُوِّجَـت بالـمُراجعة الشاملة للمنظومة القانونية للاستثمار ضِمن مقاربةٍ قِوَامُها الشَّفافية ومُحاربةُ البيروقراطية والمساواةُ بين الـمُتَعاملين الاقتصاديين، فضلاً عن اعتمادِ نمطٍ جديد في منحِ وتسييرِ العقَّارِ الاقتصادي الـمُوَجَّهِ للاستثمار.
وفي نفس السياق أعيد النَّظر في القانون النقدي والـمَصرفي لـمُوَاءَمَتِهِ مع تطوُرات البيئة المصرفية، وذلك ضمن خُطةٍ شاملة لإصلاحِ القِطاع المالي والبنكي، وخاصةً عبرَ تَنْوِيعِ مصادر التمويل، وتكثيفِ الشَّبكَةِ الـمَصرفية وتحسين الشُّمُولِ المَالِي، وترقيةِ حَوْكَمَة المُؤَسَسات المالية في الخارج خاصةً في السُّوقِ الإفريقية بهدفِ مُرَافَقةِ الحَرَكِيَّةِ التي تَشْهَدُها الـمُبَادلات التِّجارية على الصَّعِيد القاري.
كما استحدثت آليات مُؤَسساتية لتشجيعِ الابتكار والـمُقاوَلاتية بهدف السماح لحاملي المشاريع بإِنشَاء مُؤَسسات مُنتِجة خاصة في مجال المؤسسات الناشئة، وتطويرِ مَنظُومَة دَعمِ المُؤسسات المُصَغَّرَة ومُتَنَاهِيَة الصِّغَرْ.
ولدفع التشغيل تم إطلاق مئات المشاريع الاستثمارية العالقة ما سمح يخلق عشرات الآلاف من مناصب الشغل، كما استحدثت منحة للوافدين الجدد على سوق العمل، موازاة مع رفعِ وتيرةِ إدماجِ المُستفيدين من جهازِ المُسَاعَدة على الإِدمَاج المِهَني للشباب.
وقد سَمَحَتْ مُجْمَلِ هذِه الإجراءات- يؤكد رئيس الجمهورية- بِتَحْسِين أداء المُؤَشِرَات الرئيسية للاقتصاد الوطني، وتَقليصِ تَبَعِيَتِهِ للمحروقات، وفَتْحِ فُرَصٍ كبيرةٍ أمام الـمُتَعاملين الاقتصاديين وحَامِلي المشاريع لِتَطْوِير أَنْشِطَتِهم والمُسَاهمَةِ في خَلْقِ الثَرْوَة وتعزيزِ مُعَدَلاتِ التنمية.
وفي ظل هذه الرهانات- يشدد المتحدث- تم إطلاق برنامجٍ طموحٍ لتعزيزِ المُكتسباتِ الاجتماعية وخاصةً فيما يتعلقُ بِتَلبيةِ الحاجيات والخدمات الأساسية للمواطنين، لاسيما لِأولئك الَّذين يَنْتَمُون للفئات الهَشَّة.
وفي هذا الإطار وجهت السياسات العمومية خلال السنواتِ الأخيرة نحو دعمِ القُدرةِ الشِّرائية للمُواطن عبر تثمينِ الأُجُور لصالح أكثر من 2.8 مليون موظفٍ وعَونٍ متعَاقِد، وتعزيزِ العدالة الضَّرِيبية، وضمانِ تغطيةِ الاحتياجات الأساسية خاصة للفئات الهَشَّة، وكذا تعزيز مختلف برامج المُسَاعدة الاجتماعية بما فيها تَثمينِ المِنَحِ المُوَجَهَة لِذَوِي الاحتياجات الخاصَّة والـمُعْوَزِّين، وتحسينِ أداء صندوقِ النفقة لفائدة النساء المُطلقات.
كما بذلت الدولة جهودا كبيرة في ميدان التحويلات الاجتماعية لمواجهة التحديات المترتبة عن ارتفاع أسعار المواد الأساسية في السوق الدولية، بحيث بلغت هذه التحويلات 18.45 من المائة من ميزانية الدولة لسنة 2023 الجارية، و في نفس الوقت تم إيلاء اهتمام خاص للسياسات المتعلقة بالتنمية البشرية بتطوير قطاع التربية والتعليم و ترقية خدمات التعليم العالي والبحث العلمي والتكوين المهني، و تثمين المنحة الجامعية، وتحسين الوضعية الاجتماعية والمهنية للمنتسبين للقطاع.
ودائما في سياق استعراضه لمجمل المكتسبات الاجتماعية المحققة من طرف الجزائر في السنوات الأخيرة عرج الرئيس تبون على الجهود والإصلاحات الجارية لترقية الرعاية الصحية للوصول إلى تحقيق الأمن الصحي والرفع من فعالية القطاع، و تعزيز منظومة الضمان الاجتماعي و إصلاحها عبر تثمين مِنَحِ ومَعاشات أكثر من ثلاثة ملايين مُتَقَاعِد.
كما أعطيت أَولوِيَة وأهميةٍ خاصةٍ لقطاع السَّكَن، حيث سطرت العَدِيد من البَرَامِج السَّكَنِيَة بمُخْتَلَفِ الصِّيَغ، وخاصةً السَّكنات الاجتماعية لِفَائدة الأُسَرِ ذاتِ الدَّخْلِ الضَّعيف، مع مُوَاصَلَة دعمِ السَّكنِ الرِّيفي، والرفع من مستويات الربط بشبكات الماء والغاز والكهرباء، مع إيلاء أهمية قصوى للأمن الغذائي والمائي.
واستكمالا لكل هذه الجهود أكد الرئيس عبد المجيد تبون أن السِّيَاسة الاجتماعية للدولة ينتظر أن تتعزز في الفترة القادمة بِفَضْل تجسيدِ التدابيرِ المتعلقة بتثمين الأجورْ وتقلِيص الأَعباء الضّريبية ابتداء من مطلع سنة 2024، يُضَافُ إليهَا النتائج الإيجابية المُرْتَقَب تسجِيلُها عقِب دُخُول الـمَنظُومة القانونية الجديدة للاستثمار حيِّزَ التنفيذ، واستكمالِ تفعيل مُختلفِ الآليات المعنيةِ بمُرافقَةِ الـمُستثمِرين، فضلاً عن التَّقدمِ الحاصِل في تجسيدِ المشاريعِ الإستراتيجية الكُبرَى لِتَثْمِين المَوَارِد المنجمية وتَطويرِ البُنْيَةِ التَّحتِيَة عبر مُختلفِ رُبُوع الوطن، بالإضافة إلى تجسيدِ بَرامجِ التَّنمية المحلية وتهيئة الإقليم.
و ستتدعم كل هذه الحركية مع استكمالِ تعزيزِ المنظُومة القانونية خاصةً من خلال مُراجعة القانون التجاري وقانون التأمينات وكذا إعداد مشروعِ قانونٍ جديدٍ للشراكةِ بين القطاعين العام والخاص الذي سيحملُ تصورًا مبتكرًا لتمويلِ مشاريعِ المُنشَآت الأَسَاسِية، ومُوَاصَلَة برنامج التحوُّلِ الرَّقمِي الشَّامل خاصة في المرافقِ العامة.
الرئيس تبون الذي أكد بأن كل هذه البَرامج ترمِي بشكل أساسي إلى تحسين ظُرُوف معيشةِ المواطن وتعزيز مَكَانَتِهِ كمِحْوَرٍ أساسي للسياسات التَّنْموية، ضِمن مُقَارَبَةٍ قِوَامُها الاِستدامةُ والعدالةُ في إعادة توزيع الثروة، دعا الجميع للعملِ من أجلِ تَعزِيز التَّعاوُن وفتحِ فضاءَاتٍ لتَبادلِ الخِبرات والتَجَارب في هذا المجال، والعمل بشكل جماعي ومكثف لرفع التحديات العالمية التي تواجه الوظيفة الاجتماعية للدول. إلياس -ب