أكدت الجزائر أن الانتكاسة الجديدة التي شهدها العالم مرة أخرى أمس الثلاثاء بمجلس الأمن الدولي، اثر استخدام الولايات المتحدة حق "الفيتو" في وجه وقف إبادة جماعية هي الأخطر في تاريخ فلسطين المحتلة، لن ينقص من عزيمتها في العودة مرة تلو الأخرى ودق باب المجلس حتى يتحمل مسؤولياته ويطالب بوقف إطلاق النار بغزة.
فقد نجحت الجزائر أمس في الحصول على التفاف واسع حول مشروع قرارها المطالب بوقف إطلاق النار، من خلال التصويت شبه الكلي لأعضاء مجلس الأمن عليه، قبل أن تستخدم واشنطن حق النقض، والذي أعربت الجزائر عن أسفها حياله وأكدت أنه لن يحول دون مواصلتها حتى يتحمل المجلس لمسؤولياته بالدعوة إلى وقف إطلاق النار.
ويشهد للجزائر أنها استهلت ولايتها بمجلس الأمن الدولي بالدفاع عن القضية الفلسطينية وفضح مجازر الاحتلال الصهيوني الذي يرتكب إبادة جماعية يوميا منذ أزيد من أربعة أشهر وأكدت التزامها بالدفاع عن أصوات المقهورين، مثلما أعلنت في أكثر من مناسبة، ولن تكون هذه المرة استثناء لهذه السياسة بل ستزيد عزيمتها وإصرارها من أجل إحقاق الحق، حسبما أعاد التأكيد عليه أمس الثلاثاء الممثل الدائم للجزائر لدى منظمة الأمم المتحدة، عمار بن جامع، أمام مجلس الأمن.
و في تعقيبه عن حق النقض "الفيتو" الذي رفعته الولايات المتحدة لرفض مشروع القرار الجزائري، أعرب السيد بن جامع عن أسفه لقرار الرفض، مؤكدا بأن "الجزائر لن تتوقف حتى يتحمل هذا المجلس كامل مسؤولياته ويدعو لوقف إطلاق النار".
ومن خلال تصريحات الديبلوماسي الجزائري، تأكد للعالم وللفلسطينيين بالخصوص، على أن الاعتراض على مشروع قرار الجزائر وخذلان مجلس الأمن لشعوب العالم في توفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني وفي وضع حد للظلم المسلط عليه، لن يعفي مجلس الأمن من القيام بمسؤولياته ولن يعفي المجموعة الدولية من واجباتها تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل ولا يعفي سلطات الاحتلال من واجب تنفيذ التدابير التحفظية لمحكمة العدل الدولية.
وبعد فشله أمس وتفويته فرصة ثمينة لوقف سفك دماء الفلسطينيين، يكون مجلس الأمن حكم عليهم بالموت وأعطى الضوء الأخضر للاحتلال لمواصلة جرائمه وإبادته الجماعية بحقهم، فكيف يعقل أن يعيش العالم، رغم وجود منظمات دولية وإقليمية تدافع عن حق الشعوب في الحرية وفي تقرير المصير والعيش بكرامة، مثل هذه المأساة التي ستظل فضاعتها نقطة سوداء في ذاكرة شعوب المعمورة لوقت طويل.
إن الجزائر التي لطالما عملت جاهدة لوضع القضية الفلسطينية في أعلى سلم الأولويات الدولية، ستواصل باعتبارها ممثل المجموعة العربية والإفريقية بمجلس الأمن الدولي، مرافعاتها من أجل إنصاف القضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية وستعود من أجل دق أبواب مجلس الأمن والمطالبة بوقف حمام الدم في فلسطين.
وناشد السيد بن جامع بالمناسبة كل من يعرقل وقف إطلاق النار، بأن "يراجع حساباته، لأن القرارات الخاطئة اليوم ستحسم نتائجها غدا، بالعنف وعدم الاستقرار".
وفي ذات اليوم (الثلاثاء) الذي عرض فيه مشروع القرار الجزائري بمجلس الأمن، دوت كلمة الجزائر أمام محكمة العدل الدولية أكدت فيها، تطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، على أهمية الامتثال للقوانين الدولية المتعلقة بالاحتلال وفرض احترامها، كما طالبت بالعدالة للشعب الفلسطيني.
وسبق أن عملت الجزائر منذ تبوئها مقعدا كعضو غير دائم في مجلس الأمن في الفاتح يناير الفارط، من أجل الدفاع عن القضية الفلسطينية.
فبمبادرة من الجزائر، اعتمد أعضاء مجلس الأمن الدولي، نهاية يناير الماضي بالإجماع مشروع بيان صحفي بادرت به البعثة الدائمة للجزائر بنيويورك، يشدد على الحاجة الملحة لتوسيع تدفق المساعدات الإنسانية إلى المدنيين بغزة في ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة جراء العدوان الغاشم للمحتل الصهيوني.
كما عقد المجلس، نهاية جانفي، اجتماعا طارئا، تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، و بغية إعطاء صبغة تنفيذية لقرار محكمة العدل الدولية، فيما يخص الإجراءات المؤقتة المفروضة على الاحتلال الصهيوني بخصوص عدوانه على الشعب الفلسطيني بقطاع غزة.
كما اغتنمت الجزائر الدورة العادية 37 لمؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي لدعوة الدول الإفريقية لدعم القضية الفلسطينية من خلال المساهمة في الجهود الدبلوماسية الدولية. وفي هذا الإطار، أكد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، السيد أحمد عطاف، الذي شارك في هذه الدورة، ممثلا لرئيس الجمهورية، على أن القضية الفلسطينية تجتاز أخطر مراحلها التاريخية على الإطلاق، في خضم تسارع الاحتلال الصهيوني في تنفيذ مخططه الرامي لتصفية المشروع الوطني الفلسطيني ووأد حل الدولتين وإحياء مشروع إسرائيل الكبرى.
وكان اللقاء فرصة دعت فيها الجزائر سائر الدول الإفريقية الشقيقة إلى التحضير من الآن للمرحلة الآتية والمتمثلة في المبادرة بطرح ترشح دولة فلسطين للعضوية الكاملة على هيئات الأمم المتحدة المعنية بهذا الموضوع التاريخي.
وأج