تغيرت النظرة إلى أكل الشوارع في السنوات الأخيرة، ليتحول إلى وسيلة تستقطب السياح وهواة تجارب التذوق الجديدة والمختلفة، كما دخلت الوصفات الشعبية منافسات عالمية و باتت تحصد التصنيفات و الجوائز، وقد ساهم في ذلك صناع محتوى سياحي يتذوقون أطباقا شعبية في الأزقة العتيقة للبلدان التي يزورونها، ويقدمون المطبخ الشعبي كعنصر من العناصر الثقافية للبلد، خصوصا وأنه يرتبط بنمط عيش الشريحة الواسعة في المجتمع، ويعكس فكرة عن المكونات المحلية ويروي قصصا عن تاريخ منطقة بعينها، فضلا عن ذلك، فإن تناول وجبة بسيطة ولذيذة
في الشارع أمر ممتع و لا يكلف الكثير.
روبورتاج/ إيناس كبير
تختلط نسمات الصباح بروائح تنبعث من محلات صغيرة في أزقة المدينة القديمة بقسنطينة، أين تشغل المواقد مع أول خيوط الفجر لتحضير وجبات شعبية يفضلها البعض على الفطور مثل وجبة " الحمص دوبل زيت" معشوقة رجال المدينة.
تبلغ الحركية ذروتها في السويقة ورحبة الجمال، بداية من الساعة الحادية عشرة و النصف صباحا، إذ يتردد على المكان زبائن من مختلف الشرائح العمرية، شباب وأطفال وكهول ينتظرون أدوارهم للحصول على قطعة من الـ "بيتزا فوقاص"، أو طبق الـ "باناشي"، أو بعض أسياخ الشواء المرفقة بصحن من الحمص العابق برائحة البصل و المتبل بالكمون والقصبر وقليل من الهريسة " الشطة"، وهو طبق قال لنا الحاج علي، صاحب أشهر محل لتحضيره في قسنطينة، إنه "يشارك القهوة في تعديل المزاج صباحا".
كانت جولتنا في المدينة وبين مطاعمها الشعبية قد بدأت باكرا في حدود التاسعة صباحا، مع ذلك فإن هناك مطاعم شعبية كانت قد استنفدت نصف وصفات اليوم بالنظر إلى حجم الإقبال و استمرار الطلب.
"الذوق و النظافة والمعاملة" ثلاثية تشكل سر "بيتزا فوقاص"
لا يكلف عمي عبد الكريم، نفسه عناء الترويج لمحله أو النداء على الزبائن، فخطواتهم تنقلهم لوحدها إلى محله البسيط الضيق المتواجد وسط "السويقة"، لم يتوقف الرجل عن العمل منذ لحظة وصولنا، سعيدا وسط أوانيه البسيطة، يخبز فوق طاولته التي وُضعت عليها صينية " ذات شكل مستطيل، وأخرى دائرية تفصل بينهما آنية حديدية بداخلها "الهريسة"، بخفة وحركات سريعة، يصاحبهما صوت المذياع، ويقطعها إلقاء تحية على المارين وسط الزقاق، أو ممازحا أصدقائه، قال لنا ببشاشة إن "بيتزا فوقاص" تؤكل ساخنة فور خروجها من الفرن.
عاد بذكرياته إلى ما قبل 16 سنة مضت، ليفصل في بداياته مع هذه المهنة التي تعلمها في سن صغيرة، بفضل شخص يسمى محمد، كان يملك محلا لصناعة الحلويات في "سيدي بوعنابة"، ووفقا لعبد الكريم، فإن العم محمد هو أول من خبز "بيتزا فوقاص" في قسنطينة، وكان ذلك إبان الثورة التحريرية، ثم انتقل إلى "السويقة" وانتشرت بين سكان مدينة الجسور المعلقة عبارة "روح للسيدة تذوق بيتزا فوقاص" ترويجا للأكلة ودلالة على مذاقها اللذيذ.
وبحسب عمي عبد الكريم، أو"كريمو" كما يناديه زبائنه، فإن سر هذه الأكلة يكمن في أنها خرجت من المطابخ المحلية، أين كانت النساء قديما يخبزنها ثم يرسلنها للمخابز لطهيها، ويضيف بأنه توجد روايات أخرى تدعي أنها تسبق الوجود الاستعماري في المدينة.
وعندما سألناه عن سر لذتها، راوغ ثم علق "السر يكمن في مكوناتها البسيطة وهي عبارة عن "طماطم يجب أن تكون جيدة ومتوسطة النضوج، وفلفل حار"، فضلا عن أن كل شخص له طريقته في خبزها كما عبر، فهناك من يستخدم الدقيق الأبيض أو دقيق القمح، أما عن قوامها فيرى أن ما يميزه هو الخفة، لذلك يقبل عليها الكبار في السن خلال شهر رمضان لترافق شربة الفريك، أما الشباب فيعشقونها أيضا.
و عبر، بأن تحضيرها داخل حي شعبي يعد أيضا أساس لذتها، وقال "كثيرون نصحوني بالانتقال إلى المدينة الجديدة لكنني رفضت، لأن محلي يعيد أبناء السويقة إلى حضنها"، كما أخبرنا بأن زبونا كان في المحل قبل وصولنا بقليل، علق أن البساطة والجو الذي يصنعه المارة والزبائن وسط الشارع يضاعف لذة أكل الشارع و يجعل التجربة فريدة حقا.
وصفة بطعم الذكريات
وفي هذا السياق، قال عمي عبد الكريم، بأن زبائنه يفدون من داخل الجزائر وخارجها أيضا، وأعلمنا بأنه منذ أيام زاره رجل وزوجته من أمريكا، وقبل أسبوعين زارته امرأة جاءت من فرنسا خصيصا لتجريب "البيتزا" التي يحضرها، وبحسبه فإن السياح عندما يأتون إلى المحل يجدون جوا جديدا مغايرا عن الأجواء التي تعودوا عليها، كما أنهم يبدون إعجابهم به، وعلق "هي ميزة تحوز عليها قسنطينة فقط".
أثناء تواجدنا هناك، كان شيخ يجلس وسط الشارع فوق كرسي خشبي ينفرد بتناول قطعة "بيتزا" وهو يجول بعينيه في المكان، كان ينظر إلى الجدران الهشة تارة، ويراقب تارة أخرى الحركة في الشارع الذي امتلأ بالمارة، وقد وقف عدد منهم ينتظرون نصيبهم من " البيتزا"، و جلس آخرون قبالة محل لبيع الفحم في انتظار أن يتراجع الطابور قليلا.
بدا الشيخ كمن يسافر بذكرياته إلى زمن مر لكنه مايزال يحن إليه، ثم جاءت امرأة طلبت قطعة تناولتها واقفة أمام المحل، وقبل أن تغادر طلبت ثلاث قطع أخرى لتأخذها معها، أخبرتنا بأنها عاشقة لمذاقها المميز، وكثيرا ما تتردد على المحل لتناولها على الغذاء.
وفيما وقف شباب ورجال ينتظرون أن تجهز الصينية التي أدخلها عمي عبد الكريم إلى الفرن، اقتربنا من السيد أحمد، رجل خمسيني أخبرنا بأنه يعمل في الصحراء، ويقطن في المدينة الجديدة، قال لنا إن طفولته مرتبطة بـ"بيتزا فوقاص" التي كان يشتريها من "سيدي بوعنابة بـ "4 سنتيم"، مضيفا، بأن لذتها تكمن في بساطتها و ستفقد إن أضيف إليها شيئ "كالمايوناز" مثلا ، وأردف بأنه يأكل أمام المحل ويأخذ معه إلى المنزل أيضا.
العم صالح بدوره مدح "بيتزا فوقاص" وعبر قائلا "أحبها لأنها نظيفة" وعلق مازحا "تنحي الدوخة من الراس"، وبحسب الزبون، فإن "بيتزا فوقاص" يأكلها الغني والفقير إذ يبلغ سعر القطعة 40 دج فقط، وأتبع أنا مقيم في المدينة الجديدة لكني أتنقل يوميا إلى "السويقة" وهذه القطعة هي فطوري الصباحي، وبحسبه، فإنه يفضل الأكل في الشارع على المطاعم وعلق قائلا "هذه تع أجدادنا فيها البركة".
محل يجمع عشاق الحمص منذ 79 سنة
تجذب رائحة محلات "الحمص" أو كما يحلو لعشاقه تسميته "حمص دوبل زيت"، المتجولون في أزقة المدينة القديمة، وهو تقليد ارتبط بسيرتا شتاء، ثم انتقلت عدواه إلى فصل الصيف أيضا، فرغم درجة الحرارة المرتفعة إلا أن عشاقه لا يستطيعون مفارقة لذته.
وصلنا إلى محل الحاج علي، المتواجد داخل رحبة الجمال زوالا، وجدناه خاويا إلا من قدر كبيرة في جوفها قطرات من مرق الحمص، وقطع قليلة من البصل فوق الرف، أكد لنا صاحب المحل بأن زبائنه يأتون في الصباح الباكر لتناول الحمص على الفطور.
يقول الحاج علي، إن صناعة الحمص هي حرفة قديمة في قسنطينة، وأن المحل الذي يتواجد به يستقبل محبي الأكلة منذ سنة 1945، وهو نفسه بدأ العمل هناك منذ أن كان شابا ذا 24 سنة، وأعقب بأن الفضل يعود إلى المرحوم عبد العزيز بوكعباش الذي علمه طريقة طبخها.
أما عن سر لذة الحمص، فأخبرنا بأنه يكمن في طهيه فوق الفحم، بعد تحضيره على مهل ليلا، وأتبع بأن "حمص قسنطينة" مختلف عن كل الولايات الأخرى فالوصفة تعتمد على مقادير معينة لا يجب الإخلال بها حتى لا تخرب نكهتها، وعلق قائلا "حمص الشتاء يختلف عن الصيف، وحمص الفحم مختلف عن الذي يُطهى على الغاز".
عادات تناول الطبق تغيرت بحسب صاحب المحل، فقد أصبح زبائنه يحجزون مقاعدهم في المحلات طوال السنة صيفا وشتاء، وعقب الحاج علي "أحيانا من كثرة أعدادهم يُغلق الشارع بسبب ضيقه".
أخبرنا أيضا، بأن سياح كثرا زاروه في محله البسيط، منهم ألمانية متزوجة من جزائري أحضرها زوجها مؤخرا لتذوق الطبق وقد أبدت إعجابها به، مضيفا بأن سائحة أمريكية وثقت "فيديو" للمحل أثناء تواجدها بقسنطينة، كما يطلبون أكلته من فرنسا أيضا، فضلا عن زوار قسنطينة من ولايات جزائرية ممن انتقلت إليهم عدوى الـ "حمص دوبل زيت".
ويقول الحاج علي بأنه يملك منحة التقاعد لكنه لا يريد التخلي عن مهنته التي سحرته حلاوتها قبل ذوقها، وأصبحت تقاسمه مرحلة من عمره.
"بوراك" عمي عزيز يصنع الحدث على "السوشل ميديا"
عند الخروج من محل الحاج علي، نحو الأسفل بقليل ترى طابورا أمام محل لبيع "البوراك"، فيما يجلس زبائن فوق طاولة صغيرة عند المدخل، وقد جاؤوا جميعا لتناول وجبة الغذاء عند عمي عبد العزيز، الذي يبادلهم الأحاديث أثناء القلي، يرحب بهم ويسأل عن حالهم، ولذلك جذبنا تفاعله مع زبائنه قبل رائحة "البوراك" المنبعثة من محله الصغير.
كشف لنا الطاهي الشهير عن سر هذه العلاقة، قائلا إن هناك زبائن يأتون من أجل تناول البوراك، وآخرون يجذبهم الاحترام و المعاملة الطيبة، أما الشباب فيأتون من أجل تبادل الأحاديث معه وصنع البهجة في الحي.
وأردف، بأنه يهتم كثيرا بزبائنه فلا يخفي عنهم شيئا، فالطاولة التي يحضر فوقها "البوراك" تقابل الواجهة الزجاجية للمحل، حيث يقف الزبائن بانتظار تحضير طلبياتهم التي يتناولونها أمامه، أو يأخذونها معهم.
ويحضر صاحب المحل "البوراك" وفقا للطريقة التقليدية، فيصنع الحشو من البطاطا المغلية والمهروسة، مع البصل والبقدونس وقطع الزيتون يضيف إليها اللحم المفروم، ثم يشكلها في شكل "سيقار" وهو الأكثر طلبا من، "البوراك سبيسيال" الذي يأتي مربع الشكل تتوسطه بيضة، علما أنه يحضر الخطفة أو الديول في البيت.
أكد، بأن محله يستقطب سياحا أجانب من مختلف دول العالم، على غرار فرنسا، إيطاليا، إنجلترا، كندا، وأمريكا، فضلا عن مشاهير "السوشل ميديا"، فقد زاره كل من خبيب وجو حطاب خلال تواجدهما في قسنطينة وجربا "البوراك" الذي أعجبهما كثيرا.
وأثناء تواجدنا بالمحل كان شاب في العشرينات، ينتظر طلبيته وما إن رآنا حتى هتف قائلا "عمي عزيز العالمية" كناية عن الشهرة، ثم أخبرنا بأن "البوراك" الذي يصنعه الرجل مميز جدا، بل و أفضل من الذي تصنعه والدته في المنزل، وأعقب بأنها أيضا تفضله عما تحضره بنفسها.
كان هناك في المحل أيضا، صديقان آخران يتجاذبان الحديث هناك بينما يتناولان وجبتيهما، ويتحدثان مع عمي عزيز ويمدحان "البوراك" خاصته.
"الباناشي" خليط متعدد النكهات
في آخر زقاق في مخرج رحبة الجمال، يتواجد مطعم لتحضير طبق "الباناشي"، أكد لنا صاحبه الذي يدعى باسم، ويبلغ من العمر 42 سنة، بأن هذه الأكلة الشعبية تشكلت في المحل الذي يتوارثوه أفراد عائلته جيلا بعد جيل إخوة وأبناء عمومة.
وسرد علينا محدثنا قصة هذا الطبق، الذي كان قديما يحضر بمخ الغنم يكسرون فوقه البيض، ويضيفون إليه البهارات والطماطم، ليقدم على شكل "شكشوكة" مع البطاطا المقلية، وعندما زاد سعر المخ، أصبح لا يلاءم القدرة الشرائية للزبون البسيط، ليخرج طبق "باناشي" آخر يشبهه في الشكل ويختلف عنه في المذاق، وهو طبق تستهوي غرابة شكله الزبائن ويتكون من الفاصوليا والبيض، والبطاطا المقلية، أما الذوق فلا يكتمل إلا عند تناول الطبق داخل المحل بحسب ما عبر باسم، الذي قال بأن هذه المهنة هي فن قبل كل شيء، ورغم إلحاح زبائنهم عليه للانتقال إلى المدينة الجديدة إلا أن العائلة ترفض الفكرة، وعلق "هدفنا الحفاظ على الحياة والحركة في هذا الحي العتيق".
وقال صاحب المطعم، بأن السياح الذين يزورونه يستغربون أول مرة من شكل الطبق، ويسألونه "كيف يُؤكل؟"، ثم يعلقون لاحقا "لا نعرف ماذا نأكل لكنه شيء لذيذ".
قابلنا داخل المطعم الذي كان مكتظا موظفين يتناولان وجبة الغذاء، قال زكرياء بأنه يزور المطعم مرة في الأسبوع لأكل "الباناشي"، الذي وصفه بأنه يجمع كل الأذواق، وأضاف صديقه نصر الدين، بأن هذه الأكلة الشعبية أصبحت تُصنف من عادات وتقاليد ولاية قسنطينة، فأي شخص يأتي لرحبة الجمال ولا يتذوقها يكون قد فوت على نفسه تجربة فريدة من نوعها، وأردف "رغم بساطة الطبق إلا أنه لذيذ جدا، أضف إلى ذلك الجو داخل المحل والعلاقة التي تتشكل بين الزبائن".
"حفل شواء" وسط "السويقة"
بين بنايات "القصبة" العتيقة، يجذبك دخان كثيف ورائحة لذيذة ينبعثان من مشواة فحم موضوعة وسط الشارع، تقابلها طاولة عليها خبز و أوان من القصدير، في الأولى "هريسة" وفي الثانية صلصة خردل، وفي الثالثة الكبيرة نسبيا يوجد خليط من البقدونس و البصل و الطماطم، و إلى جانبها وضعت قارورات زيت، و علبة ملح.
وفي أسفل الشارع تصطف كراس بدون طاولات يجلس عليها أطفال ورجال وحتى نساء، ينتظرون أن تجهز طلبياتهم، يعيد إليك المنظر صورة أفراح الأحياء الشعبية البسيطة و البهيجة.
قال حسن، صاحب المطعم المتواجد في الهواء الطلق، إن السبب الذي يجعل كل هؤلاء الزبائن ينتظرون بدون ملل، هو طعم الشواء الطري والمدخن، وقد حمل نصف خبزة ليرينا كيف يحضر "الساندويتش" الذي يثير الشهية، موضحا أنه يدهنه بالهريسة أولا، ثم يضع فوقها خليط البصل والطماطم والبقدونس، ويرشهما بالزيت ليأتي بعدها بالشواء مباشرة من الشواية ويضعه فوق الخليط مع رشة ملح.
أخبرنا، بأنه وأشقاؤه يتواجدون في الحي منذ قرابة 08 سنوات، وقد اعتادوا على تقديم الوجبة لزبائنهم في الشارع وهو ما يصنع شهرتهم، مضيفا، بأنهم يحسنون بشكل مستمر من جودة وصفاتهم لزيادة الاسقطاب، فحتى السياح الذين زاروهم من بريطانيا وفرنسا وهولندا فضلا عن تونس عبروا عن إعجابهم " بالساندويتش" اللذيذ كما قال، وبطريقة تحضيره وتقديمه في الشارع، و بالجو والتفاعل بين الزبائن وسكان الحي وصوت الباعة الذي يصنع فارقا، وهو ما وصفه لنا العم عبد الله، الذي وجدناه ينتظر أمام الطاولة، قائلا بأن الشواء عند حسان، له طعم خاص ممزوج برائحة الحي العتيق.
"المحجوبة" أكلة الغني والفقير
كانت نهاية جولتنا من سوق العصر، حيث وجدنا العم نذير صاحب محل لتحضير وجبات سريعة "كالمحجوبة"، التي قضى في تحضيرها 30 سنة بعد عودته من بريطانيا، أين اشتغل طابخا في أحد المطاعم.
قال لنا، إن سر هذه الأكلة الشعبية، التي هي عبارة عن رغيف من الدقيق والماء مع حشو من البصل والطماطم، يكمن في تمازج المكونات البسيطة فضلا عن المذاق الحار.
وأردف، بأن "المحجوبة القسنطينية" هي الأفضل فالكل يتهافت عليها حتى من خارج الجزائر، حيث كشف لنا بأن سياحا من بريطانيا، وتشيك لشدة إعجابهم بذوقها طلبوا منه الوصفة حتى ليحضروها عند العودة إلى بلدانهم.
وفي حديثنا معه عن تجربته مع الأطباق البريطانية، قال لنا عمي نذير، إن هناك فرقا بين الأكل الشعبي الجزائري والبريطاني، فأكلهم ينحصر في السمك والبطاطا المقلية فحسب، بينما في الجزائر توجد نكهات عديدة وأطباق متنوعة.
مضيفا بأن أكل الشارع الجزائري جزء من الثقافة المحلية، فالأجنبي عند زيارته للبلد يقترب من الطبقة الهشة والتي تشكل الأغلبية ليتعرف على أسلوب عيشها وتفكيرها، فضلا عن أنه يستمتع بزيارة الأحياء الشعبية ويعيش جوها الذي لا يجده في المطاعم، وبالتالي تترسخ لديه صورة عن البلد وشعبه لأنه يكون في احتكاك مباشر مع الناس البسطاء.
موسوعات طبخ عالمية تنصف أكل الشارع الجزائري
وإلى جانب شهرة المطبخ الجزائري بأطباقه التقليدية وعاداته، دخل الأكل الشعبي الجزائري المنافسة أيضا، وبحسب آخر تصنيفات موقع "تاست أطلس" المتخصص في متابعة أخبار الأكلات عبر العالم، فإن "المحجوبة" تأتي في المرتبة 44 من أصل 100 نوع من أفضل أنواع الخبز المسطح في العالم.
بينما صنف موقع "وورلد أوف ستاتيستك" أكلة "الكارنتيكا" ضمن أفضل الوجبات الشعبية في العالم، ووفقا لذات الموقع احتلت "الكارنتيكا" المرتبة 20 عالميا، والأولى عربيا وإفريقيا في قائمة ألذ الوجبات الشعبية.
كما نُظم مؤخرا في الجزائر العاصمة، مهرجان لمأكولات الشوارع، والذي يعد من أكبر المهرجانات العالمية ذات الشهرة، حيث يجتمع طهاة هواة ومحترفون من أجل إبراز قدراتهم ومؤهلاتهم في المجال، كما يمثلون مختلف الثقافات وطنيا ودوليا.
صناع محتوى سياحي يروجون لأكل الشوارع
تقول أصالة خديم صانعة محتوى سياحي، إن أكل الشوارع يُصنف ضمن الأكل الشعبي، فيستحيل بحسبها، أن يتكلم الشخص عن بلد معين دون أن يذكر الأكلات التي يشتهر بها، أما في الجزائر فأفادت بأن الأطباق المشهورة مرتبطة بمرويات تاريخية لهذا فهي جزء من الثقافة المحلية.
وترى أصالة، بأن الأكل أصبح واحدا من أساسيات التعريف بالسياحة في بلد ما، وعلقت " كصانعة محتوى سياحي أول ما أقوم به عند زيارة لبلد معين أو ولاية، هو تجريب أكل الشوارع لأن لذته ترتبط بالمكان في حد ذاته".
كما أرجعت الإقبال عليه إلى أنه يلبي رغبة الجميع خصوصا من ناحية الثمن، فضلا عن أن الترويج له جعل الأغلبية تتقبل فكرة تجريب هذه الأكلات.
أما عن التطرق إليه في "فيديوهات" صناع المحتوى أخبرتنا الشابة، بأنهم يحاولون التعريف والترويج لهذه الثقافة من خلال سرد قصص عن الأكلات، أو مشاركة المتابعين طريقة تحضيرها، أو من خلال زيارة المحلات رفقة سياح أجانب لتجريب هذه الأطباق ثم توثيق انطباعاتهم حولها في "فيديوهات" يشاركونها على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي أو قنواتهم على "يوتيوب".
وعن تجربتها تقول أصالة، بأنها جربت كل الأطباق الشعبية تقريبا، كما أفادت بأنها مستقبلا تنوي تصوير "فيديو" تجمع فيه كل أكل الشارع الذي تشتهر به الجزائر، أما عن أفضل أكلة بالنسبة لها، فقد ذكرت "بيتزا كاري" في العاصمة وبالتحديد القبة، و "البطاطا المقلية الممزوجة بالبيض" في وهران "ميارمار"، وأتبعت محدثتنا بأن قسنطينة تعد من بين أفضل خمس مدن جزائرية، جربت أكل الشوارع فيها، وأرجعت ذلك إلى الجو الذي تصنعه محلات الأكل العتيقة ما جعلها تتعرف على عادات سكان المدينة وكيف يقضون يومياتهم.
من جانبه، قال قاسي صاحب صفحة سياحية، بأن أكل الشوارع اشتهر عن طريق أناس فقراء لم يتسن لهم الحظ لإنشاء مطاعمهم، رغم ذلك رفضوا أن يدفنوا موهبتهم ولمستهم الخاصة في الطبخ، وأردف محدثنا بأن كل دولة في العالم تتميز بنوع خاص بها ساهم صناع المحتوى السياحي في التعريف به.
ومن بين الأكلات الشعبية التي تذوقها وأعجبته ذكر قاسي سمكة التونة مشوية، الكرانتيكا، بيتزا كاري، المحاجب، والزورسا.
إ.ك