* توظيف 14 ألف شخص من ولايات الجنوب في 10 سنوات
أكد الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك، رشيد حشيشي، أن المجمع تمكن خلال السنة الجارية من التصدير لعدة أسواق جديدة بأوروبا و أمريكا و آسيا.وأوضح السيد حشيشي، لدى نزوله ضيفا على برنامج «لقاء التلفزيون»، بثه التلفزيون الجزائري سهرة الأربعاء الماضي، أن «2024 تميزت باقتحام سوناطراك لعدة أسواق جديدة من خلال تصدير الغاز إلى ألمانيا و جمهورية التشيك و كرواتيا والنفط إلى الساحل الغربي بأمريكا ودول أخرى على غرار الهند و البرازيل».
وتابع بأن سوناطراك أمضت خلال السنة الجارية 16 عقدا دوليا لتصدير النفط الجزائري، مشيرا إلى أن «الطلب على النفط و الغاز الجزائريين كبير في الأسواق الدولية رغم الظرف الجيو-سياسي الدولي الخاص’’.
توقيع 16 عقدا دوليا لتصدير النفط الجزائري هذا العام
من جهة أخرى، وبالنسبة لنشاط المجمع في النيجر، أكد أنه يرتكز على برنامج للشراكة لحفر أربعة آبار نفطية بهذا البلد وتطويرها في حال كانت النتائج إيجابية، مشيرا إلى أن الشراكة الافريقية تتمحور حول ‹التكوين و تدريب القدرات البشرية بالاستناد على الخبرة التي تتمتع بها سوناطراك، في إطار شراكات رابح-رابح››.
وتطرق السيد حشيشي بالمناسبة إلى تفاصيل الاستراتيجية قصيرة و طويلة المدى التي وضعها المجمع الذي يسعى لتنويع نشاطاته وتطوير مشاريع الانتاج المحلي للتجهيزات المستخدمة في مجال المحروقات على غرار رؤوس الآبار بدل استيرادها، مؤكدا وجود «اهتمام كبير من الشركات الكبرى الطاقوية للاستثمار في الجزائر في ظل جاذبية المجال المنجمي الجزائري».
وأضاف أن المجمع يشجع الشراكات الدولية لتقاسم المخاطر لا سيما في نشاط المنبع (الاستكشاف) الذي يتطلب استثمارات كبرى و ثقيلة.
وعن سؤال بخصوص المشاريع الجاري تجسيدها في مجال تطوير الانتاج و تكرير النفط و إنتاج المواد البترولية عبر الوطن، أوضح الرئيس المدير العام أنها تهدف لإنتاج الوقود و الاسفلت و مشتقات البترول الأخرى.
وأكد في ذات المنحى أن مشروع مصفاة حاسي مسعود الذي «عرف تأخرا» سيتم بعثه ‘’في الأيام المقبلة’’ بعد الاتفاق مع الشركة المنجزة، مشيرا إلى أن هذه «المنشأة الاستراتيجية ستمكن من معالجة 5 مليون طن من الخام سنويا».
وتملك الجزائر حاليا ست مصافي تنتج جميعها نحو 10 ملايين طن في السنة، حسب السيد حشيشي الذي أفاد أن الاستهلاك الوطني يقدر هو الآخر بحوالي 10 ملايين طن/السنة.
كما سيعطي مشروع وحدة ‘’ألكيل البنزين الخطي LAB» بسكيكدة (100 الف طن/السنة) دفعا للصناعة الجزائرية كون هذه المادة تدخل في إنتاج المنظفات، ومشروع mtbe، الذي يخصص لإنتاج البنزين بدون رصاص و الذي سيدخل حيز النشاط العام المقبل، وفق المسؤول ذاته.
الطلب على النفط و الغاز الجزائريين كبير في الأسواق الدولية
أما وحدة البوليبروبيلان بأرزيو فستدخل حيز الخدمة سنة 2027، يضيف الرئيس المدير العام لسوناطراك، منوها بأهمية «مشروع الشراكة بين سوناطراك و شريك تركي، بمساهمة جزائرية قدرها 34 بالمائة، لإنتاج البوليبروبيلان بتركيا والذي سيتم الشروع في انجازه في الأشهر القليلة المقبلة».
ولدى تطرقه إلى مشروع تعزيز حقل الغاز بحاسي الرمل ‘’بوستينغ’’، أبرز الأهمية الاستراتيجية لهذا الحقل الغازي الذي ينتج 55 بالمائة من الغاز الطبيعي الوطني، على أن «يدخل المشروع حيز الخدمة نهاية 2026 أو بداية 2027».
ووفق توضيحات السيد حشيشي، سيمكن مشروع البوستينغ من «الاستمرار في مواصلة إنتاج 188 مليون متر مكعب يوميا على مستوى هذا الحقل الهام».
وعن سؤال حول برنامج محطات تحلية مياه البحر الخمسة الجاري انجازها في الوقت الحالي تحت إشراف سوناطراك، أبرز السيد حشيشي أن هذه المنشآت تعرف نسبة تقدم تقدر بنحو 70 بالمائة وأن تسليمها «سيكون في الآجال المحددة أي بنهاية العام الجاري أو مطلع سنة 2025».
ولدى تطرقه إلى التوظيف بسوناطراك، أكد المسؤول أن المجمع يوظف كل سنة في مختلف المهن والنشاطات، مبرزا أن «التوظيف يكون حسب الاحتياجات و يمر عبر الوكالة الوطنية للتشغيل و بكل شفافية وأنه تم خلال العشر سنوات الأخيرة مثلا توظيف 14 ألف شخص من ولايات الجنوب على أن يكون هناك فرص توظيف جديدة مستقبلا عبر كافة ولايات الوطن».
14 اكتشافا منذ مطلع السنة و إلى نهاية جويلية
وقال السيد حشيشي أن «الاكتشافات التي سجلتها سوناطراك إلى غاية نهاية الشهر الفارط قدرت ب 14 اكتشافا وأن هذا الرقم مرشح للارتفاع طبعا بنهاية هذه السنة مع استمرار أشغال الاستكشاف دون توقف».
ومن شأن هذه الاكتشافات المسجلة -يتابع المسؤول- «تجديد المخزون الوطني من المحروقات بشكل دائم وهدفنا هو أن كل الكميات المستهلكة يجب أن تجدد وهذا ضمن استراتيجية المجمع».
وأضاف في ذات المنحى أن مسعى سوناطراك هو تعزيز قدرات الانتاج الأولي للمحروقات بالموازاة مع تحفيز مختلف سلاسل القيم على غرار نشاطات البتروكيمياء و النقل والتسويق لتلبية حاجيات السوق الوطني و التصدير نحو الأسواق الدولية في إطار تنويع الشركاء.
وأبرز في السياق ذاته أن الاستقرار الكبير الذي تعرفه الجزائر و الحركية الاقتصادية التي تشهدها هما عاملان يساهمان في الوقت الحالي في استقطاب اهتمام الشركاء الأجانب، لافتا إلى أن المجال المنجمي الجزائري جذاب.
وذكر السيد حشيشي في هذا الاطار ب»الاتفاقيات الحصرية» التي وقعتها سوناطراك في الآونة الأخيرة مع عدد من كبرى الشركات الطاقوية العالمية على غرار «ايكسون موبيل» و «شيفرون» (الولايات المتحدة) و «سينوباك» (الصين) و»إيني» الايطالية.
وتابع بالقول: «لدينا اتصالات كبيرة مع شركات طاقوية هامة والجميع يريد أن يعمل بالجزائر و هذا بسبب جاذبية الاقتصاد الجزائري و استقراره».
محادثات لمد خط بحري لتصدير الكهرباء لإسبانيا
من جهة أخرى، كشف السيد حشيشي أن مجمع سوناطراك يجري اتصالات مع شركاء اسبان لتجسيد مشروع خط بحري لتصدير الكهرباء نحو اسبانيا، مؤكدا أن هذه المنشأة الطاقوية ستضاف إلى المشروع المماثل الذي سيربط الجزائر بإيطاليا والذي وقعت بشأنه كل من سونلغاز وسوناطراك على بروتوكول تفاهم مع «إيني» الإيطالية.
وقال بهذا الخصوص أن «سوناطراك دخلت مؤخرا في اتصالات مع متعاملين إسبان لتجسيد مشروع مد خط بحري لتصدير الكهرباء من الجزائر نحو إسبانيا. سوناطراك متفتحة لدراسة المشروع و سنجري اجتماعا مع الطرف الاسباني لدراسة امكانية تجسيده».
وفي إشارته إلى أن الجزائر «تسجل فائضا في انتاج الكهرباء خلال عشرة أشهر من السنة وبالتالي يمكنها تصديره بسهولة»، أكد الرئيس المدير العام لسوناطراك أن هذا الفائض يمكن أن يصل إلى 10 جيغاواط مع العلم أن الانتاج الوطني من الكهرباء يقدر بنحو 25 جيغاواط.ومن المرتقب أن يتم إطلاق دراسة جدوى بين كل من سوناطراك وسونلغاز مع إيني الايطالية لمشروع الكابل البحري بين الجزائر و أوروبا مرورا بايطاليا، حسب السيد حشيشي الذي أفاد بأن الشركاء يسعون ل’’تجسيد المشروع ليدخل حيز الاستغلال في أقرب وقت». والأمر يتعلق -كما قال- بإنجاز «عدة خطوط في إطار ذات المنشأة الطاقوية وليس خطا واحدا» مبرزا في السياق ذاته أن الجزائر ستكون «بطارية أوروبا ولدينا كل ما يجب لتطوير الطاقات المتجددة من موارد طبيعية و مناخية وقدرات بشرية و كفاءات لتصدير الكهرباء الخضراء مستقبلا».
ولدى تطرقه الى آفاق تطوير الهيدروجين الأخضر، أفاد أنه تم مؤخرا، خلال محادثات مع شركات ألمانية ونمساوية و إيطالية، دعوة هذه الأخيرة الى الاستثمار مع سوناطراك، بالموازاة مع دراسة الممر المخصص لتصدير الهيدروجين الأخضر الذي سينتج في الجزائر إلى أوروبا عبر تونس و إيطاليا.
وسيتم خلال سبتمبر الداخل -حسب توضيحات السيد حشيشي- التوقيع على مذكرة تفاهم لإطلاق دراسة جدوى بشكل مشترك لمشروع الممر الجنوبي لتصدير الهيدروجين الأخضر الجزائر-أوروبا بين سوناطراك و مؤسسات إيطالية و نمساوية وألمانية.
خبراء ينوهون بالتجربة الرائدة للمجمع
تعزيز ثقل ومكانة الجزائر و تكريس التنمية المستدامة
أبرز خبراء في الاقتصاد، أمس، التجربة الرائدة لسوناطراك والتي تعمل اليوم على تنويع أسواقها وتعزيز قدرات الجزائر في مجال الإمداد بالطاقة واعتبروا أن هذا التوجه الاستراتيجي من خلال الاستثمار، سيعزز من مكانة وقوة وحضور الدولة وحاجة المجتمع الدولي لها وأوضحوا أن التعاون المتزايد مع البلدان الإفريقية المنتجة للطاقة، يعزز من ثقل ومكانة الجزائر في المجال الطاقوي.
وأكد أستاذ الاقتصاد والخبير في المالية العامة أحمد شريفي، في تصريح للنصر، أمس، أن سوناطراك شركة رائدة على الساحة الدولية ولها علاقات وشراكات متعددة وهي تعمل الآن على تنويع أسواقها وبخاصة القريبة، على غرار ليبيا وأيضا مع إفريقيا ومنها النيجر ونيجيريا، لافتا إلى أن ذلك يأتي من أجل تعزيز قدرات الجزائر في مجال الإمداد بالطاقة ، سواء للاستهلاك الداخلي أو التصدير.
واعتبر المتدخل، في هذا الإطار أن هذا التوجه استراتيجي، مضيفا أن الشركات التي لا تنمو ولا تتوسع ولا تتمدد، مآلها التعثر والتراجع، مؤكدا أن شركة سوناطراك، تتوسع باستمرار وأنها تشغل نشاط كبير داخليا من خلال الشراكة مع شركات عملاقة في مجال الطاقة، بالإضافة إلى البحث عن الاستثمار في الأسواق الخارجية ومنها الأسواق الإفريقية والمهمة جدا بالنسبة للجزائر ولإفريقيا.
وأشار في هذا الصدد، إلى أن مشاريع الاستثمار والتنمية الموفرة لفرص العمل والمعظمة للثروة، تمكن من التغلب على التحديات التي تعيشها المنطقة وتحقيق الاستقرار في دول القارة.
وأضاف أستاذ الاقتصاد والخبير في المالية العامة أحمد شريفي، أن الاستثمار، سيعزز من مكانة وقوة وحضور الدولة وحاجة المجتمع الدولي لها، من خلال ما تقدمه لهذا المجتمع على مستوى الطاقة أو على مستويات أخرى.
وأكد أن الجزائر لها ميزة نسبية في مجال الطاقة و تعمل على تعزيز مكانتها، حيث تساهم هذه الاستثمارات الوطنية والخارجية في تعزيز علاقتها وتعميق ثقة الأطراف بقدرة الجزائر على أن تساهم في تلبية احتياجاتها.
كما أوضح المتدخل، أن الجزائر أصبحت ملاذا ومن الخيارات التي تراهن عليها الدول وخاصة الأوروبية والتي بحاجة إلى الطاقة نتيجة ما يعرفه هذا السوق من اضطرابات ونزاعات، خاصة في شرق أوروبا، مما جعل العالم يتوجه نحو الجزائر التي لديها إمكانيات طاقوية و منجمية كبيرة جدا، لافتا إلى أن حاجة هذه الدول إلى الطاقة، دفعها إلى إبرام اتفاقيات شراكة مع الجزائر وهذا أمر إيجابي بالنسبة للجزائر وله أهمية كبرى.
وأشار إلى أن مجال الاستثمار، أصبح مبنيا على أساس الشراكة، حيث أن الشركات تقوم باستثماراتها من خلال الاندماج أو الشراكة مع شركات أخرى، سواء في قطاع الزراعة والميكانيك والتكنولوجيا وغيرها ولذلك فإن الجزائر تتعاون مع مختلف الشركات العالمية في مجال الاستثمار الطاقوي، لأنه مدخل مهم في النشاط الاقتصادي.
و أضاف المتحدث، أن الجزائر بلد طاقوي، وموقعها الجيوستراتيجي يجعلها بلدا موثوقا، كما أنها بلد لها الخبرة في مجال الاستثمار الطاقوي وتعزز وتأكد ذلك خلال الأزمة التي يعرفها العالم في شرق أوروبا وأيضا من خلال قمة الغاز التي عقدت في الجزائر والتي أبانت عن قدرات الجزائر، ما يعزز موثوقيتها في الأسواق الدولية.
ومن جانبه، نوه الخبير الطاقوي الدكتور أحمد طرطار في تصريح للنصر، أمس، بالتجربة الرائدة لسوناطراك، معتبرا أن توجه الجزائر اتجاه القارة الإفريقية، في العمق الافريقي، مبني على رؤية استراتيجية، جيوسياسية واضحة ومعلومة، سطرها السيد رئيس الجمهورية.
وأضاف أنه في سياق التحولات السياسية والجيوسياسية القائمة، هناك نظرة جديدة و انفتاح كبير للجزائر على القارة الإفريقية ومحاولة خلق شراكة مستدامة بين الجزائر و الدول الإفريقية، لافتا في هذا الإطار إلى استئناف سوناطراك لأنشطتها في النيجر والتأكيد على مواصلة العمل لتنفيذ مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء الذي يربط بين نيجيريا، النيجر والجزائر، مشيرا إلى أهمية هذا المشروع العملاق بالنسبة للبلدان الثلاثة.
واعتبر الخبير الطاقوي، أن هذا التوجه، يجسد دور الجزائر في الأخذ بيد الأشقاء الأفارقة بصفة عامة مع تكريس التنمية المستدامة في العمق الإفريقي وتبادل المنافع والتعاون المثمر بين الجزائر وهذه الدول، كما سيوسع من مجالات الاستثمار وتمكين الشركات والمستثمرين الجزائريين من التوغل في القارة .
وأضاف أن التعاون المتزايد مع البلدان الإفريقية المنتجة للطاقة، يعزز من ثقل ومكانة الجزائر في المجال الطاقوي.
مراد -ح