التقت مداخلات نواب المجلس الشعبي الوطني، أمس الثلاثاء، في اليوم الثاني لمناقشة مشروع قانون المالية 2025 عند الدعوة إلى استغلال رصد الأغلفة المالية الكافية من قبل الدولة، لتنفيذ البرامج المسطرة، وترجمة المشاريع الكبرى للرئيس، وتحقيق النمو الاقتصادي، وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين.
وسارت مناقشات نواب الغرفة السفلى للبرلمان عند التأكيد على أهمية الاعتمادات المالية التي تسخرها الدولة سنويا لتحقيق البرامج التنموية وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين، في حين أن النتائج المسجلة لا تعكس حجم الإمكانيات والوسائل التي تم رصدها.
وعاد النواب إلى ملف ارتفاع التحويلات الاجتماعية المقدرة بحوالي 43 مليار دولار مما يعادل نسبة 36 بالمائة من الميزانية العامة للدولة، ودعوا الحكومة إلى إيجاد حلول جذرية للدعم الاجتماعي ليخص الفئات الهشة دون غيرها، مع تسخير الأموال العمومية لتحقيق التنمية، وأكد نواب المجلس الشعبي الوطني على ضرورة ترشيد النفقات واعتماد الرقمنة لتفادي التحايل في الحصول على الإعانات.
وشكل العجز في الميزانية المقدر بحوالي 62 مليار دولار الانشغال الذي أثاره جل نواب البرلمان، متسائلين عن كيفية تجاوز الوضع دون اللجوء إلى التمويل غير التقليدي أي الإصدار النقدي، كما استفسروا عن سبل التخلي عن الاعتماد على مداخيل البترول في التمويل، وما هي المقترحات والحلول البديلة التي تقترحها الحكومة لتحقيق هذا المسعى، كما أكدوا أيضا على ضرورة انسجام مشروع قانون المالية الجديد مع المشاريع الكبرى لرئيس الجمهورية.
وتوجه النواب إلى وزارة التجارة بدعوتها إلى القيام بإجراءات إضافية لضبط التجارة الخارجية لحماية الاقتصاد الوطني وضمان قوت الجزائريين، من خلال محاربة بارونات الاستيراد، والعمل على منع تدخل اليد البشرية في تنظيم الاستيراد من خلال تأطير عمل وكالة «ألجكس». وحظي ملف استيراد السيارات بنصيب هام من مداخلات نواب البرلمان، وأجمع عدد من النواب على أن ملف المركبات ما يزال يراوح مكانه، كما أن مشروع قانون المالية قيد المناقشة لم يقدم حلولا استعجالية وسريعة بما يلبي تطلعات المواطنين.
ودعا ممثلو الشعب فيما يخص ملف التشغيل إلى تسوية المشاكل العالقة، من بينها قضية العمال المتعاقدين بتوقيت جزئي وعمال الشبكة الاجتماعية الذين تم دمجهم براتب يعادل منحة البطالة، وكذا المقصيين من تقاضي هذه المنحة بسبب عدم تحيين الملفات.
ورأى النائب عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي عمر مسعودي بأن العبرة ليست في ضخامة الميزانية المرصودة في إطار مشروع قانون المالية وإنما في تحريك الاقتصاد وخلق الثروة، بدل تقديم أرقام بعيدة عن الواقع المعاش، وأضاف من جهته النائب عن حركة مجتمع السم أحمد بوشامة بأن نجاح الميزانية يظهر في تحسين معيشة المواطنين، في حين أن الواقع لا يعكس حجم الأموال التي تصرف من خزينة الدولة.
واتفق تقييم عديد النواب على أن المشكل لا يكمن في رصد الأموال بل في صرفها، سيما بالولايات الجنوبية والمناطق الداخلية، ما يستدعي إطلاق برامج تنموية خاصة لتدارك النقائص والاستجابة لطموحات الشعب.
وانتقد من جهته النائب عن حركة حمس الهادي التبسي ارتفاع الميزانية المخصصة لإعادة تقييم المشاريع بما يعبر حسبه عن تقاعس الجهاز التنفيذي في إنجاز المشاريع المسطرة، في حين أثار النائب عن جبهة المستقبل بن تركي عائشة ضعف نسبة التحصيل الضريبي، إذ كشفت الخرجات الميدانية التي قام بها النواب لعدد من الولايات بأن النسبة صفر بالمائة، مما فرض ضرورة تعميم الرقمنة لإصلاح الوضع ودعم الجباية المحلية.وعادت قضية رفع منحة السفر إلى الواجهة من خلال مداخلات النواب الذين دعوا إلى مراجعتها، من بينهم النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني أحمد عمامري الذي تساءل عن سبب عدم تطرق مشروع قانون المالية الجديد للأمر رغم إثارته في عديد المناسبات، إلى جانب التأكيد على دفع ملف فتح مكاتب الصرف للقضاء على السوق الموازية، وتعميم الدفع الإلكتروني.
ورأى المتدخل بأن المشروع يرمي في جوهره إلى الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، في حين أنه لم يتضمن إجراءات تكميلية لتقليص تكاليف النقل البحري للسلع والبضائع التي تؤثر على استقرار الأسعار، كما تم التأكيد على أهمية بذل جهود إضافية لمحاربة الندرة وتوفير المواد واسعة الاستهلاك.
وشدد نواب المجلس الشعبي الوطني على دعم قطاع الصحة بالوسائل والإمكانيات اللازمة سيما من ناحية المرافق لتحسين الرعاية الصحية لفائدة المواطنين، بإدراج مشاريع جديدة سيما بالمناطق الداخلية الجنوبية، بما يضمن الحق في الصحة للجميع دون تمييز تكريسا لما ينص عليه الدستور.
وأجمع النواب على تثمين الجهود في قطاع السكن الذي يقبل على إنجاز أزيد من مليون وحدة سكنية، وطالبوا بمراجعة الإعانة المخصصة للسكن الريفي المقدرة ب 70 مليون سنتيم، واعتبروها غير كافية مقارنة بالدعم المخصص للسكن الاجتماعي الذي يكلف الدولة حوالي 400 مليون سنتيم للوحدة السكنية، كما اقترحوا مراجعة الحد الأدنى للأجور للحصول على السكن الاجتماعي المقدر حاليا بـ 24 ألف دج.
واستغل ممثلو الشعب فرصة مناقشة مشروع قانون المالية 2025 لطرح جملة من الانشغالات ذات الطابع المحلي المرتبطة بالحياة اليومية للساكنة، على غرار الاكتظاظ المسجل ببعض المؤسسات التربوية، ونقص المرافق الصحية، وكذا العراقيل التي تواجه المرضى في الحصول على العلاج بالمستشفيات بحجة عدم الانتماء إلى نفس المقاطعة الصحية.
كما تطرق النواب إلى تعثر انجاز الطرق المزدوجة التي تساهم في الحد من إرهاب الطرقات، وكذا تراجع مشاريع الري وإنجاز السدود لمواجهة أزمة الجفاف سيما بالولايات الغربية، واقترحوا تصنيف بعض الولايات مناطق جافة على غرار ولاية غليزان.
لطيفة بلحاج