تعكف المصالح الولائية على إتمام برنامج إنجاز 350 مركزا جواريا لتخزين الحبوب والبقول الجافة الذي انطلق تجسيده شهر مارس المنصرم بالتنسيق مع وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، بالموازاة مع الشروع في استلام المشاريع المنتهية على غرار المركزين الجواريين التابعين لولايتي المدية والوادي.
أفادت مصادر من الديوان الجزائري المهني للحبوب «للنصر» بأن إنجاز مراكز جوارية لتخزين الحبوب والبقول الجافة متواصل على مستوى الولايات المعروفة بإنتاج هذه المحاصيل الزراعية، بهدف تقريب المنشآت الخاصة بتخزين البقوليات والحبوب من الفلاحين، لإعفائهم من عناء نقلها عبر مسافات طويلة نحو الصوامع والمخازن التي كانت متمركزة في عدد محدد من المناطق، قبل اتخاذ قرار توسيع طاقات التخزين باستحداث فضاءات جديدة.
وأكدت ذات المصادر الشروع في استلام المشاريع التي انطلقت قبل بضعة أشهر وانتهت الأشغال بها تحت إشراف مباشر من الولاة، من بينها مركزان جواريان تابعان لولايتي الوادي والمدية، في ظل تواصل الأشغال التي تشرف عليها المصالح الولائية بمختلف مناطق الإنتاج لإتمام تجسيد هذا البرنامج الهام تنفيذا لقرارات مجلس الوزراء لأجل تكوين مخزون استراتيجي من الحبوب والبقوليات ومواجهة فترات الندرة و كذا لضمان الأمن الغذائي.
ويعد الديوان الجزائري المهني للحبوب الجهة المستغلة للمراكز الجوارية لتخزين الحبوب والبقول الجافة، غير أن عملية إنجاز هذه المرافق تخضع للمصالح الولائية التي تسهر على متابعة سير الأشغال لأجل استلام المراكز الجوارية في الآجال المحددة، ورفع قدرات التخزين إلى 9 مليون طن مقابل 3.4 مليون طن حاليا.
ويتولى من جهته الديوان المهني للحبوب مهمة جمع وتخزين وتوزيع الحبوب، لضمان تأمين حاجيات البلاد من المواد الغذائية الأساسية، إلى جانب مرافقة الفلاحين في تطوير الشعب الاستراتيجية على غرار الحبوب والبقول، كما أسندت لهذه المؤسسة حصريا مهمة استيراد هذه المواد الغذائية الأساسية لتغطية العجز، وتلبية الطلب على هذه المحاصيل الزراعية واسعة الاستهلاك.
ويقدر عدد المراكز الجوارية للتخزين التي تقرر استحداثها على مستوى الولايات المعروفة بالمحاصيل الاستراتيجية بـ 350 مركزا، تم الحرص على توزيعها بما يتناسب مع كميات الإنتاج في كل ولاية، مع رصد الأغلفة المالية الكافية لتجسيد هذا البرنامج الهام من قبل المصالح الولائية التي منحت الصلاحيات الكاملة في تنفيذ ومرافقة مشاريع الإنجاز إلى غاية استلامها من قبل الهيئات المعنية.
ويشار إلى أن المركز الجواري الواحد يكلف إنجازه حوالي 25 مليار سنتيم بطاقة تخزين قدرها 6 آلاف طن وفق ما كشف عنه سابقا وزير الفلاحة والتنمية الريفية يوسف شرفة لدى إعطائه إشارة انطلاق تشييد هذه المراكز، بالموازاة مع إطلاق برامج مماثلة لإنجاز 30 صومعة عبر الوطن تجسيدا لبرنامج رئيس الجمهورية.
ويضيف في هذا الصدد الخبير الفلاحي حسان كريم بأن تخزين البقوليات الجافة والحبوب يخضع إلى شروط ومواصفات تقنية صارمة ودقيقة للحفاظ على صلاحيتها وحمايتها من التعفن الناجم عن الرطوبة، وكذا من غزو القوارض والطيور التي تلتهم نسبة من المحاصيل المخزنة في حال عدم اتخاذ كافة التدابير الاحتياطية من طرف القائمين على هذه المرافق.
وأضاف المتدخل بأن مراكز التخزين توضع في العادة تحت مسؤولية خبراء ومهندسين زراعيين بهدف إنجاح عملية التخزين والحفاظ على نوعية الحبوب والبقوليات لاستغلالها في الموسم الموالي لأجل تغطية العجز وتموين السوق بانتظام، مشددا في هذا السياق على ضرورة التعلم من التجارب السابقة التي تم خلالها تسجيل تلف نسبة من المحاصيل المخزنة، من بينها بذور السلجم الزيتي بسبب الرطوبة.
وأيد المهندس الفلاحي والخبير في الأمن المائي قرار مضاعفة هياكل التخزين، مقترحا بدوره إنشاء مراكز جوارية على مستوى كل ولاية حتى تكون لكل منطقة من الوطن مخزونها الكافي من الحبوب والبقوليات، لإخراجه عند الحاجة سيما في موسم البرد لمواجهة كثرة الطلب على الحبوب بأنواعها وكذا البقوليات.
وربط المتدخل درجة مقاومة المحاصيل الاستراتيجية المخزنة للعوامل الطبيعية خاصة عامل الرطوبة بنوعية البذور المستخدمة من طرف الفلاحين خلال مرحلة الإنتاج، وهي من التوصيات التي يؤكد عليها الخبراء في المجال تزامنا مع انطلاق موسم الحرث والبذر، إلى جانب الإصرار على انتهاج المسار التقني، لأن استعمال البذور المقاومة للجفاف والأمراض والعوامل التي تؤدي إلى رداءة المحصول، من بين الشروط الأساسية لإنجاح عمليات التخزين لمدة قد تفوق السنة.
وأضاف السيد كريم حسان بأنه بعد التمكن من رفع التحدي لأجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب في غضون سنة 2025، وجب التركيز حاليا على تحقيق هذا الهدف بالنسبة للقمح اللين الذي يدخل في صناعة مادة الخبز، بتوسيع المساحات المزروعة في ولايات الجنوب التي يعول عليها في تطوير الزراعات الاستراتيجية، عن طريق عصرنة وسائل الإنتاج وتوفير المعدات الفلاحية وكذا المياه وغيرها من مدخلات الإنتاج.
كما اقترح الخبير الفلاحي العناية أكثر بنوعية البذور المستعملة في إنتاج البقوليات، من بينها الحمص والعدس من أجل تحسين نوعية الإنتاج، وذلك عن طريق التحكم فيما يعرف لدى المختصين بالهندسة الوراثية والبيوتكنولوجيا في إنتاج البذور محليا والتخلي عن استيرادها من الخارج. لطيفة بلحاج