* أمر بتسوية ملف العقار الفلاحي في 2025 * ضرورة إيجاد حل لمشكل غلاء اللحوم الحمراء * توسيع مساحات إنتاج الزراعات الاستراتيجية
أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أمس، أن الجزائر جعلت من الأمن الغذَائي رهانا اسْترَاتيجيا، يُتوَجّب كَسْبُه، في عالم أصْبَح فيه سلاح الغذاء أقوَى الأسلحة وأشدِّها تأثيرًا. وشدد رئيس الجمهورية عَلَى البعد الإسترَاتِيجي الذي يكتسِيه التوَجه نحو العصرنة، وتسخير التّقنيات الحديثة، للنـهوض بالفلاحة، داعيا الحكومة إلى تسوية ملف العقار الفلاحي. كما أمر الرئيس البنوك بفتح شبابيكها لمن يريد الاستثمار في التخزين والتبريد.
اعتبر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أمس، أن الأمن الغذَائي يعد رهانا اسْترَاتيجيا، يُتوَجّب كَسْبُه، وقال الرئيس تبون في كلمته، بمُناسبة الاحتفال بالذّكرى الخمسين لتأسيس الاتّحاد الوطنيّ للفلاّحين الجزائريّين، الثلاثاء، إن «الجزائر جعلت من الأمن الغذائي رهانا إستراتيجيا، يتوجب علينا كسبه، في عالم أصبح فيه سلاح الغذاء أقوى الأسلحة وأشدها تأثيرا».
وقال الرئيس تبون، إن هذه الاحتفالية تتزامن مع الذكرى السبعين لاندلاع ثورة التحرير المجيدة، وتذكر بمعاناة وتضحيات سكان الأرياف والبوادي من أجل أرض وشرف الجزائر، مشيرًا إلى دورهم البارز في حماية الأرض وكرامة الوطن. وأعرب عن تقديره الكبير لجميع العاملين في الأرض، وخصّ بالذكر الفلاحين الذين كانوا دائمًا في صدارة العمل الوطني.
وبهذا الخصوص، نوه رئيس الجمهورية، بجهود الفلاحين الذين أبدوا في الظروف الاستثنائية خلال الأزمة الصحية (جائحة كورونا) حسا وطنيا، وإدراكا عاليا لطبيعة التحدي، وأضاف رئيس الجمهورية قائلا: “الفلاحون الجزائريون عملوا بكل حرص على توفير المنتجات الزراعية في الوقت الذي كان فيه العالم يعاني شللا غير مسبوق، أدى إلى شح خطير في المواد الغذائية الأساسية، ولقد رفعوا التحدي بمساعدة من الدولة لجهودهم، ومرافقتها لإنتاج أوفر، والمستثمرين والفاعلين في القطاع، الذين يؤمنون بقدرات البلاد”.
العصرنة والتقنيات الحديثة للنهوض بالفلاحة
وجدد رئيس الجمهورية، التأكيد على البعد الاستراتيجي الذي يكتسيه التوجه نحو العصرنة، وتسخير التقنيات الحديثة، للنهوض بالفلاحة وعالم الريف، مشيرا إلى أن هذا الخيار سيسمح بتطوير إمكانيات البلاد الزراعية الهائلة، والرفع من مستويات الإنتاج، بغية التمكين التدريجي لبدائل مستدامة ومضمونة، تكفل للجزائر التخفيف من التبعية للريع البترولي.
كما جدد رئيس الجمهورية، التأكيد على ضرورة رقمنة القطاع وأهمية البيانات والإحصاءات الدقيقة، كأحد الركائز الأساسية لرسم السياسات التنموية، مشيرا إلى أنه ولتحقيق هذا الغرض أمر بإجراء الإحصاء العام للفلاحة الثالث في تاريخ القطاع، وتابع قائلا: “نحن في انتظار النتائج الأولية التي ستفضي إلى ربح الوقت والجهد لتجسيد رؤيتنا الرامية إلى ترقية القطاع الفلاحي، ورصد الإمكانيات من أجل تحقيق أقصى ما يمكن من الاستقلالية».
طي ملف العقار الفلاحي في 2025
وبخصوص ملف العقار، قال رئيس الجمهورية أن «العقار الفلاحي معضلة و إرث منذ الاستقلال»، مشددا على ضرورة معالجة الملف حيث قال: «سنعمل على طي الملف نهائيا خلال السنة القادمة 2025 «، داعيا الوزير الأول ووزير المالية وكافة أعضاء الحكومة إلى العمل مع الفلاحين لإيجاد حل لهذا الملف وإيجاد «ضوابط قانونية لتحديد ملكية الأراضي وحمايتها. مشددا على أن «الأرض لمن يخدمها».
وفي هذا الإطار، وجه، رئيس الجمهورية، بأن لا تقرر وزارة الفلاحة والتنمية الريفية في كل شيء يخص القطاع، مضيفا أنه سيتم البحث في الحلول الإدارية الكفيلة، كما أعرب عن مساندته لفيدراليات الفلاحين التي دعاها إلى اقتراح الحلول.
علاوة على ذلك، وجّه الرئيس تبون، تعليمات إلى البنوك، بفتح القروض لفائدة الفلاحين لمن يريد الاستثمار في تشييد غرف التبريد، تخزين المنتوج الفلاحي، وهذا بهدف ضمان استقرار السوق ومحاربة المضاربة.
وأكد رئيس الجمهورية، على ضرورة إيجاد حلول جذرية لغلاء اللحوم الحمراء، وقال الرئيس تبون بهذا الخصوص: “ينبغي أن نُصارح بعضنا البعض، فبدل استيراد أضاحي العيد علينا إيجاد حل لمشكل غلاء اللحوم الحمراء، واستقرار سوق المواشي”. وأضاف: “لا أتهم المربين بالمضاربة، ولكن علينا وضع الحلول بدءا من شعبة تغذية الأنعام، كما ينبغي أن نكون جميعا حُراسا لحدودنا، حماية لأمننا الغذائي”.
وكشف رئيس الجمهورية، أن قطاع الفلاحة حقق هذا العام ما قيمته 37 مليار دولار، “ما يُبشر بالخير وصواب الأسلوب الذي تنتهجه بلادنا للتحرر من التبعية للمحروقات”، وقال بأن الفلاحة تساهم بـ 15 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، بينما الصناعة لا تزال بنسبة 5 بالمائة.
الجزائر لن تستورد القمح الصلب في 2025
وفي ذات السياق، أمر رئيس الجمهورية بعدم استيراد ولا قنطار واحد من القمح الصلب، خلال 2025، وقال إنه «لا ينبغي لوزارة الفلاحة أن تقرر في كل شيء في القطاع، وسنبحث الحلول الإدارية الكفيلة»، مؤكدا «أن الجزائر في مرحلة فارقة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، لكننا في صراع مع الوقت».
واستعرض رئيس الجمهورية جملة القرارات والإجراءات التي تم اتخاذها ويتم تجسيدها في الميدان، على غرار رفع مستوى دعم بعض المواد الأساسية على غرار رفع سعر شراء الحبوب والبقول الجافة من الفلاحين، ورفع نسبة دعم الأسمدة إلى 50 بالمائة من سعرها المرجعي للتخفيف من آثار ارتفاع أسعارها في الأسواق الدولية، إضافة إلى ربط عشرات الآلاف من المستثمرات والمحيطات الفلاحية بالطاقة الكهربائية، كما أعلن رئيس الجمهورية، عن إطلاق أكبر مخطط لاسترجاع المياه المستعملة المصفاة بنسبة لا تقل عن 30 بالمائة.
وبعد أن ذكر بالتزايد السريع لعدد الجزائريين، دعا، رئيس الجمهورية إلى التهيؤ لهذا النمو الديمغرافي بالإنتاج، مشيرا إلى أن ترحيل مئات الآلاف من العائلات نحو البيوت انجرت عنه الزيادة في استهلاك الطاقة قبل أن يؤكد على أنه لا بديل عن الفلاحة لتحقيق التوازن في المداخيل. وفي هذا الإطار شدد على أن بيع المحروقات لاستيراد الغذاء سياسة خاطئة وبأنه علينا إنتاج ما نستهلك.
تحقيق الاكتفاء الذاتي في المحاصيل الاستراتيجية
وأكد رئيس الجمهورية، بأن القرارات التي تم اتخاذها تهدف إلى مرافقة ودعم الفلاحين، وإفساح المجال أمام الجيل الجديد من المهندسين الفلاحيين عن طريق المؤسسات الصغيرة والناشئة، الذين نعول عليهم لإحداث النقلة نحو عصرنة عالم الفلاحة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في المحاصيل الاستراتيجية على المدى القريب، خاصة القمح الصلب، والذرة الصفراء والشعير.
وبهذه المناسبة، أعرب رئيس الجمهورية، عن ارتياحه للوعي الواسع بهذه التحديات في أوساط القطاع ولدى مختلف النشطاء فيه، مشددا على أهمية شعبة الحبوب في استراتيجيتنا الزراعية، نظرا لمستوى استهلاكنا الكبير من هذه المادة، وعدم استقرار السوق العالمية، وجدد بهذا الصدد التوجيهات للعمل على الرفع من طاقات التخزين وتجسيد البرنامج المسطر بهذا الشأن.
وأكد الرئيس تبون على التزامه باستصلاح مساحة مليون هكتار عن طريق السقي، لا سيما في جنوبنا من هنا إلى آفاق 2027، والهدف من ذلك -كما قال رئيس الجمهورية- هو توسيع مساحات إنتاج الزراعات الاستراتيجية، مثل القمح الصلب، والذرة الصفراء والنباتات الزيتية. وقال بأن المجال مفتوح أمام المستثمرين الوطنيين والأجانب للانخراط في هذا المسعى، والاستفادة من التسهيلات لتجسيد مشاريعهم.
وأبدى الرئيس تبون ثقته في قدرة الفلاحين على الوصول في الآجال القريبة إلى النتائج المتوخاة فيما يخص الاكتفاء الذاتي، والأمن الغذائي ودعاهم بمناسبة ي الذكرى الخمسين للاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين العتيد، رفقة المربين والموالين وجميع الفاعلين إلى التجنيد أكثر في الميدان.
وقال رئيس الجمهورية «أنني على قناعة بارتباطهم بأرضنا الطاهرة المعطاءة و بوعيهم بالتحديات التي تنتظرنا»، مجددا دعمه للشباب الذين اقتحموا المجال قائلا: «وأشد على أيدي شبابنا الطموح الذي يتوجه إلى الاستثمار في المجال الفلاحي بمختلف فروعه، ونعول عليه بما يمتلك من العنفوان والكفاءة والتخصص في علوم الزراعة وتقنياتها لإحداث نهضة زراعية واسعة، تعكس قدرات وإمكانيات الجزائر التي حباها الله بمقومات البلد الواعد الصاعد».
ع سمير