أكد باحثون ومجاهدون، شاركوا أمس، في ندوة تاريخية نظمها المتحف الولائي للمجاهد بقسنطينة، بمناسبة الذكرى 67 لاستشهاد الأبطال عمر زعموش، ومصطفى عواطي، وبلقاسم منتوري ، والسعيد بن عباس، المصادفة ليوم 8 جانفي 1958، أن هؤلاء الأبطال تعرضوا لتعذيب بشع طيلة فترة سجنهم قبل تنفيذ حكم الإعدام، وأشاروا إلى أن تضحياتهم تمثل رسالة للأجيال الحالية والمستقبلية، بأن الاستقلال لا يتحقق إلا بالتضحية بالغالي والنفيس.
وأوضح الباحث وأستاذ التاريخ، هارون حمادو في مداخلته الموسومة بـ»شهداء المقصلة لولاية قسنطينة»، أن هؤلاء الأبطال الأربعة تعرضوا للتعذيب البشع طيلة فترة سجنهم قبل تنفيذ حكم الإعدام، كما أشار إلى أن ما يجمع بينهم هو انتماؤهم إلى منظمة الفدائيين «الكوماندوس»، ومشاركتهم في هجومات الشمال القسنطيني يوم 20 أوت 1955.
وأضاف، بأن القبض على المجموعة تم يوم 28 نوفمبر 1955، بعدما أصبحت محل بحث مكثف من طرف السلطات الاستعمارية، نتيجة مشاركتها المباشرة في عمليات عسكرية كانت بمثابة منعطف حاسم في مسار الثورة التحريرية.
كما قدم في مداخلته كذلك، نبذة عن الشهداء الأربعة، وقال بأن الشهيد السعيد بن عباس ولد يوم 13 جويلية 1932 ببلدية فرجيوة (أولاد كباب سابقا)، وانتقل إلى قسنطينة سنة 1945.
وخلال مسيرته النضالية، عمل خياطا وتعرف على المناضل بلقاسم منتوري، الذي أدخله في تنظيم الفدائيين تحت إشراف عمر زعموش حيث شارك في عمليات فدائية منها اغتيال الشرطي عبد الحميد معادي يوم 28 أكتوبر 1955.
وأكد المتحدث، أن البطل اعتُقل يوم 28 نوفمبر 1955، وصدر حكم الإعدام بحقه يوم 23 مارس 1957، ونُفذ الحكم عليه يوم 8 جانفي. أما الشهيد عمر زعموش ، فوُلد يوم 31 أكتوبر 1928 ببلدية الميلية، ولاية جيجل، وانتقل إلى قسنطينة مع عائلته بحثا عن لقمة العيش، أين انضم إلى حركة الانتصار للحريات الديمقراطية، ثم المنظمة الخاصة.
شارك في هجومات 20 أوت 1955 بجبل الوحش، وكان نائب مسؤول مجموعة الفداء، ليعتُقل يوم 28 نوفمبر 1955، وينفذ فيه حكم الإعدام يوم 8 جانفي 1958.
أما الشهيد الثالث مصطفى عواطي، فوُلد يوم 8 أكتوبر 1927 بحي القطن، دائرة بوشقوف، ولاية قالمة، كما التحق بالكشافة الإسلامية وحركة الانتصار للحريات الديمقراطية.
وأوضح المتحدث، أن عواطي عين مسؤولا للتنظيم بقسنطينة، وشارك في هجومات 20 أوت 1955، ليتم اعتقاله يوم 28 نوفمبر 1955 أثناء عودته من بسكرة. وحكم عليه بالإعدام يوم 24 فيفري 1956، ونفذ الحكم يوم 8 جانفي 1958. وذكر المتحدث بالمسيرة النضالية للشهيد بلقاسم منتوري المولود يوم 18 أفريل 1933 ببلدية ابن زياد، ولاية قسنطينة، وقال بأنه انضم إلى فوج الفدائيين تحت قيادة عواطي مصطفى، كما شارك في عدة عمليات منها محاولة اغتيال شرطي خاص يوم 28 سبتمبر 1955، ليعتقل هو الآخر يوم 28 نوفمبر 1955، ويحكم عليه بالإعدام يوم 23 مارس 1957، وينفد عليه الحكم يوم 8 جانفي 1958.
كما استعاد المجاهد أحمد بن مزداد، الناجي الوحيد من مقصلة الإعدام، ذكرياته المؤلمة حول الحادثة التي وصفها بـ»البشعة والمروعة»، حيث روى بأن أصدقاءه الشهداء،أُعدموا واحدا تلو الآخر أمام أعين بعضهم البعض.مؤكدا، أن السلطات الاستعمارية بدأت بتنفيذ الإعدام على عواطي مصطفى، ثم زعموش عمر، تلاه منتوري بلقاسم، وانتهت ببن عباس السعيد.
ووصف بن مزداد، الحادثة بأنها «تدمي القلوب» و»جريمة كبيرة» لم تستطع حتى الصحافة الفرنسية حينها الاعتراف بتنفيذها بهذه الطريقة، نظرا لبشاعتها وانتهاكها للأعراف الإنسانية.
و تحدث المجاهد، عن الخوف الذي عاشوه يوميا داخل الزنزانات، حيث كانوا يقضون كل ليلة يتساءلون عما إذا كان موعد إعدامهم سيحين في صباح اليوم التالي، كانت هذه الحالة النفسية القاسية كما أكد، تزيد من معاناتهم وتظهر بشاعة الاحتلال الفرنسي في التعامل مع المقاومين.
و أكد بن مزداد، أن تضحيات رفاقه الشهداء ستظل خالدة في ذاكرة الأجيال، داعيا إلى استلهام العبرة من شجاعتهم وصمودهم، والتأكيد على أن الاستقلال لم يكن ليتحقق دون تضحيات عظيمة ومواقف بطولية.
لينة دلول