اقترح، أمس الثلاثاء بقسنطينة، دكاترة و مختصون، وضع منظومة متوازنة غير مكلفة اقتصاديا وعادلة اجتماعيا للوصول إلى استدامة قطاع النّقل، لافتين إلى ضرورة التحكم في العرض والطلب، مع إشراك المواطن في عملية بلورتها، بالإضافة إلى تطبيق نظم المعلومات الجغرافية وإنشاء قاعدة بيانات لتسيير القطاع.
وتطرّق البروفيسور في مدرسة الدراسات العليا التجارية بالقليعة والمختص في اقتصاد النّقل وتسيير سلاسل الإمداد، فارس بوباكور، خلال الملتقى الدولي الذي احتضنه مركز البحث في تهيئة الإقليم بقسنطينة، حول «إعادة التفكير في وسائل النقل العام من أجل التنقل المستدام والشامل»، إلى وجود اتّجاه عام لاستعمال السيارة الشخصية لمختلف التنقلات، على اعتبار تطوّر المدن وتوسّعها وحسّن المستوى المعيشي، ما يزيد من رغبة الحصول على هذه الوسيلة، إذ ينعكس ذلك على زيادة الازدحام والتلوّث الذي تواجهه عديد الدول على غرار الصين.
وأضاف المتحدّث أنّ حل «الإدارة بالعرض» عبر استحداث طرق جديدة وجسور مع ارتفاع عدد السيارات لم يعد كافيا، بحكم أنّه بعد مرور سنوات يزيد عدد السيارات مرة أخرى، لذلك ينبغي، حسبه، التحكم في حجم الطلب والتقيّد بمعقولية استعمال السيارات الشخصية عبر الرفع وترقية جودة النّقل الجماعي، إذ بتوفير وسائل على غرار «الميترو»، «ترامواي»، السيارات المشتركة، الدراجات بشكل متكامل يتم تفادي استعمال السيارات بكثافة.
وأردف المتحدّث أنّه ينبغي تحديد رؤية و وضع خطة استراتيجية لما ينبغي أن يكون عليه الأمر عقب 10 أو 15 سنة، تنفّذ بالتنسيق مع مختلف الهيئات على مستوى الدولة، مع إشراك المواطن بأخذ آرائه في الحسبان، على غرار وسائل النّقل التي يفضّلها ومدى قابليته لاستحداث مسارات للدراجات الهوائية على سبيل المثال، على اعتبار أنّه الشخص المستعمل لهذه الوسائل.
وتحدّث بوباكور، عن إيجاد التوازن ضمن نظامي العرض والطلب عبر دراسة أسلوب وكيفية تنقل الأفراد، وبالتالي إيجاد منظومة غير مكلفة اقتصاديا وتلبي طلبات الأفراد في التنقل، وتحقق العدالة بين مختلف المدن والمناطق بحيث تلبي احتياجات الجانب الاجتماعي ومع إضافة الجانب البيئي والتكفّل بمختلف هذه الجوانب يتم الوصول إلى التنمية المستدامة.
من جهته يرى الدكتور بكلية الهندسة المعمارية والتعمير بجامعة قسنطينة 3، معتز بالله بوالصوف، أنّه ينبغي تطبيق نظم المعلومات الجغرافية عبر إنشاء قاعدة بيانات لتسيير وتحسين قطاع النّقل، وتوظيفها على مختلف الأصعدة، بحيث يتم بذلك توفير معلومات شاملة على شبكة النّقل، عدد سيارات الأجرة والسيارات الفردية، الحافلات ومختلف خطوط النّقل، زيادة على المساعدة في معرفة أماكن المحطات والمسافة التي ستقطعها الوسيلة وكذا الوقت اللازم لذلك، وبإضافة بعض العوامل حسب المتحدّث يمكن معرفة الضغط الذي سيسجل بالمناطق خلال أوقات الذروة وعليه اتّخاذ القرار بشأن إضافة إمكانية إضافة الحافلات أو التغاضي عن ذلك، فضلا عن محاولة تعزيز الربط بين مختلف شبكات وسائل النّقل، لتحفيز الأفراد على استعمال وسائل النّقل العامة ووضعه في أريحية.
وأضاف المتحدّث أنّه وقف على وجود العديد من الدراسات التي أجريت في هذا الإطار من قبل باحثين جزائريين تناولت محاور عديدة، وعند مقارنتها مع نظيرتها الأجنبية لاحظ أنّ الدول الأوروبية تحوز مسبقا على قاعدة بيانات، موضّحا أنّ النقل الجماعي يندرج ضمن مجال النّقل العمومي، وبالتالي لا يمكن للناشطين فيه العمل وفق عقلية التجار لكونهم في هذا الإطار يعدون في خدمة المواطن.
وتحدّث الأستاذ الباحث بمركز البحث في تهيئة الإقليم، زكريا زواق، في مداخلة له عن نظام «النمذجة المعلوماتية للبناء»، إذ أوضح أنّ فعالية وسائل النّقل تلزم وجود بنية تحتية سليمة، هذه الأخيرة ترتبط بخصائص الأرضية، ومع الأخذ في الحسبان عدم التتبع اليومي لها عند دخولها حيّز الاستعمال يتم الاستعانة بالتقنية بالأماكن التي تكون موضع شك في إصابتها بتشوهات.
واستعرض خطوات تنفيذها إذ أوضح المتحدّث أنّ هذه التقنية الحديثة توظّف في مراحل مختلفة وفي قطاعات مختلفة، و بالتالي تسمح بإشراك مختلف الفاعلين بإنجاز المشروع والتنسيق فيما بينهم بطريقة تفاعلية، بحيث يتشكّل لديهم نفس القدر من الاطلاع بخصوص معطيات المشروع مع إمكانية إضافة التعديل على المعطيات إلى غاية تحقيق التوافق، ما يوفّر الكثير من الوقت والجهد عند التطبيق وكذلك المال، كما يسمح النظام بالمقارنة بين نموذجين ثلاثيي الأبعاد للبنية التحتية في فترات مختلفة ما يسمح بالتعرف على التشوهات التي أصابتها وبالتالي الحصول على أعلى درجات من التقييم عند التدخل لمعالجة المشكلة خاصة وأنها تمنح قراءات دقيقة.
الملتقى الدولي الذي تستمر أشغاله إلى غاية اليوم، يعرف مشاركة مهنيين ودكاترة من جامعات أجنبية على غرار إيطاليا، كندا ، فرنسا، و دول إفريقية، حيث يشكّل فرصة لاستعراض التجارب والسياسات والتقنيات التكنولوجية التي طبّقت في ميدان النقل العام وتحقيق الاستدامة.
إسلام. ق