الأربعاء 19 فبراير 2025 الموافق لـ 20 شعبان 1446
Accueil Top Pub

عبر مقاربة شاملة ومبادرات وجهود متعددة: الجزائر تدفــــع إفريقيــــا نحو المستقبـــل


تبذل الجزائر جهودا سياسية ودبلوماسية كبيرة من أجل تمكين دول القارة الإفريقية من تحقيق التنمية المستدامة والحكم الراشد، وبالتالي أخذ مستقبلها بأيديها في ظل التحولات الجيوستراتيجية والسياسية الدولية المتسارعة.
وقد سعت الجزائر عبر عدة مبادرات، وآليات ولقاءات، إلى دفع دول القارة السمراء إلى العمل وفق رؤية مستقلة لتحقيق أهدافها التنموية بما يتماشى وخصوصياتها وحاجاتها وتطلعات شعوبها، بعيدا عن أي تأثير أو تدخل خارجي كما كان عليه الحال في عقود سابقة.
وتنطلق الجزائر في هذا المسار من عمق مبادئها التحررية و إرثها التاريخي، فهي «مكة الثوار» كما كان يطلق عليها في عقود سابقة بفضل ما قدمته من دعم ومساندة سياسية ومادية للكثير من الدول الإفريقية حتى تتحرر من ربقة الاستعمار الذي عمل على مدى سنوات طويلة على نهب ثروات وخيرات القارة، وساهم في تخلفها.
والواقع أن التزام الجزائر بدورها تجاه أشقائها في دول القارة ليس وليد اليوم، بل ظهر منذ الاستقلال، وتجسد في العديد من الخطوات العملية والسياسية، لكنه أخذ في السنوات الأخيرة شكل «مقاربة» متكاملة و واضحة المعالم سعت الجزائر إلى تقديمها والمساهمة في تحقيقها على أرض الميدان مع الدول الإفريقية.
فقد شكلت الجزائر رفقة نيجيريا وجنوب أفريقيا، بداية الألفية محورا مهما في إطار مبادرة الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا أو ما يعرف بـ «نيباد»، وعملت البلدان الثلاثة ضمن هذه الآلية على الدفاع عن حقوق الدول الإفريقية في التنمية المستدامة وحرية القرار السياسي والاقتصادي و رافعت في العديد من المحافل الدولية خاصة على مستوى قمم مجموعة السبع الأكثر تصنيعا في العالم لصالح الحق الإفريقي الشامل.
كما كانت الجزائر من الدول المؤسسة للاتحاد الإفريقي الذي جاء على أنقاض منظمة الوحدة الإفريقية، وساهمت بقوة في وضع ميثاقه ومبادئه وعملت دون هوادة لجعله منظمة إقليمية كاملة الأركان والصلاحيات حتى يلعب دوره السياسي والاقتصادي والاجتماعي المحوري في تحقيق تطلعات شعوب القارة.
كما تعمل الجزائر ضمن الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء بشكل وثيق من أجل أن تكون هذه الأخيرة سلما حقيقيا لتقييم خطوات التنمية المستدامة التي تعمل الدول الإفريقية على تحقيقها .
وتعمل الجزائر بالتزام كبير على تفعيل دور هذه الآلية الهامة، وفي هذا الإطار قال رئيس الجمهورية السيد، عبد المجيد تبون، أول أمس بأديس أبابا خلال ترؤسه أشغال القمة الـ34 لرؤساء دول وحكومات هذه الآلية بصفته رئيسا لها أن « الجزائر كدولة مؤسسة لهذه الآلية تلتزم بالحرص على تفعيل دورها لمواجهة مختلف التحديات لا سيما ما تعلق بترسيخ سيادة القانون ومكافحة الفساد وتعزيز العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان».
كما وقف الرئيس على أهمية هذا الاجتماع الذي ترأسه وأبرز أنه يشكل محطة أساسية لتعزيز دور الآلية كإطار فاعل لترقية الحوكمة ومواصلة العمل لإيجاد حلول مستدامة للتحديات التي تواجهها دول القارة، مشددا في نفس الوقت على أن الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء هي «أداة أساسية لتحقيق أهداف أجندة 2063.. وقد صارت آلية هامة لتعزيز ثقافة الحكم الراشد». والتزاما من الجزائر بدعم هذه الآلية أعلن رئيس الجمهورية تقديم مبلغ واحد مليون دولار أمريكي لها تطوعا حتى تؤدي دورها المأمول لخدمة دول وشعوب القارة.
وعلى مستويات أخرى وعبر آليات متعددة تعمل الجزائر على تحقيق الأمن والاستقرار في القارة الإفريقية ورفض تغيير أنظمة الحكم فيها بالقوة، كما ترفض الجزائر بشدة التدخلات الأجنبية في دول القارة، هذه التدخلات التي كانت على مر عقود من الزمن السبب الرئيس في عدم الاستقرار السياسي والتخلف الاقتصادي لدول القارة، و اليوم فإن الجزائر تأتي على رأس دول القارة التي ترفض التدخلات العسكرية الأجنبية في الدول الإفريقية مهما كان نوعها أو شكلها، وقد تصدت بقوة لمثل هذه التدخلات في الأزمات التي تعرفها بعض الدول الإفريقية على غرار ليبيا والنيجر ومالي وبوركينافاسو وغيرها.
وترافع الجزائر سواء من موقعها كعضو غير دائم في مجلس الأمن وفي هذه الفترة أو من مواقعها الأخرى وبشكل كبير على الحق التاريخي الإفريقي في مقعد دائم بمجلس الأمن كونها القارة الوحيدة التي لا تزال محرومة من هذا الحق، وهي تبذل جهودا دبلوماسية كبيرة من أجل تحقيق هذا الهدف، وتعمل ضمن مجموعة العشرة من أجل إدخال إصلاحات على مجلس الأمن الأممي في هذا الشأن. كما بادرت الجزائر أيضا في نفس السياق إلى فتح نقاش على المستوى الإفريقي لتجريم الاستعمار الذي جثم على صدر القارة لعقود طويلة وكان السبب فيما تعانيه اليوم من تخلف ونهب وعدم استقرار.
على المستوى الاقتصادي ترافع الجزائر أيضا من أجل أن تذهب خيرات إفريقيا للأفارقة، وأن تستعمل ثرواتها ومقدراتها الطبيعية لتنمية دولها و شعوبها، والخروج بها من دوائر الفقر والتخلف والحاجة، والقضاء على المديونية التي ترزح تحتها لصالح المؤسسات المالية الدولية التي تستعمل هذه الديون كأداة للضغط السياسي والاقتصادي على دول القارة.
وقد عملت الجزائر في إطار هذا المسعى على مسح ديون العديد من الدول الإفريقية، كما قدمت مساعدات مالية ومادية مختلفة لبعضها الآخر، وفي سعيها لتحقيق التكامل والاندماج الاقتصادي بين دول القارة بادرت الجزائر بمشاريع عديدة في هذا الإطار، على غرار فتح الطريق الرابط بين تندوف والزويرات الموريتانية بما له من امتدادات وانعكاسات ايجابية أخرى في المرحلة المقبلة نحو دول غرب إفريقيا، كما بادرت أيضا بفتح فروع لبنوك جزائرية في بعض الدول الإفريقية وإقامة معارض لمنتجات جزائرية فيها وتسهيل إجراءات التصدير نحوها.
ومن المشاريع الإستراتيجية الأخرى في هذا المسعى «طريق الوحدة الأفريقية» الذي يعتبر حلقة وصل بين عدة دول كون النقل شريان حيوي في المجال الاقتصادي، فضلا عن المشاريع الثنائية التي تقيمها الجزائر مع دول القارة، كما لم تفوت الجزائر أي فرصة للدفاع عن الحق الإفريقي في مجال التنمية المستدامة وتحقيق الأهداف التي حددتها الأمم المتحدة في هذا المجال.
إن المقاربة الجزائرية لدفع الدول الإفريقية نحو رسم مستقبلها بأيديها لأنها هي المستقبل كما قال رئيس الجمهورية قبل يومين، تقوم على أبعاد وركائز أساسية قوامها الاستقلال السياسي و تحقيق الحكم الراشد ورفض التدخلات الأجنبية، تحقيق التنمية المستدامة، و الحق التاريخي للقارة في الهيئات والمنظمات الأممية وبخاصة في مجلس الأمن من أجل إسماع صوتها.
إلياس -ب

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com