أسمــاء أمــاكـن أطـلـقـهـا الـمستعـمر لا تـزال إلـى اليـوم في الـوثـائـق الإداريــة
دعا أمس، باحثون وزارة الداخلية والجماعات المحلية إلى تنظيم عملية إطلاق التسميات على الأماكن والأشخاص وجعلها تساير البعدين الثقافي والحضاري للبلد، وذلك من خلال وضع هياكل موحدة لتسيير أسماء الأماكن والأشخاص. وأكد هؤلاء بأن العملية تعرف فوضى كبيرة وعدم احترام المعايير والمقاييس المعمول بها في التسمية.
وأوضح الباحثون في يوم دراسي حول أسماء الأماكن والأشخاص « إشكالية التسمية، البعدان الثقافي والحضاري» وضرورة تنظيمها، احتضنته جامعة البليدة02 بالعفرون بولاية البليدة، بأن تسمية الأماكن والأشخاص ترمز للهوية والتراث الثقافي والاجتماعي لبلد ما أو منطقة ما، غير أنه في الجزائر فإن العملية تتم بطريقة فوضوية .
وفي هذا السياق، دعا إبراهيم عطوي مدير وحدة البحث في نظم التنمية في الجزائر والخبير لدى مجموعة خبراء الأمم المتحدة في مجال تحديد أسماء الأماكن والأشخاص، إلى ضرورة وضع نظام موحد لتسيير أسماء الأماكن والأشخاص مثل ما هو معمول به في الدول المتقدمة، مشيرا إلى أن العملية في بلدنا تتم بطريقة فوضوية وغير مدروسة.
وأشار إلى أنه في الجزائر، لا يوجد أي طريق تمت تسميته منذ الاستقلال، وفي نفس الوقت العديد من الأسماء التي أطلقتها فرنسا أثناء احتلالها الجزائر لا تزال موجودة إلى يومنا هذا في الوثائق الإدارية وقدم عدة أمثلة على ذلك بالعاصمة وولايات أخرى. وأوضح نفس المتحدث بأن أسماء الأماكن والأشخاص قبل دخول الاحتلال الفرنسي لم تكن لها علاقة بالسلطة السياسية، حيث كان المواطنون هم من يقررون التسمية وفق الحاجة بعيدا عن السلطة الحاكمة. أما بعد دخول المستعمر، فأصبحت السلطة الاستعمارية تتحكم فيها وطمست كل الأسماء القديمة التي ترمز للموروث الحضاري والثقافي للبلد واستحدثت أسماء جديدة مرتبطة بالتاريخ الفرنسي والمسيحي. وكشف في هذا السياق، عن محو المستعمر 225 اسما لأماكن بالجزائر العاصمة كانت موجودة قبل 1830 ولم يبق منها أثناء الاحتلال الفرنسي سوى 12 اسما لأماكن.
من جانب آخر، انتقد نفس المتحدث العملية التي أطلقتها وزارة الداخلية في السنوات الأخيرة لتسمية الأماكن، وأوضح بأن العملية تمت بطريقة فوضوية، بحيث أن اللوحات التي تحمل أسماء الشوارع والأحياء غير مطابقة لخصوصيات المناطق الموجودة فيها، وتطرق إلى عدة تجارب في دول غربية أين كل اللوحات تحمل رمز المدينة وتكون بشكل واحد، وفي نفس الوقت أوضح بأن أسماء الشهداء التي تطلق على الأماكن يجب أن يكونوا من الشهداء الذين اشتهروا أثناء الثورة ولا ينبغي أن تكون أسماء غير معروفة. وأشار إلى وجود بعض المناطق لم تطلق عليها التسمية منذ استقلال الجزائر، كما أشار إلى وجود عدة أخطاء في كتابة هذه الأسماء باللغتين العربية والفرنسية وعدم تطابق في الكثير من العينات التي قدمها الترجمة بين العربية والفرنسية.
وفي نفس السياق، أوضحت وردية يرماش رئيسة فرع بوحدة البحث في نظم التنمية بالجزائر، بأن سجلات الأسماء بالحالة المدنية التي استحدثتها الإدارة الاستعمارية في سنة 1882 كانت تتم بطريقة فوضوية وكان هدف الإدارة الاستعمارية هو تعريف الأشخاص فقط . ولفتت إلى أن الأسماء التي وضعها المستعمر لا ترمز للهوية الجزائرية العربية الأمازيغية والكثير منها خليط بين الفرنسية والعربية. كما هناك أسماء أشخاص تمثل لغات أخرى. وتطرقت نفس المتحدثة إلى إشكالية الأخطاء في سجلات الحالة المدنية والتي لا تزال متواصلة إلى يومنا هذا وذلك لغياب نظام موحد لكتابة هذه الأسماء.
وأشارت في هذه النقطة إلى أن أغلب الأسماء تكتب بعدة طرق وقدمت عينة عن أحد الأسماء الذي كتب بـ 15 طريقة، ونفس المشكلة تطرح بالنسبة للكتابة باللغة اللاتينية للأسماء التي تتم بطرق مختلفة وغير موحدة، ودعت نفس المتحدثة وزارة الداخلية إلى اعتماد قاعدة بيانات موحدة لكتابة الأسماء توزع على مصالح الحالة المدنية عبر بلديات الوطن يعتمد عليها أعوان الحماية المدنية في كتابة أسماء الأشخاص. نورالدين-ع