الجزائر تعيد الحل السياسي إلى طاولة العرب لتسوية الأزمة السورية
أكد وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، عبد القادر مساهل، خلال الجولة الدبلوماسية التي قادته إلى سوريا ولبنان، بأن الحل السياسي والمفاوضات والإخراج الوطني هي الحلول الوحيدة والمناسبة للأزمات التي تعيشها المنطقة العربية، مشددا على ضرورة وقف التدخلات الأجنبية في شؤون الدول العربية.
جددت الجزائر، دعوتها لتسوية الأزمات التي تعيشها بعض الدول العربية عبر الحوار والمصالحة الوطنية، وهو ما عكسته التصريحات التي أدلى بها عبد القادر مساهل، في جولته الدبلوماسية التي قادته إلى دمشق وبيروت، حرص خلالها على ضرورة الدفع بتسوية سياسية للازمة السورية، بعيدا عن التدخلات الأجنبية، واقترح على السوريين الاستلهام من التجربة التي خاضتها الجزائر لإطفاء نار الفتنة.
زيارة مساهل إلى المنطقة، شكلت في نظر الكثيرين تحولا في تعاطي الدول العربية مع الأزمة السورية، خاصة وأن اغلب الدول كانت قد صوتت لتجريد سوريا من مقعدها في الجامعة العربية، ورفضت الجزائر في السابق تجميد عضوية دمشق في جامعة الدول العربية، كما أنها أبقت على علاقاتها الدبلوماسية، ولم تغلق سفارتها هناك، في خطوة للإبقاء على قنوات اتصال مع الحكومة السورية لتحريك الحل السياسي.
كما تعكس هذه الزيارة، رغبة الجزائر في المساهمة لتسوية الأزمات في الدول العربية، بعد أن اقتصر دورها على ليبيا المجاورة، حيث عملت الدبلوماسية الجزائرية في السر والعلن على جمع الفرقاء الليبيين، قبل أن تقرر هذه المرة التوجه صوب سوريا، خاصة بعد فشل الخيارات العسكرية التي راهنت عليها الكثير من الدول، وظهر للجميع بأن الحل السياسي التفاوضي هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع الدائر في سوريا منذ خمس سنوات، وهو الحل الذي ساندته الجزائر منذ بداية الأزمة بسوريا سنة 2011، عبر تشجيع الحوار بين جميع الفرقاء كوسيلة لحل الأزمة كما أكدت على ان الحل يبقى بيد السوريين أنفسهم بعيدا عن أي تدخل أجنبي في شؤونهم الداخلية.
وعكس ما يروج له البعض، فإن التحركات الدبلوماسية التي تقوم بها الجزائر، غير مرتبطة لا بإقامة تكتل جديد لما يسمى «دول الممانعة» ولا للتخندق في صف ضد آخر، بل يكمن الهدف الأول في إنهاء معاناة الشعب السوري الذي يواجه ويلات الحرب والدمار منذ أزيد من 5 سنوات، وحرصت الجزائر طيلة الفترة السابقة على النأي بنفسها عن الخيارات التي ظلت مطروحة والتي كانت ترتكز على أساس واحد وهو إطاحة نظام الأسد بالقوة والسلاح كما وقع مع نظام معمر القذافي، إلا أن هذا السيناريو فشل في تحقيق هدفه، وبات خيار الحل السلمي والتفاوضي الوحيد المطروح للطاولة، ما دفع الجزائر إلى تحريك آلتها الدبلوماسية للمساهمة في إنجاح فرص الحل التفاوضي.
لا بديل عن المفاوضات مهما كانت الأزمة
فبعد زيارته التي قادته إلى سوريا، توجه عبد القادر مساهل، أمس، إلى بيروت، أين التقى رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، و وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وأوضح مساهل عقب اللقاء، أنه تم التطرق إلى الأوضاع في العالم العربي، والنزاعات التي تعرفها المنطقة، وأضاف قائلا «تحدثنا كثيرا عن كيفية الخروج من هذه الأزمات. بالنسبة إلينا في الجزائر، ووفقا لتجربتنا، مهما بلغت النزاعات ليس من بديل إلا الحل السياسي والمفاوضات والإخراج الوطني مهما كانت الحالات».
وأكد مساهل في تصريح للصحافة بان «العالم العربي الآن مستهدف من الإرهاب، وأظن أنه عندما نتكلم عنه، ونحن نعرف ما معناه الحقيقي، نجد أنه يجب أن تتم مقاومته داخليا وخارجيا، داخليا بقدرات كل العالم العربي الذي يواجه حقيقة هذه الخطورة، وخارجيا بالإجماع الدولي حول الإرهاب». وشدد مساهل على ضرورة إيجاد تعريف واحد للإرهاب، مشيرا بان الإصلاحات السياسية والمصالحة الوطنية كانت من بين الحلول التي وضعتها الجزائر لمعالجة المشكلات التي واجهت البلاد. وتابع قائلا: «هذه هي العزيمة ربما التي سمحت بأن تعيش الجزائر في استقرار كامل على الرغم من النزاعات في الدول المجاورة والتهديد للأمن والاستقرار، ومع ذلك نحن نؤمن بالحوار والإصلاح الوطني».
وكان مساهل قد أنهى زيارة عمل قادته إلى سوريا على رأس الوفد الجزائري المشارك في اجتماع لجنة المتابعة الجزائرية-السورية, حيث تم التأكيد على ضرورة مكافحة الإرهاب وانتهاج سبل الحلول السلمية للنزاعات. وقد استقبل مساهل خلال زيارته - التي دامت يومين - من قبل الرئيس السوري بشار الأسد، وأطلعه على تجربة الجزائر في المصالحة الوطنية وتحقيق تطلعات الشعب للأمن و الاستقرار, مؤكدا على الحل السياسي للأزمات التي يعيشها العالم العربي.
كما تباحث مساهل خلال زيارته أيضا مع رئيس الوزراء السوري, وائل الحلقي, حيث تطرقا إلى تطورات الوضع في سوريا بما في ذلك مجريات حوار جنيف بين الفرقاء السوريين. وفي ختام زيارته7, أجرى مساهل لقاء مع نائب الوزير الأول وزير الشؤون الخارجية والمغتربين السوري, وليد المعلم, تم خلاله تقييم كل من زيارتي وليد المعلم نهاية مارس الماضي إلى الجزائر والوزير مساهل إلى سوريا والنتائج الإيجابية التي تمخضت عنهما, وقد سجل الطرفان بارتياح ما توصلت إليه من نتائج بما يدعم العلاقات بين البلدين.
الاستلهام من تجربة الجزائر في مجال السلم والمصالحة
من جهة أخرى أعلن رئيس المجلس الشعبي السوري, محمد جهاد اللحام, عن تشكيل لجنة على مستوى البرلمان السوري أخذت الكثير من التجربة الجزائرية واعتمدت على الأفكار الهامة من ميثاق السلم والمصالحة في الجزائر.
وأعرب اللحام عن «رغبة بلاده في الاستلهام من نص ميثاق السلم والمصالحة في الجزائر», من أجل إيجاد مخرج للأزمة السورية.
وطمأن وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، عبد القادر مساهل، بالعاصمة دمشق أعضاء من الجالية الجزائرية المقيمة بسوريا بشأن الأوضاع الآمنة بالجزائر... وقدم الوزير أمام أعضاء الجالية الذين حضروا اللقاء وكان من بينهم حفيدة الأمير عبد القادر الأميرة بديعة، عرضا مفصلا عن الأوضاع بالجزائر انطلاقا من البرامج التنموية والإصلاحات التي بادر بها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، وأعطت ثمارها كالمصالحة ومسألة تعديل الدستور بما يدعم مسار الديمقراطية في البلاد التي أكد أنها «تعيش أوضاعا مستقرة آمنة». وأكد عبد القادر مساهل على الإهتمام الذي تليه السلطات الجزائرية على التواصل مع أبنائها في سوريا، والسهر على متابعة أوضاع وظروف إقامتهم ومعيشتهم في ظل الظروف التي يمر بها البلد المضيف.
أنيس نواري