"داعش" هي فـزاعـة الـغـرب و الـضـربـات الأمريكية الأخيرة ستزيـد من تعمـيق جراح الدولة الليبية
يرى الخبير في القضايا الأمنية الدكتور نسيم بلهول، أن الضربات الأمريكية الأخيرة ستزيد من تعميق جراح الدولة الليبية، وقال أن «داعش» هي فزاعة الغرب للانقضاض على آخر كنوز القذافي، وقتل الجغرافيا في المنطقة باسم المال وفعل المخابرات، موضحا في السياق ذاته، أن الوضع في ليبيا يخدم بطريقة أو بأخرى محور واشنطن – تل أبيب من خلال بلقنة ليبيا والتي ستعرف انقسامات. وأضاف أن ليبيا مثلها مثل الأزمة الأمنية في مالي تدخل في إطار حروب استخباراتية وما يعرف بصراعات النفوذ بين كبار العالم.
النصر : ماهي تداعيات الضربات الأمريكية الأخيرة في ليبيا على الوضع الداخلي لهذا البلد؟
نسيم بلهول: الضربات الأمريكية الأخيرة ستزيد من تعميق جراح الدولة الليبية خاصة في علاقتها مع القبائل والإثنيات التي أضحت مثلها مثل الطيور التي تأكل النمل، فالمشهد الليبي اليوم هو سيناريو مرحلي لبناء طوق أزموي من على المحيط الحدودي الجزائري يضع المنطق القبلي و-الحدودي الهش من الجهة الشرقية للجزائر شبيه بمناطق رمادية تتقاطع فيها حركة الفعاليات المسلحة الغامضة وبناءات الاستخبارات في جغرافيا ليبية أقل ما يمكن القول أنها أصبحت فضاء تتمازج فيه لغة المال بفعل الاستخبارات الأجنبية وهذا في إطار تفعيل منطق الاستراتيجيات المتوترة ومن خلال إحياء حروب الإرجاع الاستعمارية، وهذا من مدخل الحرب على الإرهاب كأحد تطبيقات نظرية الهدف المتحرك وهو ما عجل بضربات القوات الجوية الأمريكية الجراحية، والتي تدخل في إطار فتح وتأمين الرواق الذي يربط بين كل من غرب مصر وشرق ليبيا وهي ممرات الشيطان كما تسميه المخابرات البريطانية، تلتقي فيه خطوط المخابرات والإرهاب. و القوات العسكرية الأمريكية الآن مقبلة على مرحلة ثالثة من مراحل تطبيقات استراتيجية التضاد (القائمة أساسا على ما يعرف باستراتيجية «أعلن الحرب على أعدائك») و خلال شهر مارس 2015 عرف الرواق الغربي المصري والشرقي الليبي 156 تحرك استخباراتي وهذا حسب تقرير
Act WST n 06 المعنون بـ Turbulant Situation and Security وتهدف تلك التحركات إلى تعزيز أطر هشاشة القوات الحكومية الليبية أمام التصعيد من كثافة الميليشيات والتنظيمات المسلحة الإسلامواستخباراتية، في إطار أجندة غربية نحو إضعاف العسكرة في ليبيا. و الهدف من هذا السيناريو هو تقوية طرف على حساب أطراف أخرى، وهو ما حصل بالفعل أمام «حفترة» الجيش الليبيي والتي تعد الخطوة الأولى الوكيلة لأشغال الناتو في الفضاء الليبي على أن تكون «الدعشنة» خطوة ثانية تأتي في إطار تعاظم المخاطر وموارد التهديد ما يقتضي إشعال حرب عالمية على الإرهاب مسرحها سيكون ليبيا. وأمام رفض الجزائر أن تفتح جغرافيتها للتخندق الأطلسي ما يضع المبادرة العسكرية الجزائرية شبه معدومة مما سحب من الناتو سيناريو ضم القوات الجزائرية كقوات حسم في حالة أية مواجهة برية في ليبيا. خاصة وأن الجزائر بات لها من اليقين الاستراتيجي أن ليبيا مثلها مثل الأزمة الأمنية في مالي تدخل في إطار حروب استخباراتية وما يعرف بصراعات النفوذ بين كبار العالم .. وأن الحرب في ليبيا باتت قذرة، فكل الضربات فيها مسموح بها.
النصر : هل ستكون لهذه الضربات العسكرية تأثيرات على دول الجوار وخاصة الجزائر ؟
أظن أن الفرصة قد ضاعت بالنسبة لدول الجوار، كون منطق وهندسة نظام التدخل الغربي بات حتمية أمنية لدى الآخر على الأقل بالنسبة للقوة الأطلسية، فقط عملية التريث الاستراتيجي الأطلسي تدخل في إطار التنافس الأمريكي – الفرنسي حول قضايا التوضع الجغرافي والتموضع العسكري للتمركز والترقب والتدخل، ويكفي أن نعرف أن منظمة «الغلاديو» الصهيونية باتت حاضرة الآن في كل رموز الحياة في طرابلس وبنغازي. وشفرة الأطلسي باتت معروفة خاصة بعدما أضحت داعش هي فزاعة الغرب للانقضاض على آخر كنوز القذافي وقتل الجغرافيا في المنطقة باسم المال وفعل المخابرات وقودها شباب ليبي يفكر في الانتقام.. . وسيحيّد لاعب مهم في المنطقة وهو ما يلمح إلى احتمالية جاهزية عمل القوات الأمريكية للتدخل السريع في شمال أفريقيا وهي قوة مراهن عليها من أجل الهيمنة السريعة والعمل بالتنسيق مع بعض الطبوغرافيات البشرية المسلحة في المنطقة.
النصر : وهل ستؤدي الضربات الأمريكية إلى انتقال المجموعات الإرهابية ومنها داعش عبر الحدود إلى التراب الجزائري ؟
قراءة يقظة لسطور في كتاب لبيار كونيسا عنوانه: «صنع العدو... أو كيف تقتل بضمير مرتاح» تقودنا إلى فهم شفرة المؤامرة الجغرافية حيث تعد ليبيا أحد الأحجار الأخيرة من رقعة تم تحريكها لإسقاط دولة الارتكاز في المنطقة (الجزائر).. إن الحكمة الاستراتيجية الصينية تقضي أنه: لا تتحدى أبدا رجلا ليس لديه ما يخسره.
بالتالي منطق التفتيت ينطلق من معالم المؤامرة الشرقية من على غرب الجزء العربي من أفريقيا. يكفي أن نشير إلى أن خطاب حفتر بعد معركة الكرامة كان واضحا بخصوص حتميات الفوضى غير المتحكم فيها في ليبيا، وبالتالي غرفة عمليات حفتر تدلل على أمر يقضي وأن حربه المقدسة المشنة تدخل في إطار عمليات تطهير الفضاء الليبي من الوطنيين وفتح رواق جغرافي آمن لعمليات إنزال نهائية للقوات الأطلسية على طرابلس وبنغازي شبيهة بعمليات المارينز بشوارع مقديشو. وبالتالي أظن أن السيناريوهات قد تمت كلها وما تبقى إلا نهاية العرض ونزول الستار ليعلن خلالها عن نهاية العرض في ليبيا وبدايته في دولة أخرى يرشح أن تكون دولة قريبة من منطق التخوم إليها. وفي الأخير أعتقد جازما، أن الوضع في ليبيا ومستويات التصعيد الأزموي يخدم بطريقة أو بأخرى محور واشنطن – تل أبيب من خلال بلقنة ليبيا والتي ستعرف انقسامات نارية ترسمها الإتجاهات الصراعوية للطبوغرافية البشرية الإثنية والقبلية.و»الصوملة» المستدامة والتي ستعرف حدة في الاقتتال، ما يرجحها لأن تكون في المستقبل القريب من الصراعات منخفضة الشدة الأكثر دموية في القرن الحادي والعشرين. لتكون الصوملة مدخلا من خلاله ستصبح ليبيا محرقة الرب المقدسة (تصفى فيها كل الجماعات الإسلامية المسلحة الفعلية). وما يرشح لأن تصبح ليبيا جبهة ثالثة بعد كل من جبهة أفغانستان والعراق.
مراد - ح