هنـاك اقتـناع فـرنسـي بضـرورة التنسـيق مـع الجـزائـر لمـحاربة الإرهاب
•العمل العسكري الأمريكي سيعقد المشهد الليبي
قال المحلل السياسي والباحث في العلاقات الدولية، الدكتور مناس مصباح، أن هناك اقتناعا فرنسيا بضرورة التنسيق مع الدول المهمة في المنطقة، في حوض المتوسط وعلى رأسها الجزائر بحكم ما تمتلكه الجزائرمن تجربة ومن قدرات لمحاربة الظاهرة الإرهابية، معتبرا من جهة أخرى، أن “ داعش” تقوم بدور يتعلق بتدمير الدول التي تشكل تهديدا لإسرائيل وحذّر من وجود مخطط عام لم يعد خفيا والمتمثل في إعادة رسم خريطة المنطقة العربية، مضيفا أن العمل العسكري الأمريكي في ليبيا سيعقد المشهد في هذاالبلد.
وأوضح مناس مصباح أن الجزائر متفتحة على كل المبادرات لمحاربة تنظيم داعش والظاهرة الإرهابية، وأضاف أن الاعتداءات الإرهابية التي كانت قد وقعت في فرنسا أكدت صحة المقاربة الجزائرية بأنه ليس هناك حالة بعيدة عن التهديد الإرهابي.
وقال في تصريح للنصر، أن فرنسا صارت أكثر اقتناعا بضرورة التنسيق مع الدول المهمة في المنطقة، في حوض المتوسط وعلى رأسها الجزائر بحكم ما تمتلكه الجزائر من تجربة ومن قدرات لمحاربة هذه الظاهرة، معتبرا رغبة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في إقامة تعاون ثنائي معمق بين الجزائر و فرنسا في مجال مكافحة الإرهاب بأنها تأكيد على أن محاربة الظاهرة يجب أن تكون مقاربة تشمل الجميع وهي إدراك فرنسي -كما قال- ولو متأخر بأهمية هذا التنسيق.
وأشار المتحدث إلى وجود تقارير تفيد أن الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا معرضة لتهديد إرهابي حقيقي في المستقبل، لذلك فأن حسابات هذه الدول في ما يتعلق بالتعامل مع هذه الظاهرة - كما أضاف- يجب أن لا تكون خاطئة حتى لا ترتد عليها .
وأوضح من جانب آخر،بخصوص الضربات الأمريكية الأخيرة في ليبيا، بأنها ستكون لها تداعيات سلبية على ليبيا و دول الجوار وعلى رأسها الجزائر، مصر و تونس وهذا راجع - كما قال - إلى أن الجماعات الإرهابية ستكون مضطرة للهروب من الضربات باتجاه الجغرافيات المجاورة ، مؤكدا أن الجزائر كانت دائما معارضة لأي عمل عسكري مهما كانت مبرراته وبالتالي الأفضل الإبقاء على الحلول السياسية مع تعزيز قدرات الجيش الليبي الناشئ لمحاربة هذه الجماعات.
وأشار إلى وجود تقارير تتحدث عن قوات فرنسية وأمريكية في ليبيا، معتبرا أن الولايات المتحدة تعمل وفق مقاربة معينة وهي التركيز على الضربات الجوية دون الذهاب إلى التورط في حروب برية، وبالتالي ترسل قوات خاصة محدودة جدا لمساعدة القوات الحليفة لها على أداء المهام التي تريدها. وقال في السياق ذاته، أن العمل العسكري وإن كان محدودا أو شاملا فهو سيعقد المشهد الليبي أكثر وأوضح أن الولايات المتحدة ليست غافلة على ذلك وتساءل هل تريد تعقيد المشهد تمهيدا لتقسيم ليبيا ؟ ليوضح في هذا الصدد أن الولايات المتحدة وحلفاءها لا يريدون أن تعود ليبيا موحدة كما كانت في عهد القذافي ومن هنا يأتي خطر تقسيم ليبيا على الدول المجاورة خاصة الجزائر ومصر.
وأفاد بأن الحلّ بيد الليبيين والذين عليهم أن يدركوا أن مصلحتهم هي الخروج من هذه الصراعات والدخول في تسوية عامة تراعي كل التوازنات الموجودة داخل ليبيا ولو أن هناك في ليبيا من لديه نزعة انفصالية خاصة المناطق الغنية بالنفط ، مضيفا أن الحكومة الوليدة ليس لها القدرة على أن تفرض إرادتها على كل الجغرافيا الليبية الكبيرة، كون ليبيا ليس لها جيش قوي وحكومة أيضا تمثل كل الأطياف الليبية. وقال أن هناك محاولات جزائرية لدعم الحكومة الحالية لتؤدي هذا الدور. وأضاف بأن الطريق صعب وشاق لكنه ليس مستحيلا وما يعقد المشهد الليبي أكثر حسبه ليس العوامل الداخلية بل هو التدخل الخارجي، مشيرا إلى الأجندات الإقليمية و التي من ضمنها الأجندة القطرية والسعودية و التركية، كما أن هناك من يتكلم عن دور إسرائيلي، إضافة إلى الأجندات الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. وأوضح أن كلا من الجزائر ومصر وبدرجة أقل تونس تعمل حقيقة على إخراج ليبيا مما تعانيه، لأن أي تطور سلبي في ليبيا سيؤثر على الأمن والاستقرار في هذه الحالات، أما باقي الأجندات لها حسابات أخرى لا علاقة لها بأمن واستقرار ليبيا .
كما تحدث مناس مصباح عن وجود مخطط عام لم يعد خفيا والمتمثل في إعادة رسم خريطة المنطقة العربية من جديد. وقال أنه ليست هناك حالة مستثناة وبالتالي -يضيف المتحدث - يجب دائما عندما ننظر إلى سياسات الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية أن نضع في حساباتنا أننا لسنا مستثنين وإن كانت الخطابات الرسمية الأمريكية تتكلم عن أشياء أخرى ولفت في هذا الصدد إلى مقولة وزير الدفاع الأمريكي الأسبق دونالد رامسفيلد « الحقيقة شيء ثمين وثمين جدا ويجب أن نحافظ عليها بالأكاذيب». كما أشار مناس مصباح من جهة أخرى، إلى تصريح لأحد المسؤولين الإسرائيليين والذي قال « إنه خطأ فادح وغباء كبير أن نقضي على داعش» وذلك يوضح - يضيف المتحدث- أن داعش لها دورا تؤديه في ما يتعلق بتدمير الدول التي تشكل تهديدا لإسرائيل مهما يكن درجة هذا التهديد وبالتالي إحدى وسائل تأمين اسرائيل هو إدخال المنطقة كلها في حالة من الفوضى المؤمنة التي ترهق كل هذه الدول وتغير أولوياتها من الاهتمام بالقضايا المركزية إلى الاهتمام بقضايا الأمن والاقتصاد.
ويرى المتحدث أن السيناريو الأمثل لداعش للتغلغل في الحالة الجزائرية هو إدخال الجزائر في حالة من اللا استقرار وذلك بالمراهنة على اضطرابات داخلية وقلاقل اقتصادية وسياسية. و ذكر أنه وفقا للمؤشرات الموجودة حاليا سواء الأمنية والاقتصادية والسياسية فإن الجزائر في وضعها الحالي تبقى خارج امكانية اختراقها من طرف داعش كما حصل في بعض الحالات العربية.
من جانب آخر، أكد المتحدث أن العلاقات الجزائرية التونسية تعتبر علاقات استراتيجية وإن كانت هناك خلافات فإنها لا ترقى أن تهدد طبيعة العلاقة بين الدولتين ، موضحا أن تونس تدرك أن درعها الواقي هو الجزائر في كل الأبعاد سواء البعد الاقتصادي والسياسي أو العسكري وإن كان هناك خلاف حول بعض التفاصيل، كما أن الجزائر حريصة أن تخرج تونس مما تعانيه من مشاكل لأن ذلك له علاقة بأمن واستقرار الجزائر ، فالجغرافيا التونسية هي بمثابة الخط الأول للدفاع عن الجزائر مما يسمى بالتهديد الداعشي .
مراد - ح