انتقل إلى رحمة الله أول أمس المجاهد والدبلوماسي والمثقف، محمد الميلي الابراهيمي، عن عمر ناهز 87 عاما بأحد مستشفيات العاصمة الفرنسية بباريس بعد صراع طويل مع المرض.
وكان محمد الميلي وهو ابن العلامة الشيخ مبارك الميلي يعاني من عدة أمراض ألزمته الفراش منذ أكثر من سنة، ويعد محمد الميلي من الوجوه الثقافية والإعلامية البارزة في الجزائر بعد الاستقلال، وقد تقلد عدة مناصب هامة، منها منصب وزير وسفير ومدير وسائل إعلامية وطنية. وقد ولد الفقيد محمد الميلي الابراهيمي في 11 نوفمبر من العام 1929 بمدنية الأغواط، وتربى بولاية ميلة، وأخذ العلوم والفقه في سنواته الأولى عن والده الشيخ مبارك الميلي، وبعد وفاة هذا الأخير وهو في سن الخامسة عشر أرسله عمه للدراسة في جامع الزيتونة ومعهد الصادقية بتونس حيث نال شهادات، كما درس اللغة العربية في معهد ابن باديس في قسنطينة أيضا. وقد التحق الفقيد بجيش التحرير الوطني سنة 1955 وظل به إلى غاية الاستقلال، و قبل الاستقلال تولى رئاسة تحرير جريدة "المجاهد" لسان حال جبهة وجيش التحرير الوطنيين، التي عمل بها لسنوات عديدة إلى أن أصبح مديرا لها، كما كان ضمن الطاقم المؤسس لجريدة "الشعب"، ليعين بعدها رئيس تحرير لها ثم مديرا عاما لها، وقد ساهم فيها بقسط كبير في تكوين الصحفيين. وما لبث أن عاد محمد الميلي إلى جريدة "المجاهد" نهاية الستينيات، قبل أن يعين بها مديرا عاما للمدرسة العليا للصحافة، ثم مديرا للإعلام بوزارة الإعلام ، وفي الفترة بين 1974 و 1977 كلف بمنصب مدير عام وكالة الأنباء الجزائرية.
ثم خاض الميلي تجربة سياسية أخرى عندما انتخب عضوا في المجلس الشعبي الوطني للفترة التشريعية الأولى سنة 1977، ليتولى فيه رئاسة لجنة التربية الوطنية إلى غاية 1979 حيث انتقل إلى تجربة العمل الدبلوماسي عندما عين في منصب سفير الجزائر في اليونان، ثم مندوبا دائما للجزائر في منظمة اليونيسكو، ثم سفير الجزائر بالقاهرة ثم وزيرا للتربية الوطنية، ثم مديرا عاما للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. ويعد الراحل محمد الميلي من أبرز الأقلام الإعلامية الوطنية إلى جانب زوجته زينب الميلي، حيث كان غزير الكتابة في العديد من الصحف والجرائد والمجلات، وترك مؤلفات في الإعلام والسياسة والأدب، وقد ومنح وسام الاستحقاق الوطني سنة 1984. وقد نقل جثمان الفقيد أمس إلى أرض الوطن ليوارى الثرى، وكان رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة ووزير الثقافة عز الدين ميهوبي قد بعثا برسالتي تعزية إلى عائلة الفقيد بهذه المناسبة الأليمة.
الرئيس بوتفليقة في برقية تعزية إلى عائلة الدبلوماسي الراحل
الفـــقيد محــمد الــميلي براهيمي أسهم في بناء الدولــة الجــزائــرية الحديــثة
بعث رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة برقية تعزية الى أفراد أسرة المرحوم محمد الميلي براهيمي، الذي وافته المنية أول أمس الخميس عن عمر ناهز 87 سنة إثر مرض عضال أكد فيها أن الفقيد أسهم في بناء الدولة الجزائرية الحديثة بتوليه العديد من المسؤوليات في داخل الوطن وخارجه.
وجاء في برقية التعزية: «بلغني ببالغ الأسى والأسف نبأ انتقال المغفور له الصديق المناضل والكاتب القدير محمد الميلي براهيمي إلى رحمة الله وعفوه، بعد مرض عضال أقعده الفراش ردحا من الزمن، حرمه من الكتابة وأبعده عن مجالات الأدب والسياسة، وأفتقده رفاقه في مجتمعاتهم التي كان يصول فيها ويجول، وانتظروا أن يعود اليهم سالما معافى ليستأنف معهم النضال، كما كان بلسانه الذرب وقلمه السيال ولكن الله شاء غير ما شاؤا فقضى أن يولي الفقيد وجهه شطر رحابه ملبيا نداءه راضيا مرضيا تسبقه حسناته وتزفه دعوات كل من عرفوه وتابع الرئيس بوتفليقة قائلا: «لقد كان الفقيد جم الأدب عالي الخلق، حلو الشمائل، لطيف المعشر، ذا علم غزير وباع طويل في التأليف والكتابة، ولا غرو ذلك فهو سليل أسرة علمية ترعرع في حضن والده العلامة المؤرخ الكبير الشيخ مبارك الميلي رفيق درب العلامة المصلح الكبير عبد الحميد بن باديس، عليهما رحمة الله وتشرب منه الخلق الحميد والنزاهة الوطنية الصرفة.
وأضاف أن الراحل «بدأ نضاله يافعا ولما اندلعت ثورة التحرير المظفرة وسطع شعاع أول نوفمبر، التحق باخوانه المجاهدين مؤديا دوره النبيل بكل بسالة واخلاص ينافح بالكلمة والقلم، وبنفس الروح التي تحلى بها على مدى حياته، أسهم في بناء الدولة الحديثة بتوليه العديد من المسؤوليات في داخل الوطن وخارجه، وكان على حمل المسؤوليات قادرا وفي أداء المهمات نشيطا، الى أن مرض وخبا في أفقه الأمل وأدركه الجل.
واستطرد رئيس الدولة قائلا «وإن الذي أنعم عليه بالحياة في الدنيا، وكرمه بالآباء والبنين، وهداه الى العمل الصالح وأداء الواجب نحوه ونحو وطنه وأسرته ثم رده اليه لحكمة يعلمها، وقد كتب على نفسه الرحمة، قد جعل له عنده حياة أفضل، ومن ألطف من الله بعباده وأرحم. وخلص رئيس الجمهورية «أسأل المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد برحمته و رضوانه وأن يسكنه فسيح جنانه وأن ينزله منزلا مباركا بين الأبرار والصديقين وحسن أولئك رفيقا، وأن يرزق أهله وأقاربه وجميع رفاقه صبرا جميلا، ويعوضهم فيه خيرا كثيرا، ويوفي لهم أجرا عظيما وأعرب لحرمه المصون ولكافة أفراد أسرته الأكارم وذويه الأبرار عن تعازي الحارة ومواساتي الصادقة وختم الرئيس بوتلفيقة برقية التعزية مستشهدا بالأية الكريمة «وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا اليه راجعون أولئك عليهم صلوات من (ربهم ورحمة وأولئك هو المهتدون».
وأج