جـذور الـشرطــة الـجـزائـريــة تـعود إلـى عـهد مــاسيـنـيســا
قال المدير العام للمركز الوطني للشرطة عبد الكريم شوقي بأن جذور الشرطة الجزائرية عريقة و ضاربة في أعماق التاريخ البعيد و ليست حديثة العهد كما يعتقد البعض عندما يربطها بحقب زمنية قريبة و مرتبطة بالغزاة الذين تعاقبوا على الجزائر من الرومان إلى الاستعمار الفرنسي.
و أضاف عبد الكريم شوقي في محاضرة حول تاريخ الشرطة الجزائرية قدمها أمام سلطات و إطارات أمن ولاية قالمة أمس الاثنين بأن تاريخ الشرطة الجزائرية أبعد حتى من الحقبة الرومانية و يعود إلى عهد القائد الامازيغي ماسينيسا موحد نوميديا الكبرى و مؤسس الدولة الجزائرية قبل الميلاد، مؤكدا بأن نتائج الحفريات و الأبحاث التي قام بها عالما الآثار “بريثيني” و “شارلي” بمنطقة الحفرة بقسنطينة و دوناها في كتاب “العهد البونيقي بالحفرة – قسنطينة” تشير بوضوح إلى وجود مهنة الشرطي، مفتش الشرطة و كذا رئيس الشرطة و هو ما يعرف اليوم بمحافظ الشرطة و الذي كانت مهمته الإشراف على إدارة هذا الجهاز بمدينة قيرطا (قسنطينة) مما يجعل انتظام هذه المهنة بين القرنين الثالث و الأول قبل الميلاد في رتب مختلفة.
و قال مدير المتحف المركزي للشرطة بأن دلائل وجود الشرطة الجزائرية منذ التاريخ البعيد موجودة بمتحف سيرتا بقسنطينة و هذه الشرطة العريقة ليست وليدة الماضي القريب و ليست وليدة الحضارات و حملات الغزو التي تعاقبت على الجزائر، مشيرا إلى تطور هذا الجهاز بمرور الزمن و مواكبته للتحولات التي عرفتها المنطقة منذ فترة ما قبل الميلاد إلى غاية العهد العثماني و مرحلة الاستعمار الفرنسي التي عرفت محاولات يائسة لطمس كل مقومات الأمة الجزائرية لكنها فشلت في ذلك عندما أنشأت جهاز الشرطة الفرنسية لقمع الشعب و حركات التحرر و المقاومة التي لم تتوقف منذ دخول الغزاة إلى أرض الأجداد في 5 جويلية 1830. “بعد احتلال مدينة الجزائر في 5 جويلية عام 1830 عملت السلطات الفرنسية على تعيين أول إطار للشرطة الاستعمارية بالجزائر في 11 أوت 1830 و يتعلق الأمر بالمحافظ العام رونالد ديبوسي غير أن الوضع العام آنذاك عرف انتشارا مرعبا للفوضى و الإجرام و التجاوزات التي انعكست على حياة أبناء الجزائر الذين أصبحوا يعانون من ويلات الاستعمار و سياسته القمعية بالإضافة إلى تفاقم مجموعة المشاكل الأمنية و الاجتماعية”. و ردت الثورة الجزائرية على البوليس القمعي الفرنسي بإنشاء جهاز امني يعمل ليل نهار و مندمج ضمن الهياكل السياسية و التنظيمية للثورة.
و إدراكا منها بأهمية جهاز الشرطة فقد بادرت الثورة بإعداد إطارات لجهاز الشرطة لمرحلة ما بعد الاستقلال و ذلك منذ عام 1958 بتكوين أربع دفعات من الضباط في كلية الشرطة بمصر.
و عرف جهاز الشرطة الجزائرية تطورا و تحولات كبيرة منذ المرحلة الانتقالية التي أعقبت وقف إطلاق النار في 19 مارس سنة 1962 حيث عين أول مدير عام للأمن الوطني السيد مجاد محمد في 22 جولية 1962 و تشكلت بذلك المديرية العامة للأمن الوطني التي أخذت على عاتقها مهمة الأمن و تحملت العبء الكبير خلال مرحلة تردي الأوضاع العامة في البلاد مطلع التسعينات، و لازال هذا الجهاز الحيوي يتطور و يواكب التحولات الداخلية و الخارجية و يؤدي مهامه الدستورية بقدرة و كفاءة نالت إعجاب العالم.
و تطرق المحاضر إلى 5 مراحل مرت بها الشرطة الجزائرية منذ الاستقلال إلى اليوم مشيرا إلى التطور الكبير الذي صار عليه هذا الجهاز الأمني الهام الذي قال بأنه بلغ مرحلة الاحترافية و العالمية و أصبح يتحكم في زمام التكنولوجيا و يمتلك اليوم مركزا للقيادة و التحكم بالعاصمة سيرتبط قريبا بكل ولايات الوطن و يتابع على المباشر ما يحدث عبر التراب الوطني كله بالصوت و الصورة الحية.
و خلص عبد الكريم شوقي إلى القول بأنه ورغم التطور الكبير الذي صار عليه جهاز الشرطة بالجزائر و احتلاله مرتبة متقدمة على المستوى الدولي و تحقيقه لإنجازات ميدانية كبيرة فإنه يبقى جهازا في خدمة الوطن و الأمة في ظل الاحترافية و الاحترام الدائم لحقوق و كرامة الإنسان و الدفاع بقوة عن الممتلكات العمومية و الخاصة و حمايتها من الاعتداءات المختلفة و المتعددة المصادر و الأهداف.
فريد.غ