جثـمــــان الفقـيـــد بخـتـــي بلــعـايــــب يـوارى الـثـــرى بمقبـرة الشراقـة بالعاصمــة
ووري الثرى أمس جثمان الفقيد بختي بلعايب بعيد صلاة الظهر بمقبرة الشراقة، وسط حضور قوي للوزراء وعدد من كبار مسؤولي الدولة، وجمع غفير من المواطنين، وكان الفقيد قد وافته المنية في مؤسسة استشفائية بباريس إثر مرض عضال لم يمنعه طيلة الأشهر الأخيرة من ممارسة مهامه على رأس وزارة التجارة، وكان المهندس لسياسة ضبط الواردات، كما عرف عنه صرامته في التعامل مع بارونات الاستيراد ومكافحة الفساد في قطاعه.
شُيّع أمس جثمان الراحل بختي بلعايب بمقبرة الشراقة، وسط حضور شعبي ورسمي مهيب، ولم تمنع الأمطار وسوء الأحوال الجوية، مئات المشيعين من حضور جنازة الفقيد الذي أجمع الحضور على طيبته وإخلاصه في عمله وعبر كل المناصب التي تقلدها طيلة سيرته المهنية التي كانت حافلة.
وأجمع المقربون الذين عملوا معه، وكذا أعضاء الطاقم الحكومي، وأفراد عائلته على بساطة الرجل وصفاء سريرته، وحبه للوطن، وتفانيه في العمل حتى في الفترات التي اشتد فيها المرض عليه، حين راح المقربون منه يعددون مناقبه، وقال عبد السلام بوشوارب وزير الصناعة والمناجم، بأن الجزائر فقدت برحيل بلعايب واحدا من خيرة أبنائها، واصفا الفقيد بـ»الصديق المقرب والرفيق» ضمن الجهاز التنفيذي منذ بداياتنا في الحكومة سنة 1996.
من جانبه، عبر وزير النقل و الأشغال العمومية بوجمعة طلعي عن تأثره لفقدان الزميل بختي بلعايب و قال في تصريح للصحافة « أعزي عائلته الكريمة و زوجته على وجه الخصوص التي ظلت بجانبه طوال مدة مرضه»، وشدّد وزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري عبد السلام شلغوم، على أن الفقيد كان من طينة الكبار، كان إطارا يتمتع بمهنية عالية، وضعها في خدمة الجمهورية، مشيرا إلى أن كل الذين عملوا معه يعترفون له بحسن إدارته لعديد الملفات .. ثم أضاف «لقد عرفته منذ سنوات لما كنا إطارات في أجهزة ومؤسسات الدولة، كان معروفاً بنزاهته و قيمه العالية .. إنه من خيرة الإطارات التي تخرجت من الجزائر منذ الاستقلال».
وأكد عدد من أعضاء الطاقم الحكومي الذين تقاسموا معه مهام تسيير الشأن العام، على أن الجزائر فقدت برحيل بلعايب «رجلا بأتمّ معنى الكلمة و واحدا من أبناء الجزائر المخلصين»، خاصة وأن الرجل عرف ببساطته ونزاهته وحبه للوطن، وتفانيه في أداء مهمته حتى خلال فترة مرضه، حيث قدم الجزائر قبل وضعه الصحي ورفض في كثير من المرات الركون إلى الراحة رغم التعب الذي كان باديا على محياه.
وقال أحد أفراد عائلته، بأن الفقيد عاش متواضعا وبسيطا، بعيدا عن كل البروتوكولات التي يفرضها منصبه الوزاري، مشيرا إلى أنه غالبا ما كان يحن إلى مسقط رأسه ويتقاسم مع أبناء قريته ذكريات الطفولة، مضيفا أنه على رغم المرض والألم إلا أنه كان مصرا على أداء مهامه الوزارية، واستطرد قائلا بأن المرحوم كان مهموما بهموم الوطن ويتكلم كثيرا في الشأن العام وقال بأن الوطن كان قضيته الأولى.
وعرف عن الفقيد تفانيه في عمله، وصرامته، وكان قد خرج في الفترة الأخيرة بتصريحات نارية ضد المافيا التي عششت في قطاع التجارة الخارجية، وحديثه عن تحويلات غير قانونية للأموال تحت غطاء الاستيراد عبر تضخيم الفواتير، وصولا إلى اتهامه أحد المستوردين بتزوير أختام لجمركة سلع تحفظت عليه مصالحه وهي القضية التي أثارت جدلا واسعا، واستدعى الأمر تحرك العدالة، وكان من بين مهندسي إستراتيجية تخفيض فاتورة الواردات عبر إقرار نظام رخص الاستيراد.
و كان جثمان الفقيد قد وصل يوم الجمعة إلى الجزائر، على متن رحلة قادمة من باريس التي توفي بأحد مستشفياتها إثر مرض عضال. ووضع ضريح الفقيد في القاعة الشرفية بمطار هواري بومدين الدولي بحضور رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة والعديد من أعضاء الحكومة إضافة إلى أفراد عائلة الفقيد.
وكان الفقيد بختي بلعايب الذي تولى منصبه كوزير في جويلية 2015 خلفا لعمارة بن يونس، يتابع علاجا طبيا منذ 18 جانفي الجاري في حين عين وزير السكن عبد المجيد تبون لضمان نيابة وزارة التجارة. و ولد في 22 أوت 1953 في ثنية الحد (تيسمسيلت) و هو متزوج وأب لثلاثة أطفال، متحصل على شهادة العلوم التجارية من المعهد الوطني للتجارة (جوان 1977).
وقد تولى عدة مناصب بوزارة التجارة كنائب مدير بوزارة التجارة (ديسمبر 1982 -جويلية 1989) ومدير مركزي للتجارة (جويلية 1989 -أوت 1990) ومدير عام للتنظيم التجاري (أوت 1990 -أكتوبر 1991) قبل أن يتولى مهام مكلف بالدراسات بوزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (نوفمبر 1992 -أفريل 1994). كما تم تكليفه بمهمة لدى رئيس الحكومة (أفريل 1994 -سبتمبر 1996). وتولى بلعايب ولأول مرة منصب وزير التجارة بين سبتمبر 1996 وديسمبر 1999. وكان الفقيد أول مسؤول جزائري قاد الوفد الجزائري خلال الجولة الأولى من المفاوضات حول انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة.
أنيس نواري