أكد أمس، الثلاثاء، أساتذة ومهنيون في قطاع التجارة، بأن المستهلك الجزائري يعاني من العقود الإدارية التعسفية في جميع المجالات، بسبب الاحتكار وضعف ثقافة الاحتكام إلى القوانين، مشيرين إلى أن عدم تحكم المتعاملين الاقتصاديين العموميين أو الخواص في عمليات إبرام العقود والتفاوض، فضلا عن تحايل الأجانب، قد سبب للطرف الجزائري خسائر مادية كبرى على مستوى التحكيم الدولي.
وذكر المدير الولائي للتجارة زيدان بولعراق في مداخلته، بمناسبة اليوم الإعلامي حول الممارسات التعاقدية، بأن أغلبية المستهلكين الجزائريين، يتفاجأون بوجود بنود تعسفية وغير قانونية في شتى المجالات والمعاملات الإدارية، وهو ما يجعله كما قال رهينة للمتعاملين الاقتصاديين الذين يحرمونه حقوقه، رغم أن المشرع الجزائري لم يغفل عن هذه النقطة من خلال سنه للقانون 04/ 02 ، الذي مازلت تشوبه العديد من النقائص ولابد بحسبه من إثرائه.
وقالت الدكتورة بليمان يمينة، في مداخلة لها حول تقنيات تحرير العقود، بأن البنود القانونية، التي نظمها المشرع لا تطبق على أرض الواقع، باعتبار أن المؤسسات سواء العمومية أو الخاصة، مازلت تفرض ما أسمته بعقود الإذعان و تفرض شروط تعسفية على المستهلكين، حيث أكدت بأن الجزائر تحتاج إلى قوانين تحمي المستهلك على غرار ما يحدث بالعديد من دول العالم، التي تنظم العقود بين المهني والمستهلك، الذي يعد بالجزائر الحلقة الأضعف.
ودعت المتحدثة، إلى ضرورة تفعيل دور اللجنة الوطنية لمواجهة الشروط التعسفية وتكثيف الرقابة، وكذا إثراء النصوص القانونية، مقدمة مثالا بالمصحات والعيادات الخاصة، التي تفرض شروطا تعسفية حتى على المرضى مستغلة عمومية النصوص القانونية ، التي جعلت كما قالت حتى القاضي يواجه وضعا صعبا في الموازنة بين المهني والمستهلك، كما أكدت على ضرورة إعادة هيكلة قطاع التجارة في الجزائر.
وأكدت الدكتورة ليمان، بأن عدم تحكم المتعاملين الاقتصاديين والمهنيين الجزائريين، في طريقة إبرام العقود طالما تسبب في خسائر للدولة بعد التحكيم الدولي ، باعتبار أن الأجانب محترفون في هذا الأمر ويعدون عقودا مسبقة، فمثلا على سبيل المثال، فإنه وفي حالة كتابة بند على "الممون أن يضمن الصيانة للتجهيزات ثم تليها فاصلة و تأتي بعدها جملة "وتجديد المستوى التكنولوجي لمدة خمس سنوات"، فإن هذه الأخيرة تلغي ما قبلها وكثيرا ما يقع المستهلك ضحية لهذا التحايل المقصود، مشيرة إلى ضرورة التفاوض الجيد، قبل إعداد أي عقود فضلا عن مراجعة الجزئيات التي طالما كبّدت خزينة الدولة الجزائرية أموالا ضخمة وهو ما حدث في أزمة الخطوط الجوية الجزائرية مع المتعامل الكندي.
وأكد الأستاذ ومحافظ الحسابات جريدة حسان، بأن الجزائريين يجهلون قراءة العقود، ولا يهتمون بالتفاصيل وهو ما أدى بهم إلى الوقوع في أخطاء تترتب عنها نتائج جد سلبية، حيث ذكر على سبيل المثال بأن عيادة خاصة في قسنطينة، اقترضت من إحدى البنوك العمومية مبلغا بقيمة 5 ملايير سنتيم بغرض اقتناء عتاد طبي وكانت على وشك إبرام عقد من 6 صفحات مع متعامل فرنسي، حيث أنه يحمل كما قال العديد من الأخطاء المقصودة والبنود التعسفية والاحتيالية، ولا يضمن حتى خدمات الضمان أو التزويد بقطع الغيار، موضحا بأنه وبعد إعادة التفاوض مع ممثل المؤسسة الفرنسية أكد هذا الأخير بأنه أبرم عقود بنفس الطريقة ومع العديد من المؤسسات الاستشفائية العمومية بالجزائر، على غرار مستشفى بسكرة، وهو ما يطرح بحسبه أكثر من علامة استفهام.
وأضاف المتحدث، بأن هناك العديد من الفراغات القانونية، التي يستغلها بعض المتعاملين، كما أن احتكار بعض المؤسسات لبعض النشاطات يجعل الجزائري عرضة للتحايل والإذعان، وخير دليل ما حدث في السنوات الأولى للجزائريين مع المتعامل الأول للهاتف النقال، الذي فرض إجراءات تعسفية في حقهم، متسائلا عن أسباب عدم وضع دليل المستهلك في متناول المواطنين، كما أشار إلى ضرورة وقوف المحيط الاقتصادي و المجتمع المدني ككتلة واحدة للحد من ظاهرة العقود المجحفة. وأوضح نائب المدير الجهوي للتجارة، بأن أسبابا تاريخية وسياسية، خلقت نوعا من عدم التوزان في الأداء الاقتصادي، لاسيما بعد الانتقال من الاشتراكية إلى اقتصاد السوق الحر، مشددا على ضرورة تفعيل مهام اللجنة الوطنية للعقود التعسفية، التي تتكون من ممثل عن وزارتي التجارة والعدل وحدد مهامها المشرع الجزائري، مشيرا إلى أن المستهلك الجزائري يعاني من تعسف كبير بسبب الإحتكار على غرار ما هو الأمر عليه بفاتورة الكهرباء وحتى شركات تأمين السيارات، حيث أن غالبية الجزائريين يجهلون تفاصيل العقود، بسبب ضعف ثقافة التقاضي وعدم الإحتكام للقوانين.
لقمان/ق