طردت السلطات الجزائرية دبلوماسي موريتاني بالسفارة الموريتانية في الجزائر العاصمة و اعتبرته «شخصا غير مرغوب فيه»، في رد مباشر ،على إجراء مماثل صدر عن حكومة نواكشوط في حق دبلوماسي جزائري على خلفية «اتهامات واهية بالتسبب في إساءة العلاقة بين المملكة المغربية و جمهورية موريتانيا».
قررت السلطات الجزائرية طرد دبلوماسي موريتاني بنفس رتبة الدبلوماسي الجزائري بلقاسم شرواطي المستشار الأول لسفير الجزائر بنواكشوط. وقالت وكالة الأنباء الجزائرية نقلا عن وزارة الشؤون الخارجية، أمس، إنه تم استدعاء السفير الموريتاني بالجزائر، الأحد، بمقر وزارة الشؤون الخارجية قصد إبلاغه بقرار الجزائر القاضي بطرد الدبلوماسي الموريتاني المذكور وهذا في إطار مبدأ المعاملة بالمثل.
وحرص بيان الوزارة على ذكر توقيت اللقاء الذي جمع السفير الموريتاني بمسؤولين في وزارة الخارجية، والذي لم يدم سوى أربع دقائق، ما يعبر عن “انزعاج جزائري بالغ” من الخطوة الموريتانية غير المنتظرة وتوحي بان السلطات الجزائرية أعلمت السفير الموريتاني بالقرار وعدم فسح المجال للحديث الدبلوماسي الذي تجاوزته الأحداث في هذه القضية. خاصة وان العلاقات بين البلدين جيدة ولم يسبق أن تفجر أي خلاف إلى العلن. ويكشف استدعاء السفير الموريتاني، دون الاكتفاء بقرار المعاملة بالمثل، درجة انزعاج السلطات الجزائرية، التي حرصت على تبليغ الرسالة إلى السفير الموريتاني.
قرار السلطات الجزائرية جاء ردا على قرار موريتانيا غير المبرر في حق الأمين الأول لسفارة الجزائر بنواكشوط بلقاسم شرواطي الذي طردته يوم الأربعاء الماضي. وأشار بيان الخارجية بأن الدبلوماسي الموريتاني الذي تم طرده من الجزائر، يشغل «نفس رتبة الدبلوماسي الجزائري»، أي مستشار أول للسفير، وذكرت مصادر إعلامية موريتانية أن المعني المدعو محمد ولد عبد الله. يشغل منصب «المستشار الأمني بالسفارة الموريتانية بالجزائر».
وقالت مصدر دبلوماسي موريتاني، بان الجزائر اعتبرت في مذكرة بعثت بها للسفارة أن المعني يعتبر “شخصا غير مرغوب فيه، وعليه مغادرة الأراضي الجزائرية في أسرع وقت”.وأشار إلى أن الدبلوماسي الموريتاني بدأ بالفعل في ترتيبات العودة للبلاد.
قرار السلطات الجزائرية جاء وفق مبدأ «المعاملة بالمثل» في تعاطيها مع قرارات تصدر عن جهات ديبلوماسية أجنبية بخصوص علاقاتها الثنائية مع الدول الشقيقة و الصديقة و هذا وفقا لأعراف ديبلوماسية معمول بها عالميا، ولا علاقة له باي قطيعة دبلوماسية، خاصة وان السلطات الموريتانية هي التي كانت سباقة لإثارة هذا الخلاف الدبلوماسي بطرد دبلوماسي جزائري واستخدمت حجة واهية لتبرير قرارها وحاولت تحميله مسؤولية مقال صدر في إحدى وسائل الإعلام الموريتانية تحدث “عن شكوى موريتانية من المغرب إلى الأمم المتحدة بسبب إغراقها الحدود الموريتانية الشمالية بالمخدرات”.
وكانت وسائل إعلام موريتانية نقلت في وقت سابق عن مصادر أمنية تأكيدها أن “نواكشوط طردت الأربعاء الماضي المستشار الأول بالسفارة الجزائرية في نواكشوط بلقاسم شرواطي على خلفية اتهامه بالوقوف وراء مقال نشر بإحدى الصحف الإلكترونية الموريتانية، يسيء إلى علاقات موريتانيا الخارجية”.
وأثار القرار استغراب الأوساط الدبلوماسية في الجزائر التي طالبت نظيرتها الموريتانية بتفسيرات عن الخطوة التي أقدمت عليها والتي تعد الأولى من نوعها في تاريخ البلدين، ونقل موقع «كل شيء عن الجزائر» عن مصدر دبلوماسي، قوله إن “قرار نواكشوط بطرد الدبلوماسي الجزائري فيها غير مفهوم”. وأشار المصدر إلى أن الخارجية تدرس حاليا “الرد المناسب على ذلك”، في إطار المعاملة بالمثل”. ونقلت مصادر إعلامية محلية، بان السلطات الجزائرية، كانت قد طلبت توضيحات خاصة من الحكومة الموريتانية بشأن طرد أحد دبلوماسييها بـــ»مبررات واهية».
وكان الدبلوماسي بلقاسم شرواطي الذي يشغل منصب المستشار الأول بالسفارة الجزائرية في نواكشوط، قد وصل إلى الجزائر ، فجر الخميس الماضي، بعدما أبلغته الحكومة الموريتانية أنه «لم يعد شخصا مرغوبا فيه». ونُقل عن الدبلوماسي الجزائري قوله إنه “وقع ضحية مؤامرة في هذه القضية”، دون تقديم تفاصيل أكثر حول ذلك.
واعتقل الأمن الموريتاني صحفيا موريتانيا يدعى مولاي إبراهيم ولد مولاي أمحمد مدير صحيفة «البيان» الإلكترونية للتحقيق معه حول أسباب نشره للمقال ومسؤوليته المهنية والقانونية. وقد أفرج عنه بكفالة ووضع تحت المراقبة القضائية حتى يستكمل التحقيق معه. ويتضمن المقال معلومات مفادها أن موريتانيا تقدمت رسميا بشكوى إلى الأمم المتحدة من الحكومة المغربية تتهمها «بإغراق الحدود الموريتانية مع المغرب بالمخدرات التي يتم تهريبها عبر الأراضي الموريتانية إلى الجماعات الإرهابية في شمال مالي والتي تمول أنشطة هذه الجماعات».
أنيس نواري