«الأفامي» يوصي بمراقبة طبع النقود لمواجهة الآثار التضخمية
أوصت بعثة «الافامي» في ختام زيارتها إلى الجزائر، الحكومة باعتماد إستراتيجية تمويلية واسعة النطاق، وضبط التمويل النقدي سواء من حيث قيمة الأموال التي يتم ضخها من قبل بنك الجزائر أو المدة الزمنية، وقال الصندوق أن الجزائر لا تزال أمامها فرصة لتحقيق التوازن بين الإصلاح الاقتصادي والنمو. على اعتبار أن الدين العام المنخفض نسبيا والدين الخارجي القليل يفسحان المجال لتقوية المالية العامة بصورة تدريجية
قال جان فرانسوا دوفان، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي، في ندوة صحفية عقدها أمس، في ختام زيارته إلى الجزائر، بأنه يتفق مع تحليل الحكومة بشان المشاكل الاقتصادية التي تعيشها الجزائر بسبب تراجع إيرادات المحروقات، وضرورة تنويع الاقتصاد، إلا انه أبدى نوعا من التحفظ بشان بعض القرارات التي اعتمدتها الحكومة لمعالجة الأزمة ومنها طبع النقود.
ويرى مسؤول فريق «الافامي» بأن الجزائر لا تزال أمامها فرصة لتحقيق التوازن بين الإصلاح الاقتصادي والنمو. وذلك بالنظر لانخفاض الدين العام نسبيا والدين الخارجي الضئيل، ما يفسح المجال لتقوية المالية العامة بصورة تدريجية. مشددا على ضرورة ضبط أوضاع المالية العامة بتعديل مستوى الإنفاق بما يتلاءم مع انخفاض مستوى الإيرادات،
ويرى مسؤول الافامي، بان الجزائر لا تزال تواجه تحديات مهمة يفرضها هبوط أسعار النفط منذ أربع سنوات. ورغم ما حققته من ضبط مالي كبير في عام 2017، فلا يزال العجز كبيرا في المالية العامة والحساب الجاري. وقد انخفضت الاحتياطيات بمقدار 17 مليار دولار أمريكي لتبلغ 96 مليار دولار أمريكي (باستثناء حقوق السحب الخاصة)، وإن ظلت وفيرة.
ويتفق الفريق مع السلطات الجزائرية في هدفها المزدوج المتمثل في تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي والعمل على تحقيق نمو أكثر استدامة واحتواء لكل شرائح المجتمع، ولكن البعثة ترى أن المزيج الجديد من السياسات قصيرة الأجل ينطوي على مخاطر وقد يعوق التوصل إلى هذه الأهداف. من المحتمل أن تؤدي السياسات الجديدة إلى تفاقم الاختلالات وزيادة الضغوط التضخمية والتعجيل بفقدان احتياطيات الصرف. ونتيجة لذلك، قد لا تصبح البيئة الاقتصادية مساعدة للإصلاحات وتنمية القطاع الخاص.
وأوصى «الافامي» بإجراء خفض تدريجي في سعر الصرف مع بذل جهود للقضاء على سوق الصرف الموازية. وينبغي أن يظل البنك المركزي مستعدا لتشديد السياسة النقدية إذا لم تنحسر الضغوط التضخمية. في إشارة إلى تداعيات قرار اللجوء إلى التمويل غير التقليدي لتمويل العجز، حيث أوصى بوضع ضمانات وقائية قوية. وينبغي أن تشمل هذه الضمانات حدودا كمية وزمنية صارمة على التمويل النقدي، وتسعير هذا التمويل حسب سعر الفائدة السائد في السوق.
وكبديل لسياسة طبع النقود اقترح «الافامي» الاستعانة بمجموعة متنوعة من خيارات التمويل، منها إصدار سندات دين محلية بأسعار السوق، وعقد شراكات بين القطاعين العام والخاص، وبيع بعض الأصول، وكذلك، الحصول على قروض خارجية لتمويل مشروعات استثمارية يتم اختيارها بدقة. واصفا ذلك بـ»الخيار المثالي»، إضافة إلى تدعيم الضبط المالي من خلال نهج واسع النطاق بما في ذلك زيادة الإيرادات خارج المحروقات عبر توسيع القاعدة الضريبية (الحد من الإعفاءات وتعزيز جباية الضرائب)، خفض نسبة النفقات الجارية من الناتج المحلي الإجمالي تدريجيا، والحد من الاستثمار وزيادة كفاءته.
كما أوصى الافامي، بإطلاق سلسلة من الإصلاحات لدعم اقتصاد متنوع بقيادة القطاع الخاص والحد من التبعية للمحروقات. ولتحقيق ذلك، يتعين –حسب بعثة الافامي- التحرك في الوقت المناسب على عدة جبهات للحد من الروتين الإداري، وتحسين فرص الحصول على التمويل، وتعزيز الحوكمة، الشفافية والمنافسة، وفتح الاقتصاد بدرجة أكبر أمام الاستثمار الأجنبي، ورفع كفاءة أسواق العمل وتحسين التوافق بين الوظائف المتاحة ومهارات العمالة.
ولتعزيز فعالية السياسات الاقتصادية، ينبغي أن تعمل الجزائر أيضا على مواصلة تقوية أطر سياساتها الاقتصادية، وهو ما يتضمن تعزيز إدارة المالية العامة، ورفع كفاءة الإنفاق العام، وتقوية إطار الإجراءات الاحترازية والاستعداد للأزمات. وينبغي أن تركز السياسات التجارية على تشجيع الصادرات بدلا من إخضاع الواردات لحواجز غير جمركية والتي يمكن أن تخلف نتائج سلبية. ع سمير