استسهال الشعراء الشباب للشعر الشعبي كرّس سطحيته في الجزائر
يعتبره محبو الشعر الملحون في الجزائر، أحد أكبر شيوخ الشعر الشعبي، تميّزه لغته العفوية التي تفوح منها رائحة النبض الموزون، إنه الشاعر محمد بودالي الذي يقرأ قصائده على المارة في الشوارع والأسواق، فلا يفرّق بين المنبر الرسمي و المكان المفتوح لإلقاء شعره، لأن ما يهمه، هو قول ما بداخله بلهجة جزائرية تبدو حروفها واضحة ومجللة، كما يتعمد ارتداء الزي التقليدي الشعبي الذي يميّز منطقة الشلف، لفخره بالبادية التي يقول عنها أنها مهد الشعر واللحن الجميل.
التقينا بالشاعر الشعبي أثناء إلقاء قصائده ضمن الأسبوع الثقافي للشلف بقسنطينة، أين أرجع بدايته مع الحرف والكلمة الراقية إلى سن 14 من عمره، و تزامن ذلك مع انطلاق الثورة التحريرية، حيث حفظ كل قصائد شعراء الشعبي و رددها منذ صغره، قبل أن يصبح قوال القرية أو ما يعرف حاليا بالحكواتي ويكلل مسيرته مع الشعر الشعبي بإصدار ديوان “الشاعر ونساء العصر” الذي يحتوي على 93 قصيدة و ديوان ثان بعنوان “الشاعر والأحزان” بالإضافة إلى دواوين أخرى في طريق الطبع .
واعتبر ابن مدينة الشلف، الشعر الشعبي بمثابة بناء حجري، يحرص فيه على اختيار كل كلمة على حدى، كما تختار الحجارة الصلبة لبناء متماسك وصلب فالبناء حسبه، ليس عملية سهلة، مشيرا إلى استسهال الشعراء الشباب لقول الشعر الشعبي، مما جعله شعرا سطحيا و تافها في الكثير من الأحيان .
الشاعر أوضح بأنه تعلم الشعر من بيئة تحترم الأدب الشعبي، لديها ثقافة شعرية، حيث يحاسب الشاعر على ما يقوله حسابا عسيرا وهو ما مثل له نقدا موضوعيا، استطاع من خلاله صقل موهبته وفهم الشعر الشعبي بعمق، الأمر الذي أثر على عدد من دواوينه الشعرية التي أكد بأنه يحرص باستمرار على مراجعة قصائده، خوفا من المساهمة في ترسيخ سطحية الشعر الشعبي.
بودالي اعتبر بأن قيمة الشعر الشعبي في الجزائر تراجعت بشكل كبير وهو ما يشكل خطرا على الهوية الوطنية، و تأسف لظهور كلمات نابية في الموجة الجديدة من الأغنية الجزائرية والتي وصفها بالسطحية و انتقد تشجيع مؤلفي مثل هذه الكلمات معتبرا ذلك، تنكرا لشعراء الشعر الملحون في بلدانا، حيث تم تعطيل دور الشاعر الشعبي وتكريس الرداءة بتشجيع كتاب كلمات لا ترتبط بالهوية الجزائرية.
حمزة.د