خصّ ياسين تيطراوي، النجم الصاعد لنادي شارل لوروا البلجيكي، النصر بحوار حصري، كشف فيه عن مسيرته من أكاديمية بارادو إلى الاحتراف الأوروبي، وكيف نجح في فرض نفسه سريعا رغم البداية الصعبة في أول موسم في أوروبا.
اللاعب الشاب يؤمن أن الدوري البلجيكي ليس سوى محطة أولى في مشواره، حيث يطمح للوصول إلى دوريات أقوى، ورغم تركيزه على التطور مع فريقه الحالي، إلا أن حلم تمثيل المنتخب الوطني يبقى هدفه الأكبر، مؤكدا في نفس السياق، أنه يعمل بجد لكسب ثقة الناخب الوطني فلاديمير بيتكوفيتش، وارتداء قميص الخضر في أقرب وقت.
بداية، كيف تُسير تجربتك الاحترافية الأولى مع نادي شارل لوروا البلجيكي؟
أستطيع القول إنني مرتاح للغاية في نادي شارل لوروا، والأمور تسير معي بالشكل المطلوب. في أول موسم احترافي لي في أوروبا، نجحت في كسب مكانة أساسية في الفريق، وألعب بانتظام، وهذا أمر مهم جدا لي كلاعب شاب.
صحيح أن بدايتي لم تكن سهلة، حيث بقيت على مقاعد البدلاء لمدة شهر كامل، وهو ما أزعجني قليلا، لكنني كنت مستعدا للفرصة التي أتيحت لي، وعندما سنحت لي لتعويض أحد زملائي المعاقبين، قدمت مردودا مقبولا، ومنذ ذلك الحين أصبحت لاعبا أساسيا وركيزة هامة في الفريق.
تواجدت ضمن القائمة الموسعة وأسعى لأحجز مكانة في قادم التربصات
ماذا عن التأقلم مع أجواء الدوري البلجيكي، خاصة أنك قادم من بيئة مختلفة؟
ليس من السهل التأقلم بسرعة في إحدى الدوريات الأوروبية، خصوصا عندما تأتي من بطولة وبلد مختلفين تماما، ولكن لحسن الحظ وجود صديقين جزائريين معي في الفريق، آدم زرقان ونذير بن بوعلي (قبل رحيله على سبيل الإعارة)، ساعدني كثيرا في التأقلم، لقد وقفا إلى جانبي منذ وصولي، وساعداني في تجاوز صعوبات البدايات، مما جعل عملية اندماجي أسرع وأسهل. الآن، أشعر وكأنني ألعب في البطولة البلجيكية منذ سنوات، وهو أمر إيجابي بالنسبة لي.
صفقة انتقالك إلى الدوري الكرواتي لم تكتمل قبل موسمين، هل أثر ذلك عليك نفسيا؟
بصراحة لم أتأثر، لأنني كنت على دراية بأن مستواي يسمح لي بالاحتراف في أوروبا، وأن الفرصة ستأتي في الوقت المناسب، وبعد تعثر انتقالي إلى الدوري الكرواتي، واصلت العمل بجد مع فريقي السابق بارادو، وكنت أعلم أن هناك أندية في فرنسا وبلجيكا مهتمة بي. في النهاية، اخترت الانتقال إلى شارل لوروا البلجيكي لعدة أسباب، أهمها وجود لاعبين جزائريين في الفريق، مما جعل عملية التأقلم أسهل، إضافة إلى جدية مسؤولي النادي في التفاوض معي ومع مسؤولي «الباك».
هل تعتبر الدوري البلجيكي مجرد محطة انتقالية نحو تحديات أكبر؟
نعم، بالطبع. أرى أن البطولة البلجيكية تعد محطة مهمة في مسيرة أي لاعب شاب يطمح للوصول إلى مستويات أعلى، وأريد أن أسير على خطى لاعبي أكاديمية بارادو الذين نجحوا في الانتقال من بلجيكا إلى دوريات أقوى، مثل رامي بن سبعيني الذي بدأ من هنا، قبل أن يفرض نفسه في فرنسا وألمانيا. هدفي هو الاستمرار في التطور، ورفع مستواي الفني والبدني، حتى أكون جاهزا للانتقال إلى فريق أكبر في المستقبل.
ألديك وجهة مفضلة في المستقبل، أم أنك منفتح على جميع الخيارات؟
لا أفكر كثيرا في الوجهة المقبلة في الوقت الحالي، بقدر ما أركز على تقديم أفضل ما لدي مع فريقي، والعمل بجدية في التدريبات والمباريات، ولكن، بطبيعة الحال، هدفي على المدى المتوسط هو اللعب في إحدى الدوريات الخمس الكبرى، وإذا سنحت لي الفرصة، فأنا أرى أن الدوريين الإنجليزي والألماني، قد يكونان الأنسب لي، وأود أن أشكر كل من دعمني منذ بداياتي في الجزائر، سواء في أكاديمية بارادو أو بعد انتقالي إلى أوروبا، وأشعر بالفخر لتمثيل كرة القدم الجزائرية في الخارج، وسأواصل العمل بجد، لتحقيق المزيد من النجاحات.
كيف تتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي ومطالب البعض بضمك للمنتخب؟
بصراحة، لست من متابعي مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير، لأنها قد تؤثر على تركيزي ومستواي، وأفضّل أن أبقى بعيدا عن أي شيء قد يشوش ذهني وتركيزي، ولكن في بعض الأحيان تصلني بعض المنشورات وأرى بعض التعليقات التي تتغنى بي، وهذا يسعدني ويحفزني على مواصلة العمل والتطور. أؤمن بأن التواضع والاستمرار في العمل الجاد هما السبيل لتحقيق كل الأحلام.
عيني على الخضر وأسعى لكسب ثقة بيتكوفيتش
ألا تشعر بخيبة أمل لعدم استدعائك إلى المنتخب خلال المعسكر الأخير؟
لا، لست قلقا على الإطلاق. أنا أؤمن بأن حلمي سيتحقق عاجلا أو آجلا، ولكن بشرط أن أكون في المستوى المطلوب، عندما يحين وقتي للحصول على دعوة لتمثيل بلدي. المنتخب الوطني هو أقصى أمانيَّ، وأضعه على رأس أولوياتي، خاصة بعدما نجحت في تحقيق هدفي الأول بالاحتراف في إحدى دوريات أوروبا.
ماذا عن إمكانية استدعائك مستقبلا للخضر ؟
لا أحب الحديث كثيرا عن هذا الموضوع، لأنني أدرك بأن كل شيء يأتي في وقته المناسب، وإذا رأى الناخب الوطني أنني جاهز لحمل قميص الخضر، فلن يتردد في استدعائي. لقد كنت ضمن قائمته الموسعة لمباراتي بوتسوانا وموزمبيق، وهذا يعني أنني تحت أنظاره، ولم يتبق لي سوى الانتقال إلى مرحلة جديدة، وهي الانضمام لمعسكرات المنتخب الوطني الأول، الذي يعد أبرز أهدافي.
هل تُشجعك تصريحات بيتكوفيتش الأخيرة عنك عندما قال إنك محل متابعته؟
نعم، لقد أرسل لي بعض الأصدقاء ما قاله عني المدرب الوطني، خلال ندوته الصحفية التي سبقت انطلاق المعسكر التحضيري، واعتبر حديثه عني بمثابة عامل محفز لمواصلة العمل والاجتهاد. أنا واثق بأنه سيوجه لي الدعوة مستقبلا، عندما يجدني قادرا على تقديم الإضافة المطلوبة لوسط ميدان المنتخب الوطني.
حدثنا عن شعورك وأنت ترتدي قميص الخضر أول مرة ؟
كانت لي فرصة تمثيل الألوان الوطنية في مختلف الفئات السنية، وهو شعور رائع لا يمكن وصفه، وكنت حاضرا مع منتخب أقل من 20 عاما، وقدمت أداء جيدا، كما شاركت مع المنتخب الأولمبي، ثم كنت جزءا من المنتخب المحلي الذي تُوّج بكأس العرب «فيفا قطر 2021» بقيادة المدرب مجيد بوقرة، وكنت أصغر لاعب في الفريق، وربما في البطولة بأكملها بعمر 17 عاما، والحمد لله، استطعنا تحقيق ذلك اللقب الغالي والثمين، في إنجاز سيظل خالدا في مسيرتي.
مونديال 2014 صنع حلمي واليوم أريد أن أكون جزءا من جيل جديد
متى بدأ حلمك بتمثيل المنتخب الوطني؟
منذ طفولتي، كنت أحلم بارتداء قميص الخضر، وأذكر جيدا مونديال البرازيل 2014، عندما كان عمري 10 سنوات، وتأثرت كثيرا بالأداء البطولي الذي قدمه زملاء فغولي، خصوصا بعد التأهل إلى الدور الثاني، والمباراة الملحمية أمام ألمانيا. رؤية الجماهير الجزائرية تحتفل في الشوارع بأعداد كبيرة جعلتني أقول لنفسي: «لماذا لا أكون سببا في إسعاد هذا الشعب يوما ما؟»، ومنذ ذلك الحين، أعمل بجد لتحقيق هذا الحلم.
تتويجي بطلا للعرب في سن 17 عاما سيظل محفورا في ذاكرتي
كيف تعلق على تجربتك الاحترافية في أوروبا ؟
الاحتراف في أوروبا، وبلجيكا تحديدا، كان خطوة ضرورية بالنسبة لي، من أجل تطوير مستواي والوصول إلى المنتخب الأول. في بلجيكا، تعلمت الكثير سواء من الناحية التكتيكية أو البدنية، وأسعى يوميا لاكتساب المزيد من الخبرة والنضج الكروي، وأريد أن أكون جاهزا لمساعدة المنتخب عندما يأتي الوقت المناسب.
ما هو هدفك الأبرز حاليا؟
أركز على التطور المستمر مع فريقي والعمل بجد، من أجل تحقيق حلم الانضمام إلى المنتخب الوطني. أريد أن أكون في أفضل مستوياتي حينما تأتي الفرصة، لأنني أدرك جيدا أن اللعب للجزائر مسؤولية كبيرة وشرف لا يضاهيه شيء.
بالعودة للبدايات، كيف كانت انطلاقتك في عالم كرة القدم؟
بدأت مسيرتي الكروية في سن 13 عاما، عندما انتقلت إلى أكاديمية بارادو قادما من المسيلة، وهناك وجدت الأبواب مفتوحة أمامي للتعلم والتطور، وعملت بجد وضحيت كثيرا من أجل النجاح. لم يمر وقت طويل حتى التحقت بالفريق الأول لنادي بارادو، حيث لعبت إلى جانب لاعبين متميزين، ولحسن حظي كان أدائي مقبولا ولفت انتباه الجميع، سواء مدربي المنتخبات الوطنية أو بعض مسؤولي الفرق الأوروبية، وهو ما مهد طريقي نحو الاحتراف في نادي شارل لوروا.
كيف تُقيم دور أكاديمية بارادو في مسيرتك؟
أكاديمية بارادو قدمت لي الكثير، ولولاها لما كنت الآن أرتدي قميص فريق أوروبي رغم صغر سني. لقد وفرت لي الأكاديمية كل شيء، ولست الوحيد الذي استفاد منها، بل هناك أسماء عديدة شقت طريقها نحو النجومية مثل بن سبعيني وعطال وزرقان وبوداوي، ومتأكد أن الأكاديمية ستقدم أسماء أخرى واعدة في المستقبل.
من مقاعد البدلاء إلى ركيزة أساسية وهكذا انتزعت مكانتي في شارل لوروا
هل مازلت تتابع الدوري الجزائري وما رأيك في تألق بولبينة؟
نعم، أتابع مباريات بارادو وأيضا تألق زميلي السابق عادل بولبينة، الذي يتصدر هدافي الدوري الجزائري برصيد 15 هدفا. أنا سعيد جدا بمستواه وأتمنى له التوفيق في مسيرته، ولم لا نراه قريبا في ناد أوروبي؟، لأنه يستحق ذلك نظرا لإمكاناته الكبيرة.
هل لديك قدوة أو لاعب مُلهم في مركزك؟
في الحقيقة، لا أمتلك قدوة أو مثلا أعلى في منصبي، لأنني أعتقد أن اللاعب يجب أن تكون له شخصيته وأسلوبه الخاص في الميدان. التأثر بلاعب معين ومحاولة تقليده قد ينعكس سلبا على الأداء، لكن هذا لا يمنع من الاستفادة من المواصفات الجيدة لكل لاعب متميز.
ما هي طموحاتك المستقبلية؟
مازلت في بداية مشواري، وأنا في عمر 21 سنة فقط، لذا لدي الوقت لصنع مسيرة ناجحة، ولكن النجاح لا يأتي بالأمنيات، بل بالعمل الجاد والمثابرة، وأنا لن أدخر جهدا في سبيل تحقيق كل أهدافي.
لا أتخذ أي لاعب قدوة وأتمنى لبولبينة مشوارا أوروبيا
كلمة أخيرة لمحبيك وللشعب الجزائري؟
أود أن أبلغ سلامي للشعب الجزائري، وأتمنى لهم عيد فطر مبارك. كما أتمنى أن يحالفني الحظ، وأكون ضمن قائمة المنتخب الأول قريبا، لأن حلمي الأكبر هو اللعب أمام الجماهير الجزائرية العاشقة لكرة القدم.
حاوره: سمير. ك