• يجب وضع القادمين من مناطق موبوءة تحت الحجر الصحي
يؤكد رئيس الجمعية الجزائرية لأطباء الأذن والأنف والحنجرة الخواص الدكتور بوخشم جمال، أن تقليص المواطنين لتحركاتهم و عدم الخروج من منازلهم إلا للضرورة القصوى، سينقذ الجزائر من الوصول إلى المرحلة الثانية من عدوى وباء “كوفيد 19»، داعيا إلى ضرورة وضع الأشخاص الذين يأتون من المناطق الموبوءة في الحجر الصحي، كما يجيب الدكتور في حوار للنصر، على العديد من الأسئلة المتعلقة بهذا المرض و يوضح مدى خطورته، خاصة أن هناك احتمالا بعدم اكتشاف العديد من الإصابات لأن الأعراض القوية لم تظهر على أصحابها.
حاورته: ياسمين بوالجدري
في البداية، ما هو فيروس كورونا المستجد؟
المشكلة أن هذا الفيروس لا يزال غير معروف بالشكل المطلوب لأنه جديد، ففيروس كورونا الذي له أنواع عديدة، ظهر في السابق و أطلق عليه اسم «سارس” سنة 2012، واليوم تحوّل إلى «كوفيد 19» المشتق من “كورونا فيروس ديسمبر2019»، و يكمن الفرق في أن أعراض “سارس» تبدأ في الظهور بشكل خطير منذ الوهلة الأولى، ما ساعد على التحكم فيه، على عكس “كوفيد 19»، الذي لا تظهر أعراضه بمجرد دخوله جسم الانسان، ليمس مع مرور الأيام الرئتين فيمنعهما من إدخال الأكسجين و إخراج ديوكسيد الكربون.
هكذا يؤثر الفيروس على عمل الرئتين
كيف يحدث ذلك؟
لقد وجد العلماء أن هناك بروتينا في سطح الفيروس، يساعده على دخول الرئتين ما يجعل المصاب غير قادر على التنفس، و في هذه الحالة الخطيرة يجب إدخال الشخص للإنعاش من أجل إخضاعه للتنفس الاصطناعي لرفع كمية الأوكسجين في الرئتين، و هي أعراض لا تظهر لدى جميع المرضى، لكنها تهدد بشكل أخص كبار السن و من يعانون من أمراض تنفسية أو مزمنة مثل السكري و الربو، على اعتبار أن جهازهم المناعي يكون غير قادر على المقاومة بنفس القوة التي نجدها عند الأشخاص غير المصابين بأمراض أخرى و الأقل سنا.
هل تتوفر الجزائر على الإمكانيات اللازمة للتكفل بمصابي كورونا المستجد في حالة وصولنا إلى المرحلة التي تعيشها إيطاليا، سيما ما تعلق بأجهزة التنفس الاصطناعي؟
مبدئيا لا، فإمكانيات الجزائر جد بسيطة و هذا أمر معروف، و حتى إمكانيات إيطاليا و فرنسا اليوم أصبحت غير كافية أمام ارتفاع عدد المصابين، و هو وضع يمكننا تجنبه في الجزائر من خلال توعية المجتمع، فالإشكالية تكمن عندنا في أن أسرّة الاستشفاء مستعملة أصلا.
غسل الأيدي وملازمة المنازل يمنع ارتفاع الإصابات
ما الذي على الجزائريين فعله لتجنب الوصول إلى المستوى الثاني من الوباء؟
لتجنب الوصول إلى المستوى الثاني من الوباء، علينا تحسيس المواطنين بضرورة إنقاص تحركاتهم بين المدن و داخلها، وتفادي المناطق المزدحمة لكي نجعل منحنى الإصابات ينخفض بصفة تدريجية، حتى لا نصل إلى مرحلة يمرض فيها الجميع في نفس الوقت فيصعب التكفل بهم لأن الطاقة الاستيعابية بالمستشفيات لن تكون كافية. يجب أيضا غسل الأيدي وعدم البقاء في الأماكن المزدحمة، حتى لا ينتشر المرض بشكل مفاجئ. لقد لاحظت أن المعلومة وصلت للجزائريين، من خلال نقص الحركية التي ينتج عنها نقص الإصابات الجديدة، فالوضع يتطلب بالدرجة الأولى الوعي، مهما توفرت الأسرة و الإمكانيات.
الدولة الجزائرية تعمل حاليا حسب توصيات منظمة الصحية العالمية، لأن الأمر يتعلق بوباء عالمي لا يخص بلدا لوحده، و هذه التوصيات تختلف حسب المستويات الأول و الثاني و الثالث، و في هذا الأخير يتم غلق المدن مثلما حدث في إيطاليا.
في حال راود الشخص شك بأنه مصاب بأعراض كورونا المستجد، ما الذي عليه فعله؟
يجب أولا الاتصال بالحماية المدنية، فليس كل من ظهرت عليه الأعراض يذهب إلى المراكز الصحية، إذ أن هناك مصالح الأمراض المعدية المختصة في هذا المجال إذا تم الاشتباه في الإصابة أو التأكد منها، حيث تتكفل بالعلاج و المتابعة، أما إذا ظهرت على المريض أعراض ضيق في التنفس، فيتم تحويله إلى مصالح الإنعاش، و هذا ما هو معمول به في المستوى الأول من الوباء.
الادعاءات بإيجاد علاجات تشوش على جهود التوعية
أما في فرنسا مثلا، التي أعلنت عن وصولها المستوى الثالث، فيطلب من المريض المكوث في البيت خلال فترة الحجر إذا لم تكن له أعراض ضيق التنفس، لأن المستشفيات غير قادرة على التكفل بالجميع، لذلك فإنه سيطلب من المصابين بالجزائر البقاء في منازلهم إذا تفاقمت الأمور.
كيف نستطيع التفريق بين أعراض الانفلونزا الموسمية و «كوفيد 19»؟
يجب ألا يقع أي إنسان أصيب بأنفلونزا عادية، في الخوف من إمكانية إصابته بـ “كوفيد 19»، طالما أنه لم يشعر بضيق في النفس و لم يسافر إلى مناطق موبوءة و لم يمكن له اتصال مباشر مع أشخاص قدموا منها خلال فترة 14 يوما. و عموما تتمثل أعراض الانفلونزا في الصداع البسيط و الحمى العالية قليلا وانسداد الأنف و الرشح والعطس المستمر و السعال مع بلغم، وكذا التهاب الحلق و الشعور بقشعريرة نادرة وبآلام جسم خفيفة.
يجب على كل مريض انفلونزا ارتداء الكمامة
أما في كورونا، فإن الصداع يكون حادا والحمى عالية جدا، كما يصبح العطس نادرا والسعال جافا، بينما تكون القشعريرة قوية والآلام جد حادة، كما لا يعاني المصاب من انسداد في الأنف أو رشح ولا من التهاب في الحلق، مثلما نجده في الانفلونزا.
هل يجب على مريض الانفلونزا ارتداء الكمامة عند الخروج من المنزل؟
نعم، يجب على كل من يعاني من أعراض الزكام ارتداء القناع، و تفادي الاحتكاك بالمواطنين في الخارج من خلال المصافحة أو غير ذلك، مع عدم الاقتراب كثيرا من أفراد العائلة في المنزل، و ترك مسافة 1 متر مع الأشخاص الآخرين وفق توصيات منظمة الصحة العالمية.
حذر وزير الصحة الفرنسي مؤخرا، من تناول أنواع معينة من مضادات الالتهابات بالنسبة لمصابي كورونا، فما مدى خطورتها؟
بما أن العالم لم يتوصل بعد إلى دواء، أعلن وزير الصحة الفرنسي عن هذا الأمر في تغريدة له على موقع «تويتر»، فمن المعروف في الوسط الطبي أن دخول الفيروس للجسم، يُنشط الجهاز المناعي بعملية الالتهاب التي تحيط بالفيروس و تقتله، لذلك يحظر تناول مضادات الالتهابات على غرار “إيبيروفان” و «ديكلوفيناك” أو “الكورتيزول”، حيث أنها تمنع عملية الالتهاب فيدخل الفيروس بسهولة إلى الرئتين، و هذا ما جعل شبابا في الثلاثين و الأربعن في العمر، يصابون بضيق في التنفس في فرنسا.
للدولة الحق في استغلال تجهيزات العيادات الخاصة بالمستشفيات
إذن، ما هي الأدوية التي يجب على مريض «كورونا» تناولها؟
دواء «باراسيتامول»، و ذلك من أجل التقليل من الحمى و آلام المفاصل.
كأطباء خواص، ما مدى استعدادكم لتقديم يد العون للسلطات الصحية من أجل مواجهة الوباء في حال تفشيه بصفة أكبر؟
كمهنيين، يعمل الأطباء الخواص تحت تأطير وزارة الصحة التي لها الحق في تأطير كل الإمكانيات البشرية لمجابهة الوباء، وحتى إلزامية أخذ الأجهزة من العيادات الخاصة و وضعها تحت المستشفيات الجزائرية. لحد الآن ما نزال في المرحلة الأولى من المرض، و نحن نسعى لعدم تفاقم الوضع، و في حال حدوث هذا الأمر فإن وزارة الصحة لها الحق في الاستعانة بالجيش و كل الإطارات الطبية. في هذه الحالة لا يمكن الحديث عن عام أو خاص. أنصح المواطنين بعدم الذهاب إلى العيادات الخاصة حاليا، إلا في الحالات الإلزامية.
السعال الجاف والصداع الحاد من أهم الأعراض
لاحظنا حالة من الاستخفاف وسط الجزائريين من خلال التواجد المكثف في الشوارع ومختلف الفضاءات، وهو أمر تراجع بشكل نسبي نهار أمس مع ارتفاع الوعي. إلى أي مدى يمكن أن تؤدي الاستهانة بخطورة “كوفيد 19» إلى تأزيم الوضع؟
لقد نصبت الدولة خلية أزمة تعمل لـ 24 على 24 ساعة، و وزارة الصحة تقدم في كل مرة معلومات حول كيفية التعامل مع الوضع، و إذا تحلى الجزائريون بالحس الوطني والصحي فإننا لن نصل إلى حالة بلدان أخرى استخف مواطنوها بالمرض وكانوا واثقين بمنظومتهم الصحية، لكن في حالة الجزائر بدأ الوعي يتشكل كما أن المواطن يعلم أن الإمكانيات الطبية لبلاده جد بسيطة لذلك فإنه مستعد و سيأخذ احتياطاته، وأول هذه الاحتياطات هي ملازمة منزله.
هناك احتمال بأن أشخاصا مصابين يتجولون في الشوارع
بالمقابل، على الدولة أن تخصص غرف حجر صحي لكل الأشخاص الذين يأتون من الدول الموبوءة، فمن غير المعقول أن يُتركوا يخرجون من المطار لأن درجة حرارة أجسامهم غير مرتفعة، إذ يمكن أن يتناولوا دواء “باراسيتامول” لخفض الحرارة قبل النزول من الطائرة. أما في حالة عدم توفر الإمكانيات لاستحداث مناطق الحجر الصحي تتكفل بها الدول، فيجب إلزام هؤلاء الأشخاص بالدخول في حجر داخل منازلهم لمدة 14 يوما، مع تغريمهم و حتى معاقبتهم بالحبس ضمن الأطر القانونية، إذا لم يلتزموا بهذا الأمر.
مضادات الالتهاب تُضعف مقاومة الجسم للفيروس
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تعج بعشرات الوصفات التي يقول أصحابها إنها مفيدة للوقاية و حتى العلاج، و هناك من يتحدثون عن ابتكار دواء أساسه الأعشاب. ما رأيك في هذا دكتور؟
مبدئيا، إن كان الأمر يتعلق مثلا بالعسل و بعض الأغذية الغنية بالفيتامينات المفيدة للجسم، فهذا أمر عادي، لكن الشعوذة و الحديث عن اختراع لقاحات من طرف أشخاص يجعلون المواطنين يتأملون و يعيشون في الأحلام، يشوش على جهود الدولة في التوعية. وزير الصحة طبيب و هذا أمر جيد لأنه يعرف جيدا كيف يجب التعامل مع الوضع.
الإصابات ستتقلص كلما تراجعت حركة المواطنين
هناك من يقول إن منحنى الإصابات سيبلغ ذروته بعد أسابيع، ما مدى صحة هذا الأمر؟
إذا بقي الجزائريون في منازلهم، فلن نصل إلى الذروة، الخطر يحدث إذا بقي المواطنون يعيشون حياتهم بصفة عادية. لقد استطعنا التعرف على 54 مصابا، لكن علينا أن نعلم أن هناك فرضية تقول بأن أناسا يتجولون في الشوارع و هم مصابون بفيروس كورونا دون أن يعلموا ذلك أو نعلم نحن، لأن الأعراض لم تظهر عليهم أو أنها خفيفة، لهذا أشدد على وجوب البقاء في البيت و عدم الاختلاط بالآخرين إلا للضرورة القصوى. يجب عدم التهويل، لكن علينا أن نتعلم من تجربة فرنسا و إيطاليا، و أخذ الخطر بجدية لعدم الوصول إلى مرحلة الذروة التي ستكون معها الطاقات الاستيعابية للمستشفيات غير كافية.
ي.ب