* النظام الصحي ببلادنا تأقلم مع كوفيد ونستبعد العودة إلى الغلق
أكد مدير معهد باستور، الدكتور فوزي درار، أن الجزائر لم تسجل انتشارا لعدوى السلالة البريطانية المتحورة لكورونا ضمن محيط المصابين بها ، قبل نحو أسبوع، لكنه حذر من أن التراخي المسجل في الالتزام بالإجراءات الوقائية المنصوص عليها في البروتوكول الصحي قد يعيدنا إلى نقطة الانطلاق ويعود الفيروس للانتشار بقوة.
أجرى الحوار: عبد الحكيم أسابع
وأوضح درار في حوار خص به النصر أول أمس أن كل اللقاحات المعتمدة في العالم ومن بينها تلك التي تحصلت عليها الجزائر، أثبتت فعاليتها في علاج كل سلالات جائحة كورونا، مشددا على ضرورة توسيع التوعية بأهمية التلقيح للوصول إلى بناء المناعة الجماعية الكفيلة بالقضاء النهائي على الحالة الوبائية.
ويتحدث مدير معهد باستور في هذا الحوار عن محاولة بعض الدول احتكار كميات اللقاح المتوفرة على مستوى الشركات والمخابر المنتجة بأي ثمن وحرمان البلدان الأخرى منها، مقدما تطمينات بأن الجزائر ستتحصل على حصصها من اللقاحات لرفع وتيرة التطعيم الحالية شيئا فشيئا.
وقال السيد درار إن المعركة القادمة هي البحوث الجينية وهو جانب يجب الاستثمار فيه مع خلق نسيج وطني للمخابر.
النصر: سجلت الجزائر منذ أيام حالتين للسلالة البريطانية المتحورة وقد أعلنتم عن إخضاع محيط المصابين للتحاليل، هل سُجلت إصابات جديدة و هل تم عزل كل المشتبه في إصابتهم؟
درار: بعد اكتشاف الحالتين المصرح بهما الأسبوع الماضي، تم إخضاع محيط المصابين لكشوفات "البي سي آر"، غير أن النتائج قد جاءت كلها سلبية، وبالتالي لم يتم عزل أي أحد من هؤلاء.
وعليه نؤكد أن فيروس السلالة المتحورة لم ينتشر في محيط المصابين اللذين تعافيا وتماثلا للشفاء تماما.
الجزائر تفاوضت مع منتجي اللقاحات في سرية تامة لمواجهة الاحتكار
النصر: كما هو معلوم فإن إحدى الحالتين المصابتين بالسلالة البريطانية المتحورة لكورونا تتعلق بطبيبة قالت وزارة الصحة أنها لم تتنقل خارج الجزائر، هل يمكن أن نفهم أن السلالة الجديدة تكون قد تحورت في الجزائر؟
درار: لا يمكن إعطاء تفسير دقيق لما حدث لأن المعلومات بشأن ذلك غير متوفرة في الوقت الحاضر وسيتم الإعلان عنها حال إتمام التحقيق، وما يمكن قوله أن العدوى تكون قد انتقلت إلى الطبيبة من مريض من محيطها، ممن قدموا إلى أرض الوطن لأسباب عائلية أو خاصة، يحتمل عدم خضوعه لاختبار الكشف عن الفيروس، ونستبعد أن يكون الفيروس قد تحور في الجزائر.
النصر: لجوء الجزائر إلى اقتناء مجموعة من اللقاحات قبل تسجيل السلالة المتحورة، قد يطرح علامات استفهام حول جدوى هذه اللقاحات؟
درار: كل اللقاحات المعتمدة في العالم ومن بينها تلك التي تحصلت عليها الجزائر ويتم استعمالها منذ أواخر شهر جانفي الماضي في بلادنا، أثبتت فعاليتها في علاج كل سلالات جائحة كورونا، ومن بينها السلالة البريطانية.
وقد أكدت منظمة الصحة العالمية و جميع من استعمل اللقاحات المتوفرة، بأنها ناجعة جدا وحتى الوكالات الوطنية للصحة عبر العالم، التي تشتغل حول مدى مقاومة السلالات المتحورة للقاح، لم تتوصل إلى نتائج سلبية، غير أن ثمة من يدعو إلى مكافحة هذه السلالات باستعمال ثلاث جرعات من اللقاح أو استعمال جرعة ثانية مغايرة.
النصر: بعد عام على ظهور كورونا بالجزائر سجل دخول السلالة البريطانية، وهي أسرع انتشارا بعشر مرات، هل تتوقعون تكرار سيناريو مارس الماضي، في ما يتعلق بتطبيق التدابير الاحترازية سيما إعادة الغلق من جديد؟
درار: لا أظن أننا سنعود لتطبيق نفس إجراءات تدابير الغلق التي شهدناها في مارس 2020، حتى ولو أخذت السلالة المتحورة في الانتشار بشكل أوسع، لسببين رئيسيين وهما أن النظام الصحي في بلادنا قد تأقلم مع كوفيد – 19، وثبتت التجربة بأننا استطعنا أن نحاصر انتشار هذا الفيروس، من خلال وسائل الكشف وبروتوكول العلاج المتبع فضلا عن نجاعة التدابير والإجراءات المتخذة في مجال الوقاية.
إلى جانب ذلك إن الإجراءات المتبعة في مجال غلق المجال الجوي والمراقبة الصارمة للوافدين في إطار الرحلات الجوية الخاصة لا تسمح للسلالة المتحورة بالانتشار على نفس المنوال الحاصل في البلدان التي تركت مجالها الجوي أو تلك التي أعادت فتحه.
اللقاحات المتوفرة حاليا أثبتت نجاعتها في علاجكل السلالات
النصر: سبق وأن صرحتم أن بعض الدول تضغط كي تحرم الجزائر من اللقاح؟ هل لك أن تشرح لنا شكل تلك الضغوط؟ وكيف تعاملت معها الجزائر؟
درار: فعلا ثمة بعض الدول تسعى دائما إلى الاطلاع على الأسعار المطبقة في بنود الاتفاق بين المخابر المنتجة للقاح والبلدان الزبونة، ومن بينها الجزائر، وفي حالة حصولها على أي معلومة بشأن ذلك فإنها، لا تتحرج في تقديم ضعف السعر الذي قدمته الجزائر، من أجل الحصول على كميات كبيرة جدا، حتى يُحرم الطرف الجزائري، لذلك كان من الضروري جدا أن تقوم الجزائر بالتفاوض والاتفاق في سرية تامة مع منتجي اللقاح، ولم يعد خافيا أن بعض البلدان ومن أجل ضمان حصة أكبر في الحملة الأولى من التلقيح فقد قدمت أسعارا مضاعفة، وقد اعترفت منظمة الصحة العالمية بمحاولة بعض البلدان احتكار الكميات المتوفرة من اللقاحات، سواء باقتراح أثمان باهظة أو طلب كميات كبيرة جدا، ما يضر بالبلدان الأخرى التي لم تستطع حتى الحصول على كميات أولى، ما خلق تذبذبا في العالم جراء هذه التصرفات، لذلك نجد بلدان كثيرة لم يصلها اللقاح.
والمنظمة العالمية للصحة تسعى حاليا لخلق نوع من الاستقرار والعدل في مجال توزيع اللقاحات، ونحن ندعو إلى تلاحم بين مختلف البلدان من أجل الحيلولة دون سيطرة أطراف معينة على اللقاحات، حتى يصل اللقاح للجميع.
وأظن أن الجزائر قامت بمجهود جبار من أجل أن تكون من أوائل البلدان التي تحصلت على اللقاح في أواخر شهر جانفي، وهذا مهم جدا.
النصر: رغم تمكن الجزائر من أن تكون من أوائل البلدان التي تحصلت على اللقاح، لكن بعض المتخصصين يصفون معدل التلقيح ببلادنا بأنه بطيء، ما قد يؤثر على تحقيق هدف ضمان التلقيح الجماعي قبل نهاية السنة، متى يتم دخول مرحلة مكثفة برأيكم؟
درار: الذين يتكلمون بهذا المنطق، ليس لهم دراية تماما كيف تتم عملية التلقيح في البلدان الأخرى، ففي شهر ديسمبر الماضي هناك دولة في جنوب أوروبا بدأت حملة التلقيح بـ 19 ألف جرعة فقط، قبل أن تصل الآن إلى تلقيح حوالي المليونين، ولذلك أقول أنه من المهم الانطلاق في التلقيح والرفع من وتيرته شيئا فشيئا لأن الأشخاص الذين يتحدثون عن احتمال ألا نصل إلى النسبة القصوى المطلوبة من التلقيح في سنة، يقدمون أنفسهم كما لو أنهم مطلعون على كل الأرقام بخصوص عمليات التلقيح الجارية على مستوى الأشهر الثلاثة الجارية...
تحقيق الأمن البيولوجي من الأهداف الرئيسية لمعهد باستور
وأنا أريد أن أقول بصفتنا مشاركين في التلقيح فإن الحصص التي تتحصل عليها الجزائر تباعا تتزايد من شهر إلى آخر بشكل أكبر، حتى نتمكن من تحقيق الأهداف المرسومة في أقرب وقت ممكن، أما أن نقول إن الحصص غير كافية، والعملية تجري ببطء فأطلب من هؤلاء أن يعطوننا اسم دولة واحدة في العالم استطاعت تلقيح كل سكانها، وحتى البلدان التي أنتجت اللقاح ولديها عدد من المصانع كالولايات المتحدة، لم تصل نسبة التلقيح لديها 10 بالمائة.
الحاصل أن عملية التلقيح في أي بلد و في الظروف الحالية تمر عبر مراحل وكلما تزداد وتيرة التلقيح يزداد الطلب عليها ومع مرور الوقت يتم الحصول على كميات و أنواع أخرى من اللقاح وهكذا ترتفع نسبة التطعيم، وأجزم بأن عدد الأشخاص الذين سيتم تلقيحهم في شهر أفريل المقبل مع وصول شحنات جديدة من اللقاح سيكون أكثر بكثير وهكذا.
ثم يجب أن يعلم الجميع بأننا لسنا في وضع عادي توجد فيه وفرة من اللقاحات في السوق الدولية، ويتم إنتاجه بريتم عال جدا، فهذه الوفرة غير موجودة وبالتالي فإن الريتم ينطلق ببطء ثم تزداد الوتيرة.
وعلى سبيل الذكر فإن لقاح سبوتنيك الروسي الذي وقعنا مع منتجه اتفاقية، لا يستطيع أن يمنحك الحصة المتفق عليها دفعة واحدة فهذا يستغرق وقتا طويلا.
النصر: تراهن الجزائر على تصنيع لقاح سبوتنيك الروسي داخل أرض الوطن، وقد أمر رئيس الجمهورية في آخر مجلس للوزراء بتسريع الإجراءات؟ أين وصل المشروع ومتى يتم تجسيده وفق ما هو متوفر من معلومات لديكم؟
درار: هذا الموضوع يخص الوزارة المنتدبة للصناعات الصيدلانية، فليس لدي المعلومات الكافية للإجابة بدقة ولكن أستطيع أن أقول بأنه بما أن رئيس الجمهورية قد أسدى تعليمات لتسريع الإجراءات بخصوص هذا الشأن فمعنى ذلك أن هذا يدخل ضمن إستراتيجية البلاد، التي تهدف إلى تحقيق الاستقلالية في اللقاح، لأن الدرس الكبير الذي تلقيناه خلال انتشار جائحة فيروس كوفيد – 19، فإنه من الضروري أن يكون لبلادنا استقلالية لكي لا يكون تحت ضغط أي طرف كان، وعلى ضوء ذلك فإن الجزائر ستكون لديها استقلالية ببلوغ إستراتيجية التصنيع إلى مداها، ما يمكننا في المستقبل من مواجهة الفيروسات القادمة سواء كورونا، أو الأنفلونزا أو غيرها.
تلقينا ضمانات بأن لقاح فايزر قابل للتخزين في ثلاجات عادية لمدة شهر
النصر: في حال إتمام إنجازه في الأشهر المقبلة، هل يمكن لهذا المصنع أن يغطي حاجيات دول المغرب وإفريقيا؟
درار: إن الإستراتيجية التي تحدث عنها رئيس الجمهورية الرامية لتحقيق استقلالية بلادنا من اللقاح، ترمي من جهة أخرى إلى تصدير هذا المنتوج إلى الخارج، ووزارة الصناعات الصيدلانية، هي المخولة لتقديم معلومات بشكل أدق.
النصر: يلاحظ نوع من التردد في أوساط المواطنين بشأن التلقيح؟ هل لمستم ذلك في مراكز التلقيح؟
درار: أعتقد أن ريتم التلقيح يجب أن يواكبه قبول المواطنين، وأرى أن من بين فوائد بطء الحملة التطعيمية، أن ذلك يزيد شيئا فشيئا من بناء الثقة في فعالية اللقاح وضرورة تلقيه، والحاصل أن كل الأصداء والمعلومات الواردة من المؤسسات والمراكز الصحية المعنية بحملة التطعيم ضد كوفيد – 19، تتحدث عن وجود عدد كبير من المواطنين الذين ينتظرون تلقي الجرعة الأولى.
وبما أنني شاركت في 2009 في حملة التلقيح ضد أنفلونزا "أش 1 وان 1"، فإن المواطن الجزائري يضع ثقة كبيرة في التلقيح.
النصر: بعض الأطباء وجهوا انتقاداتهم للطريقة المتبعة في عملية التلقيح وقالوا إنه يفترض تسييرها إلكترونيا، لما تأخر هذا المشروع؟
درار: لقد تم إطلاق بوابة إلكترونية خلال الأيام الماضية، تسمح للمواطنين بالتسجيل، وأظن أنه كلما تم توفير التلقيح أكثر، فإن عملية الرقمنة ستواكب عملية التطعيم.
النصر: فتحت تحقيقات وبائية منذ سنة، ما هي نتائجها؟ وهل ستفيد في حال انتشار السلالة المتحورة؟
درار:نحن على مستوى معهد باستور مهمتنا في كل هذا هو تقديم التشخيص الفيروسيي، إن كان فيروسا أصليا أو سلالة، والمعهد الوطني للصحة العمومية هو المخول بتقديم نتائج التحقيقات الإبيديميولوجية وليس معهد باستور.
اكتساب المناعة الجماعية الشاملة لن يتم سوى بالتلقيح
النصر: التحسن المسجل في الوضعية الوبائية عادة ما تعبر عنه الأرقام التي تعتمد على من تقدموا للفحص في حين نجد أن فئات كثيرة لا تقوم بالفحص، ألا يتطلب ذلك المزيد من الحذر؟.
درار: أظن أن الذي لا يتقدم للفحص يلحق الضرر بنفسه وبغيره لذلك فمن الضروري أن يسارع كل من تظهر عليه أعراض الإصابة، إلى التوجه إلى المصلحة الاستشفائية القريبة من أجل القيام بالفحص، حتى يستطيع مخبر باستور أو غيره من المخابر التعرف على طبيعة الفيروسات المنتشرة، سواء أصلية أو سلالة... و لنتخيل هنا أن عددا كبيرا من الحالات المشتبه فيها يتكتم أصحابها ويرفضون الذهاب للمستشفى، فكيف سنكتشف والحال هذه إن كان ثمة سلالة أو سلالتين ؟ و ما هي سرعة انتقال الفيروسات ؟، فهذه المهمة ستصبح مستحيلة بإعراض المريض عن الذهاب للمستشفى.
إن التحقيقات الوبائية تبنى على معرفة المصدر ولكي نصل إلى المصدر فلابد للمواطن أن يكون متعاونا، بالذهاب إلى المستشفى في حال ما إذا كانت حالته تحمل أعراضا مشتبه بها.
وفي نهاية المطاف ما يحدث للفرد يكون له الأثر على المستوى الجماعي.
النصر: في هذا السياق نلاحظ أنه كرد فعل على تراجع منحى حالات الإصابة بالفيروس يتخلى المواطنون عن الإجراءات الوقائية وبشكل شبه تام، وهو ما قد يعيدنا إلى نقطة البداية، كيف يمكن إقناع الناس أن الخطر مازال قائما؟
درار: المشكل ليس في اكتشاف السلالة وإنما المشكل في التراخي، لأنه حتى بوجود السلالة العادية فإن التراخي سيسمح للفيروس بإعادة الانتشار، و ما يجب الانتباه إليه أن الوباء لم ينته بل مازال انتشاره كبيرا عبر العالم ولهذا أقول إن ظهور هذه السلالة البريطانية في بلادنا وإن لم تكن خطيرة، يجب أن ننبه إلى أنها سريعة الانتشار والعدوى، وهو ما يجعلنا ندق ناقوس الخطر، ونشدد على الدعوة للعودة إلى التزام الإجراءات الوقائية المنصوص عليها في البروتوكول الصحي، كوضع الكمامة والتباعد، لأنها الكفيلة بوضع الحد لانتشار الفيروس الأصلي أو السلالة. إن العزوف أو التراخي قد يكلفنا غاليا، لأن الفيروس سيعود للانتشار بسرعة أكبر.
النصر: في تقديرك دكتور درار، متى نصل إلى الحالة صفر إصابة؟ وهل ذلك ممكن في ظل الاستهتار المسجل والعودة إلى التجمعات؟
درار: حاليا من المستحيل الوصول إلى الحالة صفر، صحيح عند اتباع الإجراءات بشكل جيد يمكن أن ينخفض عدد الحالات، ولكن انعدام تسجيل حالات لا يعني انعدام الفيروس، ولحد الآن فإن الهدف الرئيسي من المهمة من إرسال المنظمة العالمية للصحة باحثين إلى الصين هو محاولة معرفة كيفية ظهور أول حالة للفيروس وكيف انطلق هذا الفيروس في الانتشار عبر العالم ، ولحد الآن لا نعرف كيف حدث هذا الأمر، نحن نعرف مصدر الوباء ونتعامل معه سواء بالتشخيص والعلاج إلى جانب الوسائل الوقائية.
الجزائري يثق في حملات التلقيح
إن اقتراب عدد الإصابات من الصفر مرهون في اعتقادي باكتساب مناعة جماعية شاملة، وهذه المناعة الجماعية الشاملة لا يمكن الوصول إليها سوى بالتلقيح الجيد، من خلال تلقيح 70 إلى 75 بالمائة من الساكنة، هذا هو الشرط الوحيد الذي يمكن أن يخفض عدد الحالات إلى حد أدنى.
إن الحالة الوبائية يمكن أن تنتهي ولكن لا تصل إلى تسجيل الحالة صفر، وانشغالنا هو كيف يمكن الحد من انتشار الفيروس بشكل كبير وانتهاء مرحلته الوبائية، وأن لا يتسبب في وفاة عدد كبير من الناس. المهم هو حصار الفيروس والغلق عليه في مدة زمنية على غرار الأنفلونزا الموسمية، حيث لا ينتشر كثيرا في العالم ويتم تعزيز المناعة ضد الفيروس لدى الجميع.
النصر: أظهرت الجائحة الحاجة للاهتمام بالمخابر، هل هناك نية لعصرنة معهد باستور وتعزيزه بالوسائل والأطقم وفتح فروع له سيما في ولايات جنوب البلاد؟.
درار: إن الهدف الأول لمعهد باستور هو مقاومة الأمراض المعدية إلى جانب صلاحيات أخرى وإعطاء القوة أكثر للمعهد من ناحية البحث الجيني، فالمعهد اليوم مطالب باقتناء الآلات والأجهزة الخاصة بالبحوث الجينية، لأن الكثير من البلدان قامت بوضع برامج وطنية للبحث الجيني و علينا الاستثمار كثيرا في البحث الجيني عن طريق المخابر الموجودة وهذا هو الأهم من هذه الناحية، ونحن نسعى لتدعيم شبكة المخابر، لتكوين نسيج وطني للمخابر العمومية و الخاصة، حتى يتمكن المواطن من تشخيص إصابته مهما كان مكان تواجده، و حتى يكون تقاسم التجارب وتقاسم البروتوكولات لإعطاء النجاعة لهذه المخابر العمومية والخاصة.
علينا الاستثمار في البحث الجيني
النصر: كم يبلغ المخزون الحالي من اللقاح المتوفر ببلادنا و هل جاوز المليون؟
درار: مع مطلع الأسبوع الجاري كان لدينا مخزون لا يصل إلى 300 ألف ونحن ننتظر وصول كميات من اللقاحات، ومع مرور الأيام سيرتفع المخزون وتزداد وتيرة التلقيح.
النصر: إذا تحدثنا عن الجانب اللوجيستي هل لدينا أجهزة التبريد المناسبة لتخزين وتوزيع لقاح فايزر الأمريكي مثلا والذي يتطلب درجة حرارة لا تقل عن الـ 70 درجة مائوية تحت الصفر؟
درار: على مستوى معهد باستور لدينا نوع ما القدرة على استقبال وتخزين اللقاحات التي تستلزم درجة برودة كبيرة، ونحن عندما نتعامل مع الشريك المنتج لهذا اللقاح نكون قد هيأنا الظروف المناسبة لتلقيها وتوزيعها على مستوى الوطن.وقد قدم معهد فايزر بالولايات المتحدة بطلب من الوكالة الوطنية الأمريكية ، دراسات تفيد أن هذا اللقاح حينما نضعه في ثلاجة عادية يمكن أن تدوم صلاحية استعماله شهرا كاملا، لذلك إذا نظمنا حملة التلقيح في مدة أسبوعين أو ثلاثة وحتى إلى غاية الأسبوع الرابع يمكن استعماله،و هذا يمثل نقطة إيجابية بالنسبة لبرامج التلقيح ونحن على اتصال بمنتج لقاح فايزر وفي حالة الحصول عليه فنحن مطالبون باستعماله في المدة المطلوبة لصلاحية استعماله؟.
نسعى لتكوين نسيج وطني للمخابر العمومية
النصر:ما هي أهم المشاريع التي يعكف معهد باستور على تجسيدها؟
درار: من بين الأهداف ذات الأولوية التي يعكف معهد باستور على تنفيذها وبصفة مكثفة العمل على ضمان الأمن البيولوجي على مستوى المعهد وفي هذا الإطار فقد تم إنشاء لجنة تشتغل على ملف الأمن البيولوجي لإعطاء ضمانات أكبر لمستخدمي المخابر، وخاصة المخابر التي تعمل على كشف فيروس كورونا والسلالات المتحورة منه وغيرها من الفيروسات في المستقبل، وسيبقى تحقيق الأمن البيولوجي من الأهداف الرئيسية لمعهد باستور في الأسابيع و الأشهر المقبلة.وفي ذات السياق أصدرنا دليلا بمشاركة منظمة الصحة العالمية، يحتوى على خلاصة التجربة المعمول بها على مستوى الوكالات الدولية المتخصصة في مجال الفيروسات والبكتيريا، وسنقوم بتقديم محاضرات جهوية لجميع مستخدمي المخابر المعنية في هذا المجال لكي تكيف طرق عملها وفق ما هو معمول به في الوكالات المشار إليها.
ع / أ