أبدى المدير الرياضي لشباب قسنطينة الكثير من التفاؤل بخصوص مستقبل «السنافر» على المديين القصير و المتوسط، و أكد بأن الطاقم الإداري الجديد للفريق و عند توليه المهمة وضع برنامج عمل إنطلاقا من الظروف الراهنة، و هو البرنامج الذي يراعي بالأساس الشعبية الكبيرة للشباب، مع البحث عن استراتيجية تجعل «السنافر» قوة دائمة في الخارطة الكروية الوطنية، و ذلك بضمان القدرة على التنافس على الألقاب خلال كل موسم.
بن كنيدة الذي فتح قلبه للنصر، بعد حصولنا على ترخيص من خلية الإعلام للنادي، أشار إلى أن رهان المسيرين الجدد لشباب قسنطينة يرتكز على الإستقرار من جميع الجوانب في محاولة لتدارك التأخر النسبي في عملية الإستقدامات، مضيفا بأن البرنامج المسطر يرمي إلى وضع أرضية على أسس متينة و صلبة خلال 3 سنوات لبناء فريق محترف بأتم معنى الكلمة، لأن مدينة قسنطينة تتنفس برئة كرة القدم، و «السنافر» متعلقون بفريقهم، و هم متعطشون للألقاب، كما تحدث عن قضية المدرب براتشي و قرار إقالته، إضافة إلى محطات بارزة من مسيرته في عالم الكرة، و أمور أخرى نقف عندها بالتفصيل في هذا الحوار.
صدقوني إذا قلت بأنني لم أحس إطلاقا بفترة الصيام، و لم أستطعم إلى حد الآن حلاوة هذا الشهر الفضيل، رغم إنقضاء أكثر من نصفه، و ذلك بسبب إرتباطاتي بشؤون الفريق، على إعتبار أننا تسلمنا المهام في مرحلة جد حساسة، تزامنت مع إنطلاق المهلة المحددة للإمضاءات و الإستقدامات، مما أجبرنا على الشروع مباشرة في العمل بدخول سوق الإنتقالات، الأمر الذي تسبب في إبعادي عن العائلة و التكفل بالجانب الإداري للشباب، لأن هدفنا الرئيسي كان السعي لوضع القطار على السكة في أسرع وقت ممكن، و محاولة تدارك التأخر المسجل في عملية جلب اللاعبين و ضبط التعداد، إلى درجة أنني لا أتذكر طبقا إشتهيته في وجبة الإفطار، كوني فقدت تماما شهية الأكل، فأصبح طبقي المفضل في رمضان هذه السنة «السنافر» و البحث عن نجاح شباب قسنطينة، بعيدا عن كل أنواع المأكولات، حيث أنني أغيب عن البيت طيلة اليوم، و لا أجلس مع أفراد أسرتي إلا لفترة زمنية وجيزة على مائدة الإفطار، ثم أغادر المنزل للتوجه مباشرة إلى مقر النادي، و في بعض الأحيان أضطر إلى البقاء مع اللاعبين للإفطار معهم، و هي هذه ظروف العمل.
هذه الفكرة برزت بعد التغيير الذي حصل على مستوى رئاسة النادي، لأن محمد حداد و بعد تكليفه بإدارة شؤون الشباب بصفة مؤقتة بادر إلى الإتصال بي من أجل تعييني في منصب مدير رياضي للفريق، و ذلك من منطلق الصداقة التي تربطنا منذ سنوات طويلة، فضلا عن معرفته الجيدة بمضمون سيرتي الذاتية في الحياة الرياضية، و هو المقترح الذي وافقت عليه، بإعتباري واحد من أبناء مدرسة شباب قسنطينة، و أفتخر بأن أساهم في تسخير خبرتي في مجال كرة القدم لخدمة مصلحة الفريق، على أمل النجاح في تجسيد المشروع الطموح الذي سطرناه، و هنا بودي أن أوضح شيئا مهما.
عند الإعلان عن قرار تعييني في هذا المنصب تعالت بعض الأصوات و بذلت مجهودات كبيرة من أجل تشويه سمعتي و تلطيخ صورتي بالتهجم على شخصي ببعض الإفتراءات، لكن من دون أن يكون لها أي صدى في أوساط «السنافر»، لأن الكل في قسنطينة يعرف مكانتي، لأنني إبن الشباب، و أفتخر بأن أكون في هذا المنصب، بعدما كان بداية مشواري كلاعب في هذا الفريق سنة 1978 ، و ذلك في صنف الأصاغر، بعدما كانت لي تجربة مع السباحة لمدة سنتين، توجت خلالها بألقاب جهوية، كما أنني دافعت عن اللونين الأخضر و الأسود بوفاء لمواسم طويلة و ساهمت في صنع أفراح «الخضورة»، لتكون أول تجربة لي في عالم التدريب في عام 1990، حيث كنت مدربا لمدرسة ضمت بعض أنجب أبناء «السي. أس. سي» في السنوات القليلة الماضية أمثال ناصر مجوج و زهير سدراتي، و عليه فإنني أؤكد بأن تلك المناورات قامت بها أطراف لا تمثل إلا نفسها، و كانت فاشلة، لأن هذا المنصب لم يكن هدية مقدمة لي، بل مسؤولية ثقيلة، سأعمل من خلالها على المساهمة في تجسيد برنامج العمل المسطر، و ذلك بفضل الخبرة التي إكتسبتها في الحياة الرياضية على مدار 4 عقود من الزمن، منها 17 سنة في عالم التدريب.
قبل ضبطنا البرنامج راعينا الظروف المحيطة بالفريق، و الواقع الميداني يدل على أن مدينة قسنطينة صرح ثقافي و رياضي ثابت في الجزائر، و كرة القدم تبقى بمثابة الرئة التي يتنفس بها الآلاف من سكان هذه الولاية، كما أن الشباب إستعاد شعبيته التي إفقتدها لعدة سنوات، بدليل الإقبال الجماهيري القياسي على مدرجات ملعب حملاوي في المباريات الكبيرة، و هو عامل كان نقطة الإنطلاق لمشروعنا، لأننا وجدنا أنفسنا مجبرين على البحث عن طريقة عمل كفيلة ببناء فريق قادر على مواكبة القاعدة الجماهيرية الكبيرة التي يمتلكها، كون «السنافر» لهم مكانتهم كأفضل جمهور في الجزائر، و بالتالي فإن هدفنا على المدى القصير هو صنع الأفراح، مع السعي لضمان الإستقرار من أجل إرساء قواعد صلبة و متينة لفريق محترف بعد 3 سنوات، على إعتبار أن مشروعنا يرمي إلى وضع أسس العمل الكفيلة بجعل شباب قسنطينة قوة كروية ثابتة في الجزائر، بالتنافس آليا على لقب البطولة كل موسم، مع البحث عن مصادر تمويل قارة من ممتلكات النادي، و ذلك بالإستثمار في المرحلة الراهنة، حيث لا تزال النوادي المحترفة تستفيد من دعم و إعانات الدولة، لأن مشروع الإحتراف لا بد أن يكون على جميع الأصعدة.
التفاؤل بالنجاح أمر ضروري في الحياة، لكن الحلم بالقدرة على تجسيد نسبة كبيرة من الأهداف المسطرة في هذا المشروع مستمد من الأجواء السائدة وسط المجموعة، لأن الطاقم المسير الجديد و بمجرد تسلمه المهام شرع في العمل كرجل واحد، بعيدا عن أية مشاكل داخلية، و ذلك بوضع مصلحة الفريق فوق كل إعتبار، كما أن لكل عنصر مهامه و صلاحياته، و سر نجاحنا يكمن في التفاهم الكبير بين المسيرين، لأننا حقيقة إنطلقنا في العمل متأخرين، إلا أننا تداركنا هذا التأخر بفضل خارطة الطريق التي رسمناها، و قطار «السنافر» إنطلق بشروع التشكيلة في التحضيرات للموسم الجديد، و التنقل إلى تونس لإقامة تربص إعدادي.
فرانسوا براتشي أخل بنصوص القانون الداخلي للنادي، كونه تسرع من خلال إدلائه بتصريحات لإحدى الصحف تجاوز فيها صلاحياته، و ذلك بحديثه عن قائمة المسرحين و كذا اللاعبين المسجلين في «الأجندة» من أجل الإستقدام، و هذا قبل 3 أيام من الموعد المحدد لإنطلاق التحضيرات، لأن مجلس الإدارة كان قد عين طبيب الأسنان رافع بن دخان في منصب رئيس خلية الإعلام، و نشر بالمقابل بيانا رسميا منع بموجبه أي عضو مهما كان منصبه من الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام إلا بعد الحصول على ترخيص من مسؤول الإعلام، كما كان عليه الشأن بالنسبة لي معكم، حيث رفضت التصريح إلا بعد إستشارتكم للمعني بالأمر، و المدرب براتشي كسر هذا الحاجز و أجرى حوارا أثناء فترة تواجده بسطاولي في عطلة، جعلنا نسارع إلى الإتصال به للإستفسار عن حقيقة الأمر، من دون إتخاذ أي قرار بخصوص مستقبله مع الفريق، و لو أنه أحس بغضب المسيرين منه، ليكون غيابه عن الجلسة التي كانت مبرمجة مع اللاعبين و الطاقم الإداري يوم 29 جوان المنصرم بمثابة المنعرج في العلاقة التي تربط الطرفين، كوننا كمسيرين فكرنا بجدية في مستقبل الشباب، فكان البحث عن مدرب جديد الخيار الحتمي للخروج من هذه الوضعية.
المشكل أن وسائل الإعلام عمدت إلى معالجة هذه القضية بمنظارها، دون الحصول على معلومات صحيحة، رغم أننا كمسيرين جدد و عند تسلمنا المهام وجدنا عقدا للمدرب براتشي ما يزال ساري المفعول لسنة أخرى، و قد قررنا تجديد الثقة في هذا التقني الفرنسي من منطلق النجاح الذي حققه مع الفريق الموسم الماضي، لأن إنهاء البطولة في المركز الخامس يعد مكسبا، كما أننا كنا نراهن على الإستقرار لضمان الإستمرارية في العمل، و قد كانت لنا جلسة مع هذا المدرب رسمنا من خلالها الخطوط العريضة للبرنامج المسطر، من دون التجرأ على تسريح أي لاعب، لكن الخرجة الإعلامية لبراتشي وضعته في مأزق مع الإدارة، الأمر الذي جعله يغيب دون مبرر عن موعد المحدد للشروع في عمله، و بالتالي فهو يتحمل عواقب غيابه ليومين، لأننا إتصلنا به هاتفيا للإستفسار عن وضعيته، إلا أنه إكتفى بالقول بأنه قلق و نفسيته لم تسمح له بالتنقل إلى قسنطينة لمباشرة العمل.
براتشي كان على علم بقرار فسخ عقده، بعدما إقتنع بأنه تسرع في الموافقة على إجراء حوار صحفي، و قد حضر إلى قسنطينة للإطلاع على وضعيته تجاه النادي من الناحية القانونية، و قد إلتقى باللاعبين و المدرب الجديد هوبيرت فيلود في حصة تدريبية بغابة البعراوية، حيث تقبل الوضع بصدر رحب بعدما تحدثنا معه، إذ كانت لي جلسة مطولة معه، تم خلالها تشريح القضية من جميع الجوانب، قبل أن يتناول وجبة الإفطار مع كامل أسرة الشباب بفندق الحسين و يغادر المدينة بكثير من الفرح و السرور، إلى درجة أنه صرح بأن هذا الأمر لن يؤثر على علاقته بالفريق، و أنه سيبقى واحدا من عائلة «السنافر» و يؤازر التشكيلة الموسم القادم.
ليس من السهل إيجاد مدرب حر من أي إلتزام في هذه الفترة، و فكرة جلب فيلود راودتنا بمجرد أن لاحت في الأفق مؤشرات الطلاق مع براتشي، حيث درسنا الوضعية من جميع الجوانب فوجدنا بأن هذا التقني يعرف جيدا البطولة الجزائرية، بعدما كانت له تجارب مع وفاق سطيف و إتحاد العاصمة، و سجله الشخصي في هذه المنافسة يضم لقب البطولة الوطنية لموسمين متتاليين، مما حفزنا على التعاقد مع فيلود، مادام معيارنا في الإختيار يرتكز على شقين و هما الشخصية و الكفاءة، و نحن نبحث عن مدرب قادر على إثبات قوته في التحكم في المجموعة بشخصيته القوية، إضافة إلى الخبرة الميدانية، لأن شباب قسنطينة فريق كبير و يضم لاعبين بإمكانهم صنع الحدث، فما كان علينا سوى جلب مدرب كبير، و قد توصلنا إلى قناعة أن هوبيرت فيلود يعد الخيار الأنسب لهذه المرحلة، بإعتبار أن له مكانة متقدمة في قائمة التقنيين الأجانب الذين نجحوا في الجزائر، و قد أعطيناه جميع الصلاحيات المقترنة بالجانب التقني، بما فيه تركيبة طاقمه، حيث أنه سيعمل إلى جانب المحضر البدني عبد الرحمان سايح و مدرب الحراس مراد بن عامر.
سياستنا في ضبط التعداد كان وفق دراسة معمقة، لأننا بحثنا عن الإستقرار من خلال الإحتفاظ بأكبر عدد ممكن من لاعبي الموسم الماضي، مع تدعيمه بلاعبين يستوفون الشروط التي ضبطناها بحسب حاجيات الفريق من حيث المناصب، إنطلاقا من الذهنية، لتفادي إثارة المشاكل الداخلية أثناء الموسم، مرورا بالكفاءة الميدانية، وصولا إلى الرغبة في رفع التحدي و صنع الحدث، و قد كانت ثمار هذه السياسة بالإحتفاظ بنسبة 60 بالمئة من التعداد، و تدعيمه بلاعبين أصحاب خبرة، إختاروا شباب قسنطينة عن قناعة، على أمل المساهمة في إنجاح المشروع المبرمج، و ذلك بخلق مجموعة منسجمة و متكاملة تعمل في أجواء عائلية، مما يدفعنا إلى إبداء الكثير من التفاؤل بالقدرة على إسعاد آلاف الأنصار إنطلاقا من الموسم القادم، رغم أننا نسعى إلى بناء فريق مستقبلي، كوننا نراهن على الإحتفاظ بهذا التعداد بنسبة 80 بالمئة في صائفة 2016، مع وضع تقاليد مستمدة من الإحترافية في تسيير شؤون النادي، لأننا بالموازاة مع ذلك سننصب لجنة تقنية تتكفل بعملية إنتقاء المواهب الشابة عبر كامل التراب الوطني طيلة الموسم المقبل، من دون تجاهل الأصناف الشبانية في برنامجنا المسطر، لأن الإهتمام بها أمر ضروري، و ذلك بتوفير ظروف العمل التي من شأنها أن تساعد اللاعب الشاب على تفجير طاقته الكامنة.
التربص في تونس يعد محطة بارزة في برنامج التحضيرات، و يرتقب أن يتم خلاله التركيز أكثر على الجانب البدني، و سيستمر هذا المعسكر إلى غاية 15 جويلية الجاري، على أن يستفيد اللاعبون من فترة راحة تزامنا مع عيد الفطر المبارك، و بعد إستئناف العمل بقسنطينة لنحو أسبوع سيكون هناك تربص ثان يمتد من ال27 من الشهر الحالي إلى غاية الخامس أوت المقبل، و لو أننا لم نفصل نهائيا في مكان إقامة هذا المعسكر، حيث درسنا بعض المقترحات مع الطاقم الفني بقيادة فيلود، لكننا وجدنا أنفسنا مجبرين على مراعاة بعض الظروف، كون تلك الفترة هي المرحلة الثالثة من البرنامج المسطر، و نسعى فيها إلى إجراء أكبر عدد ممكن من المباريات الودية لوضع اللاعبين على أهبة الإستعداد لدخول أجواء المنافسة الرسمية، إضافة إلى حتمية الأخذ في الحسبان الظروف المناخية التي سيجرى فيها هذا التربص، حيث أننا مضطرون إلى إختيار بلد مناخه لا يختلف عن الجزائر.
النجاح مقترن بجملة من المعطيات، و ما عايشه الثنائي العاصمي المولودية و الإتحاد الموسم الماضي يبقى أبرز دليل، لأن الإمكانيات المادية المعتبرة و التركيبة البشرية الثرية لا تكفي في بعض الأحيان لتحقيق الأهداف المسطرة، لذا فإننا نتفادى تقديم وعود للأنصار بخصوص الأهداف المسطرة، كوننا لا نملك العصا السحرية الكفيلة بجعل الشباب يضيف إلى سجله لقبا بعد ذلك المحقق سنة 1997، و لو أن الجميع في الجزائر مقتنع بأن «السنافر» يستحقون أكثر من هذا اللقب، رغم أن الحديث عن البطولة سابق لأوانه، لأن المنافسة ينشطها 16 فريقا، و أهداف الموسم متعددة، و ذلك بالسعي لإعتلاء منصة التتويج في نهاية المشوار، أو الظفر بإحدى المراكز المؤهلة إلى المشاركة في المنافسات الإفريقية، من دون تجاهل كأس الجمهورية التي يبقى الطموح في معانقتها يغذي جميع الأندية الجزائرية على إختلاف مستوى نشاطها، و هدفنا على المدى القصير يكمن في السعي للنجاح في مسايرة طموحات أنصارنا و تحقيق نتائج إيجابية، و الحديث عن الألقاب سيكون بعد 3 سنوات على أقصى تقدير، كوننا نبحث عن إستثمار فعلي و جاد في القاعدة الجماهيرية التي يمتلكها شباب قسنطينة لبناء واحد من أقوى الفرق على الصعيد الوطني.
الحقيقة أن المنتخب الوطني خطف الأضواء في مونديال البرازيل و واكب الثورة الكروية الكبيرة التي يشهدها العالم برمته، لكن البطولة الوطنية ليست المرآة العاكسة لنتائج المنتخب، لأن المستوى الفني يتأرجح بين المتوسط و الضعيف، و العيب ليس في اللاعبين المحليين، و إنما في الظروف التي تمارس فيها الكرة، خاصة مشكل نقص المرافق الرياضية، على إعتبار أن أغلب مباريات البطولة الجزائرية تقام على أرضية معشوشبة إصطناعيا، و هذا النوع من الأرضيات لا يساعد على تطوير الممارسة الكروية من الناحية التقنية، فضلا عن الخطر الكبير الذي تشكله على أمن و سلامة اللاعبين، كما أن بطولات الشبان و حتى الأقسام الجهوية تقام في ملاعب بأرضيات ترابية، و من العيب أن تجرى مباراة رسمية فوق «التيف» في بلد كان قوة ضاربة في المونديال، و هي عوامل أثرت بصورة مباشرة على مستوى البطولة المحلية، هذا من دون تجاهل قضية عدم التشبع بالثقافة الرياضية بالنسبة لكل الأطراف الفاعلة في المشهد الكروي، لأن كل مسير يسارع إلى تقديم وعود للأنصار بتحقيق الصعود أو التتويج باللقب، و المناصرون ما فتئوا يطالبون بالنتائج الفورية، في غياب سياسة عمل واضحة في النوادي، لتكون عواقب ذلك إنعدام الإستقرار، و الدليل على ذلك الحركية الكبيرة للمدربين بين الفرق في موسم واحد.
حلاوة الكرة الجزائرية تكمن في الإثارة الكبيرة التي تشهدها، لأن أغلب مباريات البطولة يطغى عليها طابع «الديربي»، مما يساهم في جلب أكبر عدد ممكن من الجماهير، لتكون أجواء المدرجات في بعض الأحيان أفضل مما يقدمه اللاعبون فوق المستطيل الأخضر، كون المناصر الجزائر يعشق الكرة، و يستغل فرصة تواجده في الملعب للتعبير بعفوية عن مشاعره، و هو أمر نعايشه كثيرا في قسنطينة خلال مقابلات الشباب، حيث أن الحلم بالتتويج باللقب راود المناصرين في مرحلة الذهاب الموسم المنصرم، غير أن المعطيات تغيرت في النصف الثاني من الموسم، و ذلك بسبب تقارب الفرق، لأن مستوى المنافسة يبقى متوسطا على العموم، و تحسينه مرهون بتوفير المرافق و الهياكل الرياضية، شريطة أخذ العبرة مما هو سائد حاليا في الكثير من دولة الخليج، لأن بناء الملاعب الفخمة من آخر طراز لا يكفي أيضا لتطوير القدرات الفنية للاعب، و إجراء اللقاءات أمام مدرجات شبه شاغرة يبقي البطولة دون طعم، و بالتالي فإن المتابعة الجماهيرية تعد من مفاتيح إنجاح المنافسة.
كما سبق وأن قلت فإن تواجدي في الرياضة كان في سنة 1976 لما إنخرطت في السباحة و عمري لم يتجاوز 11 عاما، ثم إنتقلت إلى كرة القدم بالإنضمام إلى أصاغر شباب قسنطينة بقيادة المرحوم كمال كيموش، قبل أن أحط الرحال بفريق «الكراك»، حيث منحني المدرب رابح عبد النوري الفرصة للتواجد مع صنف الأكابر و أنا لم أبلغ سن الـ15، لأعيش مع هذا الفريق ذكريات ستبقى راسخة في ذهني، أهمها المشوار التاريخي في كأس الجمهورية و بلوغ نهائي 1985، خاصة لقاء نصف النهائي بالعاصمة ضد غالي معسكر الذي كان بطلا في تلك الفترة، حيث تأهلنا عليه، رغم أننا كنا ننشط في الشرفي (الدرجة الثالثة)، لأن ذلك الإنجاز أخرجني من دائرة الظل، و جعل إدارة مولودية وهران تصر على الظفر بخدماتي، بعد إكتشافي في المباراة النهائية، و لو أنني رفضت العرض في ذلك الموسم، لكنني رضخت لمطلب الرئيس الفقيد بليمام في صائفة 1986، لأعود بعدها بعام واحد إلى فريق القلب شباب قسنطينة، أين قضت 5 مواسم، كما كانت لي تجربة قصيرة في إتحاد بسكرة، إضافة إلى موسم واحد تقمصت فيه ألوان «الموك» في نهاية مشواري الكروي كلاعب.
ذلك المشوار التاريخي ولد من رحم الإرادة التي كنا نتسلح بها، رغم أننا كدنا أن نقصى من الأدوار التمهيدية بسبب قضية طريفة، لأننا تنقلنا إلى ملعب العقيد شابو بعنابة لمواجهة فريق سكر قالمة في الدور الجهوي الثالث، لكن و عند الوصول إلى الملعب تفاجأنا لعدم وجود الإجازات، فكنا نعتقد حينها بأن مجهولين دخلوا إلى غرف تغيير الملابس و سرقوا رخص اللاعبين، إلى درجة أن إدارة الفريق تقدمت بشكوى رسمية لدى الجهات الأمنية مع التصريح بضياع الوثائق، مما تسبب في عدم إجراء المباراة، إلا أن المفاجأة كانت بعد عودتنا إلى قسنطينة حيث تأكدنا بأن المسيرين نسوا الإجازات في مقر النادي، و الرابطة قررت إعادة إجراء المقابلة، غير أن الفريق المنافس رفض هذا القرار و تألهنا عليه بالغياب، و تلك هي نقطة الإنطلاق لمسيرة تحدينا فيها كل الصعوبات، و مباراة نصف النهائي كانت إستثنائية ضد غالي معسكر في سهرة رمضانية بمركب 5 جويلية الأولمبي، حيث فزنا بنتيجة (1 / 0) و تأهلنا إلى النهائي، و حلم معانقة الكأس راودنا، مما جعلنا نتأثر كثيرا بعد الإنهزام أمام مولودية وهران.
الشباب فريق القلب الذي تعلقه به منذ الصغر، و أنا فخور بالدفاع عن ألوانه و بالشعبية الكبيرة التي إكتسبتها في أوساط آلاف «السنافر»، لأنني تقمصت اللونين الأخضر و الأسود بجدية، و حملت شارة القيادة في مرحلة حساسة، و ليس من السهل أن تكسب ثقة المناصرين الشوفينيين، لكن الجدية في العمل و المؤهلات الفردية عوامل ساعدتني على تحقيق المبتغى، بالمساهمة في صنع الفرجة و الفرحة في قسنطينة لسنوات عديدة، و من أهم ما أتذكره الهدف الذي سجلته في شباك غالي معسكر سنة 1989 بصاروخية من على بعد 40 مترا، لأن ذلك تزامن مع يوم خطوبتي، إضافة إلى مقابلتنا في نفس الموسم ضد شبيبة سكيكدة، في حين أن أسوأ الذكريات كان سقوط الفريق إلى الوطني الثاني في عام 1991.
لا يمكنني سوى أن ألوم نفسي في هذه القضية، لأن أبواب المنتخب كانت مفتوحة للجميع في تلك الفترة، و قد تلقيت الدعوة للمشاركة في بعض التربصات مع منتخب الأكابر، لكنني تصرفت بطريقة «طائشة»، حيث بحثت عن حجة تدفعني إلى مغادرة التربص، على إعتبار أنني لم أتمكن من التأقلم مع ظروف المنتخب الوطني، و تفكيري كان بنفس عقلية الفريق، رغم أن المدربين كانوا يطالبونني بضرورة العمل الجدي من أجل إستغلال المهارات الفنية الفردية العالية، و هو ما حدث لنخبة كبيرة من اللاعبين في تلك الفترة، لأن عناصر أمثال مزياني، عجيسة، زرقان و مخناش لها من الفرديات ما يؤهلها للتواجد في المنتخب الوطني، إلا أن كل لاعب كانت له ظروف خاصة حرمته من ضمان تواجده بصورة منتظمة في تشكيلة المنتخب، هذا من دون الحديث عن فكرة الإحتراف في الخارج.
ندائي موجه إلى كل أنصار شباب قسنطينة بالتأكيد على أن الأبواب مفتوحة لكل من هو قادر على تقديم إضافة كفيلة بخدمة مصلحة الفريق، مع تفادي الإنسياق وراء الأطراف التي تسعى إلى التشويش، لأن الوقوف إلى جانب أسرة النادي من مسيرين و لاعبين ضرورة حتمية، كون الأنصار حلقة بارزة في النجاح، و ذلك بدعمهم المتواصل، كما أوضح بأن المشروع الذي سطرناه يهدف إلى إرساء قواعد الإحتراف في واحد من أعرق الفرق على الصعيد الوطني، و النجاح في أولى الخطوات الميدانية من شأنه أن يعطي نتائج أفضل على المدى القصير، رغم أن الوعد بالألقاب سابق لأوانه، لكننا لا بد أن نتفاءل بالقدرة على بلوغ تطلعات «السنافر» في أسرع وقت ممكن.