كشفت قضية تنحية أو استقالة رشيد رجراج من منصب مدير عام الشركة التجارية، عن تواصل عملية بحث «الملاك» عن الاستقرار الإداري، لأن ما بات يحتاجه هذا الفريق في الوقت الراهن بعيدا عن الدعم المالي، يبقى التأسيس لإستراتيجية سليمة في التسيير، والتخلي عن منهج تقديم وعود «وهمية» للأنصار كل صائفة ، سرعان ما تتبخر مع حلول ساعة الحقيقة.
مغادرة رجراج لمنصبه في شباب قسنطينة، جاءت بعد فشله في تسيير أول وأصعب ملف اصطدم به، ونعني به «قضية مزيان»، أو ما يمكن تسميته «فضيحة الحارس مزيان»، التي تنم تفاصيلها عن عدم القدرة على التعامل مع معطيات ميدانية كانت في منطلقها خاطئة، الأمر الذي جعل اللاعب المعني يطالب بمستحقات تفوق 4 مليار، ولو أن الأكيد أن استقالة أو إقالة رجراج، لن تحمي خزينة شباب قسنطينة من «استنزاف» جديد لمبلغ مالي كبير، في سيناريو لم يعد جديدا على الفريق الذي دفع في مواسم سابقة «الملايير» كتعويضات عن فسخ العقود من جانب واحد أو تنفيذا لأحكام قضائية صادرة عن الهيئات الرسمية الجزائرية أو حتى الدولية ممثلة في المحكمة الدولية.
ففريق شباب قسنطينة، شأنه شأن أكبر الأندية الجزائرية، التي ولجت الاحتراف خريف عام 2010، لا يزال تائها وسط «فوضى» التسيير، رغم أن شهر ديسمبر من عام 2012، كان ينظر له على أنه التاريخ أو الموعد الحقيقي لدخول الاحتراف من الباب الصحيح، نتيجة قبول مجمع «سوناطراك» الاستثمار في شركة النادي واقتناء فرعها «الطاسيلي إير لاينز» لغالبية أسهم الشركة.
ترسيم شراء المؤسسة الناشطة في قطاع النقل الجوي لنسبة 75 في المئة، من أسهم الشركة التجارية للنادي، صاحبته بهرجة إعلامية كبيرة انعكست على أبسط مناصر بأحلام وآمال، في تحول هذا النادي العريق إلى أحد أقوى الفرق على الصعيد الوطني وحتى الإفريقي، خاصة بعد تصريح الرئيس المدير العام آنذاك لمجمع سوناطرك، وحديثه بلهجة الواثق من نفسه، أن الحديث عن الدعم والقوة المالية التي سيستفيد منها ممثل عاصمة الشرق ثانوي، مقارنة بالفائدة التسييرية التي ستستفيد منها إدارة شركة السنافر، حتى أنه قال :» بعيدا عن الجانب المالي، شركتنا تملك خبرة كبيرة في التسيير العصري و»المناجمانت» الحقيقي، وسنعمل على نقلها وتجسيدها في تسيير هذا الفريق، لإحداث نقلة نوعية في المستقبل القريب».
وعود جلسة توقيع بروتوكول دخول مؤسسة «الطاسيلي إير لاينز» في رأس مال شركة السنافر، بقيت حبرا على ورق، لأن الشركة التجارية حتى وإن أسندت إلى فرع آخر لذات المجمع، ونقصد بها المؤسسة الوطنية للأشغال للآبار، لم تعرف الاستقرار على الجانب الإداري سوى مرتين، الأولى كانت في عهد المدير الأسبق عمر بن طوبال الذي قضى 16 شهرا في منصبه قبل أن يستقيل، والثانية كانت بطريقة مغايرة وبدأت مطلع عام 2017، حين تولى طارق عرامة منصب المناجير العام للنادي، واستمر في منصبه لمدة فاقت العام والنصف، وعرفت لحسن حظ أنصار الشباب التتويج بلقب يعد الثاني في تاريخ هذا الفريق، الذي تمتد جذوره إلى القرن 19، فيما عرفت بقية الفترات سيناريوهات لا تمت بصلة، لما قاله ذات المسؤول في جلسة التوقيع، بل والأدهى من ذلك، شكلت نقاطا سوداء في تاريخ الفريق، لأن تعيين شخص في منصب مدير عام للشركة، وتنحيته في ظرف 24 ساعة أو إصدار بيان يسند مهمة في الشركة لشخصية رياضية، ثم التراجع عنه ساعات فقط بعد ذلك، تناقض ما قاله مسؤول مجمع العملاق البترولي ذات يوم !
سياسات تسيير شركة شباب قسنطينة في عهد «الملاك الجدد»، تأرجحت بين النظام القديم بهيكلة إدارية هرمها منصب المدير العام، ومقرها مدينة الصخر العتيق، وأخرى بنظام «المناجير العام» يكون الشخص المعين في هذا المنصب يتبع مجلس الإدارة ورئيسه الإطار في مؤسسة الآبار المتواجد في مدينة حاسي مسعود، قبل أن يتم الاستقرار بعد نهاية «مغامرة» عدلان بوخدنة، على العودة للنظام القديم وجلب رشيد رجراج، الذي رحل سريعا، لتبقى رياح التغيير تهب على إدارة السنافر إلى إشعار آخر في انتظار غد أفضل.
كريم كريد