مولودية باتنة تعود للوطني الثاني بعد عامين غياب
شكل صعود مولودية باتنة إلى الرابطة الثانية وخروجها من دائرة الظل الحدث البارز بعاصمة الأوراس، وتأكيدا على قوتها وطموحها لنفض الغبار، بعد سطوع نجم «البوبية» في سماء بطولة ما بين الجهات، وبروزها بشكل واضح في مجموعة الشرق، جسد عزمها على مواصلة رفع التحدي واستكمال مسيرة البحث عن المجد الضائع بعد أن ظلمتها الأيام، من خلال التطلع للعودة إلى الواجهة وجعل ملعب أول نوفمبر مستقبلا محطة للأندية الكبيرة، في ظل امتلاكها لتقاليد كروية.
روبورتاج: محمد مداني
ولعّل ما زاد من قيمة هذا الإنجاز، هو خوض البوبية الموسم بأكمله تحت إشراف لجنة تسيير مؤقتة في غياب إدارة منتخبة، وتربعها على عرش مجموعتها منذ الانطلاقة، والأكثر من ذلك، أنها لم تتنازل عنه إلى غاية توقيعها شهادة الارتقاء قبل ثلاث محطات من خط الوصول، رغم المشاكل الداخلية والضائقة المالية، ولو أن الأمر لم يكن سهلا، بل جاء نتاج الكثير من التضحية والتفاني والعمل الجاد.
المتتبع لمشوار مولودية باتنة، يقف دون شك على تمتع هذا الفريق بقاعدة جماهيرية يحسد عليها، فهو يملك أنصارا من ذهب، ساهموا بقسط كبير في الصعود، فيما نجح «الديركتوار» في وضعه على السكة الصحيحة من خلال الانتدابات النوعية التي قام بها، والمراهنة على عامل الخبرة في ضبط التعداد، بجلب لاعبين محنكين، على غرار صابوني وقوميدي وطيايبة وهلال وحجيج، مع إسناد العارضة الفنية للمدرب دريس بن مسعود، قبل أن يرمي المنشفة في الجولة الرابعة، ويعوضه مساعده نبيل فوحال، بمناسبة التنقل إلى ميلة.
وبشهادة المتتبعين، شكلت المولودية قوة ضاربة في البطولة، بدليل أنها لم تتنازل عن الصدارة منذ جولة التدشين، ما يعكس طموحها وإصرارها على جعل هذا الموسم، محطة لاسترجاع مكانها في الرابطة الثانية التي غادرتها قبل موسمين من الآن، كما أن تركيبتها البشرية، وحسن الاستثمار في الطاقات الشبانية، ساعدت النادي على أداء مشوار استثنائي وخطف الأضواء، حتى أنها أنهت مرحلة الذهاب في الصدارة، بفارق 11 نقطة عن برج المراقبة. وتجمع أسرة النادي، على أن عامل الجدية والحنكة في التسيير، كان أيضا سر النجاح، من خلال تغلب «الديركتوار» على جميع الصعاب وتوفير كل الإمكانيات رغم قلة مصادر التمويل، والاضطرابات التي عرفها الفريق لاسيما في مرحلة الإياب، التي شهدت مقاطعة الركائز لبعض اللقاءات خاصة أمام شباب عين فكرون وجمعية عين كرشة، بسبب مستحقاتهم المالية.
للإشارة، فإن البوبية حصدت خلال مشوارها على مدار 30 جولة 60 نقطة، نتاج 19 انتصارا و3 تعادلات مع 8 هزائم، إضافة إلى كونها تملك أحسن خط هجوم وقع 72 هدفا.
صنــــــــــــاع الإنجـــــــــــاز
الحراس: محبوبي ـ معمري ـ بلعالم
المدافعون: كمشي ـ عبروق ـ بيطام عبد الرزاق ـ ساسي ـ بيطام فارس ـ بن يونس ـ حداد ـ بن سالم.
وسط الميدان: يعقوب ـ قوميدي ـ بودماغ ـ بكوش ـ ميهوبي ـ زواوي ـ العمري.
المهاجمون: صابوني ـ حجيج ـ هلال ـ زمورة ـ سعيدي ـ هدروق ـ طيايبة ـ سياحي ـ بوقزولة ـ قادة.
رئيس لجنة التسيير المؤقتة عز الدين بن سبع
حققنا معجزة والصعود كلفنــــــا 6 ملاييـــــــر
* ما هو شعورك بصعود فريقك بعد موسمين من الانتظار؟
هو إنجاز كبير ومستحق بل معجزة، بالنظر للمشوار الاستثنائي الذي بصم عليه فريقي، وتربعه على الصدارة منذ الانطلاقة. كما أرى بأن هذا المكسب، يحمل الكثير من الدلالات والرسائل للجهات الوصية من أجل التكفل الحقيقي باحتياجات الفريق وتوفير له الإمكانيات اللازمة لاسترجاع مكانته الحقيقية.
* أكيد أن المشوار لم يكن سهلا؟
يخطئ من يعتقد بأن المولودية وجدت الطريق مفروشا بالورود، لأن حقيقة الميدان أكدت صعوبة الرحلة، في ظل المزاحمة من طرف بعض الأندية، ناهيك عن التوترات والحركات الاحتجاجية للاعبين على خلفية مستحقاتهم المالية، في وقت عرفت فيه خزينة النادي حالة من الإفلاس كادت أن تفجر الوضع.
* كم كلف الصعود خزينة النادي؟
كما سبق وأن قلت، عانينا كثيرا هذا الموسم من الناحية المالية، حيث كلف الصعود خزينة النادي قرابة 6 ملايير، جلها استهلكته مستحقات اللاعبين وأعضاء الطاقم الفني. وما زاد من صعوبة مهمتنا، غياب الدعم المالي الضروري، وهو ما يفسر الاضطرابات، التي ظلت تلازم الفريق وإضرابات اللاعبين بسبب مستحقاتهم.
*برأيك، هل الأزمة المالية كانت وحدها انشغال فريقك؟
أعتقد بأن الديون شكلت أكبر هاجس بالنسبة للجنة التسيير المؤقتة، إلى درجة أنها مع تعاقب المواسم بلغت حاليا 17 مليارا، ما أثر على توفر السيولة اللازمة. كما أن الفريق عرف أزمة إدارية حادة بسبب الحجز الذي تعرض له الرصيد البنكي قبل انطلاق بطولة هذا الموسم وإلى غاية الآن، ما حرم النادي من استغلال إعانات السلطات العمومية.
* ألا ترى بأن الصعود قد فتح الشهية للعودة إلى حظيرة الكبار؟
شخصيا، أعتبر هذا الصعود بمثابة أولى الخطوات على درب استعادة أمجاد الفريق، شريطة توحيد الصفوف والتحضير من الآن للموسم الجديد، خاصة وأنه سبق للمولودية أن خاضت تجربة قصيرة ضمن قسم الكبار، كان ذلك في موسم 2007 ـ 2008.
* كيف ترى مستقبل الديركتوار؟
مهمة لجنة التسيير المؤقتة لن تنتهي إلا بعد تسديد الديون العالقة لهذا الموسم، خاصة المتعلقة ببقية مستحقات اللاعبين، وهذا من منطلق قناعتنا بتشريف التزاماتنا على أكمل وجه، والخروج بشرف ودون ديون. بعدها سنسلم المشعل للقيادة الجديدة، التي ستنبثق عن الجمعية العامة الانتخابية، في شفافية تامة وبضمير مرتاح.
المدرب نبيل فوحال
ارتقـــــاء بامتيــــــــــاز والمكسب مستحــــــــــق
* هل من كلمة حول المكسب المحقق؟
أنا جد سعيد بهذا المكسب الذي اعتبره إضافة مفيدة لرصيدي الشخصي، ولو أنه لم يكن سهلا في ظل المشاكل الكبيرة الظاهرة والخفية التي ظلت تلازم الفريق. ومع ذلك، أرى بأننا حققنا ما جئنا من أجله بعد أن تصدرت المولودية المجموعة منذ جولة الافتتاح وبإمكانيات منعدمة، عدا إرادة اللاعبين وشجاعتهم، ما يؤكد أحقيتنا في هذا المكسب.
وهل كنت متفائلا بالصعود؟
لا أذيع سرا، إن قلت أنه منذ أن تسلمت المشعل في الجولة الرابعة خلفا لبن مسعود، كنت أعي صعوبة المأمورية وحجم التحديات المطروحة، بالنظر لبعض العوامل التي كانت بمثابة حجرة عثرة، لا سيما من الجانب المالي، وضغط الأنصار. لكن مع مرور الجولات، شعرت بوجود حالة من الوعي لدى اللاعبين لبلوغ الهدف المسطر، حيث استطاع الفريق مواصلة تزعمه المجموعة وحصد نتائج إيجابية، خولت له المحافظة على مركزه الريادي حتى نهاية الرحلة.
ما سر تألق فريقك على مدار الموسم؟
ليس هناك سر أو تفسير، بقدر ما هي نتاج تضحية وعمل متواصل وثقة متبادلة بين اللاعبين والطاقم الفني، حيث كان الجميع يتقاسم مشاكل وهموم الفريق، بغض النظر عن دعم الأنصار اللامشروط. عندما منحت موافقتي لتحمل المسؤولية، كان الهدف المتفق عليه مع الإدارة هو الصعود، والحمد لله حققنا ذلك.
أين تكمن قوة المولودية؟
يمكن القول بأن مصادر القوة في الفريق متعددة، انطلاقا من إرادة وعزيمة اللاعبين، مرورا بتنوع التعداد الذي تمتزج فيه الخبرة والطموح، وصولا إلى سهر الإدارة وتضحيات بعض الأطراف وكذا دعم الأنصار.
بعد تحقيق الهدف المسطر هل أنت باق الموسم القادم؟
مهمتي انتهت بانتهاء البطولة وتحقيق الصعود، وهذا لا يعني بأنني أدير ظهري للفريق بحكم أنني ابن المولودية، لكن مؤهلاتي لا تسمح لي بالعمل في بطولة الرابطة الثانية، كوني متحصلا على شهادة تدريب «كاف ج »، بينما الشهادة المطلوبة في الرابطة الثانية، هي (كاف ب أو أ).
كيف تقيم المستوى العام للبطولة؟
أعتقد بأن مجموعتنا طبعها الكثير من الاختلال في موازين القوة بوجود أندية طموحة، وأخرى لم تقو على المقاومة ما جعل مستوى المنافسة يتراجع خاصة في مرحلة الإياب. كما أنني لاحظت انطلاقة موفقة لبعض الأندية، على غرار نجم بني ولبان لكنها ظلت تفقد حماسها مع مرور الأسابيع حتى أنها أصبحت تلعب لضمان البقاء.
ما هو تصورك لمستقبل الفريق في الرابطة الثانية؟
بطولة القسم الثاني هواة، تتطلب الكثير من الإمكانيات وتعدادا ثريا، ناهيك عن مناخ ملائم، حتى وإن كانت البوبية قد حفظت دروس الماضي، وعليها الاستعداد المبكر للموسم الجديد، لإبراز قدراتها وتثمين المكاسب المحققة، ومن ثمة تفادي ركوب المصعد.
نال لقب أحسن هداف في جميع المجموعات
كريم صابوني .. طبيب في ثـــــوب لاعب قنــــــــــــــــــاص
يعد كريم صابوني أحد أبرز الأوراق الرابحة في الفريق بعد قدومه الصائفة الماضية من جمعية الخروب، بفضل مهاراته الفنية وحسه التهديفي، بغض النظر عن خبرته التي مكنته من خطف لقب هداف البطولة ب31 هدفا.
وقد وصف كريم صابوني «الطبيب» في ثوب لاعب، والهداف بامتياز للبوبية، صعود فريقه بالحدث الاستثنائي في مساره الكروي، معبرا عن فرحته بهذا الإنجاز، الذي ساهم فيه بنسبة كبيرة بتوقيعه 31 هدفا، وظفره بلقب هداف البطولة:« أنا جد سعيد بهذا الصعود، الذي لم يكن هبة من أي جهة، نظرا للهيمنة التي فرضها الفريق على المنافسة، إلى درجة أن الفارق وصل في بعض الأحيان إلى 14 نقطة عن الوصيف. لذلك، اعتبر بأن هذا الموسم يعد الأفضل في مشواري الكروي، بحكم أنني وقعت 31 هدفا، وتحصلت على لقب أحسن هداف في جميع المجموعات».
وحسب صابوني، فإن قوة فريقه مستمدة من روح المجموعة، مضيفا بقوله:« لقد وضعت الإدارة الصعود هدفا أساسيا منذ البداية، جسده الدخول القوي للفريق مجريات البطولة، متحدية المشاكل الداخلية ونقص الإمكانيات المادية، وضغط الأنصار».
وبخصوص ظهور بقية الفرق مجموعة الشرق، قال صابوني إن مستوى منشطي البطولة كان متقاربا، نظرا لخبرة البعض منهم الذين سبق وأن خاضوا تجربة في أقسام عليا، موضحا أن الجميل في مشوار المولودية، هي روح التحدي لدى اللاعبين ومساندة الأنصار.
كما أشار ابن مدينة قسنطينة في ختام حديثه، إلى أن الحديث عن بقائه الموسم المقبل سابق لأوانه:« شخصيا لم أحسم في مستقبلي، خاصة وأنه لم أتلق أي اتصال أو عرض سواء من «الديركتوار» أو جهة محسوبة على الفريق من أجل إمكانية البقاء، ما يجعلني أؤجل الحسم في وجهتي القادمة».
قالوا عن الارتقاء
* المهاجم لقمان حجيج
أثبتنــــا أننــــــا الأقـــــــوى
«أعتقد بأننا لم نسرق مركزنا الريادي والصعود، لأن الميدان أكد قوتنا وجدارتنا، وهو ما تعكسه الأرقام والحصيلة الإجمالية. صحيح أننا لم نجد مزاحمة كبيرة ومنافسة قوية، لكن أدينا مشوار بطل رغم بعض المشاكل الناجمة عن نقص الإمكانيات المالية، والحركات الاحتجاجية للاعبين حول مستحقاتهم، والتي لم تمنعنا من التلذذ بحلاوة الصعود».
* المدافع حداد عصام
الصعـــود هديــــــة للأنصــار
« التتويج باللقب وبدرجة امتياز، يعد أحسن هدية للأنصار الذين شكلوا السند القوي للفريق، وأنا جد سعيد بالصعود الذي كان نتيجة حتمية لعمل متواصل وتضافر الجهود».
* قائد الفريق بيطام عبد الرزاق
العــــــــــــودة ناجحـــــة
« عودتي هذا الموسم للمولودية كانت ناجحة، رغم لعنة الإصابات التي جعلتني أغيب عن بعض المواعيد. ومع ذلك، فقد كللت بالصعود، بفضل العمل الجماعي وإرادة اللاعبين الذين كانوا بمثابة أسرة واحدة. شخصيا، اعتبر هذا الموسم من أحسن المحطات في مشواري الكروي، رغم الصعوبات، التي واجهتنا في تحقيق الصعود».