تركت الكرة القالمية بصمتها بصورة جلية على مخلفات الدور الجهوي الأخير لتصفيات كأس الجزائر، من خلال تمكن أندية الولاية من انتزاع أربعة تأشيرات للمرور إلى المرحلة الوطنية، في انجاز غير مسبوق، جعل الولاية 24 تنال أعلى حصة من المقاعد على مستوى القاعدة الشرقية في الدور 32، بممثلين ينشطون في أقسام سفلى، يقودهم «السرب الأسود» صاحب أحسن مشوار للفرق القالمية مع «السيدة المدللة»، ببلوغه المربع الذهبي في مناسبتين منذ تأسيسه قبل 73 سنة، ولو أن الكأس أصبحت تستهوي فرق هذه الولاية، ليرتفع بذلك عدد الأندية القالمية التي سجلت تواجدها في المرحلة الوطنية، من التصفيات إلى 11.
واستغلت فرق ولاية قالمة منافسة كأس الجمهورية، لنفض الغبار عن تاريخ كروي عريق لولاية كانت بعد الاستقلال، من خيرة المدارس الكروية على الصعيد الوطني، بفضل «الترجي»، الذي ظل من المنشطين التقليديين لبطولة الوطني الأول إلى غاية بداية تسعينيات الألفية الفارطة، حيث أخذت أجنحة «السرب» في الانكسار بصورة تدريجية، ليصبح غير قادر على التحليق، فتدحرج الفريق إلى أدنى المستويات، وبلغ الجهوي الأول، وهو يتواجد حاليا في قسم ما بين الرابطات، وقد عاد للظهور مجددا في الدور 32، بعد غياب دام سنتين، والأنصار يعيشون على وقع أمجاد الماضي، لما أدرك فريقهم المربع الذهبي في مناسبتين سنتي 1987 و1990، وضيع تأشيرة النهائي بكل سذاجة.
إلى ذلك، فإن نصر الفجوج نجح في تخطي عقبة الأدوار الجهوية من التصفيات لثالث مرة في تاريخه، و»النصرية» تبقى تحتفظ بأغلى ذكرى في منافسة الكأس، لما نشطت الدور ثمن النهائي سنة 2017، وانهزمت بصعوبة كبيرة أمام شبيبة القبائل بتيزي وزو، والقاسم المشترك بين ذلك الإنجاز ونظيره للموسم الحالي، هو أن نقطة انطلاقة المغامرة كانت من محطة اتحاد تبسة، لأن تشكيلة «بني فوغال» تسجل تواجدها مع «الكبار» في الدور 32، بعد تأهلها على حساب «الكناري» التبسي.
بالموازاة مع ذلك، فقد ضرب شباب هواري بومدين موعدا جديدا مع التاريخ، باقتطاعه تأشيرة التأهل إلى المرحلة الوطنية لمنافسة كاس الجزائر لأول مرة في تاريخه، في إنجاز جاء ليجسد «النهضة» الكروية التي تعيش على وقعها بلدية «عين حساينية»، لأن الشباب كان وإلى وقت ليس ببعيد غائبا كلية عن الساحة، وإعادة بعثه بحلة جديدة، تحت قيادة الرئيس بوعلام شعبان كانت كافية لصنع «ملحمة» كروية، كيف لا، والفريق الذي لم يسبق تخطي عقبة بطولة رابطة قالمة، انطلق في «فتوحات» متتالية، كللت بصعوده من درجة إلى أخرى، ليحط الرحال خلال الصائفة الفارطة بحظيرة ما بين الجهات، لكن الفتوحات التاريخية تواصلت لأبناء «الهواري»، الذين كسبوا الرهان في تصفيات كأس، بالتواجد في الدور 32 مع «كبار» الرابطة المحترفة.
ما قيل عن شباب هواري بومدين، يمكن استنساخه على مشوار أمل برج صباط، لكن بدرجة «أكبر» من الامتياز، لأن أبناء «سوق االسبت» ضربوا موعدا مع التاريخ بتفجيرهم مفاجأة مدوية، إثر التأهل في آخر دور جهوي على حساب اتحاد الحجار، ليكون بذلك «الأمل» السفير الوحيد لأندية جهوي عنابة في المرحلة الوطنية، وهذا بعد خمسة أشهر فقط من نجاحه في تحقيق صعود تاريخي إلى الجهوي الأول، لأن هذا الفريق لم يمر النور سوى في سنة 2011، لكن ثمانية سنوات من الوجود كانت كافية لكتابة صفحات تاريخية، مع التأكيد على وجود «نهضة» كروية في منطقة ظلت تفتقر لملعب يواكب انجازات أبنائها، في انتظار اتمام المشروع الذي يبقى قيد الإنجاز.
والملفت للإنتباه أن الكرة القالمية بسطت سيطرتها على أكبر «كوطة» من تذاكر التواجد في الدور 32 من منافسة الكأس بفضل مدربين كلهم من أبناء الولاية، لأن ناصر بلخن وفق في أول خرجة له مع الترجي، بينما تمكن حمزة حريدي في تسجيل حضوره لثاني مرة في هذه المرحلة المتقدمة من منافسة الكاس، بعد انجازه الشخصي مع أولمبي قلعة بوصبع في سنة 2015، حاله حال سمير غلاب، الذي قاد أمل برج صباط لصنع ملحمة تاريخية، بعدما كان هذا المدرب ضمن الطاقم الذي أهّل أولمبي بومهرة الموسم الفارط إلى نفس الدور، في حين بصم حليم بليرون على إنجاز تاريخي له ولفريق شباب هواري بومدين في أول مغامرة تدريبية له.
ص / فرطــاس