تسجل طرقات قسنطينة، خلال شهر رمضان من كل سنة تقريبا، ارتفاعا محسوسا في عدد ضحايا الطرقات، وذلك بسبب سلوكيات طائشة لسائقين لا يحترمون قانون المرور، ما يؤدي لمخالفات تنتهي عادة بحوادث منها ما هو قاتل، ناهيك عن تسجيل خسائر مادية ثقيلة، كل ذلك بحجة الصيام و ضيق الوقت و قرب أذان المغرب، وهو تحديدا ما يدفع مصالح الأمن سنويا، إلى ضبط برنامج مروري خاص للتحكم في حالة الطرقات عبر توعية السائقين و ردع المخالفين.
وهيبة عزيون
الفترة المسائية هي الأسوأ ....
باشرنا استطلاعنا في حدود الساعة العاشرة صباحا، كانت الانطلاقة من إحدى محطات المدينة الجديدة علي منجلي، أين استقلينا حافلة نقل عمومي باتجاه وسط مدينة قسنطينة، مرورا بعدد من النقاط الحيوية على غرار زواغي سليمان وحي الصنوبر و حي التوت، وصولا إلى المحطة النهائية بباب القنطرة، وهو مسار يمتد على مسافة 18 كيلومترا.
ملاحظتنا الأولى كانت سلاسة حركة السير و نقص الازدحام، مع ذلك فإن الرحلة لم تخل من المشاحنات والمشادات الكلامية بين السائقين وبالأخص بين سائقي الحافلات عند مواقف الانتظار، على اعتبار أن تنظيمها يخضع لبرنامج مواقيت توقف و انطلاق معينة، وهو نظام لا يحترم في غالب الأحيان من طرف السائقين والقابضين ما يؤدي إلى نشوب شجارات شبه يومية بينهم، واصلت الحافلة مسارها واستمر عدم ارتياحنا من السرعة الكبيرة للسائق و قيادته المتهورة إلى غاية نقطة الوصول، فرغم الاحتجاجات المتكررة لبعض الراكبين و مطالبتهم إياه بالتروي والقيادة بحذر، إلا أنه كان يتجاوز السرعة القانونية بشكل كبير و لا يتوانى في تكرار مخالفات السير و القيام ببعض المناورات الخطيرة، كالتجاوز على اليمين و التجاوز عند المنعرجات. وصلنا إلى وجهتنا بعد قرابة ساعة و نصف ، وقد كنا نعاني من صداع شديد بسبب ظروف التنقل غير المريحة، ولذلك اخترنا لرحلة العودة مساء سيارة أجرة، ركبناها في حدود الساعة الرابعة انطلاقا من المنطقة الصناعية بالما، و اللافت في الأمر هذه المرة، هو أن جنون الطرقات زاد حدة مقارنة بالفترة الصباحية، فالازدحام المروري أصبح أكبر، و حواف الطرقات تحولت إلى أسواق فوضوية لباعة الخضر و الفواكه، ما انعكس سلبا على حركة السير التي أصبحت أبطأ، وهو ما دفع بالكثير من السائقين على اختلاف مركباتهم « حافلات شاحنات و سيارات سياحية»، إلى خرق قوانين المرور بشكل شبه كلي، فما عاد هناك احترام للأولوية في العبور ولا للسرعة القانونية ولا لحالات المنع، المنطق الوحيد الذي فرض نفسه على الطريق كان منطق من يمر أولا، وبالرغم من أن السرعة القصوى المسموح بها في الطريق السريع كانت محددة بـ 80 إلى 100 كلم في الساعة، إلا أن غالبية السائقين كانوا يتجاوزونها دون حرج وكأنهم في سباق مع الزمن أو على حلبة سباقات.
الركاب الحلقة الأضعف
جمعتنا خلال رحلتي الذهاب والعودة من و إلى المدينة الجديدة، دردشة مع بعض من المواطنين بينهم ركاب و سائقون اتفق جلهم، على أن كلمة كابوس، هي الوصف الأصح و الأبلغ لواقع الطرقات في الولاية، خصوصا خلال فترة الصيام، فالناس كما عبر «نور الدين/ز» في رمضان يصومون عن الوعي، إذ تزيد عصبيتهم و تنعكس سلبا على سلوكياتهم، و هو ما يضاعف عدد المخالفات التي يصنف بعضها في خانة الخطر و الضرر المتعمد، لأنها تهدد حياة الراكبين والمارة و مستعملي الطريق على حد سواء، مضيفا بأن هذا النوع من التجاوزات غالبا ما يصدر عن السائقين الشباب، متسائلا، عن طريقة حصول بعضهم على رخصة السياقة. أما «ب/إسلام»، فوصف رحلة عودته اليومية من مقر عمله، بالجحيم، خصوصا ما عاشه خلال أولى أيام الشهر الكريم، طارحا مشكل الإفراط في السرعة كهاجس أهم، محدثنا قال، بأنه كثيرا ما كان يتأخر في العودة للبيت، إذ يتزامن ذلك مع الدقائق الأخيرة قبل أذان المغرب، لذلك فإنه عاش مواقف رهيبة على حد وصفه، أبطالها سائقون لا يفرقون بين الطرقات السريعة و الطريق السيار ولا يعلمون أن هناك سرعات لا يرخص بها إلا في حلبات سباقات « الفورميلا 1»، فهناك من يمرون كسهام حسبه، لدرجة يصعب معها تحديد نوع السيارة، وحجتهم في ذلك هي نفاد الوقت و تأخرهم عن أذان الإفطار.
المتحدث، تطرق كذلك، إلى قضية التجاوزات الخطيرة، وقال بأن العقوبات حولها يجب أن تشدد فمن يحترمون القانون باتوا ضحايا بعض المتهورين، وحتى وإن التزم السائق بالسرعة والمسار فإنه قد يفقد حياته بسبب سلوك شاذ لا دخل له فيه معلقا : « بعض أصحاب المركبات يشكلون خطرا على غيرهم، خصوصا قبيل صلاة المغرب، هؤلاء يتحولون إلى مجرمين، فتهورهم يعتبر تعمدا لإلحاق الأذى بالغير، شخصيا أصبحت أغادر عملي قبل نهاية الدوام الرسمي حفاظا على سلامتي» من جانبه، تحدث «أحسن /ن» عن مشكل البيع الفوضوي على حواف الطرقات و كيف تعرقل شاحنات الخضار، حركة السير فالجميع يتوقفون لأجلها في وضعيات غير قانونية و البعض يتوقفون بشكل مفاجئ و خطير أحيانا، لأجل فارق في السعر لا يتعدى 20 إلى 10 دج، و الأسوأ أن بعض الباعة الفوضويين يحتلون أجزاء من الطريق الرئيسية دون حرج، خصوصا في الأماكن المحاذية لمواقف الحافلات.
بلال بن خليفة رئيس خلية الإعلام و الاتصال بأمن ولاية قسنطينة
مخالفات السرعة والوقوف الأكثر تسجيلا خلال رمضان
وبهذا الخصوص، أكد الملازم الأول للشرطة و رئيس خلية الإعلام و الاتصال بأمن ولاية قسنطينة بلال بن خليفة، بأن الإفراط في السرعة و تجاوز الحد القانوني إلى جانب الوقوف العشوائي للمركبات، هي من أكثر المخلفات المرورية تسجيلا خلال رمضان، وعادة ما تكون سببا في حوادث مرور خطيرة أو قاتلة، إذ عرفت ذات الفترة من العام الماضي، تسجيل 425 جنحة مرورية و تحرير 2361 غرامة جزافية و سحب 323 رخصة سياقة لمدة ثلاثة أشهر، إضافة إلى سحب 123 رخصة لمدة لا تتجاوز ستة أشهر، إلى جانب تحرير 122 محضر مخالفة للسرعة فيما يتعلق بعمل فرق الرادار ، وأحصي 34 حادث مرور جسماني خلفت في مجملها ثلاثة قتلى. تبقى الحصيلة حسب المسؤول، غير ثقيلة مقارنة بما تم تسجيله خلال السنوات الماضية، مع ذلك فإن مصالح أمن ولاية قسنطينة، تسطر كل سنة، برنامج عمل خاص يتضمن تكييف نظام الأمن المروري مع ظروف الشهر ومواقيته، وذلك لغرض الحد من حوادث المرور، حيث شرع أمن الولاية هذا العام في تطبيق مخطط أمني خاص، يرتكز على محورين الأول يتعلق بالشق التوعوي و الثاني ردعي يخص تطبيق القانون، إذ تم تكليف فرق ليلية راجلة و راكبة و فرق الدراجات على امتداد المحاور المرورية الكبرى وفي التجمعات السكانية الهامة على غرار المدينة الجديدة علي منجلي و الخروب و ماسينيسا و وسط المدينة و حامة بوزيان، و هي مواقع يتم تحديدها بالرجوع إلى الإحصائيات. كما أطلقت أيضا، حملة تحسيس يومية، يتم التركيز فيها على أهم مسببات حوادث المرور، بما في ذلك التجاوز الخطير للسرعة القانونية خاصة خلال الساعة التي تسبق آذان الإفطار، و لهذا يتم نصب جهاز الرادار عند أهم المحاور التي تربط المدينة بالولايات المجاورة، على غرار الحاجز الأمني المتواجد عند مخرج قسنطينة و حي بو الصوف، ناهيك عن توزيع منشورات توعوية مختلفة و محاربة ظاهرة الوقوف و التوقف العشوائيين في الطرقات و أمام الأسواق و هي سلوكيات تتضاعف خلال رمضان.
سامية كرميش مختصة في أمراض النوم
السياقة في حالة تعب تعادل السياقة تحت تأثير الكحول
ترجع المختصة في أمراض الحساسية وأمراض النوم سامية كرميش، سبب تزايد المخالفات المرورية خلال شهر رمضان، إلى الخلل الذي يصيب الساعة البيولوجية للجسم بفعل السهر لساعات متأخرة من الليل، كما أن ارتفاع حوادث المرور ناجم حسبها عن نقص اليقظة عند السائقين . وتؤدي قلة النوم كما أوضحت الأخصائية، إلى تراجع نشاط الجسم و عدم القدرة على التركيز و التحكم في ردود الأفعال ، لأن النوم العميق لساعات طويلة يساعد الجسم على استرجاع الطاقة التي خسرها طوال اليوم ، و بالتالي فإن ردود أفعال الكثير من أصحاب المركبات تكون غير مدروسة، و سرعة الكبح عند إنسان في حالة تعب تكون أبطؤ من شخص نام لساعات كافية، و هذا من أبرز مسببات حوادث المرور خاصة المميتة، و ترتبط حوادث المرور في رمضان كذلك، بنقص اليقظة و النوم أثناء القيادة بسبب السهر وشح النوم العميق الذي من شأنه تعويض الجسم لما خسره من طاقة، فبتراجع النوم الاسترجاعي يتراجع نشاط الجسم و التركيز و يصبح السائق أقل قدرة على التحكم في ردود أفعاله، و لذا فقد صنفت السياقة في حالة تعب دون نوم لليلة واحدة على الأقل ، في نفس خانة السياقة تحت تأثير 0.9 غرامات من الكحول، و هي النسبة الممنوعة قانونيا. وأضافت الدكتورة كرميش، بأن أي خلل في الساعة البيولوجية للجسم بسبب قلة الراحة يسبب إفراز بعض المواد التي تؤثر على التركيز و المزاج و بعض الوظائف الحيوية، إذ عادة ما تسجل هذه الاضطرابات في التصرفات خلال السياقة عند فئة الشباب، لأنهم أكثر ميلا للسهر، كما أن نقص الراحة يجعل منهم أكثر عدوانية وأقل تركيزا عند القيادة، و لتجنب هذه المشاكل تنصح الأخصائية، بالنوم لمدة خمس ساعات بعد صلاة التراويح، و العودة للسرير مباشرة بعد صلاة الفجر ، لأجل توفير الراحة للجسم، أما بالنسبة للأشخاص الذين يفضلون السهر، فيمكنهم حسبها، النوم لحوالي نصف ساعة قبل الإفطار أو بعده و ستكون كافية للاسترجاع، أو بإمكانهم أخذ قيلولة لمدة 10 دقائق فقط، مع تجنب النوم لمدة طويلة لأنه يسبب الأرق ليلا ، و تنصح أيضا، بعدم مقاومة الرغبة في النوم، لأنها حاجة طبيعية. و. ع