تمكن، صبيحة أمس، أعوان الأمن بقسنطينة، من استرجاع طفلة في الرابعة من العمر ساعات قليلة عقب اختطافها من منزلها العائلي الكائن بحي بن الشرقي الشعبي، في حين لا تزال التحقيقات جارية للقبض على الفاعل.
استيقظ، فجر أمس، حي بن الشرقي بقسنطينة على وقع ثاني حادثة اختطاف بالحي، بعد حادثة اختطاف الرضيع ليث، راحت ضحيتها هذه المرة طفلة تدعى سندس بريك ذات الأربع سنوات، بعد أن اختطفت من قبل مجهول دخل منزلها العائلي الكائن بحي بن الشرقي رقم 48، ما أدخل الحي في حالة من الفوضى والفزع.
وحسب ما أكده عم المختطفة الذي كان متواجدا بالمنزل، فإن والد الضحية وهو مؤذن بمسجد الحي «عمر بن الخطاب»، استيقظ كعادته لأداء صلاة الصبح حوالي الساعة الثانية و55 دقيقة، حيث اكتشف اختفاء ابنته من فراش نومها، حيث ظن في الوهلة الأولى أنها متواجدة بمنزل خالها المجاور لمنزله، غير أن زوجته نفت ذلك.
وقد تفاجأ الأب عند محاولته البحث عن ابنته في باقي الغرف بأن بابي المنزل والسطح مفتوحين، فضلا على أن الأغراض لم تكن في مكانها الاعتيادي، وهو نفس الشيء الذي اكتشفه صهره، حيث تبين من الوهلة الأولى أن شخصا مجهولا دخل المنزل في غفلة منهم وحاول الاستيلاء على بعض المسروقات.
واستنادا لذات المتحدث، فإن منزل خال الطفلة تعرض هو أيضا للسرقة، بعد أن تم الاستيلاء على مبلغ مالي يفوق 20 ألف دينار، إضافة إلى هاتف نقال، احتفظ به السارق حتى بعد استرجاع سندس، وظل مفتوحا إلى غاية الثالثة زوالا، حيث تمكن عدد من الجيران من الاتصال به.
وقد أكد عدد من الجيران الذين التقينا بهم قرب منزل عائلة بريك، أنهم استيقظوا فجرا على وقع بكاء وصراخ النسوة، إذ وبعد أن تم إعلامهم باختفاء الطفلة سندس، شكلوا فرقا للبحث جابت مختلف أزقة الحي، وكافة المناطق المعزولة، وصولا إلى غابة بن الشرقي وحتى حي صالح باي المعروف محليا بـ «الغراب».
وتابع محدثونا، أن مصالح الأمن وأفراد الشرطة العلمية سجلوا تواجدهم بالحي منذ الساعة الثالثة صباحا، وذلك بعد تلقيهم بلاغا من والد الضحية عبر الرقم الأخضر، حيث شاركوا في عمليات البحث بكافة الأماكن المشبوهة، إلى أن تم تحديد مكان الطفلة المختطفة.
و رجح أحد المشاركين في عمليات البحث أن الخاطف أو الخاطفين لم يبتعدوا كثيرا عن منزل العائلة، قبل أن يتم اكتشاف الحادثة، وذلك بدليل أن مجموعة من الشباب عثروا على غطاء الفتاة بعد عودتهم من الغابة، في حين لم يكن هذا الغطاء متواجدا قبل ذهابهم.
وفي خضم الفوضى وحالة الترقب التي كانت تسود الحي وعائلة الضحية، تلقت إحدى قريبات الضحية اتصالا بواسطة هاتف نقال من قبل شخص، كشف من خلاله عن مكان تواجد الطفلة «سندس» والكائن بمنطقة معزولة غير بعيد عن منزل العائلة، وهي قطعة أرضية غير مزروعة تابعة لأحد الخواص، تعرف بحي بن الشرقي بـ «السوايس».
واستنادا لما أكده أحد الجيران، فإن الخاطف ترك الطفلة نائمة فوق كيس بلاستيكي أبيض اللون وسط عشبة «السدرة» بالأرض المذكورة سابقا، ليتم نقلها من قبل أعوان الأمن بسرعة نحو المستشفى الجامعي لإجراء الفحوصات اللازمة، مؤكدا أن الطفلة كانت قد تعرضت لخدوش خفيفة على مستوى الركبتين.
وحسب ما أسرت به مصادر أمنية متطابقة، فإن تحريات عناصر الشرطة المتواجدة بالحي منذ ساعتي الفجر الأولى، إضافة إلى الاستعانة بالشرطة العلمية وتقنيات تكنولوجية حديثة، مكّن من تحديد هوية المشتبه به، حيث يجري التحقق من مكان تواجده من أجل القبض عليه وتقديمه للعدالة في الساعات القليلة القادمة.
و حسب المصادر ذاتها، فإن الخاطف لم يطلب أي فدية من العائلة ، وأنه يجهل إلى حد الساعة سبب قيامه بهذا الفعل ، مرجحة أن يكون المعني تحت تأثير مادة مخدرة.
من جهة أخرى أوضح المكلف بالإعلام على مستوى المستشفى الجامعي ابن باديس، أن الطفلة نقلت صبيحة أمس من قبل عناصر الأمن للمستشفى، أين تم إخضاعها للمعاينة الطبية اللازمة من قبل عدد من المختصين، بدأ بالطبيب الشرعي، ثم مصلحة أمراض النساء والأطفال، قبل أن يتم التكفل بها من قبل أخصائيين نفسانيين، لتغادر بعدها بعد أن تم التأكد أنها خالية من أي إصابة.
وسط فرحة شديدة، والدموع تغمر عينيها، صرحت أم «سندس» وهي تحمل ابنتها، «لم أعرف ماذا أفعل لما اكتشفت اختفاء ابنتي، لقد فكرت في كثير من الأمور، وما سيكون مصير الطفلة، غير أنني وسط هذه الحالة صليت الفجر ودعوت الله أن يعيد لي ابنتي، كما أنني دعوت زوجي وذكرته بأن يصلي الفجر ويدعو لابنتنا، الحمد لله لقد استجاب الله لدعوتي ودعوة زوجي وعادت لنا ابنتنا سالمة، كما أشكر عناصر الأمن الذين بذلوا مجهودات كبيرة من أجلنا».
سجلت عائلة الرضيع «ليث» الذي أختطف صيف العام الماضي، حضورها بمنزل عائلة «بريك»، من أجل مواساتها وذلك حسب ما أكده لنا عم الطفلة ، خصوصا وأن منزل العائلتين غير بعيد عن بعضهما، في مشهد تأثر به كل من كان متواجدا قرب المنزل، كما أعاد للأذهان الفترة العصيبة التي عاشها الحي عقب اختطاف الرضيع ليث من المستشفى الجامعي ابن باديس العام الماضي.
وإثر حادثة الاختطاف، عبر عدد من سكان حي بن الشرقي عن استيائهم الشديد لغياب الأمن بالحي، سيما وأن تاريخ حادثة الطفل يتزامن والاحتفالات باليوم العالمي للطفولة، مطالبين من السلطات المحلية وعلى رأسها الوالي رئيس أمن قسنطينة، افتتاح مركز الأمن الحضري بحيهم، خصوصا وأن الأشغال انتهت به عن آخرها ولم تبق منه سوى عناصر الأمن، معتبرين أن الحادثة الأخيرة تعبر عن مدى خطورة الوضع بهذا الحي.
عبد الله بودبابة * تصوير: الشريف قليب