- العربي بن مهيدي -.. قصة مناضل قهر فرنسا بابتسامة
احتضنت دار الأوبرا «بوعلام بسايح» بالجزائر العاصمة، سهرة أول أمس الاثنين العرض الشرفي للفيلم الروائي الطويل «العربي بن مهيدي» للمخرج بشير درايس، والذي يتناول المسار النضالي للشهيد والبطل الرمز في سبيل استقلال الجزائر، وسط حضور كبير للجمهور وفي مقدمتهم وفد رسمي رفيع المستوى.

ويتناول هذا العمل التاريخي، الذي انتظر لقرابة تسع سنوات، بعدما انطلق تصويره سنة 2015، مسار حياة ونضال البطل الرمز العربي بن مهيدي (1923 - 1957)، وذلك منذ طفولته بدوار الكواهي بعين مليلة
(ولاية أم البواقي حاليا)، إلى غاية استشهاده.
وتنطلق أحداث الفيلم الذي يسلط الضوء على أهم المحطات التي عرفتها ثورة التحرير و كبار رموزها، بمشهد يبرز شنق بن مهيدي في مركز تعذيب من طرف السفاح الفرنسي مارسيل بيجار، قبل أن يعود العمل بالمشاهدين وعبر تقنية «الفلاش باك» إلى أحداث مختلفة منذ طفولة بن مهيدي، الذي تربى ناقما على الاستعمار.
وتسلط أحداث هذا العمل الروائي الذي توافق عرضه مع الذكرى السابعة والستين لاستشهاد البطل الرمز، على أهم مراحل مسار بن مهيدي في الحركة الوطنية، بما في ذلك انضمامه لحزب الشعب الجزائري، إلى جانب مشاركته في مظاهرات 8 ماي 1945 المطالبة باستقلال البلاد، والتي تم اعتقاله خلالها قبل أن يطلق سراحه.
وفي أعقاب تلك المجازر المروعة تبرز أحداث الفيلم تبنى « بن مهيدي ‘’ لأفكار تحررية، جعلته ينضم للمنظمة السرية، لتتوالى مشاهد تبرز جانبا من حياته الاجتماعية ومساره النضالي إلى غاية اندلاع الثورة في 1954 والتي كان من بين مفجريها.
كما تبرز تلك الأحداث  المسار الحافل للرجل، إبان الثورة بالنظر لدوره الرائد في العديد من محطاتها المفصلية على غرار عضويته الفاعلة في مجموعة 22  ومجموعة الستة، ودوره في مؤتمر الصومام ومعركة الجزائر وإضراب الثمانية أيام، وقد كان مساره مناسبة أيضا لتسليط الضوء على مسارات مجاهدين كبار كانوا برفقته في النضال على غرار محمد بوضياف ورابح بيطاط وعبان رمضان وكريم بلقاسم ولخضر بن طوبال.
وجاءت نهاية الفيلم، بإبراز كيفية إلقاء القبض عليه نهاية فيفري 1957، وقد حاول المخرج محاكاة المشهد الشهير الذي بدا فيه البطل مبتسما غير آبه للموت وهو مكبل اليدين ومن حوله جلادوه، وكان يجيب على أسئلة الصحافيين، ثم مختلف مراحل استنطاقه، قبل العودة  إلى مشهد إعدامه شنقا دون محاكمة، ليلة الثالث إلى الرابع من مارس 1957، بعد تعذيبه والتنكيل به.
وقدم العمل العديد من المشاهد التي عكست لحظات حزينة في حياة بن مهيدي كاستشهاد أخيه محمد الطاهر، وتمسكه باستقلال الجزائر إلى آخر لحظات حياته رغم تعرضه للتعذيب والتنكيل، كما حمل العمل عبارات شهيرة عرف بها «الحكيم»، كما كان يلقب، على غرار «ألقوا بالثورة للشارع سيحتضنها الشعب» و»أعطونا طائراتكم نعطيكم قففنا».
كتب سيناريو هذا العمل الروائي الطويل عبد الكريم بهلول، عن نص لمراد بوربون وقد أبدع الممثلون في تجسيد أدوار الشخصيات الرئيسية للفيلم باقتدار كبير، ويتقدم هؤلاء الممثلون خالد بن عيسى في دور بن مهيدي، و محمد فريمهدي ويوسف سحيري وفتحي نوري وسمير الحكيم، بالإضافة إلى ليديا لعريني والراحل حليم زريبع.
وقد تم في أعقاب العرض الذي دام لحوالي ساعتين، تكريم المخرج من طرف رئيس مجلس الأمة، كما كرم خالد بن عيسى من طرف وزيرة الثقافة والفنون، ومحمد فريمهدي من طرف مستشار رئيس الجمهورية، وفتحي نوري من طرف وزير المجاهدين وذوي الحقوق.
كما تم أيضا تكريم كل الممثلات المشاركات في هذا العمل من طرف أخت الشهيد، ظريفة بن مهيدي، التي كرمت بدورها من طرف كل من السيدة صورية مولوجي والسيد العيد ربيقة.
وأنتج العمل بالشراكة بين كل من وزارة الثقافة والفنون ووزارة المجاهدين وذوي الحقوق ومؤسسة «أفلام المنبع» وبمشاركة المركز الجزائري لتطوير السينما، وقد تم عرضه والجزائر تحيي الذكرى السنوية لاستشهاد العربي بن مهيدي.
تجدر الإشارة، إلى أن عرض الفيلم حضره رئيس مجلس الأمة السيد صالح قوجيل، ومستشار رئيس الجمهورية المكلف بالتربية والتعليم العالي والتكوين المهني والثقافة، السيد محمد صغير سعداوي، ووزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية السيد ابراهيم مراد، ووزيرة الثقافة والفنون السيدة صورية مولوجي، ووزير المجاهدين وذوي الحقوق السيد العيد ربيقة، ووزير الاتصال محمد لعقاب ووزير السياحة والصناعة التقليدية مختار ديدوش، ووزيرة العلاقات مع البرلمان بسمة عزوار ووزير الصيد البحري أحمد بداني، ووزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب، وأعضاء من البرلمان بغرفتيه، وكذا شقيقة الشهيد السيدة ظريفة بن مهيدي إلى جانب مجاهدين وفنانين وطاقم الفيلم.
عبد الحكيم أسابع

قالوا عن الفيلم

وزيرة الثقافة والفنون السيدة صورية مولوجي
سنروج للفيلم على أوسع نطاق قبل برمجته في صالات العرض
قالت وزيرة الثقافة: «بعد انتظار دام سنوات ها نحن اليوم نحظى بحضور العرض الشرفي الأول لفيلم "بن مهيدي" الرجل الفذ الذي جمعنا اليوم وقد كان قائدا وبطلا رمزا من بين قادة وأبطال الثورة التحريرية، الذين جمعوا الجزائريين على كلمة سواء وهي الجهاد إلى غاية استعادة السيادة الوطنية للبلاد.
ولا يسعنا سوى أن نعبر عن سعادتنا بحضور هذا العمل السينمائي، الذي يسلط الضوء على جزء ولو يسير من المسار الثوري الخالد للشهيد الخالد، العربي بن مهيدي، صاحب المقولة الشهيرة «ألقوا بالثورة إلى الشارع يلتقطها الشعب الجزائري».
 وأضافت الوزيرة في لكلمتها: « إن قطاعنا سيعمل من أجل الترويج على نطاق واسع لهذا الإنتاج الكبير، قبل الشروع في توزيعه على قاعات العرض حتى يحظى بمشاهدة واسعة، وربما سنرشح الفيلم للمشاركة في مهرجان الفيلم المتوسطي قبل توزيعه على صالات العرض». وواصلت «الجميل أن العرض الشرفي لهذا العمل السينمائي الروائي تزامن مع المصادقة على قانون الصناعات السينماتوغرافية بالإجماع من طرف نواب المجلس الشعبي الوطني، وأتمنى أن تكون هذه انطلاقة لإنتاج دفعة قادمة من الأفلام ذات الجودة، لاسيما تلك التي تجسد المسارات النضالية لأبطال الثورة، التي تلقى الانتشار والرواج الواسع على المستويين الوطني والدولي».

وزير المجاهدين وذوي الحقوق السيد العيد ربيقة
إنجاز الفيلم يأتي في إطار الحفاظ على ذاكرتنا الوطنية
يتعلق هذا الفيلم حسب وزير المجاهدين: «بأحد أبطال ثورتنا التحريرية المجيدة وبعملاق من عمالقتها المباركة، وهو عمل سينمائي تاريخي، يدخل ضمن برامج إحياء الذاكرة الوطنية، ويخص جانبا من جوانب هذه الشخصية الفذة التي لا يمكن أن نلم بكل تفاصيلها، لكونها شخصية متعددة الرؤى ومتعددة الأبعاد». وأضاف الوزير «بأن هذا العمل بمثابة رؤية من زاوية سينمائية، ويمكن إنجاز أعمال أخرى حوله لإعلاء صورة هذا الشهيد الفذ وصورة غيره من الشهداء الأفذاذ، وقد جاء إنجازه  في سياق تجسيد وتنفيذ توصيات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في مجال الحفاظ على ذاكرتنا الوطنية، والوفاء لقيم أبطال ثورتنا ونقلها من جيل إلى جيل».

المخرج بشير درايس
استنطقت رفقاء بن مهيدي لأجل مصداقية أكبر
«يتناول هذا الفيلم جوانب من صور إجرام الاستعمار الفرنسي في الجزائر واضطهاده للمدنيين العزل، وهو الاضطهاد المشابه تماما لما يتعرض له الشعب الفلسطيني» حسب تعليق مخرج العمل بشير درايس.
 لا بد كما قال «من الإشارة في هذا المقام إلى أن السينمائي ليس مؤرخا، وأن أصحاب الفضل في هذا العمل هم الممثلون والتقنيون وكاتب السيناريو وكل من شارك فيه، وآمل في أن يتم توزيعه تجاريا قريبا عبر الصالات في الجزائر وخارجها».
مواصلا «لقد اخترت إنجاز الفيلم حول  بن مهيدي  لتميزه بشخصية قوية، بأبعادها المختلفة، وقد حرصت في ذلك على اللقاء مع أصدقاء الشهيد حتى أضع كل المشاهد في سياقاتها، إلى جانب حرصي على تصميم ملابس للممثلين وديكورات مطابقة تماما لتلك الحقبة التاريخية، وأترك الحكم للجمهور حول هذا العمل الروائي الذي اخترنا لتجسيده ممثلين أكفاء من أجل ضمان المصداقية في تجسيد مختلف أحداثه ومشاهده».

مؤدي دور "بن مهيدي" الممثل خالد بن عيسى
تأثرت كثيرا بشخصية هذا البطل الرمز
قال الممثل خالد بن عيسى الذي أدى دور بن مهيدي: «عندما عرض عليا تقمص دور بن مهيدي،  شعرت في بادئ الأمر بالخوف وبرهبة، نظرا لثقل وحجم شخصية الشهيد بن مهيدي، وأنا سعيد بالانطباعات الأولية التي هنأتني، هنا في "دار الأوبرا" في أعقاب العرض الشرفي، على ما أديته».
مواصلا «لقد كان لأداء هذا الدور أثر كبير في مساري المهني وفي شخصيتي، وقد كان بمثابة فرصة فريدة من نوعها في مشواري، سأغتنمها إلى أقصى درجة وأتمنى أن أكون قد وفقت في تقمص دور البطل الرمز، وأترك الحكم للجمهور الواسع في نهاية المطاف».

ظريفة بن مهيدي شقيقة الشهيد
سررت كثيرا بتجاوب الجمهور مع أحداث الفيلم
من جانبها، قالت ظريفة بن مهيدي شقيقة البطل الرمز: «أنا سعيدة بهذا العرض وبالتجاوب الكبير للحضور مع مختلف أحداث الفيلم، وأنا على يقين بأن ذلك نابع من الحب الكبير الذي يكنه الشعب الجزائري للعربي
بن مهيدي.
لقد تأثرت خلال العرض بتلك المشاهد التي كانت تجمع شقيقاي العربي و محمد الطاهر».

جمعها: ع.أسابع

الرجوع إلى الأعلى