اعتبر خبراء ومحللون، أمس، أن هناك طرفا داخل فرنسا وهو اليمين المتطرف ، يريد التصعيد و إضرام النار في العلاقات بين الجزائر وفرنسا ويرفض قنوات النقاش والحوار ولا يريد لهذه العلاقات أن تستمر، وأشاروا في هذا الإطار، إلى أن وزير الداخلية الفرنسي، يخدم أجندة سياسية لليمين المتطرف و يمثل هذا التيار داخل فرنسا، الذي يقود الحملة ضد الجزائر ويسعى من أجل قطع العلاقات واعتبروا أن هذا الوزير يقود حملة كراهية ضد الجزائر ويستثمر في الأزمة و الخلاف الجزائري الفرنسي، الذي أصبح عميقا جدا.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور علي محمد ربيج في تصريح للنصر، أمس، أن رد الجزائر باعتبار 12 موظفا عاملين بالسفارة الفرنسية و ممثلياتها القنصلية بالجزائر والمنتمين لأسلاك تحت وصاية وزارة الداخلية لهذا البلد، أشخاص غير مرغوب فيهم مع إلزامهم بمغادرة التراب الوطني في غضون 48 ساعة، جاء نتيجة موقف و قرار غير مدروس من قبل الحكومة الفرنسية ورد على حالة التيهان الموجودة في فرنسا.وأضاف في هذا السياق، أن اعتقال موظف في القنصلية الجزائرية من قبل سلطات وزارة الداخلية الفرنسية وتوجيه اتهامات له، يعد خرقا للأعراف الدولية والدبلوماسية ومن المفروض أن لا تتم هذه الأمور بهذه الطريقة، معتبرا أن الموقف الذي اتخذته الجزائر، عمل يحدث في كل الدول خاصة في وقت الأزمات والتوترات وفي الأعراف الدبلوماسية، تكون المعاملة بالمثل. واعتبر المتدخل، أن هذا الرد الجزائري، رسالة لكل طرف فرنسي، يريد أن يعبث أو يشوش أو يحتقر الجزائر.
وتابع قائلا أن «السؤال المطروح لماذا جاء هذا التوقيف وهذا الاحتجاز للموظف القنصلي الجزائري، بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي للجزائر، حيث كنا نعتقد أننا بدأنا في مسار ترميم ما تم من أضرار بليغة لحقت بهذه العلاقات، خاصة على مستوى عامل الثقة الذي فقد في الآونة الأخيرة وكذا مصداقية التعامل» .
روتايو يخدم أجندة سياسية لليمين المتطرف الفرنسي
و اعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن وزير الداخلية الفرنسي، يخدم أجندة سياسية لطرف قوي اليوم في فرنسا وهو اليمين المتطرف.
وأضاف أن زيارة وزير الخارجية الفرنسي للجزائر، كانت فرصة لاستعادة القنوات الرئيسية التي كانت في الغالب تعالج الأزمات والمواقف والتصعيد والتوتر بين الجزائر وفرنسا، لكن بعد هذه الزيارة نقف على حقيقة أن هناك طرفا قويا داخل فرنسا يرفض هذه المصالحة الجزائرية الفرنسية و يرفض قنوات النقاش والحوار و يريد التصعيد وإضرام النار في العلاقات بين البلدين ولا يريد لهذه العلاقات أن تستمر.
ويرى المتحدث، أن هذا التيار يريد قطع العلاقات وإلغاء اتفاقية 1968 وترحيل الجزائريين نحو الجزائر وهذه نوايا لليمين المتطرف الفرنسي، أصبحت كلها مكشوفة.
وأضاف أن الجزائر كما حرصت على أن تحافظ على هذه العلاقات من خلال استقبال وزير الخارجية الفرنسي من قبل رئيس الجمهورية و وزير الخارجية، في المقابل فإن الجزائر لا تسقط من يدها الحفاظ على سيادة وكرامة الدولة الجزائرية، باعتبار أن اعتقال موظف في القنصلية الجزائرية، إهانة للدولة التي يمثلها، فالأعراف الدولية، تقتضي أن تكون هناك معالجة صارمة والجزائر قامت بهذا الأمر.
التوتر والخلاف بين البلدين أصبح عميقا جدا
وأشار أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، إلى أنه لأول مرة تتخذ الجزائر قرارا باعتبار هذا العدد الكبير من الموظفين العاملين بالسفارة الفرنسية وممثلياتها القنصلية بالجزائر أشخاصا غير مرغوب فيهم، وهذا دليل على أن التوتر والخلاف، أصبح عميقا جدا، لافتا إلى أننا سنكون أمام مرحلة جديدة من العلاقات الجزائرية الفرنسية، و يبدو أن فرنسا مستعدة لدخول جمهورية سادسة، حيث سيكون لليمين المتطرف اليد الطولى، خاصة في ظل التحضير للانتخابات الرئاسية القادمة في فرنسا.ويرى المتدخل، أنه يجب علينا كجزائريين، أن نستعد لهذه المواجهة المصيرية والمحتومة مع اليمين المتطرف و على الأقل نحضر أنفسنا من الناحية النفسية.
وأوضح في هذا الإطار بخصوص مستقبل العلاقات وإلى أين تتجه الأمور بأن ذلك مرهون ويقف على الخارطة السياسية التي سترسم في فرنسا اليوم، فهل توجد مؤسسات في فرنسا ستتحرك في اتجاه المحافظة على العلاقات في هذا المستوى دون أن تصل إلى الحضيض و محاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه، أم أننا أمام خارطة طريق فرنسية جديدة.
ويرى المتحدث، أننا سنشهد الكثير من التصعيد في العلاقات الجزائرية الفرنسية وقد تدفع هذه الأطراف من اليمين المتطرف، الجزائر إلى اتخاذ قرارات أكثر قساوة و أكثر قوة وصرامة.
وأشار إلى أن الجزائر في مرحلة الملاحظة ومتابعة المشهد السياسي في فرنسا إلى أين يتجه و على أساسه وبناء على المعطيات الموجودة، سيتم اتخاذ القرارات، حسب المرحلة، فإذا كان المنحنى البياني لهذه العلاقات، يتجه إلى التصعيد ، لن تتأخر الجزائر في الرد بحزم وقوة ، معتبرا أن مرحلة الصدمة الكبرى في التوتر في العلاقات تم تجاوزها ونتوجه الآن لمعالجة كل مرحلة بمخرجاتها وقراراتها، لكن بدراسة متأنية.
وأضاف أن وزير الداخلية روتايو، يمثل تيارا داخل فرنسا وهو اليمين المتطرف والذي يعود إلى الواجهة و يقود هذه الحملة ضد الجزائر و يتغذى من الخطاب الشعبوي و الأحقاد والكراهية والعنصرية ، تجاه العرب والمسلمين والمهاجرين وبالتحديد الجزائريين.
الرئيس الفرنسي تقع عليه مسؤولية
وأشار إلى أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، تقع عليه مسؤولية تاريخية و عليه أن يتدخل لحفظ ماء وجهه، و أن يمضي قدما نحو هذه المصالحة الجزائرية الفرنسية وأن يفتح كل الملفات على طاولة الحوار والمفاوضات على الأقل لتهدئة الأوضاع وقطع الطريق أمام هذا اليمين المتطرف، وعدم البقاء في حالة المراقبة ولعب دورين وغض الطرف عن هذه التجاوزات.
وأضاف أن الجزائر تقدر ثقل وعمق و وزن هذه العلاقات و لكن هذا لا يمنع أنها في مرحلة من المراحل يجب أن تنتصر لسيادتها و لصورتها وسمعتها بين الدول، فنحن لا نقبل هذه الإهانات.
وذكر المتدخل، أن إدارة الأزمة من قبل الدبلوماسية الجزائرية، كانت إدارة محترفة وذكية واستطعنا أن نزيل الكثير من الألغام التي زرعت في حقل هذه العلاقات من قبل اليمين المتطرف الفرنسي وعلينا كما - أضاف- أن نتهيأ للسيناريو القادم و الذي قد يكون قويا وصعبا، في ظل التصعيد، مادام أنه لا توجد قوة توقف هذا اليمين المتطرف.من جانبه، تساءل أستاذ الفلسفة السياسية بجامعة الجلفة البروفيسور بن شريط عبد الرحمان، في تصريح للنصر، أمس، أين رئيس الجمهورية الفرنسية وما هي سلطته على وزير الداخلية الفرنسي و الذي له طموحات شخصية ويريد أن يحقق مكاسب في انتظار مناسبات انتخابية مقبلة و لما لا الرئاسيات المقبلة في فرنسا.
وزير الداخلية الفرنسي يستثمر في الأزمة و الخلاف
وأضاف أن هذا الوزير ، يستثمر في الأزمة و الخلاف الجزائري الفرنسي، و يقود حملة كراهية ضد الجزائر ويريد أن يعمق الخلاف بين البلدين.
وأضاف أن الجزائر ليست مطالبة أن تدخل في هذه اللعبة فموقفها واضح وحق الرد والمعاملة بالمثل يعتبر مبدأ من مبادئ العلاقات بين الدول، لافتا إلى أن الجزائر عبرت عن نواياها الحسنة في استمرار العلاقات الجزائرية الفرنسية ولكن الخلل لا يوجد في الطرف الجزائري بل يوجد لدى الطرف الفرنسي. وأشار إلى ان اعتبار 12 موظفا عاملين بالسفارة الفرنسية وممثلياتها القنصلية بالجزائر أشخاصا غير مرغوب فيهم، مع إلزامهم بمغادرة التراب الوطني في غضون 48 ساعة، هو من حق الجزائر و يأتي ردا على التجاوزات الفرنسية، إثر الاعتقال الاستعراضي و التشهيري في الطريق العام الذي قامت به المصالح التابعة لوزارة الداخلية الفرنسية في حق موظف قنصلي جزائري.
وأضاف في هذا الصدد، أنه إذا كان هناك مشكل أو أزمة، على فرنسا أن تسلك القنوات الرسمية والدبلوماسية و بطريقة قانونية.
وأضاف أن هذا التصعيد قد يدفع بالجزائر إلى اتخاذ إجراءات ردعية و لا يجب أن ننسى أن العلاقات أصبحت أكثر أهمية بالنسبة لفرنسا أكثر من الجزائر، لافتا إلى أن الجزائر وجدت بدائل كثيرة وأصبحت قادرة على أن تستغني عن فرنسا في العديد من المجالات.
الكرة الآن في المرمى الفرنسي
وقال أن الكرة الآن في المرمى الفرنسي، وفرنسا هي التي تعاني الأزمة و على الرئاسة الفرنسية والسلطة الفرنسية، أن تخرج من هذا التناقض فمن ناحية وزير الخارجية الفرنسي يأتي إلى الجزائر ويتم استقباله ويتم ضبط برنامج عمل مستقبلي مع رجوع المياه إلى مجاريها ولكن في نفس الوقت وزارة الداخلية الفرنسية تتحرك في مسار آخر متناقض وهذا يسيء إلى سمعة فرنسا و إلى الرئاسة الفرنسية ويضع فرنسا في وضعية حرجة، خاصة وأن الوضع الداخلي في هذا البلد في حد ذاته، اجتماعيا واقتصاديا، يحتاج إلى مزيد من الوحدة والانسجام وعلى الأقل يكون هناك خطاب وصوت واحد، حينما يتم التعامل مع الجزائر ومع الدول الخارجية.
واعتبر أستاذ الفلسفة السياسية بجامعة الجلفة، أن الجزائر مستعدة لكل الاحتمالات، سواء كانت تقاربا مع فرنسا أو تنافرا، فإذا كانت هناك رغبة في التقارب، الجزائر مستعدة لذلك أما إذا كانت هناك رغبة في المساس بكرامة الجزائر والجزائريين، فبلادنا مستعدة لكل الاحتمالات.
مراد -ح