أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، لدى إشرافه باسم رئيس الجمهورية، القائد الأعلى...
يمثل إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحق رئيس حكومة الكيان الصهيوني « نتنياهو» و وزير دفاعه السابق» غالانت» بتهمة ارتكاب جرائم ضد...
تعد الضجة الكوميدية التي تثيرها بعض الأوساط السياسية والفكرية الفرنسية حول حالة بوعلام صنصال، دليلا إضافيا على وجود تيار «حاقد» ضد الجزائر. وهو لوبي لا يفوّت...
أكد الأمين العام لوزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، حميد بن ساعد، اليوم الخميس بالجزائر العاصمة، أن التمور الجزائرية بكل أنواعها تمكنت...
عرفت عملية التعلم تطورا منذ باتت ترتبط بالخدمات التي توفرها التكنولوجيا، فالحضور اليومي في المدرجات و المحاضرات لم يعد ضروريا و لا إجباريا في عملية التلقين، إذ أصبح التعلم الذاتي أو ما يطلق عليه بالتعلم المستقل ملاذا لشرائح عمرية مختلفة، ومبتدئين من مختلف المستويات العلمية والثقافية، أراحهم الويب من مشقة التنقل لمسافات طويلة فأصبحوا يتعلمون في أي وقت يختارونه ومن أي مكان.
تخصصات حديثة ومهارات مختلفة
صارت الشبكة العنكبوتية مدرسة افتراضية بتخصصاتها الحديثة والمهارات المختلفة وتعدد مصادر وطرق التعلم عن طريقها، سواء بالفيديو أو من خلال المدونات أو في قنوات منصة تلغرام المخصصة للتفاعل المباشر مع المعلم و مميزات أخرى عديدة في متناول الجميع جعلت شبابا يختارون تدارك ما فاتهم و يصرون على تكوين أنفسهم ذاتيا انطلاقا مما هو متوفر على النت من دروس ومعلومات.
عصاميون خاضوا التجربة، قالوا للنصر، بأنهم وجدوا فرصة مناسبة جدا للتكوين في ميادين بعضها حديث لدرجة أن هناك برامج متاحة على الإنترنت تفتقر إليها المعاهد، وأكدوا أن الشابكة وفرت المال و قلصت الجهد، كما ساعدهم التعليم الذاتي في استثمار الوقت وتطوير أنفسهم واكتساب مهارات جديدة يواكبون بفضلها التطورات الحاصلة في العالم و دافعهم في ذلك إما الفضول أو إعجابهم بمجال معين والرغبة في التحكم فيه، فضلا عن توفير الفرص للدخول إلى سوق العمل وممارسة نشاط يجدون فيه شغفهم، وهم يجربون ما تعلموه بعرضه على مواقع إلكترونية بحثا عن متخصصين يصوبون أخطاءهم ، أو حتى زبائن لأعمالهم على غرار التصميم الجرافيكي والتصوير الفوتوغرافي.
شغف يتحول إلى مهارات
أخبرتنا بثينة ذيب، بأنها أحبت الثقافة الكورية بفضل الدراما، فقررت تعلم لغة البلد، و بدأت في تلقي دروس عن طريق الإنترنت لتتمكن خلال ظرف وجيز من إتقانها بنسبة 80 بالمائة نطقا وكتابة رغم صعوبتها كما عبرت، مشيرة إلى أنها باشرت التعلم وهي صاحبة 22 سنة من خلال متابعتها لقنوات اليوتيوب و صفحات متخصصين في تعليم قواعد اللغة الكورية على مواقع التواصل الاجتماعي، وتمضية وقتها على تطبيقات خاصة بتعلم اللغات كتطبيقي «هالو تالك» و»دولينغو».
أما لينا عقبة، مصممة جرافيكية، فقالت، إن بدايتها في مجال التصميم الجرافيكي كانت سنة 2019، عندما انضمت إلى مجموعة على الفيسبوك تهتم بكل ما يخص العمل عبر الإنترنت، ومن خلال متابعتها للأعمال التي ينشرها أعضاء المجموعة والمعلومات التي يشاركونها عن التصميم أدركت انجذابها إلى هذا المجال الذي يجمع الإبداع والنظرة الفنية، وأردفت أنها بدأت تبحث عن كل ما يتعلق به من معلومات أساسية وفرص العمل التي يوفرها، ثم تعلمت «الموشن جرافيك» الذي يعتمد في أساسه على تحريك الصور وعمل «الأنيميشن» سواء لشخصيات أو أشكال ومبان، كما أن مداومتها على متابعة قنوات خاصة على يوتيوب ساعدتها على إتقان العمل و تعلم مختلف برامج التصميم في البيت دون الحاجة إلى دورات تعليمية مكلفة وفق ما قالته لنا.
واختار عبد الرحمان بليلي، مساعد مخرج ومصور سينمائي، في بداياته الطريق الطويل لدخول عالم التصوير السينمائي، فكون قاعدة معرفية حول هذا المجال و أساسياته كالتعرف على الأدوات المستخدمة في التصوير، بعدها وضع خطواته الأولى في عالم الإخراج الفني والاطلاع على كل ما يتعلق بالصورة وتحليلها، وكيفية رواية قصة من خلال الصورة، وبحسب عبد الرحمان، فإن عدم تقيده بالوقت في التعلم جعله يتعمق أكثر في المعلومات خاصة و أنه كان حرا في اختيار مصادر التلقي التي يعتمد عليها.
حدثنا أيضا، فادي عوابدية، عن تجربته في تعلم إنتاج الموسيقى الإلكترونية والهيب –هوب، قائلا بأنه فضل أن يخوض غمار التعلم الذاتي بالاعتماد على جهده الشخصي، و اختار لذلك برنامجا سهلا لا يتطلب الاستعانة بأستاذ متخصص في تعليم الموسيقى، كما أن هذا النوع الموسيقي الغربي محدود الانتشار في الجزائر ولا يوجد تكوين كاف فيه أو معلومات كافية حوله.
وقال محدثنا، إنه كان يعتمد على تحليلات الأغاني الموجود على يوتيوب بالإضافة إلى التعمق في قراءة دليل الاستعمال المرفق بالبرامج التي يستخدمها، أما عن الطريقة الأمثل للتعلم و تطوير المهارات في مجال الإنتاج الموسيقي، فكانت الاستماع إلى الأغاني وتحليلها ثم محاولة إعادة تركيب الألحان والإيقاعات المختلفة، حتى يؤلف ألحانا خاصة به.
التعلم الذاتي استثمار للوقت
ودعا محدثونا الشباب إلى استغلال هواتفهم الذكية ووقتهم في تطوير أنفسهم وتعلم مهارات جديدة تُدعم شهاداتهم الأكاديمية وتفتح لهم آفاق كثيرة مستقبلا، بدل تضييع الوقع في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي.
وبحسب لينا عقبة فإن التعلم الآن أصبح سهلا ومتاحا على مختلف الفضاءات سواء على اليوتيوب أو التسجيل في دورات توفرها منصات خاصة بالتعلم الإلكتروني، عوض أن يخسروا الكثير من الأموال للحصول على معلومات هي في الأساس متوفرة على الانترنت، أو باستخدام مواقع للذكاء الاصطناعي، وأضافت أن مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن تُستغل بطريقة أكثر فائدة بالانضمام إلى مجموعات خاصة بالفريلانس والتصميم أو أي مجال يريدونها، حتى التيك توك يتوفر على فيديوهات تعليمية لا تأخذ منك سوى دقائق معدودة فقد كان له الفضل الكبير في تعلمها لتقنيات في التصميم كانت تجهلها، وبحسب محدثتنا فإنها لم تخصص وقتا معينا لتعلم التصميم بل كانت تتدرب في أي وقت مدفوعة بالشغف.
من جهته قال لنا شراف الدين سهيلي مصور متخصص في فن الشارع بأنه كان يستغل عطلة نهاية الأسبوع من خلال خروجه مع مجموعة سياحية وزيارة أماكن مختلفة في قسنطينة أو خارجها ثم يوثق رحلته بصور مختلفة للطبيعة والعمارات والبنايات القديمة، وأضاف بأنه لم يكن يهمه الحصول على عتاد متطور خاص بالتصوير فمن خلال هاتفه البسيط استطاع تطوير هوايته.
وقال لنا فادي عوابدية بأنه كان يخصص وقتا للتمرن على التلحين والتأليف الموسيقي بمعدل ثلاث مراث في الأسبوع، بالاستماع إلى الأغاني وإعادة محاكاة ألحانها، كما أنه اضطر لابتكار طريقة خاصة به باستخدام لوحة المفاتيح الخاصة بالحاسوب والفأرة كأدوات موسيقية.
وتقييما لتجربته في التعلم الذاتي علق عبد الرحمان بأنه تعلم كيف يستثمر وقته بطريقة جيدة في البحث، فضلا على أنه تعرف على قيمة التغذية البصرية من خلال مشاهدة الأفلام وتحليلها وقراء ما خلف الصورة، وتابع قائلا «تعلمت أيضا الصبر من أجل الحصول على المعلومة والبحث».
فرصة للتعلم مع خبراء عالميين
قال عبد الرحمان بليلي، بأنه تعلم للتصوير عبر الإنترنت وكانت هي مصدر معلوماته الوحيد، مع ذلك فقد ساعدته كثيرا و وضعته في تواصل مع مصورين يشاركونه نفس الهواية، فكان يتابع فوتوغرافيين جزائريين وآخرين أجانب على مواقع التواصل الاجتماعي، كما وفرت له الإنترنت فرصة الولوج إلى مدونات سينمائيين عالميين استطاع من خلالها تعلم تحليل الأفلام، والتعرف على الأساليب السينمائية الخاصة بإنتاج أنواع معينة من الأفلام وأضاف، أنه بفضل التعلم المستقل أصبح يدرك كيف يسوق لنفسه فضلا عن إقناع الجمهور بأعماله.
الطريقة نفسها اعتمدها فادي عوابدية، الذي قال، بأنه كان يُحمّل فيديوهات «ماستر كلاس» لأفضل الملحنين في العالم ويتعلم منها.وبدوره ذكر لنا شراف الدين سهيلي، أسماء لمصورين وصناع محتوى في مجال التصوير الفوتوغرافي ساعدته دروسهم ونصائحهم عبر الإنترنت على التعلم كثيرا، بالإضافة إلى استعانته بآخرين تعرف عليهم في مجموعة سيرتا فوتوغرافي على فيسبوك، و أضافت من جانبها المصممة الجرافيكية لينا، بأن الإنترنت توفر إمكانية الاستفادة من الكثير من المتخصصين العرب أو الأجانب الذين ينشرون في مجالات عديدة إذ يكفي حسبها،أن يكون الشخص صاحب إرادة وعزيمة ليتعلم منهم و من تجاربهم و بالمجان.
كسر حاجز الخوف من التجربة
بالرغم من صعوبة قواعد اللغة الكورية، إلا أن بثينة ذيب، كانت تستغل تواجدها على مواقع التواصل الاجتماعي للتحدث بها وتطبيق ما تعلمته مع أصدقاء كوريين يتقنون اللغة الإنجليزية ساعدوها على استخدام لغتهم دون عراقيل والتحدث بها دون الخوف من الوقوع في الخطأ، عن طريق من برنامج «كاكاو تالك» و هو ما مكنها من تعلم مفردات جديدة و ألغة الحاجة إلى أستاذ خاص بحسب ما وضحته لنا.
وقال فادي عوابدية، بأنه دائما ما يشارك محاولته في إنتاج مقاطع موسيقية عبر تطبيقات خاصة بالموسيقى، و فقد كان يتلقى في بداياته دعما وتشجيعا على المواصلة في هذا المجال، بالإضافة إلى بعض الانتقادات التي دفعته لتطوير نفسه، و هذا ما جعله يفكر في خوض تجربة جديدة في إنتاج موسيقى الأفلام السينمائية، حيث كان أول ما قام به إنتاج موسيقى تصويرية لأحد أفلام الرعب، وضع فيها كل خبراته وما تعلمه، وأضاف بأن هذه المحاولات جعلته يكتشف نفسه ويتطلع لآفاق أوسع مشيرا إلى أنه بصدد تطوير مهاراته أكثر، حتى يخرج أغان بأفكار جديدة ومبتكرة.
كما حدثنا عبد الرحمان بليلي، عن تفانيه في تعلم التصوير وكيف مكنه ذلك من الإبداع في التقاط الصور وتصوير الأفلام القصيرة لاحقا، وكشف لنا أن أول جائزة تحصل عليها كانت بفضل صورة التقطها بهاتفه وركز في ذلك على توظيف كل ما تعمله عبر الانترنت وإبراز الجانب الإبداعي لعمله.
علاقة تكاملية بين التعلم الذاتي و الأكاديمي
رغم إيجابيات التعلم الذاتي والتسهيلات التي يوفرها، إلا أن محدثينا يرون بأنه لا يمكن للإنترنت أن تعوض التعليم الأكاديمي أو تغني عنه، وفي هذا الصدد قال عبد الرحمان بليلي، الذي اختار التوسع أكثر في مجال التصوير السينمائي بالتحاقه بالمعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري : « يبقى التعليم الأكاديمي مكملا للتعليم الذاتي لأنه ينبهك إلى أمور لم تكن تدرك سابقا أنها ستفيدك في مجالك وهذا ما اكتشفته عندما بدأت الدراسة في المعهد، حيث ندرس الكثير من التخصصات مثل الموسيقى و تاريخ السينما وغيرها». وحسب فادي عوابدية، فإن التعلم الذاتي لوحده غير كاف، خاصة وأن المتعلم لا يعتمد على برنامج ينظم طريقة تعلمه ويضبط له الوقت وهذا ما يجعل مدة إتقان مجال ما تأخذ وقتا طويلا، ناهيك عن الالتزامات الأخرى التي قد تعيق مساره، وأضاف، بأن المتعلم في حاجة إلى من ينتقده ليحسن أداءه، وعقب : « يمكن أن تكون آراء الأصدقاء غير موضوعية وفيها مجاملات وهذا ما يجعل الفرد لا يسعى إلى تطوير نفسه، ولعل هذا الأمر من الأخطاء التي يقع فيها الأغلبية إذ يكتفون بالمعلومات السطحية التي تعلموها في بداياتهم».وقد شطارته بثينة ذيب الرأي، إذ اعتبرت أن الاستعانة بالمعاهد والمدارس الخاصة بتعليم اللغات أمر مهم بالنسبة لها كون المتعلم يلتقي بأشخاص يتحدث معهم باللغة التي هو بصدد تعلمها والتدرب عليها وهو ما يساهم في تسريع عملية تعلمها.
وخلافا للبقية يرى شراف الدين سهيلي، بأن التعلم الذاتي هو أفضل سبيل لتطوير الذات، لأنه يسمح بممارسة الفرد لما تعلمه خاصة في مجال التصوير الفوتوغرافي، وهو ما وافقته فيه لينا عقبة، فرغم صعوبة التعلم الذاتي إلا أنه أنفع بكثير من التعلم في المعاهد حسبها، وأرجعت ذلك إلى أن تعلم الشخص بمفرده فيه كثير من الحرية و فرص أكبر للخوض أعمق في أي مجال، لأن بإمكانه البحث عن أية معلومة يريدها في أي وقت و مجانا.
إيناس كبير