أطلقت وزارة الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية، أمس، بمعية قطاعات وزارية أخرى حملة وطنية لتحسيس المواطنين بالأثر الايجابي والدور الهام...
حدد بنك الجزائر، المبلغ الأقصى المسموح بإخراجه من العملة الأجنبية، من طرف المسافرين المقيمين وغير المقيمين، بما قيمته 7500 أورو، مرة واحدة في السنة...
وجهت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة صورية مولوجي تعليمات للمدراء الولائيين للقيام بخرجات ليلية عبر مختلف أنحاء الوطن، مع تجنيد الخلايا...
* نـظام المخـزن تحــالف مع القوى الاستعمــارية كشف عضو الحزب الوطني لجمهورية الريف، يوبا الغديوي، أمس السبت، أن تشكيلته السياسية ستتقدم قريبا إلى...
الطائفية.. المرض العضال و الخطر المحدق بالأمة العربية و الإسلامية
يعيش العالم العربي والإسلامي اليوم غليانا طائفيا أعاد إلى الواجهة مشاهد حرب داحس والغبراء، وحرب الفاطميين بالجزائر، وصراعات الموحدين والمرابطين والتتر وغيرهم، في ظل وجود دعم سياسي ومالي وإعلامي لهذه الطائفة وتلك، وهو ما يهدد الأمة العربية بانقسامات جديدة وتوترات في هذا العقد وما بعده، فمن من رواء الشحن والطائفي وهل له مبرر وجود؟ ذلك ما حاولنا الإجابة عنه في هذا الملف.
د عبد الرحمن خلفة
20 قناة تحريضية موجهة للعالم العربي
الدولة العربية الحديثة هدأت من مضاعفات الطائفية و لم تعالجها
لم تستطع أو لم تحاول أصلا أنظمة ما بعد الاستقلال في الدولة الوطنية القطرية العربية معالجة إشكالية الطائفية الموروثة عن بعض الحقب التاريخية؛ مكتفية بشل فاعليتها مؤقتا وتهدئة مضاعفاتها، بوسائل قمع طالت الحياة الفكرية والسياسية والاجتماعية، حين كرست النظرة الأحادية في منظومتها السياسوية الشمولية؛ لذلك سرعان ما ظهرت إلى السطح الطائفيات المقيتة بمجرد سقوط تلك الأنظمة على غرار ما حدث في العراق ولبنان وسوريا واليمن وبدرجة أقل مصر والخليج العربي، على خلاف ما عليه الوضع بالمغرب العربي الذي لا يكاد يرى فيه أثر للطائفية رغم محاولات خلقها. ففي الزمن العربي الراهن الذي تعرى فيه المجتمع العربي أمام أفراده بتناقضات كانت مغيبة ومتكتما عنها، حين أكتشف أن هويته مفرقة بين لغات وأديان وطوائف، وقد ظل الخطاب العربي الرسمي يسوق له لغة واحدة ودينا واحدا وطائفة واحدة، فتداعى العرب في خضم البحث عن الذات والهوية والانتماء إلى استعادة تاريخية لأفكار ومعتقدات ومذاهب محاولين تمثلها لتكون ملجأ الفارين من الواقع المرير الذين فشلوا في تطويعه أو اللحاق بركبه المتقدم حضاريا فيه، وكان من أخطر ما استدعي من التاريخ عقدة الطائفية، لاسيما الدينية منها في قطبيها الكبيرين السني والشيعي وبدرجة أقل باقي الطوائف، وخلف كل طائفة مستدعاة من التاريخ دول وأموال وإعلام. وذلك راجع لأسباب وعوامل تاريخية واجتماعية، ولعلنا نرصد بعض مظاهر الخطر الطائفي فيما يأتي:
أولا: وجود ما يربو على ال 20 فضائية موجهة للعلم العربي بعضها يبث من الداخل وبعضها يبث من أمريكا وبريطانيا، تشتغل على الشحن الطائفي والتحريض على التكفير واستباحة الدماء، وتتعمد استفزاز المخالفين في مقدساتهم، كأن يصف الشيعة أهل السنة بالنواصب ويسبون عائشة وأبا بكر وعمر، ويضفي بعضهم على علي صفات لا تليق إلا بالأنبياء أو الآلهة ! أو يوصم بعض الوهابية الشيعة بالروافض ويسحبون على المعاصرين منهم الأحكام التي أطلقها ابن تيمية وغيرهم على شيعة الماضي، دون التثبت من توفر ذات العلل التي تدور معها الأحكام، وواكب ذلك استحضار الموتى من أضرحتهم مما ساهم في تعميم الحزن وإذكاء روح الانتقام وتخدير الأتباع وتكبيل عقولهم و وجدانهم. ويمكن للقارئ تصفح بعض هذه الفضائيات ليقف على المشهد المؤلم للمسلمين وهم يتقاذفون السباب واستباحة الدماء.
ثانيا: وقد وصل الوضع اليوم إلى مرحلة تاريخية خطيرة حين تفشى القتل الطائفي لاسيما من قبل طوائف العراق واليمن، والعالم يحصي اليوم مئات آلاف القتلى لاسيما من أهل السنة الذين وجدوا أنفسهم بين نارين نار غلاة الشيعة، ونار التكفيريين الذين انتهى بهم المطاف إلى المرحلة الداعشية، وليست الغرابة في تقاتل الطوائف فيما بينها فصفحات التاريخ مليئة بمشاهد من ذلك، في ديار المسلمين وديار المسيحيين، وإنما الغرابة أن يتجدد القتل في زمن الدولة الحديثة التي كفلت حرية العقيدة لكل شرائحها، الغريب أن تسحب أحكام الماضي على المعاصرين، وإلا فما دخل السنة المعاصرين في مقتل الحسين الذي قتله حاكم مستبد واستنكر لمقتله كل مسلم، حتى ينادى يا لثارات الحسين ! ويربون عليه أطفالهم منذ الصبا.
ثالثا: تفشي وباء فكري عقدي وعصاب جماعي مقتنع بعودة وهمية لمهدي مفترض اختفي منذ 1200 سنة ! لينشر العدل وينتقم من الخصوم، في عصر العلم والتمدن، وكأني بهؤلاء يعيشون في كهف أهل الكهف، ولما يستيقظوا بعد ليدركوا أن النقود المتداولة لم تعد الذهب والفضة، بل الأورو والدولار والدينار والريال !
رابعا: تبني دول قوية بالمنطقة لفكر هذه الطائفة أو تلك وبناء منظومتها الفكرية والتشريعية على مذهبها وتسخير الأموال لنشرها ومقاتلة خصومها، ولا أدل على ذلك من أن الطائفية النتنة برزت بشكل دموي منذ نجاح الثورة الفارسية نهاية السبعينيات، التي وضعت في برنامجها تسطير الثورة والتبشير بها، وما حدث من ردود أفعال وهابية تجاه ذلك.
خامسا: الحرص على ترديد فكرة الفرقة الناجية، من حديث انقسام الأمة، حيث تدعي كل طائفة أنها المقصودة بها، رغم أن الحديث المؤسس لهذه النظرية مشكوك في صحته، وقد روي بلفظين: لفظ يقول كلها في النار إلا واحدة، ولفظ يقول: كلها في الجنة إلا واحدة، وقد سبق هذا الخطأ التاريخي في تكييف طبيعة الخلاف بين الخلاف بين علي ومعاوية في معركة صفين حول الأحق بالخلافة، حيث انقسم المسلمون حيالها إلى ثلاثة أقطاب، إذ كان يمكن لهذا الخلاف أن يكون مبررا ويبقى في إطاره السياسي لولا أن الخوارج سحبوه من السياسة إلى العقيدة ومن الأصول إلى الفروع، ثم تبعهم الشيعة فأدرجوا الإمامة في أصول الدين وأركان الإيمان ! وهو ما مهد لظهور التكفير بين المسلمين، فمن ليس معي فهو كافر.
سابعا: وجود الكيان الإسرائيلي بالمنطقة، وهو كيان طائفي بالأساس ومن مصلحته تشجيع الطائفية لتبرير وجوده، مساعدة الذين أسسوه في قلب الأمة العربية على تغذية الطائفية تمهيدا لرسم خارطة جيوسياسية جديدة للمنطقة.
على الجزائر أن لا تسمح بأي تسلل طائفي أو مذهبي
الجزائر اليوم تجد نفسها بفضل تضحيات الأجيال التي مضت عبر القرون العشرة الماضية في وضع مثالي مقارنة بنظراتها العربية، فبعد الدماء التي أسالها الشيعة الفاطميون الذين جعلوا من الجزائريين وقودا لثورتهم، وبنوا على أشلائهم دولتهم، وقضوا على التعايش المذهبي، انكسر هؤلاء وفروا إلى المشرق لتعود الجزائر إلى حاضرة أهل السنة الذين تعايشوا عبر القرون مع الأقلية الإباضية الذين شاركوهم في دحض الفاطميين بالمهدية. وفي العصر الحديث استقلت الجزائر بعد استعمار طويل على دين واحد غداة فرار اليهود والمسيحيين، ومذهب مالكي واحد وجماعة واحدة هي أهل السنة، ولم تستطع أي طائفة أن تجد لها موطئ قدم في الجزائر دار الجهاد والشهادة، وهو وضع ينبغي الحفاظ عليه، بعد التسمح مع كل من يحاول خلق الطائفية بدولة خالية منها، أو نشر مذهبي يقض مضاجع المرجعية المذهبية التي تكرست عبر قرون وكان ثمن تكريسها ملايين الشهداءـ، لأن المأرب له أبعاد دينية وسياسية ولا علاقة له بحرية العقيدة والحق في العبادة المكرسة دستوريا، والدول التي انقسمت منذ سنوات على غرار أندونيسا والسودان انقسمت بسبب طائفي، والدول المهددة اليوم بالانقسام على غرار العراق وسوريا واليمن، إنما يرجع سبب ذلك إلى الطائفية، والوقاية أفضل كما الاحتياط، فالمطلوب تعزيز الانتماء للإسلام وحفظ المرجعية المالكية السنية، ونشر ثقافة التسامح والتعايش والوحدة ومحاصرة أصحاب الفتن.
د. رحيمة بن حمو
الطائفية مظهر من مظاهر الجاهلية و التخلف الحضاري
الاختلاف سنة من سنن الله تعالى في الأفراد والجماعات، غير أن ثقافة التعاطي معه هي ما يجعله ظاهرة صحية أو ظاهرة مرضية، ووجود الطوائف في أمة كبيرة كأمة الإسلام أمر طبيعي، فقد ظهر الإسلام في بقعة تعج بالأديان والثقافات والحضارات، لكن دولة النبوة التي ساد فيها العدل والحق، استوعبت كل التوجهات تحت مظلة الإسلام، فكانت ترعى الجميع وتتحمل حماقاتهم؛ لتضع قانونا للتعامل مع الغير؛ فالحق أحق أن يتبع وإن كان في صف عدوك، والباطل باطل ولو صدر من أقرب الناس إليك. وقد شهد تاريخ الإسلام الاختلاف في أصل الدين من يهود ونصارى ومجوس وغيرهم، كما وجد الاختلاف بين المسلمين أنفسهم؛ في المذاهب الفكرية والفقهية... كانت مادة ثراء وتنوع حضاري كبير، غير أن كل فتنة أصيب بها المجتمع الإسلامي، إنما تأتت من سوء إدارة الاختلاف، وبقدر ما يتدنى المجتمع في مستواه الديني والحضاري والأخلاقي، بقدر ما تكون نتائج الاحتكاك بين المختلفين باهظة، فقد تصل إلى حد الاقتتال واستباحة الأموال والدماء والأعراض، بل قد يصل الأمر إلى حد التحالف مع الأعداء والخيانة لجماعة المسلمين، حتى إذا بلغ التخلف ذروته، صار المجتمع كله ألعوبة بأيدي القوى الخارجية المتنافسة بل المتفاهمة، وصارت أرض المسلمين مسرحا يلهو فيه الكبار، موضوعه الطائفية، ذلك الخنجر الجديد الذي يغرز في ظهر الأمة الإسلامية، ليفجر جراحا جديدة في جسدها المثقل بالكلوم والجراحات. لكن الطائفية التي يروج لها اليوم بين ظهرانينا ليست سوى اسم جديد لحمية الجاهلية التي حاربها النبي صلى الله عليه وسلم من قبل، ووأدها بأبلغ الكلمات، عندما دعا المهاجري: يا للمهاجرين، ودعا الأنصاري: يا للأنصار فقال: "دعوها فإنها منتنة" رواه البخاري.
د.نوار بن شلي
الاستعمار و التبشير وراء ظاهرة الطائفية
لقد دخل المستعمرون معظم البلاد العربية الإسلامية، فكان أول عمل باشروه تجزئة الأمة العربية ذات الأكثرية الإسلامية، إلى دويلات صغيرة، وأقاموا بينها الحدود والحواجز المصطنعة، وحاولوا أن يغرسوا بينها تبايناً في المصالح الاقتصادية والسياسية والثقافية، ثم تبايناً آخر في القوميات والعصبيات الإقليمية، مضافاً إلى ذلك إيجاد التنافر بين الكتل الطائفية، وأمعنوا في ذلك إمعاناً بالغاً، إذ كانوا يأتون إلى الكتل الطائفية القليلة العدد، التي بدأت تنسى عزلتها الطائفية وتنصهر في الجماعة الواحدة الكبرى؛ فيشجعونها على أن تعود إلى أصولها وتوجد لنفسها تكتلاً مضاداً حاقداً على الأكثرية المنتشرة في البلاد، وذلك في ظل التسامح العام الذي تشعر به الأكثرية المسلمة، على أسس وطنية بحتة أخذت تنادي بها هيئاتها السياسية وغيرها، وهي غافلة عن المكيدة المدبرة. وإمعاناً في التجزئة مد المستعمرون الطوائف القليلة بالمساعدات والتسهيلات الاقتصادية والإغضاء عن الجرائم والمخالفات، ونفخ روح العزلة والحقد والكراهية في نفوس أفرادها وقادتها ضد الأكثرية، وضد الطوائف الأخرى، وإشعارها بضرورة انفصالها بحكم ذاتي خاص بطوائفها.
وأقاموا بينهم وبين هذه الطوائف علاقات تتسم بطابع الصداقة والمودة التي تستتبع تبادل زيارات عائلية، وجلسات فكاهة وسمر وأكل وشرب، ورحلات متنوعة، وهكذا إلى آخر ما يدخل في هذا الجدول الاجتماعي، وعقدوا معهم صلات مناظرة للصلات التي عقدوها مع مجموعة من كبار الأسر السياسية والاقتصادية المنتمية إلى الطائفة التي تشكل في البلاد الأكثرية العددية، ولكن دسائسهم في كل زمرة منها تختلف عن دسائسهم في الأخرى. وذلك ليتم لهم بناء الجدار الغليظ بينهما، وليوسعوا الهوة الفاصلة بين الطوائف، ويزرعوها بالألغام الكثيرة، من الكراهية، وتباين المصالح، والأحقاد التاريخية الموروثة والعصبيات المختلفة ذات الدوائر الضيقة.
ومن أمثلة ذلك الفتن الطائفية التي أشعلوا نيرانها في النصف الثاني من القرن العشرين في لبنان، والفتن التي يوقدون نيرانها في الهند. وإلى جانب هذه الأعمال التي سجلها التاريخ على المستعمرين، تقدم لنا السجلات حشداً كبيراً من أقوال المبشرين والمستشرقين، الدالة على اهتمامهم بهذا الهدف. كما يكشف عن ذلك الباحث عبد الرحمن حبنكة الميداني في كتاب أجنحة المكر الثلاثة.
أ.مصدق بوعافية
الطائفية وراء سقوط الأندلس و ضياع الفردوس المفقود
تعد الأندلس في فترة الحكم العربي فيها مثلا واضحا للتسامح، وارتقاء الحضارة وسقوطها في آن واحد، فقد تعددت فيها العرقيات والطوائف والملل. وكان لهذا الوضع أثره الواضح قي فترة ملوك الطوائف. وأبرز مثال لهذه الحالة وضع اليهود في عهد الدولة الزيرية البربرية. وكان لهذه الإمارة من التسامح الديني ما مكن بعض الأفراد من اليهود من ذوي الكفاءة والنباهة من بلوغ أسمى الدرجات في الدولة، ومن أشهرهم الوزير ابن النغريلة الذي كان وزيرا في دولة باديس بن حبوس الصنهاجي. غير أن هذا الوزير استبد برأيه وأساء إلى الإسلام وتطاول عليه، وقد رد عليه العلماء المسلمون، وفي مقدمتهم ابن حزم، وكان هذا الوزير عرضة للنقد والهجاء وقد تولي هذه المهمة الشاعر الأندلسي المعروف بابي اسحق الألبيري. الذي هجاه فجرأ العامة عليه، فثاروا عليه وقتلوه. وكان لهذا الوضع أثر في تدهور الدولة الزيرية في غرناطة. ومن العوامل التي عجلت بسقوط الدولة الأموية في قرطبة من قبل ذلك الصراع المحتدم بين أطراف متباينة النزعات. و مختلفة الأهواء، أدى الصراع بينها إلى سقوط الدولة المركزية وظهور ما يعرف بين المشتغلين بالأندلسيات بدول الطوائف وهي تمثل في الواقع أحزابا وعرقيات وثقافات متباينة، ومن هؤلاء الأسبان والصقالبة والعرب والبربر واليهود. لقد بلغ الحقد والكراهية مبلغهما في تأجيج الصراع بين هذه القوي مما عجل بفقدان العرب لفردوسهم الذي أصبحوا يدعونه الفردوس المفقود وكانوا إلى وقت غير بعيد يسمونه الفردوس الموعود.