في رحاب رمضان

زكاة الفطر.. تطهير للصائم و ابتهاج للفقير
يبادر المسلمون من يوم غذ إلى فجر عيد الفطر إلى إخراج زكاة الفطر، طواعية في سخاء وجود، استجابة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي روى عنه عبد الله بن عمر ذلك في قوله: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير؛ على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين. و أمر بها أن تؤدي قبل خروج الناس إلى الصلاة) (أخرجه البخاري ).
 وهذا الواجب الذي يؤديه المسلم في شعيرة جمعت بين الجانب التعبدي وجانب المقاصد والمصالح، تتخلله حكم وأبعاد نفسية واجتماعية لعل حديث ابن عباس يجمعها فقد قال رضي الله عنهما: " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين. من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أدها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات"، ومنها:
أولا: إن زكاة الفطر طعم لصائم، فالمسلم الذي يصوم شهرا كاملا لا يخلو صيامه من هنات بسبب السهو والغفلة وضغط الوقت وتغير العادات، فقد يتلفظ بكلام لا يليق أو يسيء فيما هو من صغائر الذنوب، فتأتي زكاة الفطر لتجبر النقص وتطهر الصائم وتكفر عن السيئات ليكون صوما كاملا؛ أو لا يكون صيامه بشكل يكمل فيه صفة الإيمان والاحتساب، فزَكَاةُ الْفِطْرِ لِشَهْرِ رَمَضَانَ كَسَجْدَتِي السَّهْوِ لِلصَّلاةِ، تَجْبُرُ نُقْصَانَ الصَّوْمِ كَمَا يَجْبُرُ السُّجُودُ نُقْصَانَ الصَّلاةِ '
ثانيا: إطعام المساكين: فعلاوة على ما دعا إليه الإسلام من مؤاساة الفقراء والمحتاجين خلال شهر رمضان والشعور بمعاناتهم، فإنه يدعو هنا إلى إشراكهم في فرحة العيد، وذلك بإطعامهم من مطعم المسلمين وحفظ كرامتهم؛ لذلك ورد في الحديث (أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم )، فالمسألة ذل ومهانة لا يليق بالمسلم أن يضطر أخاه المسلم إليها في يوم كهذا؛ ولذلك أباح بعض الفقهاء إخراج زكاة الفطر بالقيمة المالية من النقود؛ حتى يتسنى للفقير تقدير حاجاته من طعام ولباس وغيره في هذا اليوم ويظهر بمظهر المستغني المشارك في فرحة العيد والمبتهج بالعيد.
وهذا تضامن اجتماعي لمجابهة الفقر والجوع والبؤس والحزن والتفاوت الطبقي الفاحش في مثل هذا اليوم؛ ليكون ذلك منهجا للمسلمين في سائر أيامهم.                                              

ع/خ

طائرة رمضان ستحلّق قريبا محمّلة بالمتقين
  ستحلق طائرة رمضان قريبا محملة بالمتقين، ومتعالية على غيرهم، من الذين أوصدت أبوابها دونهم لأنهم انتهكوا حرمة الشهر وصدوا عنه، بعد أن بدأ أفول قمره في الأفق البعيد، ومعه بدأت أعناق الصائمين تشرئب في انتظار ما بعده، وهم الذين تباين تفاعلهم معه ومدى استغلالهم له واستثمار أوقاته.
فهناك صنف من المسلمين الصائمين ظل خلال شهر رمضان يتطلع بنظرة إيمانية نحو السمو الروحي والفكري، باحثا عن تمثل يضعه على منوال الأنموذج القرآني، وهو الذي ظل يتفاعل مع أياته، سماعا أو تلاوة أو تدبرا، تلك الآيات التي تحث المسلم على الفضيلة وتنهاه عن الرذيلة، ليغدو إيجابيا في حياته النفسية والاجتماعية ويحلق في سفينة الإيمان مع الصادقين، مسلم إيجابي في علمه وعمله، إيجابي في أسرته ومجتمعه، تسامى عن الرذائل الباطنية من حسد وحقد وضغينة وسوء ظن بالمؤمنين، وتحلى بالصدق والإخلاص والوفاء والشفقة والرحمة، والعفة والعفاف وإتقان العمل، فحلق في سفينة رمضان الإيمانية ليعيش بنفس زكية في هذا الفضاء الطاهر النبيل بعيدا عن ملوثاته الأرضية فصدق فيه قوله تعالى:
 (( قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ))،
وصنف ثان لم يأبه بهذا الشهر سواء انتهك حرمته سرا أو علنا، سوى أنه ساير الصائمين على عادته، ولم يتشبع بقيم القرآن في طهارة النفس وضبط الخلق، فظل يراوح مكانه دون أن يسمو درجة في مدارج العلياء حيث السمو الروحي والخلقي، ليجد نفسه عائدا أدراجه من حيث بدأ لا تطأ قدماه تلك الفضاءات السامية فضاءات المتقين؛ لأن قلبه لما يتخلص من أمراض فتاكة من حسد وحقد وضغينة، ونفسه الشرهة لمتاع الدنيا لم تتخلص من أسرها، فظلت تتخيل بكل السبل لجلبه ولو بالاحتكار والغش وتطفيف الكيل والفرار من أماكن العمل، والسهر على المحرمات، والغيبة والنميمة، فقد يصدق فيه قوله تعالى: ((وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا))، فلا مكان لأمثال هؤلاء في مركبة المؤمنين؛ لأنهم ركنوا إلى الدنيا وزخرفها فغرتهم وألهتهم على حين غفلة منهم.             

ع/خ

لقاحات قرآنية
يعطى الطفل منذ لحظات مولده الأولى لقاحات متنوعة ضد أنواع من الأمراض، ليتعرف عليها الجسم تحسبا لتشكيل مناعة ذاتية ضدها حال؛ للتصدي لها حال احتكاكه بها مستقبلا، وذلك ضروري لحياته؛ هذا على مستوى الحس، أما في عالم الأنفس والمجتمعات فقد طعم القرآن الكريم أتباعه بقيم تشكل لهم مناعة وحذرهم من فيروسات قد تجد لها مرتعا خضبا للنمو والتكاثر في رغباتهم ونزواتهم، لأنه شفاء، كما قال تعالى: " وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا"، وقال:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ". ومنها فيروس الرغبة في القتل، فقد قال تعالى: " وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ " فعند أول خلاف غابت لغة الحوار وظهر فيروس رغبة القتل ففتك قابيل بأخيه هابيل؛ وهو ما ينبغي الحيطة والحذر منه؛ لأن نتائجه وخيمة، وذلك بتربية الإنسان منذ صباه على الحوار لمواجهة مشكلاته، الحوار الأسري، الاجتماعي، الديني، السياسي، والفيروس الآخر الذي قال " أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى " وهي حقيقة اليوم في بعض البشر ، وفيروس " وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً " نكران ليوم البعث سببه زينة الدنيا ، وليس ببعيد عن ذلك فيروس " قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي  " فمن الناس في دنيانا من يقولها مجاهرا فرحا، ومن قبله فيروس مهم يمارسه القوي على الضعيف " قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ " ويتجلى خصوصا في مسألة الرزق، وبعدهم فيروس" قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ " أليس فينا من يقول " إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ" هي فيروسات من تلك التي أشار إليها الذكر الحكيم بوصف دقيق لنتائجها وأحوال أصحابها من بعد ، فهل من متذكر لهذه اللقاحات القرآنية والعبر؟ قال تعالى: " لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ"، فليس برشيد الإعراض عن الدواء، وكيف له أن يفيد من ليس له حظ من القرءان قراءة وتدبرا.
  فوزي بن يسعد إمام مدرس

العرعور يقبل تحدي إبراهيم عدنان للمناظرة
استجاب الشيخ السوري عدنان العرعور للتحدي الذي رفعه الدكتور عدنان إبراهيم في وجه هيئة كبار العلماء السعودية لمناظرته في القضايا التي يطرحها، التي رأوا فيها انحرافا خطيرا وتشكيكا للمسلمين في ثوابتهم ، لاسيما ما تعلق منها بعدالة الصحابة، الحجاب، صلاة الجماعة عذاب القبر، وإنكار نزول عيسى وظهور المهدي والمسيح الدجال آخر الزمان، وغيرها من المسائل التي يطرحها جمع الثوابت وطرح الشبه حولها، وقال:أنا على استعداد لمناظرة من ترشحه هيئة كبار العلماء من كبار علمائهم وليس من صغارهم، قبل أن يجد تحديه صدى لدى أحد ابرز وجوه السلفية الوهابية السوري الشيخ، عدنان العرعور الذي قال: "بلغنا طلب د.عدنان إبراهيم مناظرة العلماء. وإنني أستسمح العلماء لمناظرته. وأدعوه للتواصل لتحديد الزمان والمكان. آملا أن ﻻ يتراجع وﻻ يعتذر وطالب بضرورة نشر دعوة عدنان إبراهيم واستعداداه لمناظرة علماء المسلمين على شبكة التواصل الاجتماعي حتى يضطر إلى المناظرة ولا يتهرب منها لأجل فضحه وكشفه أمام العالم.  وفي حال ما إذا تمت المناظرة التي سبقتها وتسبقها حاليا ردود بمقالات عبر الانترنت، فإنه ينتظر منها  أن تستقطب إليها كما معتبرا من المشاهدين وقد تكون بداية نقد ذاتي للتراث الفقهي والعقدي، وإعادة نظر في الكثير من القضايا والقناعات التي ظلت كأنها مسلمات في الثقافة الإسلامية.

فتاوى
أحكام زكاة الفطر؟
على من تجب زكاة الفطر؟
تجب صدقة الفطر على كل حر مسلم قادر على إخراجها في وقت وجوبها، ولو قدر على اقتراض قيمتها مع رجاء الوفاء، ويجب أن يخرجها المكلف عن نفسه، وعن كل مسلم تلزمه نفقته من الأقارب كوالديه الفقيرين، وأولاده الذكور حتى يبلغوا الحلم أو العاجزين عن الكسب ولو كانوا بالغين، والإناث حتى يتزوجن، وعن زوجته، وزوجة أبيه الفقير.
متى يشرع في إخراجها؟
يجوز إخراج صدقة الفطر قبل يوم العيد بيوم أو يومين، ولا يجوز أكثر من ذلك على المعتمد. ويندب إخراجها بعد فجر يوم العيد، ويحرم تأخيرها عن يوم العيد، ولكن لا تسقط بمضي ذلك اليوم، بل تبقى في ذمته أبداً حتى يخرجها، طالما كان غنياً وقت وجوبها.
ما الأصناف التي تخرج منها زكاة الفطر؟
يخرج المكلف صدقة الفطر من غالب قوت أهل البلد، الذي هو أحد الأصناف التسعة التي جاءت في الآثار، وهي: القمح، الشعير، السلت، الذرة، الدخن، الأرز، التمر، الزبيب، الأقط.
ما مقدارها؟ وهل يجوز إخراجها بالقيمة من النقود؟
مقدارها كما أوضحته السنة النبوية صاع، وهو يساوي أربعة (04) بمد النبي (ص) ، أي ما يساوي حوالي اثنين كيلو غرام وربع (2.250كغ) ويجوز إخراج زكاة الفطر ما يقابلها نقودا، وهو مذهب طائفة من العلماء منهم عمر بن عبد العزيز، و والحسن البصري وأبو إسحاق الذي قال: ( أدركتهم وهم يؤدون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام)، وعطاء وذكر ابن المنذر (إن الصحابة أجازوا إخراج نصف صاع من القمح؛ لأنهم رأوه معادلًا في القيمة للصاع من التمر، أو الشعير). وهو أيضا مذهب الحنفية، وقول جماعة من المالكية كابن حبيب وأصبغ وابن أبي حازم وابن دينار. وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، إلى جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر وغيرها للمصلحة الراجحة.
ومن أدلة ذلك ما روي عن طَاوُسٌ قَالَ مُعَاذٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَهْلِ الْيَمَنِ: "ائْتُونِي بِعَرْضٍ ثِيَابٍ خَمِيصٍ أَوْ لَبِيسٍ فِي الصَّدَقَةِ مَكَانَ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ وَخَيْرٌ لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِالْمَدِينَةِ ".
عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ لَهُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ.