وزير الاتصال يشرف على احتفال النصر بذكراها الخامسة والخمسين
يُشرف وزير الاتصال جمال كعوان، اليوم، بمقر النصر في قسنطينة على احتفال الجريدة بالذكرى الخامسة والخمسين لتأسيسها، والذي يتميّز هذا العام بتوزيع جوائز مسابقة رمضان الكبرى على الفائزين الخمسة الذين ابتسمت لهم عملية القرعة.
وكانت النصر قد أكدت في حيثيات تنظيم المسابقة، على أن الأمر يتعلّق بتشجيع القراء على البحث والمطالعة، في مسائل متعلقة بالثقافة والتاريخ والرياضة الوطنية، وهي مهمة تتبناها الجريدة ضمن مهمتها الإعلامية.
وسيحضر الفائزون الاحتفالية إلى جانب المساهمين الذين ثمنوا العملية وساهموا في إنجاح هذه المسابقة الثقافية التي تعزّز علاقة الجريدة بقرائها.
مسيرة طويلة حافلة بالمهنية والعقبات
55 سنـــــــة مــــن النـصــــر
بين تاريخ تأسيسها في 28 سبتمبر 1963 وتاريخ إطفائها شمعتها 55 هذا الجمعة 28 سبتمبر 2018، قطعت يومية النصر التي ارتبط اسمها بمدينة الصخر العتيق، قسنطينة، ومنطقة الشرق الجزائري، على نحو خاص، مسيرة إعلامية حافلة اتسمت بثـراء تجاربها وإنجازاتها التي ارتقت بها يوما ما إلى مصاف ‹›إمبراطورية الشرق ‹›، بعد أن وُفّقت إلى إصدار أسبوعية الفجر التي سرعان ما تحولت إلى يومية النهار المسائية وكذا أسبوعيات الأوراس والعناب والعقيدة فضلا عن أسبوعية الهدف الرياضية العتيدة، وكذا الصحيفة الرياضية الثانية الهدف ويكاند الصادرتين بالفرنسية.
وُلدت جريدة النصر، على إثر قرار تأميم جريدة ‹›لاديباش دو كونسطنتين ‹›في 28 سبتمبر 1963. وحين صدر العدد الأول من النصر، يوم 28 سبتمبر 1963، ( باللغة الفرنسية )، اعتقد كثيرون بأن الأمر يتعلق بمغامرة غير محسوبة، وراهن كثيرون على اختفائها في الأشهر الأولى، لكن أمام قوة إصرار مؤسسيها وروح التحدي لديهم، مكّن من تجسيد الفكرة، وشيئا فشيئا تحولت هذه اليومية العريقة من مجرد جريدة إلى مؤسسة قائمة بذاتها.
وما إن حل الخامس جويلية من سنة 1971 حتى تم الشروع في التعريب الجزئي للجريدة. قبل تعريبها كليا في شهر جانفي 1972.
وبعد الانفتاح الذي شهدته البلاد بعد أحداث أكتوبر 1988، كانت النصر جزءً من مغامرة الصحافة الجزائرية الحديثة إذ وبعد تلك الأحداث بدأت أسماء وأقلام تكتب في النصر حتى تلك التي كانت إلى أمس قريب يتم تحاشيها، كما تم تخصيص مساحات واسعة للرأي والرأي الآخر، والسجالات السياسية والفكرية في تلك المرحلة الانتقالية، قبل أن تشرع و منذ سنة 1989 في إصدار عدد من العناوين ( الصحف الأسبوعية المشار إليها).
كما تمكنت النصر ولأول مرة في الفاتح ديسمبر من سنة 1993 من تحقيق رغبتها في الانتشار والتوزيع عبر الوطن، ولو على نطاق محدود في الجزائر العاصمة وجوارها.
لكن فكرة هيكلة قطاع الإعلام، وقبل الشروع في إصدار يومية النهار بثلاثة أشهر فقط، سنة 1995، خلفا لأسبوعية الفجر، أتت على أحلام إمبراطورية ‹› النصر››، بتجريدها من وسائل طبعها وانتهاء بسلب مقراتها وإفراغها من كل مقومات الحياة بإثقال كاهلها بأعباء مادية وبشرية اضطرتها إلى تسريح جزئي لعمالها وصحافييها والتخلي عن أحلامها ومشاريع توسعها، فضلا عن تعرضها للتضييق بتخفيض سحبها في 1994 بنسبة 50 بالمائة لعدم دفع بعض المستحقات.
وكانت الإصلاحات التي جاءت بها حكومة مولود حمروش، آنذاك قاسية على النصر ومثيلاتها حتى أن الجزائر المستقلة عاشت لمدة 23 يوما في سنة 1997 بدون صحافة عمومية بعد أن تم حل صحف النصر والجمهورية والمساء وأوريزون وتسريح عمالها.
وعندما تم تحويلها إلى مؤسسات اقتصادية عمومية، بعدما تم بعثها من جديد لم تعد النصر على غرار الصحف العمومية منذ 97، تتلقى دعما ماليا مباشرا من الدولة وكان عليها تنويع مصادر دخلها لتجنب تعرضها للاختناق المالي.
أما اليوم فإن النصر في عهدها الجديد وبفريقها من الكفاءات الجامعية الشابة، والمخضرمة، ورغم الأزمة المالية التي تشهدها بسبب تراجع إيرادات الإشهار، فهي مصرة على الاستمرارية والتميز و المحافظة على خطها الافتتاحي الوطني، ومكانتها المحترمة في المشهد الإعلامي بالبلاد، بتأكيد عقدها الدائم مع قرائها، وشعارها في ذلك الالتزام بمقتضيات المهنية والاحترافية واجتناب الإثارة والضجيج الإعلامي المجاني رغم المنافسة الشرسة التي تطغى فيها الحسابات السياسية على متطلبات الموضوعية.
و تمكنت النصر خلال السنوات الأخيرة أن تحدث ثورة ثانية في تقديم نموذج يجدد في مضمون الصحيفة الورقية، من خلال تنويع محتوياتها بملاحق ثرية، تواكب التحولات الحاصلة في العالم وتتناول فيما تتناوله الشؤون الاجتماعية والأسرية والتكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال والاقتصاد الأخضر فضلا عن اهتمامها الكبير بالشأن الثقافي بمستوى مهني وعلمي رفيع، من خلال ملحقها الأسبوعي ‹› كراس الثقافة ‹› الذي تطرح من خلاله الفكر والفن والأدب بأسلوب عصري هادف يغذي الجيل فكرياً وثقافياً.
وإلى جانب ذلك فإن النصر تؤكد إصرارها على البقاء كما كانت، أقرب ما تكون إلى انشغالات ويوميات المواطن أينما كان وخاصة بالمناطق النائية، لذلك فهي حريصة في موقعها الإلكتروني التفاعلي وصفحتها على موقع التواصل الاجتماعي ‹› فايسبوك››، على مواكبة الحدث المحلي والوطني والدولي، لحظة بلحظة، تماما مثل حرصها على مواكبة الحدث في نسختها الورقية.
ع.أسابع
تجربتها العريقة تُدرَّس في جامعات الوطن
مدرســـــــــة الإعـــــــــــلام الجــــــــــواري
خطّت النصر اسمها في مجال الإعلام الجواري منذ عقود، فهي اليوم إحدى أهم الجرائد التي تعتبر مرجعا في المعلومة الجهوية، قبل التفطن في السنوات الأخيرة إلى أهمية هذا النوع من الإعلام الذي أظهرت التجارب دوره المحوري في التنمية المحلية، خاصة أنه يحظى باهتمام متزايد من المواطن.
وقد استطاعت هذه الجريدة العمومية التي تحيي عيدها الخامس و الخمسين، أن تحكي هموم المواطن في كل شبر من ولايات الشرق المعروفة بكثافتها السكانية الكبيرة، من خلال نقل انشغالاته بأمانة و موضوعية، و ذلك من أعماق القرى و المداشر و المدن التي وجد سكانها من يوصل صوتهم، مكرسة بذلك فكرة الإعلام الجواري المسؤول و الهادف.
و لقد انتبهت النصر قبل 20 عاما إلى أهمية الإعلام الجواري، فأسست بعد الانفتاح السياسي و التعددية الإعلامية، عناوين يختص كل منها بولاية في الشرق تعزيزا أكثر لمفهوم الصحافة الجهوية، التي شهدت ولادة "الأوراس" في باتنة و “العناب” في عنابة و “فجر قسنطينة»، فغطت بذلك مئات القرى و المدن عبر شبكة مراسليها، في تجربة فريدة تعتبر الأولى من نوعها في الجزائر، و صارت فيما بعد تدرس بالجامعات.
و على مدى العقود الماضية، أعد صحفيو النصر تحقيقات و روبورتاجات، كان لها الأثر المباشر على التنمية المحلية، بعدما أحدثت ضجة كبيرة حرّكت السلطات، إضافة إلى المواضيع التي تعلقت المئات منها بقضايا اجتماعية ساعدت معالجتها في رفع الغبن عن المواطنين، كما أن الكثير من التحقيقات التي فجرتها النصر، انتهت بفتح تحريات أمنية في العديد من الملفات، حتى أنها وصلت لأروقة العدالة.
يومية النصر، و بالرغم من أنها أصبحت جريدة وطنية توزع عبر العديد من المناطق، إلا أنها لا تزال تحافظ على بعدها الجواري، إذ يتم يوميا نشر ما لا يقل عن 4 صفحات تختص في الأخبار الجهوية، و قد يصل عددها في بعض الأحيان إلى 7، و هو ما جعلها مرجعا في المعلومة الجوارية لكبرى الجرائد، و ذلك بشهادة زملاء المهنة الذين يعيدون في العديد من المرات، نقل أخبار النصر التي تنفرد بها، بالنظر لما تتمتع به من مصداقية ، تعززت بشبكة مراسلين و أغلبهم في ولايات الشرق.
النصر و باحترافية ، غطت أحداثا مهمة شهدتها ولايات الشرق على مدار السنوات الماضية، فكان صحفيوها أول من يصل إلى قلب الحدث و يستقي المعلومة من مصادرها، ما جعلها تتفرّد في هذا المجال، كما لم تكتف الجريدة بالخبر الذي يفرضه الحدث اليومي، فقد حرصت دائما على إعداد تحقيقات و روبوتاجات ، و حتى الملفات التي يتم إعدادها، يُعطى فيها للخصوصية الجهوية حيزا كبيرا، و لو كانت تحمل إشكالية وطنية.
و قد كرّست النصر مفهوم الصحافة الجوارية الذي ميّزها عن باقي العناوين و صنع نقاط قوتها، و هو توجه تفطنت إليه كبرى وسائل الإعلام في العالم تحت مسمى “الإعلام المجتمعي” أو “الصحافة المحلية”، فقد أظهرت عمليات سبر الآراء، أن قارئ اليوم يهتم أكثر فأكثر بالأخبار التي تدور في فلك بيته و حيه و في أحسن الأحوال، القرية أو المدينة التي يعيش بها، فيما تحتل الأخبار التي تحمل أبعادا وطنية و دولية، الحيز الأقل من اهتمامه، ما جعل المتابعين يؤكدون أن المستقبل اليوم، هو للإعلام الجواري، خاصة مع التحديات التي تفرضها ما تسمى بصحافة المواطن، في ظل رهانات الرقمنة و شبكات التواصل الاجتماعي.
ياسمين بوالجدري
الأزمةُ ليست شـــرّاً كلّهـــــا!
لم تكن الأزمةُ التي ضربت الصّحافة، جراء شحِّ الموارد الإشهاريّة شرّاً كلّها على النّصر، فقد دفعت طاقمَها إلى التّنويع في «المواد الصحافيّة» وتوسيع مساحتها، خِدمةً لقارئٍ كثيراً ما عبّر عن انزعاجه من «طُغيان الإشهار» في زمن الرّخاء!
كما دفعتها إلى التوجّه كليّة نحو الاهتمام بالتّحرير، الذي هو أساس الجريدة، وعلّة وجودها، بعد أن كادت تنسى هذه المهمّة في «عهودٍ» سابقةٍ، شأنها شأن الكثير من الصّحفِ التي استسلمت إلى «الكسل» ما دامت تضمن أسباب العيْش.
وإذا كانت النّصر معروفةً بملاحقها الرياضيّة والثقافيّة، فإنها توجهت في هذه المرحلةِ نحو الصّحة عبر ملحق «صحة. كوم»، والبيئة عبر «الصّفحة الخضراء» والتكنولوجيا والميديا الجديدة عبر «ميديا- تيك» والمرأة عبر"عالم. كن"، وصفحة دينيّة يحرّرها جامعيّون مختصّون، ويتمّ العمل على تطوير هذه الصّفحات إلى ملاحق.
و أصبح طاقم الجريدة على اقتناعٍ بأنّ «بقاء» الصحافة الورقيّة متوقّف على تطويرها وتجاوز نمطها الحالي، الذي سرقت منه النّار المواقع الالكترونيّة وشبكات التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائيّة، فلجأ إلى انجاز الملفّات والروبورتاجات والتحقيقات، وحاول في نفس الوقت تقديم مادّة على مدار السّاعة للقرّاء عبر الموقع الالكتروني وصفحات التواصل الاجتماعي التي استقطبت عشرات آلاف القراء في فترةٍ قصيرةٍ.
وتعمل الجريدة من أجل تطوير موقعها الالكتروني ليصبح دعامةً أساسيّةً لنشاطها الإعلامي والاقتصادي، آخذة في الحسبان التطوّرات المتسارعة التي تضع الصّحافة بمفهومها الكلاسيكي في مأزقٍ.
ووضعت النصر برنامجا لتكوين طاقمها البشري مع التركيز على الصحافيين الذين استفادوا من دراسة اللغة الانجليزية في عملية مستمرة، كما استفادوا من عمليات تكوين في مجالات الكتابة الصحفية والمجالات القانونية والتقنيّة، خصوصاً وأن أغلبيتهم من الشباب حديثي التخرّج من الجماعات، استثمرت فيهم إدارة المؤسّسة، لتعويض الجيل القديم الذي غادر مهنة المتاعب إلى التقاعد.
كما تبنّت النّصر «خطّة تسويق» لمواجهةِ الأزمة، تقوم على تعاونٍ بين مختلف الأقسام والمصالح، تُراعى فيها الجدوى الإعلاميّة والاقتصادية مع تجنّب كلّ ما من شأنه أن يمسّ بمهنيّة الجريدة، جاء ذلك في وقتٍ كانت «النّصر» تقف فيه على حقائقٍ مخيفةٍ في عالم الصّحافة، وصلت إلى حدّ السطو العلني على مادتها الإعلامية بشكل يومي، ومنافستها في «خبزها» منافسة غير شريفة.
كرونولوجيا موثقة لتطور الصحافة و مجال حيوي للبحث
أرشيف النصر.. قرن ونصف من ذاكرة الجزائر بالوثائق والصوّر
يعتبر أرشيف جريدة النصر، بمثابة العلبة السوداء لذاكرة الجزائر طيلة 154سنة، فهو عبارة عن رحلة داخل كتاب كبير، يقلب متصفحه صفحات التاريخ في كرونولوجيا منظمة، و توثيق دقيق ومصوّر لتطوّر معالم الحياة عبر مراحل مختلفة عاشتها بلادنا وسجلت خلالها أحداثا هامة ومصيرية، انطلاقا من سنوات الاستعمار إلى غاية جزائر الألفية الثانية، كما يعد هذا الأرشيف كنزا حقيقيا بالنسبة للطلبة والباحثين، بوصفه مادة علمية خام، وهو أيضا مرجعية للمواطنين عموما و للإعلام الجزائري على وجه الخصوص.
جزائر قبل و بعد الاستقلال في 5611 مجلدا
يعود تاريخ الأرشيف إلى سنة 1864، أي تاريخ صدور أول عدد من جريدة « لانديبوندون» وهي أول جريدة صدرت في قسنطينة، قبل أن تظهر « لاديباش دوكونستونتين» سنة 1908، و تعرب لاحقا لتحمل تسمية جريدة النصر بعد التأميم سنة 1963، حيث يحتكم على كم هائل من الوثائق و الصور القديمة و الحديثة المطبوعة في مجلدات كبيرة و صغيرة، كما يتوفر بنسختين النسخة الأولى ورقية محفوظة ، أما الثانية فهي نسخة رقمية تم اعتمادها سنة 2005.
و تتنوع المادة المحفوظة حسب المراحل التاريخية فهناك ما يؤرخ للفترة الاستعمارية وهي عبارة عن الجرائد التي كانت تصدر خلال تلك المرحلة على غرار « لانديبوندون» و» لاديباش دوكونستونتين»، و يوميات وأسبوعيات أخرى، يلاحظ متصفحها بأنها كانت تخدم الطرح الاستعماري، إذ كانت تركز أكثر على كل ما يتعلق بالأحداث الجارية في فرنسا، بينما تفرد مساحة قليلة للحديث عن الجزائر وبالطبع مهاجمة المجاهدين و وصفهم بالمخربين الخارجين عن القانون، و التقليل من قيمة الثورة.
و يمكن لمن يزور أرشيف مؤسسة النصر، أن يقف على مجموع 5611 مجلدا، تضم جرائد تؤرخ للفترة الاستعمارية منها ،
L’indépendant
La dépêche de Constantine
La dépêche Quotidienne Alger
La dépêche Quotidienne Annaba
L’écho d’Alger
L’écho d’Oran
Le journal d’alger
Dimanche Matin
كما يتوفر الأرشيف على مادة حية تصف معالم الحياة في الفترة التي تلت الاستقلال، من خلال محتويات يومية النصر، وكذا محتوى اليوميات و الأسبوعيات التي انبثقت عن الجريدة الأم منها:
جريدة النصر 155 مجلدا من الحجم الكبير و 743 مجلدا من الحجم الصغير، ( من سنة 1966 إلى سنة 2016 ) .
إضافة إلى أكثر من مئتي مجلد للعناوين الستة التي كانت تصدر عن الجريدة الأم النصر، وهي الهدف، النهار، الأوراس، الفجر،العناب و العقيدة. هذا بالإضافة إلى كم كبير من المجلدات الخاصة بجرائد وطنية أخرى وحتى أجنبية، تؤرخ كلها لذات الفترات التاريخية، على غرار 53 مجلدا ليومية Le Monde الفرنسية (من سنة 1966 إلى سنة 1974).
يؤرخ الأرشيف أيضا لكل ما له علاقة بثورة التحرير، حيث يتوفر على 55حافظة تضم كل ما تناولته الصحافة بهذا الخصوص، بما في ذلك معطيات مفصلة حول الندوات التاريخية التي اعتادت جريدة النصر تنظيمها للحديث عن الثورة وجمع آراء باحثين و مؤرخين كبار و توثيق شهادات مجاهدين و فدائيين.
صوّر توثق لأهم الأحداث التي مرت بها البلاد
تكمن قيمة هذا الكنز، في كونه مرجعية لأهم المراحل التي مرت بها الجزائر ولأهم الأحداث، ويمكن من خلاله قراءة تطورات الحياة السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية لبلادنا خلال ألفيتين متعاقبتين، فالمتصفح على الطبعات الأولى لجريدة النصر، خلال تعريبها الجزئي، يلاحظ بوضوح معالم الفترة الاشتراكية خلال سنوات السبعينات من خلال خطابات الرئيس الراحل هواري بومدين، حول الثورة الزراعية و تأميم موارد الاقتصاد الوطني و التعريب، فضلا عن رصد دقيق لكل نشاطاته بالصور على غرار صور زيارة الرئيس الكوبي فيدال كاسترو للجزائر سنة 1972، وكذا نشاطات مؤتمر دول عدم الانحياز سنة 1973.
البعد الاشتراكي للدولة يظهر أيضا في تغطية علاقات الجزائر بدول محور الجنوب، كما تبرز من خلال محتوى الأرشيف مواقف الجزائر آنذاك من حركات التحرر و دعم الدولة للقضية الفلسطينية .
يقدم أيضا صورة مفصلة عن نشاطات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ توليه الحكم وإلى غاية يومنا، ويستعرض توثيقا دقيقا لأهم خطاباته و مواقفه من القضايا الداخلية والخارجية على غرار خطابه الشهير حول المصالحة الوطنية و كذا حديثه عن محاربة الفساد في 2ماي2005،و خرجاته الميدانية إلى عديد ولايات الوطن أين كان يشرف شخصيا على متابعة برامج التنمية، حيث يتوفر المحتوى العام على 11 حافظة أرشيف تخص مختلف المحطات .
هنالك كذلك ألبوم هائل من الصور و الوثائق، تخص كل ما له علاقة بالكوارث الكبرى التي شهدتها الجزائر، على غرار زلزال الأصنام و فيضانات باب الواد وكذا محطات مصيرية كالربيع الأمازيغي و العشرية السوداء التي تتوفر في إثرها أزيد من 29 حافظة أرشيف.
كما نجد أقسام تتعلق بالصناعة والتعليم و السياسية و الثقافة ،و المنظمات المهنية و التكتلات النقابية، و ملفات خاصة بشخصيات وطنية اشتهرت في مجالات عديدة، على غرار أدباء و مفكرين و سياسيين، و يعتبر الأرشيف الرياضي لجريدة النصر الأهم على المستوى الوطني.
شاهد حي على مراحل تطور الصحافة الوطنية
أرشيف الجريدة شاهد حي على مراحل تطور الصحافة الجزائرية، فمؤسسة النصر، عمدت خلال سنوات طويلة إلى تجليد نسخ كافة الإصدارات اليومية و الأسبوعية للجرائد الوطنية على اختلافها، منذ تأسيسها وإلى غاية 2016، إذ يتوفر على مجلدات هامة لجرائد لا تزال تصدر وأخرى توقفت.
مجال حيوي للبحث العلمي و مرجعية للطلبة و المواطنين
ويعد الهدف الرئيسي لعملية التجليد هو الحفاظ على ذاكرة الجزائر والتأريخ الدقيق للأحداث، فضلا عن توفير مجال حيوي للبحث العلمي، حيث يعتبر أرشيف جريدة النصر جوهرة بالنسبة للطلبة و الباحثين و الأكاديميين، الذين يقصدون المؤسسة سنويا وبشكل متواصل للبحث عن مراجع تساعدهم في إعداد مذكرات التخرج و رسائل الماستر و الدكتوراه، خصوصا طلبة الإعلام و الاتصال والعلوم السياسية و حتى التاريخ.
وكثيرا ما يعتمد كتاب و باحثون على هذا الأرشيف خلال إعدادهم لكتب حول أحداث أو شخصيات معينة، كما يعتبر أيضا مرجعية للكثير من المواطنين خصوصا مجلدات جريدة « لاديباش دو كونسطونتين»، فكثيرا ما يقصد المؤسسة مواطنون بحثا عن صور لهم أو مقالات تحدثت عنهم أو عن أحد من ذويهم، نشرت قبل سنوات في الجريدة، ومنهم من يبحث عن إعلانات أو عن مواضيع تخص أحكام القضاء وذلك للاعتماد عليها كسند قانوني في نزاعات الميراث و غيرها.
نور الهدى طابي