يرى الباحث والمحلل السياسي الدكتور زهير بوعمامة، أن تطبيق المادة 102 من الدستور يعتبر مدخلا وجزءا من الحل للأزمة التي تمر بها البلاد وليس الحل كله، وقال إن هذا الخيار هو الأنسب والأقل سوءا والأقل تكلفة ، بحيث لا يوجد خيار مثالي في وضعيات الأزمات، وأضاف بأنه سيكون حلا مناسبا إذا استكمل بمجموعة من التدابير السياسية، موضحا في هذا السياق أنه يلزمنا وصفة متكاملة عمادها المادة 102 ولكن يجب أن تستكمل بمعالجة سياسية بالإضافة إلى المعالجة الدستورية، من خلال تعيين حكومة جديدة وإنشاء لجنة انتخابات محايدة وبصلاحيات أخرى ومراجعة قانون الانتخابات إضافة إلى تعويض بعض الشخصيات، مبرزا أن المؤسسة العسكرية قدرت أن المخرج يجب أن يكون دستوريا.
النصر: كيف تتوقعون تطورات الوضع في الساحة الوطنية بعد دعوة نائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح لتطبيق المادة 102 من الدستور للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد؟
زهير بوعمامة: المؤسسة العسكرية، رأت أنه لا يمكن أن تبقى متفرجة وهي تشاهد وضعية الجمود الحالية، بمعنى الشارع يتظاهر والسلطة لا ترد، وقد كانت هناك عدة طروحات فيما يخص المخرج من هذه الأزمة، ويبدو لي أن المؤسسة العسكرية قدرت أن المخرج يجب أن يكون دستوريا، يعني من داخل الدستور وليس من خارجه كما طالبت المعارضة وأصوات كثيرة بتبني خيارات من خارج الدستور، قد تؤدي بنا جميعا إلى مرحلة فراغ سياسي ومؤسساتي ومرحلة انتقالية يصعب حتى التوافق على شكل ومضمون ومنتسبي الهيئات الانتقالية التي تشكل، ويبدو لي أيضا أن المؤسسة العسكرية قدرت أن أي تدخل بالشكل الذي طرحته المعارضة قد يكون استدراجا للمؤسسة العسكرية في فخ حقيقي يكلفها غاليا، كما يكلف البلد.
الموضوع ليس بالشكل البسيط الذي يعتقده الكثيرون ، اللعبة خيوطها متشابكة وبالتالي المخارج يجب أن تكون بحكمة، بحيث يجب أن نضع هندسة لمخرج يقودنا إلى النجاح ولا يدخلنا في مطبات أو دوامات يصعب على الجزائريين أن يخرجوا منها، فترجيح خيار تطبيق المادة 102 على الخيارات الأخرى من منطلق أن هذا الخيار هو الأنسب والأقل سوءا والأقل تكلفة ، فلا يوجد خيار مثالي في وضعيات الأزمات .
وهذا الخيار يسمح لنا باستعمال إجراءات موجودة الآن ويجنبنا الدخول في نقاشات لا تنتهي، والحكمة أن نبدأ بما هو موجود رغم النقائص وتفادي الذهاب إلى مغامرة أو الفراغ .
فتطبيق المادة 102 كمخرج دستوري بإجراءاتها المعروفة ، جزء من الحل سيطلق مسارا للحل من الممكن أن يكون توافقيا لكن ليس هو كل الحل وذلك حتى نطمئن بعض المتوجسين وخاصة في موضوع إشراف بعض الرموز والشخصيات التي يعتبرها الشارع جزءا من الأزمة ومنها رئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الدستوري.
وحتى نطمئن وتكون هناك بوادر حسن نية ونهدئ هذا الجزء الموجود في الشارع وربما لديه موقف موضوعي ، أنا أقول حتى تستكمل الوصفة يلزمنا وصفة متكاملة بحيث يجب أن تستكمل بالإضافة إلى هذه الإجراءات الدستورية بتدابير و ترتيبات سياسية فقبل إنفاذ مقتضيات الإعلان عن شغور منصب الرئيس يجب أن تسبق بمجموعة من الإجراءات والتدابير ذات طبيعة سياسية، أولا تعويض الحكومة الحالية بحكومة تقودها شخصية متوافق عليها ، حكومة كفاءات تشرف على تسيير الشأن اليومي للجزائريين وتصريف الشأن العام وأيضا تشرف على مرافقة مرحلة الانتخابات، ثانيا تعيين لجنة انتخابات جديدة وثالثا يمكن استبدال عبد القادر بن صالح وذلك بتعيين شخصية أخرى في مكانه من الثلث الرئاسي يقود المرحلة القادمة وحتى رئيس المجلس الدستوري يمكن تعويضه بشخصية قانونية أخرى .
وفي هذه المرحلة من الأحسن أن نبين أن القرارات التي تتخذ هي قرارات توافقية وبعد الاستشارة، كما يجب تحسيس الناس أنهم جزء من الحل الذي يرضي الأغلبية .
النصر :لا تزال هناك تخوفات من إمكانية اختراق الحراك الشعبي السلمي من قبل أطراف لا تريد الخير للبلاد ، ما رأيكم؟
زهير بوعمامة : الحراك في مجمله مطمئن، أكيد أن الحراك الآن فيه تيارات و أفكار كثيرة من اليمين حتى اليسار وكلما تأخر الحل وتبقى الأمور تتراوح مكانها سيزيد التصعيد في الشارع بخصوص المطالب المرفوعة ، الآن يجب أن نجد الحل ، فأي جمود يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأمور ويسمح لأطراف في الداخل او الخارج أن تحاول الدخول وتلعب وتحرف الحراك الرائع عن مساره .
النصر :هل ستتواصل المسيرات الشعبية بنفس الزخم والتعبئة السلمية في رأيكم ؟
زهير بوعمامة : أنا مع استمرار الحراك الشعبي، فهذه الأشياء جاءت كلها بفضل الحراك، نتيجة عودة الجزائريين لدورهم في السياسة والشأن العام بهذه الطريقة الحضارية الرائعة والسلمية وإذا رأينا أن الأمور انحرفت فالشارع موجود، الحراك يحقق النقاط وكل مرة يحقق المكاسب، فهذه السياسة و لا يمكن أن نتحول بين ليلة وضحاها إلى جمهورية أفلاطون .
لابد أن يبقى الحراك من أجل أن يوصل رسالة، فخارطة الطريق الجديدة نحن هنا من أجل مساندتها لكن نراقبها ونصر على استكمالها بالإجراءات والتدابير التي تطمئن الجزائريين.
مراد - ح