أمر المستشار المحقق لدى المحكمة العليا أمس بوضع وزير الصناعة السابق يوسف يوسفي تحت الرقابة القضائية، عقب استجوابه في قضايا تتعلق بالفساد، ووجه المستشار المحقق للوزير السابق تهما ثقيلة، ويتعلق الأمر بتبديد أموال عمومية والرشوة ومنح منافع غير مستحقة للغير وإبرام صفقات وعقود مخالفة للتشريع، وإساءة استغلال الوظيفة عمدا.
ومثل صبيحة أمس وزير الصناعة السابق يوسف يوسفي أمام المستشار المحقق لدى المحكمة العليا، الذي استمع إليه بعد متابعته بجنح منح عمدا للغير امتيازات غير مبرّرة عند إبرام صفقة مخالفة للأحكام التشريعية والتنظيمية، إساءة استغلال الوظيفة عمدا من طرف موظف عمومي على نحو يخرق القانون والتنظيمات، تعارض المصالح، الرشوة في مجال إبرام الصفقات العمومية وتبديد أموال عمومية، وفق ما أفاد به بيان للنائب العام لدى المحكمة العليا أمس.
ليقرر المستشار المحقق بعد السماع لأقواله وضعه تحت الرقابة القضائية إلى غاية استكمال مجريات التحقيق.
وتندرج محاكمة وزير الصناعة السابق يوسف يوسفي في سياق فتح ملفات الفساد من قبل العدالة، لمحاسبة من تسببوا في نهب المال العام والإضرار بالاقتصاد الوطني، حيث باشرت المحكمة العليا إجراءات المتابعة القضائية ضد عديد المسؤولين السابقين، من بينهم وزير الصناعة السابق يوسف يوسفي، وفقا للأشكال والأوضاع المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية بسبب ارتكاب أفعال يعاقب عليها القانون.
وشملت التحقيقات التي أطلقتها العدالة ملفات مصانع تركيب السيارات، ثلاثة وزراء سابقين تعاقبوا على وزارة الصناعة والمناجم خلال فترة حكم الرئيس السابق، ويتعلق الأمر بكل من يوسف يوسفي وبدة محجوب وعبد السلام بوشوارب، الذي صدرت في حقه مذكرة توقيف دولية باعتباره فارا من العدالة.
وكانت الحكومة منحت قبل بضع سنوات تراخيص للوكلاء المعتمدين للشروع في تركيب السيارات تمهيدا لصناعة سيارة جزائرية مائة بالمائة، عن طريق رفع نسبة الإدماج تدريجيا، بهدف خلق قاعدة صناعية واستحداث مناصب شغل، وتقليص فاتورة الاستيراد، والشروع في التصدير نحو بلدان مجاورة، غير أن التراخيص الممنوحة من قبل وزراء الصناعة المتعاقبين على القطاع، شابتها تجاوزات عدة وفق مصادر قضائية، بسبب عدم تماشي الامتيازات الممنوحة لوكلاء صانعي السيارات المعتمدين مع النتائج التي كانت منتظرة لفائدة المواطن الجزائري وكذا الاقتصاد الوطني.
وتم تفجير قبل بضعة أشهر ما اصطلح عليه بقضية «نفخ العجلات»، بعد أن تبين بأن تركيب السيارات في الجزائر كان مجرد وسيلة لتهريب العملة الصعبة وتحقيق الأرباح غير المشروعة، في ظل خرق واضح لدفتر الشروط الذي صاغته الحكومة وضمنته بنودا صارمة لتنظيم هذا النشاط، من بينها رفع نسبة الإدماج تدريجيا التي لم تصل إلى نسبة 10 بالمائة، مما اضطر الحكومة السابقة إلى إمهال مصانع التركيب 24 شهرا لبلوغ نسبة 40 بالمائة، مع تخفيض فاتورة استيراد ملحقات تركيب السيارات التي بلغت قيمتها حوالي 2.4 مليار دولار.
وكان ملف تركيب السيارات سببا في جر الوزير الأول السابق أحمد أويحيى إلى أروقة المحاكم، بعد ورود اسمه في أكثر من قضية تخص رجال أعمال كانوا ينشطون في مجال تركيب السيارات تم استجوابهم من قبل العدالة، ليتم إيداعه الحبس المؤقت بسجن الحراش رفقة إطارات ومسؤولين سابقين بوزارة الصناعة، مع توجيه تهم ثقيلة إليه، تتعلق في مجملها بتبديد أموال عمومية وإساءة استغلال الوظيفة ومنح منافع غير مستحقة.
وتتواصل عملية فتح ملفات الفساد من قبل العدالة بغية محاسبة كل من له ضلع في الإضرار بالاقتصاد الوطني ونهب المال العام، والاستفادة من امتيازات غير مستحقة، ويتم استجواب بصفة شبه يومية مسؤولين سابقين في وزارتي الصناعة والطاقة، إلى جانب مسؤولين سابقين في مؤسسات سيادية، من بينها مؤسسة سوناطراك، وذلك تجسيدا لمطالب الشارع بمحاسبة المسؤولين الفاسدين وإعلاء كلمة الحق والإعداد لمرحلة جديدة يكون فيها القانون هو السيد.
لطيفة/ب