اقتراح استحداث صندوق للإيداع والاستثمار لتحقيق الإقلاع الاقتصادي
أكد البروفيسور الهاشمي سياغ وهو مختص في الاستراتيجية و التمويلات الدولية، أن استحداث صندوق إيداع واستثمار، يعد عنصرا أساسيا للإصلاحات الهيكلية الواجب الشروع فيها، كما سيتولى مهمة تقاسم الأخطار مع البنوك بالنسبة للمؤسسات التي يتواجد مالكوها رهن الحبس.
وأكد البروفيسور هاشمي سواغ أن هذا الصندوق سيكون وسيلة مناسبة لتطوير السوق المالية، من خلال لعب دور المتحكم في السوق، حيث سيقوم بشراء أسهم مؤسسات ذات مردودية، وستتمثل مهمته أيضا في تسيير فائض السيولة لمختلف الهيئات العمومية وشبه العمومية، غير القادرة على تسيير الأصول و التخطيط المالي، على غرار الصندوق الوطني للتقاعد والصندوق الوطني للتأمين على البطالة، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
ويمكن لصندوق الإيداع والاستثمار التدخل الى جانب البنوك في تمويل المشاريع الكبرى عندما تواجه البنوك مشكل معامل تقاسم الأخطار، بالنسبة للمؤسسات التي يتواجد مالكيها رهن الحبس أو متابعين قضائيا، ويمكن للصندوق تسيير الأصول المحصل عليها بطريقة غير قانونية أو على أساس قروض تعتبر حاليا غير ناجعة و لا يمكن استعادتها.
وأكد المصدر بشأن مصير الأموال الجزائرية المحولة بطريقة غير قانونية نحو الخارج إمكانية استعادتها، لكن الأمر يتعلق بمسار طويل ومعقد يستدعي مختصين في عدة ميادين، ويتطلب تسطيرا مسبقا، والقيام بعمليات جرد للصفقات التي تم على أساسها القيام بفوترة مفرطة والتبييض والتهرب الجبائي.
وأضاف الخبير الاقتصادي بأن جمع المعلومات حول المؤسسات تتطلب معرفة وتستدعي محاسبين قانونيين قادرين على تحديد مسار التدفقات النقدية، بدءا من مصدرها وتحديدها، كما يستلزم ذلك مختصين في تركيب الشركات الصورية والهيئات، إضافة الى محامين مختصين ونشاطا ديبلوماسيا مكثفا، فضلا عن تقديم الدليل لسلطات البلدان المعنية بأن الامر يتعلق بأموال قذرة مع تقديم طعون، وأفاد المصدر أن التعاون مع الدول ليس بالأمر الهين خاصة عندما يتعلق الأمر بمبالغ ضخمة.
وبخصوص لجوء الجزائر الى التمويل غير التقليدي، اعتبر البروفيسور سواغ بأن هذا الخيار كان قرارا غير صائب، مقابل وجود أنماط مختلفة من التمويل يمكن للجزائر اللجوء اليها عوض عملية نسخ الأموال التي جمدتها الحكومة مؤقتا، منها اللجوء إلى الوكالات متعددة الأطراف الخاصة بالتنمية، على غرار البنك الافريقي للتنمية الذي تعد الجزائر عضوا فيه، الذي يمكنها منح تمويلات ميسرة من أجل تمويل مشاريع المنشآت القاعدية على سبيل المثال.
كما تطرق المصدر إلى وكالات ضمان القروض وغيرها التي بوسعها منح تمويلات بتسميات «التمويلات المرتبطة بالنشاط»، أي أنه يجب شراء السلع والخدمات القادمة من هذه الدول بدفع علاوة أخطار معتبرة، فضلا عن تمويلات اخرى مهيكلة متعددة، موضحا أنه من أجل منح القرض، فإن البنوك الدولية تراعي أولا الخطر السياسي بالجزائر، مع إجبارها على دفع علاوة هامة للمخاطر، قائلا أن عدم اللجوء إلى الديون الخارجية يشكل امتيازا هاما، لأن المقرضين سينظرون إلى قدرات التعويض التي تبقى تعتمد على أسعار برميل النفط.
واعتبر البروفيسور سواغ أنه بإمكان التمويل الاسلامي في تركيبته «صكوك» أن يسمح للدولة وهيئاتها بطرح سندات بالعملة الأجنبية، كما يجب أن تدعم هذه التمويلات الأصول التابعة للدولة «طائرات ومطارات وموانئ وبنايات اقتصادية ..»، ومن أجل تحسين ميزان الحسابات الخارجية على المدى القصير، يقترح الخبير المالي وضع سياسة صرف بدينار أقل قيمة، بهدف تثبيط الواردات والفواتير المضخمة، وتشجيع الصادرات.
وفي الشق الاجتماعي، شدد المسؤول على ضرورة تخفيض المستوى المعيشي للدولة، بقيام الجميع بتضحيات باستثناء الضعفاء، من خلال مراجعة المرتبات والأجور لبعض الأسلاك كالنواب وأعضاء مجلس الامة وترشيد عمليات توزيع قسائم البنزين، وتخفيض حجم حظائر السيارات ومصالح الأمن المرتبطة بها، لأن ميزانية التسيير تمثل أكثر من 60 بالمائة من النفقات العمومية، مع الحرص على تحصيل الضرائب.
كما اقترح البروفيسور سواغ محاربة مناصب الشغل الافتراضية في القطاع العام، ومحاولة وضع حد بشكل تدريجي للقطاع الموازي، خاصة من خلال تخفيض الإيرادات، مرجعا ظهور القطاع الموازي إلى القيمة الضعيفة للنقود في الجزائر، كما لا حظ المصدر أن عائدات إيداعات الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط لم تشهد تغيرا منذ سنوات، وهي لا تتعدى اليوم 2,5 بالمائة، في وقت تضاعفت فيه نسبة التضخم الرسمية حوالي مرتين.
ومن أجل استقطاب الموفرين الذي يحافظون على أموالهم خارج النظام المصرفي لأسباب دينية، أوصى الخبير بهيكلة منتوجات تتماشى وتعاليم الشريعة للتصدي لهذه المشكلة، بحيث تكون هذه المنتوجات جد مربحة عوض نسبة الصفر التي تعمل بها البنوك اليوم.
وبشأن نظرته لإصلاح نظام الدعم، دعا الأستاذ سياغ إلى ترشيد الاستهلاك الوطني للطاقة، قبل خوض غمار مراجعة سريعة للأسعار المنزلية للطاقة، مؤكدا أن «أولى الإصلاحات وأهمها هي محاربة مختلف الإعانات، لاسيما في مجال الطاقة ودعم المنتوجات الواسعة الاستهلاك التي تثقل كاهل الخزينة العمومية». ويتطلب ذلك إحصاء كافة الإعانات المباشرة منها وغير المباشرة بجميع أشكالها، في ظل صعوبة تحديد المحتاجين حقا، مع ضرورة إصلاح نظام المعلومات الضريبي، مع تشجيع الجميع على العمل، وضمان أجور مناسبة لتفادي اللجوء إلى الإعانات.
ق/و