جدد رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، اليوم الأحد، التأكيد على حرص الدولة على الاستغلال "العقلاني والذكي" للموارد الوطنية والثروات الباطنية في خدمة التنمية المستدامة والمحافظة على الطابع الاجتماعي للدولة.
و في كلمة له في افتتاح اجتماع مجلس الوزراء، قال السيد بن صالح أن مشاريع النصوص المعروضة على المجلس، خاصة مشروعا قانون المالية لـ 2020 وقانون المحروقات الجديد "يتضمنان تدابير جريئة في سياق وطني ودولي صعب، تهدف الدولة من ورائهما إلى خلق ديناميكية جديدة من شأنها تأهيل اقتصادنا الوطني وتحسين منظومتنا الاجتماعية على أسس صحيحة ومستدامة من خلال ترشيد النفقات العمومية وتقليص عجز ميزانية الدولة ووضع آليات تحفيزية لتنمية مناطق الجنوب والهضاب العليا وتحسين جاذبيتها وإنشاء مناصب شغل جديدة بها وكذا استقطاب الاستثمارات الوطنية والأجنبية عن طريق خلق مناخ محفز، وهي كلها جهود تستحق التنويه والتقدير".
ومن هذا المنطلق، أكد رئيس الدولة مجددا حرص الدولة على "الاستغلال العقلاني والذّكي للموارد الوطنية والثروات الباطنية في خدمة التنمية المستدامة والمحافظة على الطابع الاجتماعي للدولة، وهي أهداف سامية تسعى مؤسسات الدولة إلى بلوغها من خلال التدابير الجديدة التي تضمنها مشروع قانون المالية لسنة 2020 لاسيما مقترح إلغاء القاعدة 51/49 بالمئة بالنسبة للقطاعات غير الاستراتيجية وفتح المجال مستقبلا الى التمويلات الخارجية لفائدة المشاريع ذات الأولوية والمدرة للأرباح وذلك في إطار مقاربة تنموية متبصرة تهدف إلى تحقيق التوازنات ودفع وتيرة النمو الاقتصادي وتحسين صورة الجزائر بين الدول كوجهة استثمارية".
وأوضح السيد بن صالح أنه "نظرا للأهمية التي توليها الدولة لحماية البيئة وكذا الاستهلاك العقلاني للطّاقة، كان من الطبيعي إدراج ترتيبات في هذين المجالين ضمن مشروع ميزانية 2020 ستسمح، فضلا عن خلق موارد جديدة للخزينة العمومية، بتنمية الوعي الجماعي للحد من مظاهر التبذير والاستهلاك غير العقلاني للطاقة وترقية الثقافة البيئية في سلوكيات المؤسسات الاقتصادية وأفراد المجتمع ككل".
وأكد أنه "بالرغم من الضغوطات المفروضة على الميزانية، ستواصل الدولة في إطار قانون المالية لـ 2020 الحفاظ على النفقات غير القابلة للتخفيض كالتحويلات الاجتماعية والأجور وأعباء الضمان الاجتماعي وكذلك تلك المتعلقة بالسير الحسن للهيئات العمومية والتكفل بالاحتياجات الاجتماعية للفئات الهشة".
وأشار رئيس الدولة إلى أن مشروع قانون المحروقات الجديد "سيسمح بمباشرة إصلاحات عميقة في قطاع الطّاقة لمواكبة التطورات التي يعرفها على المستويين الوطني والعالمي وكذا توفير الشروط الضرورية لتجسيد مخطط تطوير سوناطراك"، مما سيسمح لهذه الشركة الوطنية --كما قال-- "برفع التحديات وتلبية الاحتياجات الطاقوية للبلاد ومواصلة الارتقاء بمكانتها في مصف الشركات العالمية الناشطة في مجال المحروقات".
وبخصوص الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 12 ديسمبر القادم، ذكر السيد بن صالح بتنصيب السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات باعتبارها "أحد المطالب الشعبية الملحة التي رصدها تقرير لجنة الحوار والوساطة"، مضيفا أنها "تقوم بعملها بكل حرية واستقلالية".
كما ذكر أنه أسدى "التعليمات اللازمة" للسلطات العمومية لتحويل كل صلاحيات الإدارة العمومية ذات الصلة بالانتخابات إلي السلطة المستقلة، وهو --مثلما قال --"تطور غير مسبوق في تاريخ بلادنا ويندرج في مسار التأسيس لبناء منظومة انتخابية شفافة ويترجم النية الصادقة للدولة والتزامها بالحياد وحرصها الشديد على ضمان نزاهة الاستحقاق الانتخابي المقبل في جميع مراحله".
وتابع قائلا أن "الحصيلة المسجلة إلى اليوم تبرهن بحق بأن الدولة، رغم التشكيك والعقبات، قد أوفت بالتزاماتها ولم تحد يوما عن مسعاها الصادق من أجل تمكين شعبنا من اختيار رئيس الجمهورية بكل حرية وسيادة، وهي الآن ماضية بعزم ثابت في تأمين مسار الانتخابات الرئاسية في كل ربوع الوطن حتى يتمكن المواطنون من ممارسة حقهم في الاختيار لرئيس يحظى بالشرعية الكاملة التي تتيح له تحقيق الرغبة العميقة في التغيير وتلبية الـمطالب الشعبية الـمشروعة والقيام بالإصلاحات الجذرية المنشودة التي يعد بلدنا في أمس الحاجة إليها".
وأبرز رئيس الدولة أن هذا المسعى "ما كان أن يتجسد لولا تجند ومثابرة كل مؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني المجيد، الذي أُجدد لقيادته العليا الإشادة والامتنان نظير تمسكها بالنهج الدستوري والتزامها بالحفاظ على مؤسسات الدولة وإصرارها للوقوف إلى جانب شعبنا في هذه المرحلة المصيرية من تاريخه وحماية أمن ووحدة ترابنا الوطني في وجه كل المحاولات الرامية إلى زعزعة استقراره وزرع بذور الانقسام والفتنة بين أبنائه".
كما سجل السيد بن صالح "التفاف الشعب الجزائري حول هذا المسعى الوطني، مما يجسد مدى نضجه السياسي وعمق وعيه بجسامة التحديات الداخلية خاصة في المجال الاقتصادي والاجتماعي وكذا التهديدات الـمحدقة بأمن البلاد ضمن محيط إقليمي ودولي معقد".
وفي الأخير، دعا رئيس المواطنين الى أن "يضعوا جانبا كل الحسابات الثانوية وأن يتجندوا من أجل إنجاح هذه الانتخابات المصيرية المقررة يوم 12 ديسمبر المقبل لاختيار بكل حرية وسيادة الرئيس الذي سيسير أمور البلاد".
وأعرب في ذات السياق عن يقينه أن الجزائريين "يدركون جيدا أولويات المرحلة الحاسمة التي تمر بها بلادنا" وأنهم "لن يتركوا أي مجال لهؤلاء الذين يرفضون التقيد بقواعد الديمقراطية ونتائج الاقتراع التي تجسد إرادة الشعب باعتباره مصدر السلطة".
واج