السلطــــة الوطنيـــــة المستقلـــة للانتخابـــات تكســب الرهـــان

كسبت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات إلى حد كبير رهان تنظيم الاستحقاق الرئاسي الذي جرى أمس والإشراف عليه وتجاوز كل العراقيل والعقبات التنظيمية التي يمكن أن تحدث في مثل هذه المواعيد السياسية الهامة، في أول تجربة لها.
 وقد سخرت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات كامل الإمكانيات البشرية والمادية والتكنولوجية المتطورة من أجل ضمان تنظيم محكم للانتخابات الرئاسية التي جرت أمس عبر كامل ربوع الوطن وبين أوساط الجالية الوطنية في الخارج منذ أيام.
وقد سهرت السلطة، عبر مقرها الرئيسي الموجود بقصر الأمم بنادي الصنوبر، على حل كل الإشكالات التي طرأت أمس و على ضمان مراقبة مستمرة طيلة اليوم قبل بدء العملية الانتخابية في الثامنة صباحا وإلى غاية ما بعد غلق جميع المكاتب عبر التراب الوطني في الساعة السابعة مساء.
 وقال رئيس السلطة محمد شرفي في لقاء صحفي له مساء أمس أن ظروف بداية الاقتراع كانت جيدة وأن كل الهياكل و الوسائل المادية والبشرية قد سخرت لذلك منذ الساعات الأولى لبداية عملية الاقتراع، وقد تأكدت السلطة عبر مندوبياتها في كامل الولايات والبلديات من وجود كل هذه الوسائل والتأطير البشري اللازم.
وأضاف انه في أغلب مناطق البلاد كانت  مواعيد انطلاق الاقتراع محترمة، ولم يكن من الممكن أن تكون العملية بنسبة مائة من المائة على نفس المنوال، لوجود عراقيل وبعض الإشكالات التي واجهتها السلطات بكثير من الحكمة والتبصر، وعدم الاستجابة لأشكال العنف التي سجلت في بعض الحالات، وتحدث في هذا الصدد عن وقوع أعمال في بعض المناطق حالت دون تمكن المواطنين من أداء واجبهم الانتخابي بشكل عادي وبصفة هادئة، فتصرف المسؤولون حيالها بحكمة كبيرة.
وقال إنه في بعض الأحيان عولجت هذه الإشكالات بإيجاد البديل، وقد اتخذت السلطة لذلك قرارات قانونية تقضي بتحويل المكاتب والمراكز إلى مناطق أكثر أمنا.
حرص على تقديم المعلومة في وقتها
 من جهة أخرى حرصت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات على تقديم كافة المعطيات والمعلومات التي تصل إليها من مختلف مندوبياتها البلدية والولائية في حينها، وبهذا الخصوص قال رئيسها محمد شرفي أن السلطة «تعهدت منذ البداية بالابتعاد عن لغة الخشب وعدم مسك المعلومة التي تصلها».
وخلال نهار أمس عمل رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي على ضمان عملية تواصل مع وسائل الإعلام التي كانت متمركزة في المركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال، وهو الذي كان موجودا في مقر السلطة على بعد مئات الأمتار بنادي الصنوبر القديم.
 وعلى هذا الأساس فقد تدخل شرفي صباحا عبر أمواج الإذاعة والتفلزيون ليتحدث عن ظروف انطلاق عملية الاقتراع ويقدم بعض المعطيات التي كانت متوفر لديه، وفي حدود  الثانية والنصف زوالا كان له تدخل آخر عبر التلفزيون تحدث فيه عن بلوغ نسبة المشاركة على المستوى الوطني 7.92 من المائة في حدود الحادية عشرة صباحا، وقدم معطيات عن نسب المشاركة في بعض الولايات.
وتدخل مرة أخرى في الرابعة والنصف بعد الزوال ليقول أن نسبة المشاركة قد بلغت في الثالثة زوالا 20.43 من المائة،  وأن العديد من الولايات تجاوزت نسبة المشاركة بها 20 و 25 من المائة.
 وفي الخامسة قصد محمد شرفي المركز الدولي للمؤتمرات حيث يوجد المركز الدولي للصحافة، لتنشيط لقاء صحفي مباشر مع  ممثلي حوالي 180 وسيلة إعلامية معتمدة، وخلال هذا اللقاء أوضح شرفي أن 19 ولاية تجاوزت نسبة المشاركة بها عند الثالثة زوالا حدود 25 من المائة، و 19 أخرى تجاوزت ذات النسبة بها 20 من المائة و في باقي الولايات وهي 10 تراوحت النسبة بين الضعيفة جدا والمتوسطة والمقبولة، ليخلص إلى أن هذه النسبة متقاربة مع النسبة التي سجلت في الاقتراع الرئاسي لسنة 2014 في ذات التوقيت وهو ما يدل على أن اقتراع 12 ديسمبر سينال مشاركة مرضية عند غلق المكاتب.
وفي تدخله الثالث قبل السابعة مساء بدقائق، كشف شرفي عن بلوغ نسبة المشاركة وطنيا في حدود الخامسة مساء 33.06 من المائة، مع وجود عدد من الولايات فاقت نسبة المشاركة بها حدود الـ 40 من المائة في مقدمتها أدرار بنسبة 46.06 من المائة.
وقد اتخذت السلطة عدة إجراءات تسهيلية لفائدة المواطنين حتى يتمكنوا من أداء واجبهم الانتخابي على غرار السماح لبعض المكاتب المتنقلة بتقديم ساعة بداية الاقتراع، و السماح لمن لا يملك بطاقة الناخب ويجد اسمه مسجلا في القائمة بالانتخاب بإظهار بطاقة الهوية فقط.
 كما أعلنت السلطة عبر بيان لها أمس أيضا عن وضع أرقام هاتفية تحت تصرف المواطنين لتسهيل عملية الاتصال بها و التعبير عن الإشكالات التي قد تعترضهم أو لتبليغ السلطة بأي معلومة، وهذا فيما يخص ممارستهم لحقهم الانتخابي، في إطار ضمان السير الحسن للعملية الانتخابية، على أن تتكفل السلطة بتسديد تكاليف المكالمات.
 وبالمناسبة كشف ذات المتحدث أن السلطة اتخذت مساء أول أمس قرارا يقضي بالسماح لممثلي المترشحين بمرافقة نقل محاضر الفرز من المندوبيات البلدية والولائية إلى مقر السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات وأيضا إلى مقر المجلس الدستوري، وقد قررت قيادة الجيش الوطني الشعبي التكفل بنقل هؤلاء وممثلي المندوبيات من المناطق البعيدة نحو العاصمة.
وقد منعت السلطة الوطنية للانتخابات أمس أي زيارة لمقرها، حيث يوجد مركزها الرئيس الذي يتابع سير عملية الاقتراع ثانية بثانية، وحيث يوجد العشرات من الخبراء والمختصين في مجال الإعلام الآلي والمعلوماتية، الذين يتلقون كل المعطيات والمعلومات واحدة بواحدة وفي حينها من المندوبيات البلدية والولائية ، عبر نظام آلي خاص بالسلطة وضعته قبل أيام، وهو نظام محكم ومؤمن جيدا لا يمكن اختراقه مهما كانت المحاولات.
 و بنفس النظام تتلقى السلطة أيضا كافة المعلومات المتعلقة بالعملية الانتخابية من مندوبيها في الخارج عبر القنصليات والسفارات الموجودة هناك، ويقوم الخبراء في  غرفة العمليات  هذه بجمع كافة المعلومات وتحليلها وضبطها قبل تقديمها لرئيس السلطة الذي يعمل بعد ذلك بدوره على تبليغها لوسائل الإعلام الوطنية والدولية المعتمدة  والموجودة في  المركز الدولي للصحافة بشكل دوري ومنتظم.
و خلال اللقاء الصحفي الذي نشطه محمد شرفي  أكد بأن كل مكاتب الاقتراع ستغلق أبوابها في السابعة مساء ولا تمديد لفترة الانتخاب، كما كشف أن عدد ممثلي المترشحين الذي انخرطوا في العملية قد تجاوز عتبة الـ 55 ألفا.
ويمكن القول إن السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات قد نجحت في أول تجربة لها في تنظيم استحقاق انتخابي مهم و كبير بحجم الانتخابات الرئاسية وهي التي لم نتجاوز على إنشائها ثلاثة أشهر.
إلياس -ب