كشف رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين حاج طاهر بولنوار أمس عن تسجيل تراجع محسوس في استهلاك اللحوم البيضاء قدر بنسبة 30 بالمائة، مما أدى إلى انهيار أسعار هذه المادة في عديد المناطق لتصل إلى 230 للكيلوغرام، بعد وفاة أشخاص بكل من الجلفة و سطيف إثر تناول لحوم وأحشاء الدجاج.
وأكد بولنوار «للنصر» أن المربين أيضا استشعروا تراجع الإقبال على اقتناء اللحوم البيضاء خلال الأيام الأخيرة، بعد حادثة التسمم الغذائي الناجم عن استهلاك أحشاء ولحوم الدجاج، ووفاة المصابين بسبب المضاعفات الصحية الخطيرة، لتصل نسبة هذا التراجع إلى 30 بالمائة، مما كبد التجار خسائر معتبرة، بسبب جهل معظم المستهلكين لطرق تربية الدواجن، التي ما تزال تعتمد لدى عديد المربين على الأساليب التقليدية، أي دون استعمال الأدوية والمواد الكيميائية لتسمين الدجاج وفق المصدر، مما جعل الكل يشكك في طبيعة الأغذية المستعملة من قبل المنتجين.
ويقدر الإنتاج الوطني من اللحوم البيضاء سنويا بحوالي 350 ألف طن، وهي كميات قليلة مقارنة بالطلب الفعلي على هذه المادة الذي يبلغ 500 ألف طن، وبحسب المصدر فإن تراجع استهلاك اللحوم البيضاء سيدفع بالمنتجين إلى تقليص النشاط للحد من الخسائر، مما سيرشح أسعار هذه المادة إلى الارتفاع مجددا خلال الأشهر القليلة المقبلة، وسيتزامن ذلك مع شهر رمضان.
وتعد اللحوم البيضاء من المواد الأكثر استهلاكا من قبل متوسطي الدخل نظرا لأسعارها المعقولة مقارنة باللحوم الحمراء و الأسماك، ويزيد الإقبال عليها في المواسم والأعياد وكذا المناسبات العائلية، لذلك تصر الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين على ضرورة التحرك الفوري للمصالح المختصة في الرقابة ودعم المنتجين للحفاظ على النشاط، وتحسين نوعية الإنتاج وضمان ديمومته لفائدة عامة المستهلكين.
واقترح في هذا الصدد رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين أن تسهر المصالح البيطرية على حماية المستهلكين ومرافقة المنتجين، لأن تراجع الطلب سيؤدي إلى تراجع الإنتاج والنشاط، وهو ما سيطرح احتمال مواجهة ندرة في لحوم الدجاج خلال الفترات المقبلة، أو التهابا في الأسعار لتصل إلى 400 دج للكغ، في حال عدم التحرك السريع لطمأنة المواطن، عن طريق تشديد المراقبة على نوعية الأغذية التي يستعملها المربون، التي يتم اقتناء نسبة منها عبر السوق السوداء خارج إطار المراقبة، وفق المتحدث.
ومن ضمن المقترحات التي قدمها رئيس جمعية التجار، رفع عدد المذابح، وغلق التي تعمل خارج إطار القانون، أي المسالخ العشوائية، علما أن التراجع عن استهلاك لحوم الدجاج مس أيضا الأحشاء، التي كانت سبب وفاة أسرة بكاملها بولاية الجلفة مؤخرا، وفق ما بينته التحاليل المخبرية، لاحتوائها على مواد مضرة، كما اقترح المصدر مرافقة المربين من قبل المصالح التابعة لوزارة الفلاحة، ومساعدتهم على تطور أساليب النشاط بالاعتماد على الطرق الحديثة، وتفادي استعمال الأدوية والمواد الكيميائية التي تعود بالضرر أو الخطر على المستهلك.
البياطرة يحذرون من نقاط الذبح العشوائية
ودعت من جانبها الأمينة العامة للنقابة الوطنية للبياطرة السيدة سعيدة عكالي المستهلكين لتجنب اقتناء لحوم الدجاج من نقاط البيع العشوائية، لأن الخطر لا يكمن في تناول هذه المادة في حد ذاتها، بل في كيفية تربيتها وذبحها، موضحة في ردها على سؤال «للنصر» بشأن مشروعية مخاوف المستهلكين، بأن الإشكال المطروح حاليا هو صعوبة تحديد مسار هذا المنتوج، بسبب تعدد المربين ونقاط الذبح وانتشار ظاهرة المسالخ العشوائية، مقابل قلة العدد الإجمالي للبياطرة، لذلك لا يمكن حسبها، الجزم بأن كافة اللحوم البيضاء التي تباع في المحلات التجارية المرخصة سليمة مائة بالمائة.
وتأسفت رئيسة نقابة البياطرة لسيطرة الطابع الاجتماعي في تسيير ملف الصحة العمومية، مناشدة السلطات المعنية للتحرك الفوري من أجل القضاء على نقاط البيع العشوائية والمسالخ، ومنع ذبح وبيع الدجاج على حافة الطرقات، وهي ظاهرة تنتشر خاصة بالمناطق الداخلية، وذلك حفاظا على صحة الأفراد، مع عدم التساهل مع المربين والتجار الذين لا يحترمون المعايير الصحية، والعمل على تطوير المذابح الحالية ودعمها بالوسائل المتطورة، وتزويدها بغرف للتبريد.
وحذرت هذه المختصة من تناول الأحشاء دون التأكد من مصدرها، لأن الذبح غير الصحي يؤدي إلى بقاء بقع الدم في اللحوم وتعفنها بسبب تكاثر الميكروبات، مما يعرض حياة المستهلك إلى أخطار صحية كبيرة، ناهيك عن مخلفات المضادات الحيوية التي تقدم للدواجن. لطيفة بلحاج